"اجتثوا من أرض العراق لكي لا يدنسوا تربة العراق ولا يدنسوا هواء العراق ولا يدنسوا الدم العراقي عندما تمتزج دماؤهم بدماء العراقيين بالتزاوج.. وهكذا أجتثتهم الثورة من الجذور لكي تنهيهم وتبقي العراقي الصافي الأبي الوطني الشريف الذي لا يقبل الذل مرفوع الجبين يبقى دائما وابدا....اطفالا ونساء..شيوخا ورجالا ومن اعمار أخرى...." صدام حسين....جريدة الثورة ١٦/٢/١٩٨١.
هذه محاولة تقديم تحليل نفسي لشخصية الرئيس صدام حسين هنا نقدم عرضاً لنموذج من ضحايا قسوته. الضحايا في هذه الحالة كانوا ضحايا لحملة أشبه بالحرب التدميرية الواسعة. كان معظم الخصوم من المدنيين لكنهم وصفوا بكونهم أعداء للدولة وطابور خامس ولابد من توجيه ضربة استباقية للقضاء على خطرهم. عدد ضحايا الحملة قدر بعشرات الألوف عقوبتهم شملت مصادرة أموالهم واراضيهم وممتلكاتهم وطردهم بقذفهم الى العراء خارج الحدود مع ايران. بالاضافة الى ذلك رمي قسم من رجال تلك الشريحة في السجون لسنين عدة واختفى جزء اخر من رجالهم ولا يعلم أحد ما حل بهم. كل هذا لكونهم من أصول أيرانية أو تبعية أيرانية كما ورد في شهادة الجنسية.
هذه محاولة تقديم تحليل نفسي لشخصية الرئيس صدام حسين هنا نقدم عرضاً لنموذج من ضحايا قسوته. الضحايا في هذه الحالة كانوا ضحايا لحملة أشبه بالحرب التدميرية الواسعة. كان معظم الخصوم من المدنيين لكنهم وصفوا بكونهم أعداء للدولة وطابور خامس ولابد من توجيه ضربة استباقية للقضاء على خطرهم. عدد ضحايا الحملة قدر بعشرات الألوف عقوبتهم شملت مصادرة أموالهم واراضيهم وممتلكاتهم وطردهم بقذفهم الى العراء خارج الحدود مع ايران. بالاضافة الى ذلك رمي قسم من رجال تلك الشريحة في السجون لسنين عدة واختفى جزء اخر من رجالهم ولا يعلم أحد ما حل بهم. كل هذا لكونهم من أصول أيرانية أو تبعية أيرانية كما ورد في شهادة الجنسية.
تلك الحملة حصلت في مرحلة كان النظام مدعوماً بقوة من الغرب ومن الدول العربية وفي بدايات الثورة الأيرانية التي رفعت شعارات مضادة للغرب وكانت داعية لتصدير الثورة، لذلك، مصير ضحايا الحملة لقي قليلاً من التعاطف الخارجي وفي بعض الأحيان لقي تفهماً حيث اعتبرت تلك الشريحة، شريحة ايرانية تشكل تهديداً لاستقرار النظام. بعرضنا لمصير ضحايا الحملة نعرض صفة من صفات شخصيته، وهي هنا القسوة، لكي نصل في النهاية الى فهم شخصيته.
الجنسية العراقية
تسجيل أصل أو تبعية الأفراد في العراق كان نتيجة لاحداث تاريخية وقعت بداية القرن الماضي. فقد اقرت معاهدة لوزان، المؤرخة في ٢٤/٧/١٩٢٤، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، بين الحلفاء والامبراطورية العثمانية، مصير رعايا الأراضي التي كانت تحت سيطرة العثمانيين. فنصت المادة ٣٠ من تلك المعاهدة على " الرعايا المقيمين عادة في اقليم منسلخ عن تركيا بموجب هذه المعاهدة يصبحون من رعايا الدولة التي تنتقل اليها تلك الأرض وفق الشروط التي يضعها قانونها المحلي".ووفق ذلك صدر قانون الجنسية العراقي الاول المرقم ٤٢ في عام ١٩٢٤.وحسب الفقرة الثالثة من ذلك القانون " كل من كان في اليوم السادس من أب ١٩٢٤ من الجنسية العثمانية وساكنا في العراق عادة تزول عنه الجنسية العثمانية ويعد حائزا على الجنسية العراقية ابتداء من التاريخ المذكور". في فقرة من شهادة الجنسية تلك تم تسجيل تبعية مواطن الدولة العراقية المتكونة حديثا وتم اعتبار أصله أو تبعيته ، عثمانية مستنداً على نص معاهدة لوزان . وهنا حدث الأجحاف فقانون الجنسية أعلاه لم ياخذ بنظر الأعتبار وجود شريحة من المجتمع مقيمة في العراق ,المتكون حديثاً, لكنها تحمل الجنسية الأيرانية، وهو اختيار اخر للجنسية كان لمواطني العراق حق الحصول عليه انذاك. جزء من تلك المجموعة كان ايرانياً لكن الجزء الاخر كان عربياً اختار التجنس بالجنسية الايرانية لتجنب الخدمة العسكرية العثمانية. أحفاد تلك المجموعة من الناس ، وهم بالالاف ، كان لهم حق تقديم طلب الحصول على الجنسية العراقية اذا كانوا مولودين في العراق واذا كان الأب مولوداً فيه أيضاً . لكن تبعيتهم تم تسجيلها في شهادة الجنسية على أنها ايرانية. وعند وصول حزب البعث الى السلطة في عام ١٩٦٣ صدرقانون الجنسية الثاني ألذي استبدل قانون الجنسية لعام ١٩٢٤. ينص ذلك القانون المرقم ٤٣ في فقرته الثالثة على "لوزير الداخلية أن يعتبر عراقياً من ولد في العراق وبلغ سن الرشد فيه من أب أجنبي مولود فيه أيضاً وكان مقيماً فيه بصورة معتادة عند ولادة ولده بشرط إن يقدم الولد طلباً بمنحه الجنسية العراقية خلال سنتين من بلوغه سن الرشد". لكن مدة صلاحية القرار تم تحديدها بسنتين فقط. أولئك الذين لم يقدموا طلبات الجنسية في تلك الفترة فاتتهم فرصة الحصول عليها. أولئك الذين حصلوا عليها تم تقييد تبعيتهم في شهادة الجنسية على أنها أيضا ايرانية.وبذلك عند تقلد الرئيس منصب الرئاسة كانت فئة كبيرة من المجتمع أما لا يحق لها الحصول على الجنسية أو كانت مكتسبة الجنسية لكن تبعيتها كانت ايرانية.وما بدا على أنها محاولة لحل
مشكلة عدم الجنسية صدرقرارمجلس قيادة الثورة المرقم ١٨٠ في ٣/٢/١٩٨٠ الذي ينص على" لوزير الداخلية ان يقبل تجنس الاجنبي البالغ سن الرشد بالشروط التالية:
أ-ان يكون ساكناً العراق قبل ثورة الرابع عشر من تموز ١٩٥٨ ومستمرا على السكن، حتى تاريخ نفاذ هذا القرار.
ب-ان يكون احد اقاربه من الدرجة الاولى او الثانية قد حصل على الجنسية العراقية.
ج- ان لا يكون في وجوده في العراق ضرر على امن وسلامة الجمهورية العراقية ".
الفقرتان المهمة في القرار كانت،اولا مدة نفاذ القرار قاصرة على ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ثانيا "كل اجنبي مضي على سكناه العراق مدة لا تقل عن (عشر سنوات) متتاليات سابقة على نفاذ هذا القرار، وكان احد اصوله او فروعه مكتسبا الجنسية العراقية، عليه خلال مدة نفاذ هذا القرار ان يعلن عن رغبته في التجنس بالجنسية العراقية او مغادرة العراق". معنى ذلك أن من أنطبق القرار عليه كان ملزماً باظهار رغبته بالحصول على الجنسية ليس
لغرض الحصول على الجنسية فقط بل كي لايواجه خطر الطرد من البلاد. السؤال هو لماذا فترة الستة أشهر فقط؟. اذا كانت النية هي حل مشكلة عدم الجنسية، لماذا تحديد مدة صلاحية القرار بستة أشهر، وفي الحقيقة كانت مدة الأستفادة للتبعية الأيرانية من القرار ،أن وجدت، أقل من شهرين حيث صدرقرارمجلس قيادة الثورة المرقم ٥١٨ في ١٠/٤/ ١٩٨٠ "يستثنى الاجنبي الايراني الاصل من الاحكام الخاصة بالتجنس الواردة في قرار مجلس قيادة الثورة المرقم ١٨٠ في ٣/٢/١٩٨٠."
ربما أحدى غايات اصدار القرار ١٨٠ كانت ليست لمنح الجنسية لمن لا يحملها بل هي محاولة لمعرفة عدد الاشخاص الذين لا يحملون الجنسية والذين صنفوا ضمن خانة التبعية قبل عملية التسفير التي بدات بعد شهرين من اصدار القرار ١٨٠. بعد أربعة أيام من اصدار القرار ١٨٠ أصدر مجلس قيادة الثورة القرار المرقم ٢٠٠ في ٧/٢/ ١٩٨٠ الذي منع الأجنبي، وفي هذه الحالة كل من لايفي بالشروط المذكورة في القرار ١٨٠ المطلوبة للحصول على الجنسية ، من البقاء أكثر من خمس سنوات حيث نص على "لايسمح للاجنبي الذي أقام في العراق قبل نفاذ هذا القرار، أو
يقيم فيه مدة خمس سنوات الأستمرار في اقامته لاي سبب كان".هذا القرار وفر الصيغة القانونية للبدء بحملة التسفير التي بدات في نيسان من تلك السنة.
عملية طلب التقديم على الجنسية كانت معقدة، خاصة لمن سكن الأرياف أو المناطق النائية حيث نسبة كبيرة منهم لم تكن حاملة للجنسية. تقديم طلب الحصول على الجنسية يحتاج الى أن يكون مقدم الطلب ووالده وجده من مواليد العراق وان يكون والده وجده من سكنة العراق خلال الفترة ١٩٢١-١٩٢٦ وان يكون كلاهما من التبعية العثمانية. كانت الغاية من تعقيد عملية الحصول على الجنسية هي حرص المشرع القانوني لقانون الجنسية لحرمان شريحة ليست بالصغيرة من المجتمع من الحصول عليها. بالرغم من أن الحصول على الجنسية كان صعبا أن لم يكن مستحيلا لالاف من الأشخاص الذين ولدوا وعاشوا في العراق أجيالا عدة ، كان الحصول عليها من قبل العرب وحتى بعض الأجانب أسهل بكثير. فقرارمجلس قيادة الثورة المرقم ٥ في ١١/١/١٩٧٥ نص على "يجوز لوزير الداخلية منح الجنسية العراقية لكل عربي يطلبها اذا كان قد بلغ سن الرشد دون التقيد بشروط التجنس الوارد
ة في الفقرة (١) من المادة الثامنة من قانون الجنسية العراقية رقم (٤٣) لسنة ١٩٦٣ المعدل، ويستثنى من ذلك الفلسطينيون ما لم يصدر قانون او قرار تشريعي خاص بخلاف ذلك". كذلك سهل الأمر للعرب حيث أمر الرئيس في الجلسة السادسة لمجلس الوزراء بتاريخ ١٨/٦/١٩٨٥" بتسهيل منح الجنسية العراقية للعرب الذين يرغبون اكتسابها بدون روتين أومعرقلات. كما وجه بضرورة انجاز معاملات التجنس عند الاستفسار في مدة اقصاها أسبوع واحد لانجاز هذه المعاملات".ولم يكتف بذلك بل قدم حوافزا للعربي لتقديم طلبات الجنسية بقرار مجلس قيادة الثورة ١٠٩٦ في ١٤ /٩/ ١٩٨٥ "بمنحهم قطع أراضي مجاناً في أي محافظة من محافظات القطر باستثناء بغداد بعد ثلاثة سنوات من حصولهم على الجنسية". كذلك سمح لهم القرار بما كان ممنوعاً على العراقيين أنفسهم، " تحويل الأموال خارج العراق، والسفر مرة واحدة في السنة خارج العراق".
واذا قال قائل أن العراقيين عرب وتسهيل منح العرب غير العراقيين الجنسية العراقية وحرمان التبعية الايرانية منها ممكن تفهمه حيث كان حزب البعث رافعاً شعار الوحدة العربية، يمكن الرد عليه بإن النسب العربي كان غير ضرورياً لمنح الجنسية حيث نصت الفقرة الخامسة من قرارمجلس قيادة الثورة المرقم ١٨٠ في ٣/٢/١٩٨٠ "لوزير الداخلية، ان يقبل اكتساب المراة الاجنبية، جنسية زوجها العراقي، بشرط مضي ثلاث سنوات على الزواج، وسكنها في العراق المدة المذكورة، واستمرار قيام الزوجية، حتى تقديم الطلب". والاهم إن القرار أرغم الزوجة الأجنبية على الحصول على الجنسية العراقية والا واجهت الأبعاد عن البلد حيث نص "على المراة الاجنبية المتزوجة من عراقي، ان تختار بين اكتساب الجنسية العراقية او مغادرة العراق، بعد مضي (ثلاث سنوات) المنصوص عليها في البند (ا) من هذه الفقرة وتلزم بمغادرة العراق اذا مضت خمس سنوات على اقامتها دون ان
تختار الجنسية العراقية". وهكذا كان الزاماً على الزوجة الأجنبية التي كانت فترة اقامتها في البلد خمسة سنوات فقط إن تكتسب الجنسية العراقية والا تبعد عن البلد في حين إن الشريحة التي عاشت في البلد عشرات السنين ولاجيال عدة وكانت حاملة الجنسية فقدتها وسفر ابنائها. وبالطبع قسم أخر منها حرم من حق الحصول على الجنسية أصلا.بالنسبة للزوجة من شريحة التبعية المتزوجة من عراقي فقد حرمت في البداية من حق التجنس المنصوص عليه في القرار ١٨٠ بالقرار ٥١٨ في ١٠/٤/١٩٨٠ الذي استثنى "الاجنبي الايراني الاصل من الاحكام الخاصة بالتجنس الواردة في قرار مجلس قيادة الثورة المرقم ١٨٠ في ٣/٢/١٩٨٠" كما أشرنا الى ذلك سابقا.ثم تم تعديل ذلك بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم ٩٥٨ في ١٥/٦/١٩٨٠ الذي منحهن حق تقديم طلب الجنسية كما منصوص عليه في القرار ١٨٠ على شرط أن يكون الزواج واقعا قبل ١٠/٤/١٩٨٠.ثم تم تمديد" المدة الوارد ذكرها في الفقرة (٥-ب) من قرار مجلس قيادة الثورة المرقم ١٨٠ في ٣/٢/١٩٨٠ لمدة ستة أشهر أخرى. ويستثنى من
ذلك زوجات العراقيين الايرانيات الاصل" حسب القرار ٤٨٥ في ٢١/٤/١٩٨١.وكما سنرى لاحقا أصدر مجلس قيادة الثورة القرار ٤٧٤ في ١٠/٤/١٩٨١ الذي شجع على طلاق الزوجة من التبعية الأيرانية بعرض المال على أزواجهم لتطليقهم كخطوة سابقة لتسفيرهم.
من البساطة الظن إن حامل الجنسية العراقي الأصل محصن ضد فقدانها، بل على العكس حيث اتخذ النظام من السيطرة على اصدار الجنسية طريقة للضغط على المعارضين السياسيين حيث إن قانون تعديل النظام القضائي رقم ٣٥ في ١٩٧٧ كان حريصا على أستثناء الاشخاص الذين يتخذون موقفا سياسيا أو فكريا أو اقتصاديا معاديا للثورة أو لبرامجها من الحصول على الجنسية. واسقاط الجنسية عن أولئك المعارضين السياسين يتجسد بالقرار المرقم ٣٦٣ في ٢٧/٤/ ١٩٨٦ الذي ينص على "اسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي يثبت عدم ولائه للوطن والشعب". يتبين هنا إن المواطن العراقي هوالمواطن الذي أفكاره ، وليست فقط اعماله، تلائم النظام. وكمثال على اسقاط الجنسية عن المعارضين السياسيين كتاب
مديرية الأمن العامة المرقم ٥٤١٠ في ٢٤/١/ ١٩٨٤ الذي ينص على "تقرر سحب الجنسية العراقية من العراقيين المبينة اسماوهم (أربعة) أدناه وهم من عناصر الحزب الشيوعي العراقي العميل الهاربه الى ايران والمقيمين حاليا في السويد".بعض أعضاء حزب الدعوة تم تسفيرهم ، وبذلك عوملوا كالتبعية، حسب كتاب مجلس قيادة الثورة ٢٢/٢٣/١٨٠٧ في ١١/٣/١٩٨٠ الذي ينص على "تقرر تسفير الايرانين وحتى المتجنسين بالجنسية العراقية في حالة ثبوت تورطهم بعمل ما ضد الحزب والثورة أو ثبوت أنظمامهم الى حزب الدعوة الرجعي والحكم عليهم من محكمة الثورة".
كذلك أسقطت الجنسية عن بعض المواطنين لا لموقف سياسي أو فكري معارض اتخذوه بل لسبب لا يمكن وصفه الا بانه سبب تافه لفقدان الجنسية، وهو عدم المشاركة في التعداد السكاني فحسب رسالة مكتب تنظيم الشمال السرية رقم ٤٣٥ في ٨/٩/١٩٨٧ "تنسب ما يلي في ضوء الأجتماع الذي انعقد بتاريخ ٦/٩/١٩٨٧ وترأسه الرفيق علي حسن المجيد أمين سر مكتب تنظيم الشمال إن من لا يشارك في العملية ( التعداد السكاني) بدون عذر مشروع يفقد عراقيته" وليس ذلك فقط بل "سيعتبر من الهاربين من الجيش ويطبق بحقه قرار مجلس قيادة الثورة المرقم ٦٧٧ في ٢٦/٨/١٩٨٧" ومعنى ذلك معاقبته بالاعدام بالرصاص. سوف ننقاش هذه الرسالة في بحثنا عن عمليات الأنفال ولكن النقطة التي نرغب التاكيد عليها هو إن الجنسية أسقطت لسبب لا يمكن اعتباره سبب جوهري للحرمان من المواطنة.لم يقتصر اسقاط الجنسية على الشخص الذي يعتبر عديم الولاء للدولة فقط بل تعدى ذلك ليشمل عائلته أيضا تنفيذا لامر "السيد الرئيس القائد المبلغ الينا بكتاب رئاسة الجمهورية المرقم ق/١٦/٧٤١٥ في ٧/٦/١٩٨٣ تقرر ما يلي
١.تسقط الجنسية العراقية عن عوائل المجرمين الذين يحملون الجنسية العراقية من غير التبعة العثمانية استنادا الى أحكام قرارمجلس قيادة الثورة المرقم ٦٦٦ في ٧/٥/١٩٨٠ .
٢. أما بالنسبة لعوائل المجرمين الذين يحملون الجنسية العراقية..تبعة عثمانية فيرجى تزويدنا بقائمة باسمائهم بغية مفاتحة الجهات المختصة لاستصدار قرار من مجلس قيادة الثورة الموقر لاسقاط الجنسية العراقية عنهم.
٣. الاخذ بمدلول العائلة على أنها تشمل الزوج والزوجة والاولاد".وكان مصير العوائل حسب الكتاب، التسفير.
كذلك أسقطت الجنسية عن عوائل الأكراد "المخربين" الذين اختاروا الرحيل للالتحاق بابناهم في ما اعتبر قرى محذورة أمنيا كما تطرق الى ذلك محضر اجتماع قيادة شعبة صلاح ألدين رقم ٦٠/٢٦٤٨ في ١٢/٩/١٩٨٧ " تناول الاجتماع ما يلي: اسقاط الجنسية العراقية وحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للعوائل الملتحقة مع زمر التخريب مع كافة أفراد العائلة".
يتبين مما سبق أن اسقاط الجنسية كان سهلا حيث لم يقتصر على الاشخاص من التبعية الايرانية لكن شمل المعارضين السياسيين وعوائلهم وحتى من لم يستطع الألتزام ببعض تعليمات الدولة البسيطة كالمشاركة في التعداد السكاني أو التواجد الجسدي في بعض الأماكن.
تبعية.....الجزء الثاني
الجنسية العراقية
تسجيل أصل أو تبعية الأفراد في العراق كان نتيجة لاحداث تاريخية وقعت بداية القرن الماضي. فقد اقرت معاهدة لوزان، المؤرخة في ٢٤/٧/١٩٢٤، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، بين الحلفاء والامبراطورية العثمانية، مصير رعايا الأراضي التي كانت تحت سيطرة العثمانيين. فنصت المادة ٣٠ من تلك المعاهدة على " الرعايا المقيمين عادة في اقليم منسلخ عن تركيا بموجب هذه المعاهدة يصبحون من رعايا الدولة التي تنتقل اليها تلك الأرض وفق الشروط التي يضعها قانونها المحلي".ووفق ذلك صدر قانون الجنسية العراقي الاول المرقم ٤٢ في عام ١٩٢٤.وحسب الفقرة الثالثة من ذلك القانون " كل من كان في اليوم السادس من أب ١٩٢٤ من الجنسية العثمانية وساكنا في العراق عادة تزول عنه الجنسية العثمانية ويعد حائزا على الجنسية العراقية ابتداء من التاريخ المذكور". في فقرة من شهادة الجنسية تلك تم تسجيل تبعية مواطن الدولة العراقية المتكونة حديثا وتم اعتبار أصله أو تبعيته ، عثمانية مستنداً على نص معاهدة لوزان . وهنا حدث الأجحاف فقانون الجنسية أعلاه لم ياخذ بنظر الأعتبار وجود شريحة من المجتمع مقيمة في العراق ,المتكون حديثاً, لكنها تحمل الجنسية الأيرانية، وهو اختيار اخر للجنسية كان لمواطني العراق حق الحصول عليه انذاك. جزء من تلك المجموعة كان ايرانياً لكن الجزء الاخر كان عربياً اختار التجنس بالجنسية الايرانية لتجنب الخدمة العسكرية العثمانية. أحفاد تلك المجموعة من الناس ، وهم بالالاف ، كان لهم حق تقديم طلب الحصول على الجنسية العراقية اذا كانوا مولودين في العراق واذا كان الأب مولوداً فيه أيضاً . لكن تبعيتهم تم تسجيلها في شهادة الجنسية على أنها ايرانية. وعند وصول حزب البعث الى السلطة في عام ١٩٦٣ صدرقانون الجنسية الثاني ألذي استبدل قانون الجنسية لعام ١٩٢٤. ينص ذلك القانون المرقم ٤٣ في فقرته الثالثة على "لوزير الداخلية أن يعتبر عراقياً من ولد في العراق وبلغ سن الرشد فيه من أب أجنبي مولود فيه أيضاً وكان مقيماً فيه بصورة معتادة عند ولادة ولده بشرط إن يقدم الولد طلباً بمنحه الجنسية العراقية خلال سنتين من بلوغه سن الرشد". لكن مدة صلاحية القرار تم تحديدها بسنتين فقط. أولئك الذين لم يقدموا طلبات الجنسية في تلك الفترة فاتتهم فرصة الحصول عليها. أولئك الذين حصلوا عليها تم تقييد تبعيتهم في شهادة الجنسية على أنها أيضا ايرانية.وبذلك عند تقلد الرئيس منصب الرئاسة كانت فئة كبيرة من المجتمع أما لا يحق لها الحصول على الجنسية أو كانت مكتسبة الجنسية لكن تبعيتها كانت ايرانية.وما بدا على أنها محاولة لحل
أ-ان يكون ساكناً العراق قبل ثورة الرابع عشر من تموز ١٩٥٨ ومستمرا على السكن، حتى تاريخ نفاذ هذا القرار.
ب-ان يكون احد اقاربه من الدرجة الاولى او الثانية قد حصل على الجنسية العراقية.
ج- ان لا يكون في وجوده في العراق ضرر على امن وسلامة الجمهورية العراقية ".
الفقرتان المهمة في القرار كانت،اولا مدة نفاذ القرار قاصرة على ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ثانيا "كل اجنبي مضي على سكناه العراق مدة لا تقل عن (عشر سنوات) متتاليات سابقة على نفاذ هذا القرار، وكان احد اصوله او فروعه مكتسبا الجنسية العراقية، عليه خلال مدة نفاذ هذا القرار ان يعلن عن رغبته في التجنس بالجنسية العراقية او مغادرة العراق". معنى ذلك أن من أنطبق القرار عليه كان ملزماً باظهار رغبته بالحصول على الجنسية ليس
ربما أحدى غايات اصدار القرار ١٨٠ كانت ليست لمنح الجنسية لمن لا يحملها بل هي محاولة لمعرفة عدد الاشخاص الذين لا يحملون الجنسية والذين صنفوا ضمن خانة التبعية قبل عملية التسفير التي بدات بعد شهرين من اصدار القرار ١٨٠. بعد أربعة أيام من اصدار القرار ١٨٠ أصدر مجلس قيادة الثورة القرار المرقم ٢٠٠ في ٧/٢/ ١٩٨٠ الذي منع الأجنبي، وفي هذه الحالة كل من لايفي بالشروط المذكورة في القرار ١٨٠ المطلوبة للحصول على الجنسية ، من البقاء أكثر من خمس سنوات حيث نص على "لايسمح للاجنبي الذي أقام في العراق قبل نفاذ هذا القرار، أو
عملية طلب التقديم على الجنسية كانت معقدة، خاصة لمن سكن الأرياف أو المناطق النائية حيث نسبة كبيرة منهم لم تكن حاملة للجنسية. تقديم طلب الحصول على الجنسية يحتاج الى أن يكون مقدم الطلب ووالده وجده من مواليد العراق وان يكون والده وجده من سكنة العراق خلال الفترة ١٩٢١-١٩٢٦ وان يكون كلاهما من التبعية العثمانية. كانت الغاية من تعقيد عملية الحصول على الجنسية هي حرص المشرع القانوني لقانون الجنسية لحرمان شريحة ليست بالصغيرة من المجتمع من الحصول عليها. بالرغم من أن الحصول على الجنسية كان صعبا أن لم يكن مستحيلا لالاف من الأشخاص الذين ولدوا وعاشوا في العراق أجيالا عدة ، كان الحصول عليها من قبل العرب وحتى بعض الأجانب أسهل بكثير. فقرارمجلس قيادة الثورة المرقم ٥ في ١١/١/١٩٧٥ نص على "يجوز لوزير الداخلية منح الجنسية العراقية لكل عربي يطلبها اذا كان قد بلغ سن الرشد دون التقيد بشروط التجنس الوارد

واذا قال قائل أن العراقيين عرب وتسهيل منح العرب غير العراقيين الجنسية العراقية وحرمان التبعية الايرانية منها ممكن تفهمه حيث كان حزب البعث رافعاً شعار الوحدة العربية، يمكن الرد عليه بإن النسب العربي كان غير ضرورياً لمنح الجنسية حيث نصت الفقرة الخامسة من قرارمجلس قيادة الثورة المرقم ١٨٠ في ٣/٢/١٩٨٠ "لوزير الداخلية، ان يقبل اكتساب المراة الاجنبية، جنسية زوجها العراقي، بشرط مضي ثلاث سنوات على الزواج، وسكنها في العراق المدة المذكورة، واستمرار قيام الزوجية، حتى تقديم الطلب". والاهم إن القرار أرغم الزوجة الأجنبية على الحصول على الجنسية العراقية والا واجهت الأبعاد عن البلد حيث نص "على المراة الاجنبية المتزوجة من عراقي، ان تختار بين اكتساب الجنسية العراقية او مغادرة العراق، بعد مضي (ثلاث سنوات) المنصوص عليها في البند (ا) من هذه الفقرة وتلزم بمغادرة العراق اذا مضت خمس سنوات على اقامتها دون ان
من البساطة الظن إن حامل الجنسية العراقي الأصل محصن ضد فقدانها، بل على العكس حيث اتخذ النظام من السيطرة على اصدار الجنسية طريقة للضغط على المعارضين السياسيين حيث إن قانون تعديل النظام القضائي رقم ٣٥ في ١٩٧٧ كان حريصا على أستثناء الاشخاص الذين يتخذون موقفا سياسيا أو فكريا أو اقتصاديا معاديا للثورة أو لبرامجها من الحصول على الجنسية. واسقاط الجنسية عن أولئك المعارضين السياسين يتجسد بالقرار المرقم ٣٦٣ في ٢٧/٤/ ١٩٨٦ الذي ينص على "اسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي يثبت عدم ولائه للوطن والشعب". يتبين هنا إن المواطن العراقي هوالمواطن الذي أفكاره ، وليست فقط اعماله، تلائم النظام. وكمثال على اسقاط الجنسية عن المعارضين السياسيين كتاب

كذلك أسقطت الجنسية عن بعض المواطنين لا لموقف سياسي أو فكري معارض اتخذوه بل لسبب لا يمكن وصفه الا بانه سبب تافه لفقدان الجنسية، وهو عدم المشاركة في التعداد السكاني فحسب رسالة مكتب تنظيم الشمال السرية رقم ٤٣٥ في ٨/٩/١٩٨٧ "تنسب ما يلي في ضوء الأجتماع الذي انعقد بتاريخ ٦/٩/١٩٨٧ وترأسه الرفيق علي حسن المجيد أمين سر مكتب تنظيم الشمال إن من لا يشارك في العملية ( التعداد السكاني) بدون عذر مشروع يفقد عراقيته" وليس ذلك فقط بل "سيعتبر من الهاربين من الجيش ويطبق بحقه قرار مجلس قيادة الثورة المرقم ٦٧٧ في ٢٦/٨/١٩٨٧" ومعنى ذلك معاقبته بالاعدام بالرصاص. سوف ننقاش هذه الرسالة في بحثنا عن عمليات الأنفال ولكن النقطة التي نرغب التاكيد عليها هو إن الجنسية أسقطت لسبب لا يمكن اعتباره سبب جوهري للحرمان من المواطنة.لم يقتصر اسقاط الجنسية على الشخص الذي يعتبر عديم الولاء للدولة فقط بل تعدى ذلك ليشمل عائلته أيضا تنفيذا لامر "السيد الرئيس القائد المبلغ الينا بكتاب رئاسة الجمهورية المرقم ق/١٦/٧٤١٥ في ٧/٦/١٩٨٣ تقرر ما يلي
١.تسقط الجنسية العراقية عن عوائل المجرمين الذين يحملون الجنسية العراقية من غير التبعة العثمانية استنادا الى أحكام قرارمجلس قيادة الثورة المرقم ٦٦٦ في ٧/٥/١٩٨٠ .
٢. أما بالنسبة لعوائل المجرمين الذين يحملون الجنسية العراقية..تبعة عثمانية فيرجى تزويدنا بقائمة باسمائهم بغية مفاتحة الجهات المختصة لاستصدار قرار من مجلس قيادة الثورة الموقر لاسقاط الجنسية العراقية عنهم.
٣. الاخذ بمدلول العائلة على أنها تشمل الزوج والزوجة والاولاد".وكان مصير العوائل حسب الكتاب، التسفير.
كذلك أسقطت الجنسية عن عوائل الأكراد "المخربين" الذين اختاروا الرحيل للالتحاق بابناهم في ما اعتبر قرى محذورة أمنيا كما تطرق الى ذلك محضر اجتماع قيادة شعبة صلاح ألدين رقم ٦٠/٢٦٤٨ في ١٢/٩/١٩٨٧ " تناول الاجتماع ما يلي: اسقاط الجنسية العراقية وحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للعوائل الملتحقة مع زمر التخريب مع كافة أفراد العائلة".
يتبين مما سبق أن اسقاط الجنسية كان سهلا حيث لم يقتصر على الاشخاص من التبعية الايرانية لكن شمل المعارضين السياسيين وعوائلهم وحتى من لم يستطع الألتزام ببعض تعليمات الدولة البسيطة كالمشاركة في التعداد السكاني أو التواجد الجسدي في بعض الأماكن.
تبعية.....الجزء الثاني
The case of Iraqis of Iranian origin :English version