الأحد، 10 مايو 2020

أنها البداية فقط...انتظروا...!...١



"يا شعب العراق العظيم عراق اليوم سوف لن يتسامح مع أي خائن أو جاسوس أو عميل للطابور الخامس، أنت يا إسرائيل اللقيطة، أنتم أيها الإمبرياليون الأميركان وأنتم أيها الصهاينة اسمعوني سوف نكشف ألاعيبكم القذرة سوف نعاقب عملائكم سنعدم كل جواسيسكم حتى لو كان هناك الآلاف منهم..يا شعب العراق العظيم ..أنها البداية فقط... ستمتلىء ساحات العراق العظيمة الخالدة بجثث الخونة والجواسيس... انتظروا." صلاح عمر العلي ... ساحة التحرير .. ٢٧ كانون الثاني ١٩٦٩

"قريب الساعة الحادية عشر من يوم الأحد كنت في ساحة الأعدام الخاصة في السجن المركزي مع المدعي العام وأعضاء محكمة الثورة ، مع طبيب عسكري  وكبار من ضباط الجيش ، الكل يتحرق بشوق وبحماس وبفارغ الصبر ننظر الى ساعاتنا وهي تقترب من الساعة  الحادية عشر ، حتى ظهر الجواسيس أخيراً ، مسحوبين من زنزاين الأعدام من قبل حراس السجن ، مقيدي الأيدي والارجل بسلاسل حديدية. بدا عليهم غير مصدقين أنهم سيعدمون ، سيق أربعة منهم  الى سيارة السجن ليعدموا في سجن البصرة.
 أمروا الأخرين بالجلوس على الأرض، وعندما بدا الطبيب بحقنهم بمادة خاصة ، ابتدوا بالصراخ ببرائتهم وطلبوا الرحمة من المدعي العام. احدهم فواد كباي صرخ " اننا ابرياء لا تعدمونا ، اننا ابرياء ، ، لدي خمسة أطفال " وعندما حقن في ذراعه صرخ
قائلاً " أيها المجرمون ! ستدفعون الثمن !".
بعد ذلك كان المشهد مسلياً بل مضحكاً ، رؤية هولاء ممن كانوا من دون مستوى البشر ، وهم يحاولون أن ينطقوا من دون أن يتمكنوا من ذلك ، نظروا الينا كالمجانين ، بعد ذلك ازيلت القيود عنهم ودفعوا واحداً بعد الأخر الى المشنقة".
بعد أن دون ذلك المشهد صحفي في جريدة الثورة الصادرة بتأريخ ٢٨ كانون الثاني ١٩٦٩ ، نقلت جثث المعدومين الى ساحة التحرير في ساعات الفجر الأولى من يوم الأثنين المصادف ٢٧ كانون الثاني ١٩٦٩ ، حيث علقت الجثث من أعناقها بحبال مشنقة شكلت على عجالة مكونة من ثلاثة قطع خشبية ، كانت الجثث ملتوية الأعناق ، وبعضها كان هناك دماء ناشفة على أنوفهم ، وعلقت على صدر كل جثة ورقة كتب عليها الأسم ودين كل فرد.
كانت الأذاعة تدعوا الناس للذهاب لساحة التحرير لمشاهدة "الجواسيس" فحضر الآلاف منهم وعن ذلك قال مير بصري في كتابه "رحلة العمر " تجمع الرعاع يرقصون تحت أعواد المشانق ويدقون الطبول والدفوف ، ولم يتورع الرئيس البكر من الذهاب الى ساحة التحرير بل ساحة الموت الرهيب ، ليشارك حثالات الناس في فرحتهم وهوستهم".
وصف مراسل الجمهورية بعضاً من هوسات وشعارات الجماهير "
في طرف أخر من ساحة الباب الشرقي كانت جموع لا تحصى من طلبتنا البواسل وهم يرفعون حناجرهم الى السماء يرددون شعارات الثورة والجماهير التي تطالب بسحق الجواسيس وبالقضاء على العمالة.
-اعدام الجواسيس خطوة نحو التحرير- شعار جماهيري رددته الجموع بإيمان
وحملتني موجة أخرى جاءت من طرف أخر من ساحة التحرير وهي تهتف :
حرب حرب شعبية ماكو حلول سلمية ،
حكومتنا يا ثورية صفي صفي الجاسوسية ،
حكومتنا كطي روس كل خاين وكل جاسوس،
 اليوم عيدك يا شعب باعدام كل الخونة
كانت حناجر الشعب تهتف..
يا فدائي هز الراية وخلي اسرائيل حكاية..
جيش وشعب وياك يا مجلس الثورة...
البعث نفذ الحكم على عناد أمريكا ...
حزب البعث يا عملاق ..يا نقطة الأنطلاق...
أمة العرب واحدة ذات رسالة خالدة.."
والتقى الصحفي مع " السيد ناظم كزار سكرتير عام الأتحاد الوطني لطلبة العراق .. قال ناظم : أن اعدام الجواسيس والعملاء خطوة ثورية في سبيل اسناد الجبهة وان القضاء على الجواسيس والعملاء لهو اسفين في نعش الأستعمار والصهيونية. واستطرد ناظم كزار يقول : أن جماهير الطلاب اذ تقف هذا اليوم باجلال واكبار لخطوة الحكومة الثورية تقطع عهداً على نفسها بأسناد حكومتنا الوطنية حتى تقضي على كل ركائز العمالة والتجسس".
خطب في تلك الجماهير صلاح عمر العلي والذي كان حسب كتاب ماكس سوادي " All Waitings to be Hanged" يصرخ باعلى صوته و وهو ينظر الى الجثث المعلقة بأعواد المشانق متوعداً بكونها البداية فقط.