وقد مارس الجيش والحرس الجمهوري ابشع الجرائم، وارتكب المجازر ضد هذه المناطق للسيطرة عليها، فقد كان مقاومة أهل الكزيزة وخمس ميل المعقل عنيفة واستشهدت في النساء، واستشهدت بعضهن. وقدر ارتكب الجيش في هذه المنطقة مجزرة، عندما هرب الناس تحت جسر الكزيزة، وحين تمت السيطرة على تلك المناطق، حصر الجيش والحرس الجمهوري، وأعدم العشرات من الشباب والأحداث وحتى كبار السن، بحجة الاشتراك بالانتفاضة.
اما مناطق أبي الخصيب فلم يجد الجيش صعوبة في دخولها، فهي تنفتح على طريقين رئيسيين كانا يؤديان إلى أبي الخصيب، الأول، الطريق الخارجي الذي يربط ساحة سعد،، والطريق الثاني ساحة متنزه الخورة. لذا التفت قوات من الطريق السريع، ودخلت مناطق أبي الخصيب في الوقت الذي كانت قوات أخرى تسلك الطريق الداخلي.
لم يبق أمام الجيش من المناطق مركز البصرة، إلا تلك التي تنفتح على شط العرب، والقريبة منه، و تسيطر على الجسر المقام عليه. مثل التميمية والرباط والحكيمية والطويسية ومنطقة الخندق.
والحقيقة أن هناك الكثير من الصدامات العسكرية وتبادل إطلاق النار كانت تحدث بين المنتفضين والجيوب العسكرية، في مناطق البصرة وبأسلوب الكر والفر،، هي فندق حمدان والمرربد في العشار، اللذان إقام فيهما الجيش نقاط قوة، قبل هجوم علي حسن المجيد على مناطق البصرة، وكانت هاتان النقطتان تتبادلان الصولات مع أهالي الطويسة والخندق والتميمية وغيرها.
لقد كانت مناطق التميمية آخر معاقل المنتفضين في مركز المحافظة وقد اشترك في معاركها منتفضون من الكثير من مناطق البصرة، الذين سقطت مناطقهم ولجاوا إليها، باعتبارها المنفذ الوحيد للعبور إلى الضفة الشرقية لشط العرب. ولقد كان لوجود مثل هذا المنفذ للمنتفضين وشعور هم بأن ظهورهم محمية، فيما لو حوصروا أو أرادوا العبور آثار كبيرة في شدة مقاومتهم، والتصدي للجيش بعنف. فقد استخدم المنتفضون حتى مدافع ٥٧ ضد الجيش، لذا كانت خسائره كبيرة، إلا أن كفة تفوقه كانت دائما راجحة في معارك المنتفضين، فسقطت التميمية والمناطق المحيطة بها ، وبسقوطها أصبحت البصرة "الجانب الغربي من شط العرب" تحت سيطرة الجيش ولم يبق من معاقل المنتفضين إلا الجانب الشرقي من شط العرب والمناطق الخارجية كالهارثة والقرنة والشرش والمدينة وناحية العز وغيرها. فقد بدأ زحف الجيش عليها أيضا وبدأت قوات حمورابي الحرس الجمهوري تفتك بمنطقة الهارثة وهي في طريقها للالتفاف على مناطق شط العرب. و وقد اقترفت فرق الحرس الجمهوري وقطاعات الجيش "الفرقة المدرعة الثالثة، والسادسة" المكلفة في قمع الانتفاضة في نواحي الدير والنشوة ومنطقة الشرش القرنة والهوير والمدينة، ابشع الجرائم واعدمت العشرات، من الشباب ورميت جثثهم في منطقة شط العرب.
كانت قلعة الانتفاضة الأخيرة هي في التنومة، التي اندفعت إليها قوات حمورابي الحرس الجمهوري بقيادة اللواء الركن قيس عبد الرزاق جواد الأعظمي مع قوات الجيش النظامي المساندة لها، نحو مناطق شط العرب الشرقية، عبر جسر القرنة، ومناطق النشوة والدير، وجسر خالد بن الوليد، بعد قمع الانتفاضة في الهارثة والشرش وبني منصور والنشوة وغيرها من المناطق التي كانت في طريقها نحو شط العرب.،وقد مهدت القطاعات العسكرية المتواجدة في ساحة سعد والإذاعة والتلفزيون والزبير لالتفاف قوات الحرس الجمهوري على مناطق شط العرب، بقصف مكثف بصواريخ الراجمات، و قذائف المدفعية من ساحة سعد، وشارع بغداد، ومناطق قريبة من الزبير، والإذاعة والتلفزيون ضد مناطق شط العرب، والتنومة بالذات. إن ما حدث من قصف مدفعي، ضد التنومة، وكان يسقط عليها من صواريخ الكاتيوشيا، يرتقي إلى مستوى الخيال، فقد كانت تنطلق عشرات القذائف وصواريخ الراجمات في الدقيقة الواحدة، ضد أهالي التنومة وشط العرب، دون تمييز أو رحمة أو شفقة. وفي ظل القصف البشع، والأبادة بالصواريخ هجرت أهالي التنومة ومن جاء منهم بالآلاف من مناطق البصرة المختلفة، إلى الحدود الدولية بين العراق وإيران، أو إلى مناطق المحمرة لمن دخلها من العراقيين.
بدأ هجوم قوات حمورابي على التنومة ٤ عصرا يوم ١٩٩١/٣/١٥. وكان هجومها مدعوما بالمرحويات والقصف المدفع الصاروخي. لقد قاوم المنتفضون في التنومة بضراوة وشجاعة فلم يتركوا مواقعهم حتى استشهدوا.
وفي اليوم الثاني لبدء الهجوم ١٩٩١/٣/١٦ اتجه عشرات من المقاتلين بعد اشتد عليهم من المروحيات والقاذفات نحن نهر حسن وهناك استطاع البعض العبور إلى إيران، وقتل البعض منهم، وتم القبض على الكثير، واعدم منهم العشرات في قيادة الفيلق الثالث في الدير . وبعد انهيار المقاومة في التنومة، ومقتل العشرات من المنتفضين دخل الجيش وقتل كل جرحى المنتفضين في مستشفى شط العرب، كما قتل بعض الأطباء الذين على عالجوهم ورميت جثثهم في مزرعة النخيل المقابلة للمستشفى. كما لعب بعض قادة الجيش دورا قذرا في معاملة الناس المدنيين وكان على راسهم عقيد سوادي من (أهل المدينة، البصرة) فقد كان يقتل كل من كان اسمه ضمن قوائم التموين التي كان يوزعها المنتفضين على الناس. لم تبق من قوة للانتفاضة بوجه الجيش إلا قوة عشيرة كنعان التي تشكل شريطاً عريضاً من الدعيجي وحتى الحدود الإيرانية( المحمرة). وقد ساهمت عشيرة كنعان بدور مشرف لن ينساه الشعب العراقي، والبصرة بالذات في مقاومة الجيش فقد استبسل شبابها وكبدوا الجيش خسائر فادحة، وأسقطوا عدة مروحيات. وحين اشتد ضغط الجيش على مقاتلي عشيرة كنعان، لم يجدوا صعوبة في العبور إلى الحدود الإيرانية القريبة، فلم تفصلهم عنها (المحمرة) سوى العشرات من الأمتار أو عبور النهر الصغير (نهر جاسم). وبانهيار مقاومة آل كنعان تكون الانتفاضة قد توقفت وأسدل الستار على أعظم ثورة شعبية في تاريخ العراق المعاصر ضد حكم دكتاتوري دموي بشع.
لقد مارس علي حسن المجيد في الفترة التي سبقت سقوط البصرة وما تلتها بعد سقوطها بيد قوات الجيش، ابشع الجرائم ضد أهل البصرة وشبابها الأبرياء ممن لا علاقة لهم بالانتفاضة. فقد كان الأمر الذي صدر عنه هو إعدام كل من يشك، ويمسكه الجيش في الشارع عشوائيا بدون التحقق من هويته أو غرضه. لذا وعدم العشرات مما كان يبحثون عن الماء الشحيح، والطعام لأطفالهم كما ساق المئات منهم إلى السجون ليجدوا الإعدام أو العذاب الطويل. لقد أعدم علي حسن المجيد المئات من الشباب في الأسبوع الأول من الانتفاضة ممن وقعوا بطريقة أو بأخرى قواته، وممن لا علاقة لهم بالإنتفاضة، في الشوارع الرئيسية، والساحات المهمة في البصرة وأمر عدم رفع جثثهم وتركها حتى تتعفن وتأكلها الكلاب السائبة لكي تنتشر اخبارهم، ويراه الناس، وتزرع الرعب في نفوس المنتفضين. وكانت أولى الوجبات التي تم إعدام في ساحة سعد قلب البصرة، وكان عددها كبيراً، وانتشرت جثثهم على مساحة الساحة الواسعة، وتركت أكثر من أربعة أيام، يراها الذهاب والقادم إلى ساحة سعد. كما أعدم وجبة كبيرة في بداية شارع الحيانية (كلية التربية الرياضية) المقابلة للإذاعة والتلفزيون. فلم يستطع التقدم في ذلك الوقت نحو عمق الحيانية، بل أراد من تلك الإعدامات أن تؤثر على نفسية المنتفضين فيها.
وقد ذهبت إلى المكان برفقة صديق عسكري حتى يسهل وصولي هناك، ورأيت بنفسي بشاعة المشهد. كان عددهم أكثر من ٢٠ شخصاً، وبعضهم من الأحداث، الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة عشرة. كما أعدمت قوات الجيش والحرس الجمهوري، وفقاً لخطة علي حسن المجيد ستة أشخاص في تقاطع أبو شعير في شارع ١٤ تموز- الجزائر. وهذه النقطة كانت خاضعة للجيش فهي تنفتح على الجانب الشمالي من شارع الجزائر، الموصل إلى متنزه الخورة، الذي كان علي حسن المجيد يقيم فيه ويتخذة مقررا له، وفيه قوات عسكرية مكثفة. وقد أقام الجيش في تقاطع أبو شعير نقطة عسكرية ضمت عدة دبابات وعشرات الجنود. وقد استطعت الوصول إلى هذه النقطة عبر الشوارع الفرعية، في وقت كانت الكلاب السائبة قد جاءت على اغلب المعدومين، وهم تحت حراسة النقطة العسكرية حتى لا ترفع جثثهم. كما أعدمت القوة العسكرية التي كانت تتركز في منطقة حمدان (العشار) مجاميع كبيرة من الشباب، ووزعتهم في المناطق التي تستطيع الوصول اليها، تركت جثث البعض منهم في ساحة المحافظة القديمة وفي شارع الوطني وفي ساحة أم البروم. ولم تسلم منطقة في مركز المحافظة ولا ناحية أو قرية في أطراف البصرة دون أن يعدم علي حسن المجيد بنفسه أو عن طريق قواته مجموعة من أهلها ويتركهم في الشوارع تنكيلاً بأهلها، وبالمنتفضين. وقد تجاوزت قساوة وبشاعة علي حسن المجيد إلى أهداف أخرى غير التنكيل وزرع الرعب بين الناس من وراء تلك الإعدامات بالشوارع، فقد كان يسعى إلى التعرف على ذوي المعدومين أو القبض عليهم وإعدامهم أيضا، وخاصة إذا كانوا من الشباب. وقد وقعت الكثير من هذه الحوادث لأقارب المعدومين وإمهاتهم ممن كان يبحثون عن أبنائهم، و ويتجولون من مكان إلى آخر، ويسألون عن أماكن الإعدامات في الشوارع. و وقد روى لي أحد السجناء من منطقة الخندق عن أم من صديق له، كيف قتلها الجيش، عندما رمت نفسها على ابنها المعدوم، وهي تصرخ وتنوح في العشار (نقطة فندق حمدان) كما روى آخر قصة مشابهة في ساحة سعد، وقد قتل فيها شاب مع أمه، بعد وجداه ضمن المعدومين في ساحة سعد وحاولا أخذه. وعلى العكس من ذلك، امتنعت عوائل التصريح بمعرفتها بأبنائها خوفاً من سطوة علي حسن المجيد، وقوات الجيش التي تحرس الجثث المعدومة. وفي هذا المجال روايات حزينة ومؤلمة حول أمهات بقين ينظرن إلى ابنائهن المعدومين في الشوارع والازقة وينوحن ويلطمن الخدود، ولم يجرؤن على اخذهم والتصريح بقرابتهم لهن.
أما المشاهد الاجرامية التي ارتكبها علي حسن المجيد، وقواته من الجيش والحرس الجمهوري بالذات، في أثناء زحفها على المناطق وسقوطها بايديهم فقد كانت خارج التصور لبشاعتها. فقد أجرى في البصرة أنهاراً من الدم واعدم المئات في الشوارع، إضافة إلى المئات ممن أعدموا في شركة ناقلات النفط وقيادة الفيلق الثالث، ومن مات تحت التعذيب في الأمن والمخابرات ومراكز التحقيق الأخرى. وإذا كانت إلأعدمات التي ارتكبها علي حسن المجيد وقواته محصورة في مناطق البصرة قبل سقوطها بايديهم لأنها كانت خارجة عن سيطرة الجيش. فإنها أصبحت عامة بعد دخول الجيش المدينة. وشملت حتى النساء والأحداث. فقد كان الجيش يعدم كل من يقع بايديهم، من الشباب والأحداث بعد السيطرة على المنطقة وتفتيش بيوتها ممن وجدوا في بيته وحوزته أسلحة حتى وإن لم يستعملها في الانتفاضة. أما من ثبت اشتراكه في الانتفاضة فإن الجيش يهدم بيته على أهله. لقد تفنن الجيش والحرس الجمهوري في وسائل القسوة والإعدام ضد أهل البصرة. فقد لجأت بعد قطاعات الجيش والحرس الجمهوري إلى شد الشباب سواء ممن كان منتفضاً أو يشك في اشتراكه من أيديهم وارجلهم ومن ثم رميهم في الانهر. كما استخدم الجيش والحرس الجمهوري الناس الأطفال والنساء دروع البشرية في أثناء اقتحام المناطق العصية. وكانا يجبرون النساء والأطفال من المنطقة على يسيروا أمام الدبابات الزاحفة، او يركبون فيها. وقد استخدم الجيش هذا النوع في مناطق البصرة الخارجية، كالهوير والمدينة وناحية العز، وبني منصور وغيرها. وقد ذهبت بعد قطاعات الحرس الجمهوري في إعدام من يمسكك به من المنتفضين في نقاط المقاومة بإطلاق النار عليهم بعد إجبارهم على شرب بنزين السيارات. أما من وقع بأيدي الجيش وهم بالآلاف ونجا مؤقتا من الإعدام فقد واجه الإعدام فيما بعد أو في السجين. وقد أصبح مقر قيادة الفيلق الثالث في ناحية الدير، مكانا لتجميع المنتفضين ومقبرة للإعدامات للمناطق القريبة منه، مثل الهارثة والدير والقرنة، ومناطق شط العرب، كالنشوة والزريجي وحتى مناطق شط العرب. كما أصبحت شركة ناقلات النفط في ساحة سعد، مقرا لاعتقال المنتفضين في مناطق مركز البصرة. وقد أعدم المئات في المقرين (قيادة الفيلق الثالث ) وشركة ناقلات النفط. قبل أن يتم نقل المنتفضين الى سجن البصرة المركزي في انتظار موتهم أو رحلتهم القاسية إلى سجن الرضوانية في بغداد.
كان قانون الإعدام العشوائي سارياً في البصرة، وقد امتد إلى نهاية الشهر الرابع. قبل أن يأتي التريث، والبدء بالتحقيق مع المنتفضين حتى لو كان شكلياً، لذا أعدمت مجاميع في تلك الفترة كانت أكبرها مجموعة ضمت إحدى وسبعين سجيناً. تكررت وجبات الإعدام، في ناقلات النفط، وفي مناطق غير معروفة، ففي كل ليلة تاتينا قائمة، وحين تخرج لا تعود، إلى أن جاء أمر التريث، وخفت حدة الإعدامات، و اقتصرت على نتائج التحقيق، والموت في التعذيب."
"أولاً. بالساعة ٢١٠٠ يوم ١٩٩١/٢/٢٧ فتح مقر قيادتنا في محافظة البصرة، جامعة البصرة وبدأت قوات الحرس الجمهوري الانسحاب من أماكن تواجدها في المناطق المخصصة للدفاع عن مدينة البصرة إلى المناطق الجديدة للدفاع عن البصرة والتي تبدأ من منطقة أبو خصيب وحتى منطقة القرنة داخل وحسب الخطة التي تم اعدادها بأمر الانسحاب والتي سلمت إلى القيادات مساء يوم ١٩٩١/٢/٢٧
ثانياً. يوم ١٩٩١/٣/٢ صدرت الأوامر بحركة مقرنا وقيادة ق م م ح ج و ق ق حمورابي حرس جمهوري إلى بغداد و بالساعة ٨٠٠.
من نفس اليوم تحرك قائد قوات حرس جمهوري مع مجموعة من ضباط الركن وبقرة رئيس الأركان والقسم الآخر من هيئة الركن للاتحاق بهم بأمر لاحق.
ثالثاً. بالساعة ٩٠٠. يوم ١٩٩١/٣/٢ انطلقت أعمال الشغب في محافظة البصرة ومن ضمنها المنطقة المتواجد فيها مقرنا حيث اتخذت الإجراءات لمعالجة عناصر الشغب وصدرت الأوامر بحركة جحفل معركة من لمع / ١٧ حرس جمهوري المتواجد بالقرب من جسر القرنة لتطويق الجامعة والدفاع عنها وفي نفس الوقت اتصلت القيادة العامة للقوات المسلحة وطلبت إرسال قوة إلى مقرها للدفاع عنها وفعلا تم دفع كتيبة دبابات من لمع ١٧ حرس جمهوري وقوة من الفرقة المدرعة العاشرة التي كانت بأمرة قيادتنا بقيادة قائد الفرقة المدرعة العاشرة حسب توجيه السيد وزير الدفاع.
رابعاً. بالساعة ١٧٠٠ يوم ١٩٩١/٣/٢ تم أخبار مقرنا الباقي في جامعة البصرة من قبل القيادة العامة بضرورة عودة قائد قوات حرس جمهوري والقطعات التي كانت معه إلى البصرة لمعالجة الموقف وأعاده الأمن والنظام فيها وفي نفس اليوم وصلت كلا من ق ق ن ت حرس جمهوري وق ق عدنان حرس جمهوري مشاه آلي ١٥ حرس جمهوري بأمرة فيلق ٣ في منطقة الدير.
خامساً. مباشرة قيادتنا بإصدار الأوامر إلى قيادة قوات حرس جمهوري بتطهير مناطق خمسة ميل -الحيانية-الجمهورية وقد أوشكت على إكمال تطهير مناطق أعلاه إلا أن الأوامر صدرت بوضع قيادة قوات حمورابي الحرس الجمهوري بامرة فيلق ٢ وقد كلفت قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري لتطهير منطقة الجامعة - الكزيزة والسيطرة على منطقة جسر الكرمة.
سادساً. بقي قيادة قوات الحرس الجمهوري وقيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري بمعاونة فيلق ٢ برمي تركزات نارية على العدو في الضفة الثانية من شط العرب لغاية انسحاب قيادتنا من جامعة البصرة يوم ١٩٩١/٣/٥.
سابعاً. تم استلام رسالة من الرفيق عبد الغني عبد الغفور موجهة إلى السيد قائد قوات الحرس الجمهوري كانت تتضمن طلب مساعدة بإرسال قوة إلى مقرها لغرض معالجة عناصر الشغب حيث تم تأمين طلبه."
ذكر الفريق طعمه عباس الجبوري في محكمة الانتفاضة إن القوات المتواجدة في البصرة في تلك الفترة كانت الفيلق الثاني بقيادة إبراهيم عبد الستار التكريتي والفيلق الثالث بقيادة صلاح عبود والفيلق الرابع بقيادة إياد خليل زكي بالإضافة إلى الفيلق السابع ويتألف من قوات الحرس الجمهوري. عن من قام بتفتيش مدينة البصرة ، ذكر الفريق إبراهيم عبد الستار التكريتي، في محكمة الانتفاضة، إن الحزب والأجهزة الأمنية بالإضافة إلى الفرقة الآلية المدرعة ٥١ ، قامت بعملية التفتيش والاعتقال. وحسب قوله تولى علي حسن المجيد الإشراف على تلك العملية . وذكر أن الفرقة الآلية المدرعة بقيادة سيف الدين الراوي قد قامت بتفتيش منطقة الخمسة ميل ولكنه لم يعرف عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم في تلك العملية. وذكر أن قوات الحرس الجمهوري هي التي من تصدت لمن شارك في أحداث عام ١٩٩١.
أما علي حسن المجيد فقد ذكر أمام الهيئة التحقيقية أن صلاحيات الأعدام التي منحت كانت بموجب قرار مجلس قيادة الثورة الذي أشرت اليه أمام الهيئة التحقيقية في هذه الجلسة والموقع من قبل صدام حسين. حيث كان من جملة القرار المذكور هو أعطاء صلاحية الأعدام صراحة في أحداث عام ١٩٩١ وكذلك هناك قرار أخر صدر عن مجلس قيادة الثورة يعطي صلاحية لأعضاء القيادة القطرية للحزب باعدام الأشخاص دون اللجوء الى القضاء وأن يكون التنفيذ مباشرة من قبل مسؤول المنطقة ضمن أحداث ١٩٩١ ودون اجراء التحقيق وكان تنفيذ أحكام الأعدام من قبلنا تنفيذاً مباشراً دون اجراء التحقيق القضائي. أن أعداد المعتقلين الذين كانوا متواجدين في ساحة سعد تقريباً ١٠٠ معتقل وأني أجهل مصير هولاء المعتقلين الآخرين.
كان شهود قد ذكروا ، أثناء محكمة الانتفاضة، حادثة مقتل زينب على أيدي علي حسن المجيد والذي أنكر أنه قتلها لكنه أكد حقيقة ما ذكره قاسم البريسم والشهود عن الحادثة من أنه أقدم على القتل في ساحة سعد وبعد أن أشار أحد الاشخاص الى الضحية إلا أنه كان رجلا. حيث قال " أني بنفسي قتلت إيراني ... اللي سبب وكان يقود وحرق مخازن التموين لمحافظة البصرة جميعها.
فسأله القاضي شنو تفسيرك يعني شنو ايراني؟
وكان علي حسن المجيد قد ذكر عند جلسة التحقيق معه من قبل مكتب التحقيق الفدرالي بتأريخ ٢٠٠٤/٢/٤ قصة مخالفة إلى حد ما " كان هناك ٣٦ شخصاً محتجزون في ساحة سعد من قبل الفرقة ٥١ لارتكابهم جرائم ضد السلطة. ومن بين ال ٣٦، اعترف جميعهم بجرائمهم باستثناء اثنين. ومع ذلك، فقد شهد ال ٣٤ الآخرون ضد الاثنين. فقام المجيد بإعدامهما بإطلاق النار عليهما ببندقية ليكون عبرة للآخرين. وادعى المجيد أنه أطلق سراح ال-٣٤ الآخرين".
تم تشكيل لجنة أمنية للتحقيق مع من ألقي القبض عليه، من الذين لم يعدموا على الفور، وكانت برئاسة عبد الغني عبد الغفور أمين سر مكتب تنظيم الجنوب لحزب البعث وأعضاء من المخابرات والشرطة والأمن والاستخبارات العسكرية وممثل من الوحدات العسكرية في البصرة بالإضافة إلى محافظ البصرة.
وعن المشاركين في الانتفاضة في البصرة ورد في دراسة بعنوان صفحة الغدر والخيانة أعدها فريق عمل من جامعة البصرة بالاشتراك مع مدير مخابرات المنطقة الجنوبية ورفعت إلى سكرتير مجلس الأمن القومي بتاريخ ١٩٩١/١٠/١٥
" ب- طبيعة المشاركين بحوادث الشغب في البصرة، حيث كان لمعظم عشائر البصرة حضور في تلك الأحداث ومحاولة اتصال بعض رسائل العشائر ووجهاء البصرة بالمخابرات الإيرانية وعملائها وكانوا من سكنة البصرة ونسبة لا بأس بها من أصول المشتركين من ميسان وذي قار وأغلب المشاركين من سكنة المناطق الشعبية والنازحين من الريف الى المدينة وكانت نسبة ذوي التحصيل الأبتدائي أو دونه ٦٠٪ , وكان معظمهم ضعيفي الولاء الوطني ولم يكن للدخل تاثير على المشاركين ومعظمهم له خبرة في استخدام السلاح، وشاركت نسبة ليست قليلة من المراهقين والأحداث، اما النسبة الكبيرة فقد تركزت بين عمر الشباب من ١٨ إلى ٣٥ سنة.
ج- دوافع المشاركين ؛ قسمت الدراسة المشاركين في أعمال الشغب إلى قسمين العملاء ويمثلون نسبة ٢٠-٣٠٪ ودورهم في تفجير حوادث الشغب وقيادة الغوغاء والتهيئة لتصفية الحزبيين واقتحام المقرات الحزبية ودوائر الدولة فمنهم من تسلل من إيران ومنهم عناصر حزب الدعوة العميل في الداخل واتجاهات أخرى، والمشاركون الآخرون ممن سحبهم عدوى السلوك الجماعي والفضول ومن جرهم الحقد على النظام والحزب ومن استهوتهم عملية النهب والسلب والمنحروفون جنسياً.
د . مسببات حوادث الشغب والغوغاء، نوعين، مسببات موضوعية متمثلة بضخامة الهجمة الأمريكية الأطلسية الصهيونية على العراق ودور إيران كجهة منفذة وممولة للصفحة الثانية من العدوان، ومسببات ذاتية تشمل الإخفاقات التي تتحمل مسؤوليتها أجهزة الحزب والدولة التي ترتبط بحياة المواطنين والخدمات المقدمة لهم والقدرة على امتصاص الانكسار النفسي للجندي أثناء الانسحاب من الكويت وإمكانية الحزب في معالجة بعض مظاهر البيروقراطية.