أرفق هنا صورتين ونسخة من ميثاق للولاء وهي ماخوذة من كتاب
"أزمة القيادة في العراق" للعقيد أحمد الزيدي.
القسوة لدى صدام حسين … "رباط القربى"... الجزء الأول
القسوة لدى صدام حسين - الجزء الأخير عن .."رباط القربى"
هذه محاولة لتقديم تحليل نفسي لشخصية الرئيس صدام ...اعتمدت فيها على عرض سمات وملامح من شخصيته قبل تقديم التحليل النهائي لنفسيته..أعتقد أن تقديم تلك المحاولة يتطلب عرضا وتوثيقا لاحداث تاريخية حدثت في عهده حيث تلقي تلك ألاحداث نظرة على شخصيته وهو هدفنا الرئيس وفي نفس الوقت نفسر مجرى تلك الأحداث من خلال نفسيته.
كما قلنا في جزء سابق من هذه السلسلة ,بعد أن دمرت المرحلتين الأولى والثانية القرى التي كانت قريبة من سيطرة الدولة في عام ١٩٨٧ , كان لابد من وضع خطة هدفها اكمال مهمة حسم نشاط المخربين والتي اساسها كما قلنا سابقا اخلاء مساحات شاسعة من أراضي كردستان من البشر وتحريم العيش فيها لكونها اعتبرت عصب الحياة للحركة الكردية المسلحة، اكمال تلك المهمة تطلب ازالة ما تبقى من القرى المحذورة أمنيا والتي كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة الحزبين الكرديين.تلك الخطة كانت هي عمليات الأنفال التي كانت مهمتها الأولى مهمة عسكرية وهي القضاء على وجود الحزبين الكرديين ومن ألتحق بهم من المعارضين والهاربين من الخدمة العسكرية والمهمة الثانية هي ما يمكن اعتباره على أنه كان المرحلة الثالثة لتجميع القرى ، أي تدمير وازالة ما تبقى من القرى المحذورة أمنيا, أما مصير سكان تلك القرى من المدنيين فقد اختلف مصيرهم عن سكان المرحلتين السباقتين لتجميع القرى, فقد قتل قسم منهم أثناء العمليات العسكرية وقسم أخر حجز ليتم اعدامه بعد فترة من الحجز وقسم أخر أطلق سراحه فيما بعد. من أطلق سراحه الزم أيضا كالمرحلين في مرحلتي تجميع القرى بالسكن في المجمعات السكنية.
بعد أن وضعت خطة عملية الانفال الأولى تم الشروع بها في شباط من عام ١٩٨٨ حيث دارت تلك العملية في منطقة في الجهة الشمالية الشرقية من الاراضي العراقية، وبالتحديد دارت في رقعة من الارض تحدها من الشمال بحيرة دوكان ومن الجنوب مدينة السليمانية ومن الغرب وادي جمي ريزان ومن الشرق الحدود الأيرانية (أنظر الخريطة المرفقة).جزء كبير من تلك المنطقة كان خاضعا لسيطرة حزب الأتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ، حيث قيادة الحزب كانت في قرية ياغ سمر و اذاعته في قرية سركلو أما قرية بركلو فكانت مركزاً أخر لذلك الحزب.
ابتدأ الهجوم بتطويق المنطقة بحزام عسكري من قرية بنكرد شمالا ، وحتى قرية ماوت جنوباً, بعد ذلك بدا القصف التمهيدي بالراجمات والقوة الجوية، أستطاعت القوة المهاجمة , بعد حصار ومقاومة من البيشمركة دامت ثلاثة اسابيع ، من احتلال مقر " التمرد " في سركلو وبركلو في يوم ١٨/٣/١٩٨٨.
ورد في أفتتاحية جريدة الثورة المؤرخة في ١٩/٣/١٩٨٨ عن عملية الانفال الاولى ما يلي” أن قوات جحافل الدفاع الوطني الأول البطل وقوات بدر الباسلة وقوات القعقاع الشجاعة وقوات المعتصم الظافرة وافواج الدفاع الوطني المقتدرة قد نفذت أمس عملية (انفال)، حيث اندفعت قواتنا لمهاجمة مقر التمرد الذي يقوده الخائن جلال الطالباني العميل للنظام الأيراني ، عدو العرب والاكراد ،وذلك في منطقة سركلو وبركلو وزيوه والمناطق الجبلية والوعرة ضمن محافظة السليمانية .. وفي الساعة الواحدة من ظهر أمس تمكنت قواتنا الباسلة من احتلال مقر التمرد والقاء القبض على أعداد من الضالين والخونة بعد أن قتل منهم من قتل وهرب منهم من هرب”.
وابرق قائد الفيلق الأول انذاك اللواء سلطان هاشم أحمد الى الرئيس برقية بتاريخ ١٩/٣/١٩٨٨ ورد فيها“ أزف إليكم انتصار القطعات المشاركة في عملية الأنفال على فلول بعض عملاء ايران حيث تم بعون الله تعالى تدمير مقرات المخربين في المناطق ( سركلو , بركلو , زيوة – مولان – قمر خان – كاني تو – هلدن – جالاو – ياخان – جوخماخ - ياغ سمر – قزلر ) والمناطق والمرتفعات المحيطة بها من قبل رجالك الشجعان أبناء القادسية من القطعات العسكرية والغيارى من أبناء شعبنا الكردي المتمثلة بمنتسبي أفواج الدفاع الوطني الذين آلوا على أنفسهم إلا أن يجتثوا هذه الحثالة التي تعاونت مع الأجنبي لتدنيس أرض الوطن حيث تم قتل أعداد منهم ومطاردة الاخرين الذين لاذوا بالفرار هاربين باتجاه أسيادهم وتم الاستيلاء على أجهزة الاذاعة للعملاء وأعداد من الأسلحة والمعدات والتجهيزات والعجلات .سيدي الرئيس القائد حفظكم الله لقد قاتل جنودكم الأبطال من منتسبي رجال المشاة والدروع والمدفعية وطيران الجيش والهندسة والصنوف الاخرى من منتسبي قيادة قوات جحفل الدفاع الوطني الأول وقيادة قوات بدر وقيادة قوات القعقاع وقيادة قوات المعتصم وبتعاون واسناد تام من قيادة الفيلق الأول البطل وقيادة الفيلق الخامس البطل وبتوجيه مباشر من السيد نائب القائد العام للقوات المسلحة والسيد رئيس أركان الجيش وأعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة ومشاركة التنظيم الحزبي لفرع الرشيد العسكري .وفق الله الجميع لخدمة عراقنا الحبيب بقيادتكم الفذة ونعاهدكم على الاستمرار بالطرق على رؤوس هذه الفئة الضالة حتى تعود الى صوت الحق” .بعد اتمام الجيش المهمة الأولى الموجزة له وهي كما قلنا الحاق الهزيمة بالمقاتلين الأكراد، تم انجاز المهمة الأخرى وهي ازالة أو تدمير قرى تلك المنطقة وكانت منها سركلو ,بركلو ,ياغ سمر, بنكرد، مالومة، هلدن وزيوه.
بعد احتلال مقراتهم أنسحبت بيشمركه الحزب شمالا ، أما سكان تلك القرى من المدنيين فقد استطاع اغلبهم الهرب الى ايران. عدا من قتل في المعارك, يبدو أن عددا قليلا من المدنيين قد فقد في الأنفال الأولى مقارنة بالعمليات اللاحقة , ويعود سبب قلة نسبة المفقودين منهم لهروبهم الى ايران عند بدء العمليات العسكرية.
من فُقد من تلك المنطقة فقد فُقد بعد انتهاء تلك العملية ، حيث ذكر بعض أهالي تلك القرى في كتاب منظمة مراقبة حقوق الأنسان وفي محكمة الأنفال, أن الدولة أعلنت عن عفو لم يكن حقيقياً ، ومن عاد من أهالي تلك القرى ألقي القبض عليه واختفى كالاخرين من ضحايا الأنفال. بعد انتهاء عملية الانفال الأولى عقد اجتماع للقيادة العامة للقوات المسلحة في 19/3/1988 دارت فيه مناقشة "العبر والدروس من تلك المعركة" وكذلك التخطيط للعمليات القادمة كما ورد في كتاب مكتب أمانة السر للقيادة العامة للقوات المسلحة المرقم آ/13/177 بتاريخ 20/3/1988 "أمر السيد الرئيس القائد العام للقوات المسلحة يوم السبت 19 اذار 1988 بما يلي 1- يجب التفكير منذ الآن بالترتيبات المطلوبة في قاطع عمليات الأنفال عند حلول الصيف ، لكي لا يتكرر تواجد المخربين فيها ، وقد نحتاج الى قطعات اضافية أو بديلة". وكما عرضنا في الجزء السادس من هذه السلسلة كانت فكرة استخدام السلاح الكيمياوي عام 1987 مصدرها الرئيس وعند بدء الأنفال اقترح عليهم كيفية استخدامه كما ورد في نفس الكتاب " في قاطع شرقي دربندخان وفي قاطع عملية الأنفال... يجب الأستمرار بضرب العدو والمخربين بالنار ، مدفعية وقوة جوية ، وعدم اعطاءهم فرصة للاستقرار أو التقاط الأنفاس. يفضل ضرب العتاد الخاص بالمدفعية ليلاً ، أما بشكل مباغت ، أو تطعيم ضربات المدفعية بضربات عتاد خاص".
بعد اقرار الخطط المطلوبة وبعد ثلاثة أيام من اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة ابتدأت عملية الأنفال الثانية في منطقة تقع جنوب منطقة عملية الأنفال الأولى وبالتحديد في منطقة قره داغ والقرى المحيطة بها , وتحد تلك المنطقة من الشمال بجبل كله زرده ومن الجنوب ببحيرة دربنديخان ومن الغرب بسهل كرميان ومن الشرق بطريق دربنديخان -سليمانية. (أنظر الخريطة المرفقة). ابتدأت هذه العملية ليلة ٢٢/٢٣ اذار , بقصف عنيف بالسلاح التقليدي والكيمياوي, أولى القرى التي قصفت بالكيمياوي كانت قرية سيوسينان وهي أكبر القرى في تلك المنطقة وتواجد فيها عناصرحزب الأتحاد الوطني الكردستاني ، وكذلك
تواجد فيها أيضا عناصرمن الحزب الشيوعي. بعد ذلك شمل القصف الكيمياوي قرى بلكجار، تكية، جافران , دوكان.
عن قصف بعض من تلك القرى بالسلاح الكيمياوي ورد في كتاب منظومة استخبارات المنطقة الشرقية المرقم ق ٣ / قادسية صدام / ٤٠٤ بتاريخ
٢٦/٦ /١٩٨٨ ما يلي "خلال شهر أذار قامت طائراتنا بقصف مقرات زمر التخريب في قريتي سيوان وبلكجار وتوجيه ضربة كيمياوية نتج عنها قتل ٥٠ مخرب وجرح ٢٠ مخرب أخر".
بعد ذلك القصف ابتدأ الهجوم البري من أربعة محاورعلى المنطقة المحصورة بين قره داغ ودربنديخان , بقوات تألفت من الجيش وجحافل الدفاع الوطني وبأمرة اللواء اياد خليل زكي.
لم تلقَ تلك القوات مقاومة كالتي لاقتها عملية الأنفال الأولى لقلة عدد مقاتلي البيشمركة وذلك لتوجه اعداداً منهم الى قرى سركلو وبركلو للمساهمة في القتال في عملية الأنفال الأولى فانتهت الأنفال الثانية بعد أسبوع من بدايتها وكان ذلك في يوم ١ نيسان من عام ١٩٨٨.
وكعملية الأنفال الأولى فقد تم تدمير قرى المنطقة بعد نهبها ، كقرى سيوسنان ، قره داغ، دوكان ، كوشك، تكية ، جافران، بلكجار، عمر قلعه.
هرب من نجا من سكان تلك القرى باتجاهين ، مجموعة اتجهت شمالاً نحو مدينة السليمانية والمجمعات القريبة، ومجموعة أخرى اتجهت جنوباً نحومنطقة كرميان. اختفت نسبة كبيرة من المجموعة التي اتجهت جنوبا ، أما المجموعة التي اتجهت نحو السليمانية فقد سمحت لها السلطة بالذهاب اليها. لكن ذلك الحال لم يدم طويلاً حيث صدرت تعليمات من مكتب تنظيم الشمال بالقبض على العوائل التي تنزح من القرى المحذورة أمنيا ًكما ورد في برقية مكتب تنظيم الشمال المرقمة ٤١٣ في ١٠/٤/١٩٨٨ ونصها "١-تحجز جميع العوائل التي تأتي الى المدن والمجمعات والتي تنزح من القرى المحذورة أمنياً.
٢- تنشط جميع الأجهزة الأمنية والحزبية والعسكرية واعلامنا باسمائهم فوراً وتتولى مديرية الأمن حجزهم. "
فالمجيد ، كما رأينا من كتاب مكتب تنظيم الشمال المرقم ٤٠٠٨ ، قد اعتبر كافة سكان تلك القرى المحذورة أمنياً والتي جرت فيها عمليات الأنفال من المخربين وحسب هذا المنطق كان لابد من القاء القبض على الجميع حتى النساء والاطفال , كتاب فرقة راوندوز المرقم ٥٢/٤٦١ بتاريخ ١٩/٤/١٩٨٨ يشير الى ذلك بوضوح حيث يتم " ١. التعامل مع العوائل التي وصلت من مناطق المخربين معاملة المخرب وتقوم المنظمات الحزبية بالتفتيش وجمع المعلومات واخبار الجهات الأمنية بذلك أن وجدت عوائل.
٢. الجهاز الحزبي مسؤول عن نظافة الرقعة الجغرافية التي يعمل فيها حول العوائل المشار اليها في الفقرة (١). "
ويشرع الكتاب عقوبة الحجز والهدم والاعدام فقد ورد فيه" يتم تبليغ المختارين بان أي عائلة تسكن في منطقته ولم يخبر عنها يحجز هو وعائلته وتهدم داره واذا كان لم يعلم بذلك يحجز لمدة ثلاثة أيام.
٣. اذا وجدت خمسة عوائل فأكثر في محلة المختار المسؤول عنها يعدم مختار المحلة.
٤.يمنع منعاً باتاً تسليم أي مخرب الى أفواج الدفاع الوطني ويسلم فقط الى الأمن".
وهنا نلاحظ الفرق في المعاملة مابين العوائل التي تسربت الى المدن في المرحلتين الأولى والثانية لتجميع القرى المحذورة أمنياً , و مابين معاملة العوائل التي تسربت اليها بعد بدء الأنفال ففي الحالة الأولى كان المطلوب من الجهاز الحزبي العثور على تلك العوائل لاجبارها على السكن في المجمعات أما في الحالة الثانية فقد تم اعتبار كافة تلك العوائل من المخربين ولذلك كان المطلوب من الجهاز الحزبي التفتيش عليهم وتسليمهم لجهاز الأمن.
بعد صدور تلك التعليمات ابتدت ظاهرة اختفاء سكان القرى ألمحذورة أمنياً من الذين ألقي القبض عليهم ,لكن نسبة المفقودين كانت مختلفة من منطقة عملية انفال الى منطقة أخرى، كذلك اختلفت نسبة النساء والاطفال المفقودين عن نسبة الرجال المفقودين في مناطق عمليات الأنفال.
عملية الأنفال الثالثة ابتدأت بتاريخ ٧/٤/١٩٨٨ وانتهت في ٢٠/٤/١٩٨٨ , ودارت في منطقة تقع الى الشرق من منطقة عمليات الأنفال الثانية وبالتحديد تحد تلك المنطقة بطريق كركوك - طوز خرماتو شرقاً ، وبجبال قره داغ غرباً ، وبطريق كركوك جم جمال شمالاً وتحد جنوباً بكفري ،كلار وبيباز (أنظر الخريطة المرفقة).