الأربعاء، 10 يونيو 2020

الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة...٤

الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة...٤



"الفريق اياد خليل زكي: واللي راح ..راح واللي لزمناه...لزمناه بحيث نحن نهاية الساعة الثالثة أو الرابعة مسيطرين على كل المنطقة والطريق المقطوع. 
وحتى عندما أصبح عددهم كثيرا بقوا أسرى قسم منهم...وصلوا بحوالي ٤٠ شخص...كلش هواية لزمنه...واللي راح راح...واللي قتل قتل...والذين وضعتهم بمقر الفيلق في غرفة الاستعلامات ووضعت عليهم شخصين يحرسوهم، لانه بعد ساعة أو ساعتين سوف نستفاد منهم بأخذ معلومات عن أوكارهم.
علي حسن المجيد: هذولة بالأستعلامات جان ضربتوهم بالقاذفة وماخليتولهم أثر."

من تسجيل لأجتماع عقد بعد أحداث الانتفاضة ١٩٩١.

محافظة المثنى

ورد في سلسلة "قيادة الحركة الأسلامية في العراق" لعباس الزيدي وعبدالهادي الزيدي" ونشرت على الحوار المتمدن عن أحد المشاركين في انتفاضة محافظة السماوة السيد مهدي جبار محمد العوادي الرميثي "بعد انتفاضة البصرة ثم العمارة فالناصرية حسب الأخبار التي كانت تصل إلينا كان الدور قد وصل الى محافظة السماوة، ومن الرميثة انطلق أول تحرك للمنتفضين باتجاه مقرات حزب البعث والأمن والشرطة، وألقينا القبض على عدد من رجال الأمن وأطلقنا سراح المعتقلين، واستولينا على السلاح الموجود هناك، وعند خروجنا فتحت علينا نيران مجهولة المصدر أدَّت الى استشهاد (عبد الله كريم) وجرح بعض الشباب. توجهنا بعد ذلك الى قاطع الجيش الشعبي وكان لا زال فيه بعض البعثيين فحصلت مواجهة عنيفة معهم، فقام أحد المنتفضين (نعيم علي آل وردة) بإطلاق صاروخ قاذفة باتجاه اللوحة التي فيها صورة الطاغية (صدام) فأصابها مباشرة، وبعد مواجهةٍ سيطرنا على القاطع وما فيه من سلاح وعتاد وغيرها، وفقدنا أحد المنتفضين (الشهيد حسن رزوقي) بالإضافة الى ثلاثة جرحى. كانت محافظة الديوانية لم تنتفض بعد فاشتركنا مع أهالي (الحمزة الشرقي) خاصة عشيرة (الشيخ حسن السلامي) في تحرير مركز تدريب الديوانية ومديرية الأمن العام."
وكذلك ورد في نفس السلسلة مقابلة مع المحامي حسن عبد العزيز اللوزي ذكر فيها "بعد سقوط محافظة الناصرية قمت بالاتصال ببعض الأخوة الرساليين في السماوة، أمثال السيد سلام الخرسان والحاج محمد حمزة حنون والحاج كاظم ماجد آل بهيش والسيد حسين السيد رضا وغيرهم، بوجوب المشاركة في الانتفاضة، وبالفعل تمَّ الاتصال مع باقي الأخوة في الصوب الصغير "القشلة" من أمثال الحاج صاحب خزعل، وتمَّ الاتفاق معهم على القيام بالانتفاضة أسوة بالمحافظات المنتفضة. وبالفعل قمنا بالهجوم على مقرات السلطة كمراكز الشرطة والأمن وحزب البعث، ولم نجد مقاومة تذكر.ولكن حصلت مشاكل متوقعة من قبيل أعمال النهب للأموال العامة ودوائر الدولة، فتمَّ ترتيب أمور المدينة مع الحاج نعمة محيل وتهيأة مقرات للقيادة في أكثر من مكان، بعد ذلك سرت إشاعات بأن هذه الانتفاضة ليست إسلامية ولا دخل للمرجعية في النجف بها، فقررنا السفر الى النجف الأشرف وكان الوفد الذي رافقني كل من الحاج نعمة محيل والحاج عبد علي التتنجي، فالتقينا بالسيد محمد صالح الخرسان الذي تربطه بأهل السماوة علاقات وثيقة. ثم اتصلنا بمكتب السيد الخوئي، ولكننا لم نستطع أن نلتقي به شخصياً لمرضه وكبر سنه، ورغم ما فهمناه من تأييده للانتفاضة من خلال أعضاء مكتبه إلا أننا في نفس الوقت فهمنا أن السيد الخوئي يائس من نجاحها، وأن مسئوليتها ستقع على عاتقه لذلك كانت فتواه في حدود حرمة القتل العشوائي. فأرسلوا معنا الى السماوة الشيخ محمد تقي الموصلِّي وما أن وصلنا حتى ألقى خطاباً نيابة عن السيد الخوئي ويؤكد على حرمة القتل والنهب للممتلكات العامة. وبعد فترة جاءنا السيد عبد المجيد الخوئي والتقى في منزلي بقيادات الانتفاضة حصرياً وعاد الى النجف في اليوم التالي. كما زار المحافظة رجل دين من آل سيد راضي من الناصرية، وكذلك السيد حسين السبزواري الذي ألقى كلمة في الناس وأوصاهم بوصايا للسيد عبد الأعلى السبزواري. وعندما حوصرت النجف جاءنا السيدعبد المجيد الخوئي وطلب تحشيد المقاتلين والزحف إليها، وبالفعل تجمعت العشائر والكثير من الشباب إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول للنجف نتيجة القصف المكثَّف عليها، وأما السيد عبد المجيد الخوئي فقد اختار التوجه الى الحدود السعودية."
ومن جانب السلطة فقد ورد في تقرير مرفوع الى الاستخبارات العسكرية عن "حوادث الشغب" في السماوة
١. بدأت أحداث الشغب في جنوب المدينة من الناصرية على شكل مظاهرة بسيطة للشباب حاملين البنادق والقاذفات. وتظاهرة أخرى انظمت من منطقة البساتين عبر النهر.
٢. كان هدف أحداث الشغب الدوائر الحكومية ( المحافظة، الأمن، والدوائر العسكرية بضمنها مركز التدريب والمستشفيات) واخبرنا أن الملازم زياد قد استشهد.
٣. كان ضباطنا بملابس مدنية وعندما سألوا تظاهروا بكونهم كانوا سجناء في نكرة السلمان."
وورد في رسالة الى الرئيس صدام حسين من مواطن من الخضر "محافظة المثنى" عن الانتفاضة فيها "كانت علاقة الحزبيين لبعض الناس وترك البعض الأخر فاصبحت الحالة المعيشية هي أن الغني ازدادت أمواله والفقير كثر فقره ونسي المسؤولين واجبهم الأساسي الى أن قام نفر من أبناء الشعب العراقي وبالاتفاق مع القادمين من خارج العراق باحداث الشغب والتخريب في بعض المحافظات العراقية وفي منطقتنا بالذات قضاء الخضر محافظة المثنى لم يقم بهذه الأحداث من خارج القضاء وانما الذي حمل ذلك هم أبناء القضاء وبعض العشائر واليك ما حدث بالتفصيل بتاريخ ١٩٩١/٣/٥ وبعد أحداث الشغب في مدينة السماوة (مركز محافظة المثنى) لم يتخذ المسؤولين في قضاء الخضر أي اجراء للتصدي للشغب والتخريب الذي حدث يوم ١٩٩١/٣/٦ . ففي الساعة الرابعة عصراً قام ١٥-٢٠ شخصاً انطلقوا من قرية الصبية قرب القضاء بالهجوم على فرقة الخضر للحزب. وما أن سمع الرفاق أصوات الاطلاقات البعيدة حتى توزعوا داخل مبنى الفرقة ولكن بعد دقائق هرب جميع الرفاق بمن فيهم أمين سر الفرقة والقائمقام ومدير البلدية واعضاء الفرقة والرفاق الأعضاء ثم تركوا رفيقين لوحدهما في سطح الفرقة استشهدا بعد ذلك.
عند حدوث الشغب في المدينة كان نصف المخربين من العشائر حيث هجموا على مشاجب الأسلحة وسرقوها بعد ذلك هجموا على دوائر الدولة واحرقوها ثم جاءت العشائر يتقدمها روساوها لتقديم الولاء لم يسمى بالسيد في الحسينية. وهذه العشائر هي الجوابر - الكوام- آل أبو شطيط- آل أبو ريشة - آل توبه- آل فرطوس- آل محسن."

محافظة القادسية


بالنسبة لمحافظة القادسية فقد ابتدأت الانتفاضة من الأطراف واتجهت نحو المركز فقد 
ورد في مقابلة مع جريدة الصباح بتاريخ ١٥ اذار ٢٠١١ ذكر الدكتور توفيق الياسري " أن الشيخ حسين الشعلان كان له دور ريادي في اسقاط مدينة الديوانية بيد المنتفضين حيث كان يقود رتلاً جنوب الحمزة الشرقي وجاء اخواننا من الشامية مع رتل ثان فتجمعت الأرتال في مركز مدينة الديوانية وهذه الفعاليات مع بعضها اسهمت في تحرير المدينة".
وعن من قاد الرتل الثاني القادم من الشامية ذكر نبيل عبد الأمير الربيعي في مقالة في الحوار المتمدن بتأريخ ٢٠١١/٧/١٧ أن رافد حنتوش كان من الأوائل في قيادة الانتفاضة حيث " دخل عن طريق الشامية على ظهر دبابة عراقية قادماً من ناحية الشافعية حيث مقر كتيبة الدبابات المؤقت لأزلام النظام , بعد قدرتهم على السيطرة على الكتيبة وانهزام عناصرها بمساعدة الشرفاء من المنتفضين منهم الشهيد عدنان كلول والبطل قاسم العادلي, أسقطت المحافظة بعد صعود الدبابة على جسر الديوانية ومشاهدة المقاتلين على ظهرها وهرب أزلام النظام من امن ومخابرات وبعثيين وجيش شعبي
,كان تجمع قادة الانتفاضة بعد انهيارالنظام في مقر الفرقة الاولى ومن ضمنهم الشهيد رافد ثم انتقل ليتجمعوا في جامع السيد عباس الزاملي مع القيادي حسين علي الشعلان والشيخ محمد الصمياني والضابط العسكري عبد الحسين عبيس والضابط توفيق الياسري وعبد الوهاب هادي, كان هم القيادة المحافظة على المدينة من هجوم أزلام النظام والمحافظة على الممتلكات العامة من العابثين واللصوص".

من جهة السلطة وعن انتفاضة الديوانية ورد في تقرير الى رئيسة الأتحاد العام لنساء العراق من رئيسة فرع القادسية بتأريخ ١٩٩١/٣/١٣ "بعد دخول المخربين من جهة قضاء الشامية ومن جهة قضاء الحمزة بدأ تخريبهم وحرق وسلب جميع بيوت الرفاق والدوائر ومحطة تعبئة البنزين في قضاء الحمزة وقتل وسحل الرفيق جواد خير الله عضو قيادة شعبة الحمزة وحرقوا سيارته وهذه الحوادث جرت في قضاء الحمزة بتاريخ ٣/٤ واستمرت بتعاون العشائر هناك ومعلوماتي أن الشخص المدعو حسين علي الشعلان أبن شيخ عشيرة الخزاعل وهو عضو مجلس وطني لدورتين أنه متعاون مع المخربين هو واخوانه وكذلك حسين آل رباط شيخ عشيرة بني عارض وعشيرة الجبور. وبتاريخ ٦-٧ /٣ زحفوا باتجاه مركز المحافظة من جهتي قضاء الشامية وقضاء الحمزة ودخلوا معسكر الديوانية صباح ٣/٨ في جانب الصوب الصغير بمدينة الديوانية..وحرقوا بيوت الرفاق والمقرات الحزبية".
وعن ما حصل في الشامية ورد في تقرير عضوة قيادة فرقة النصر العظيم "في قضاء الشامية حيث يسكن أهلي في يوم ١٩٩١/٣/٣ قامت زمرة.. بمهاجمة مقر قيادة شعبة القعقاع وقد استطاع الحزبيون في هذا اليوم قتل قسم من هولاء والتمكن منهم ولكن في اليوم الثاني استطاعوا أن يأتوا بدبابات من النجف بعد أن استولوا عليها وهاونات وقنابل رمانة وقاذفات ودخلوا المدينة وقاموا باعمال الحرق والنهب والسلب والتخريب. سرقوا مقر قيادة الشعبة والمدارس ودائرة النفوس والقائمقامية وبيوت المسؤولين. كانت المعلومات التي تردنا في المدينة بأن هذه الزمرة اخذت تنادي بأن قتل البعثي حلال وكانوا قد كتبوا قائمة باسماء البعثيين في المدينة." وذكرت في التقرير أسماء المشاركين وهم من أهالي المدينة ما بين ضابط، قصاب واقارب معدومين وعوائل مسفرين.
وعن من شارك في انتفاضة الديوانية ورد في كتاب أمانة سر القطر بتأريخ ١٩٩١/٣/٢٣ "راجعهم المدعو...من عشيرة الاحيال رئيس فخذ العاشور من سكنة قضاء الحمزة /قرية السادة الاحيال في محافظة القادسية ولديه معلومات عن العشائر في محافظة القادسية والتي اشتركت في أحداث الشغب ومن هذه العشائر
ا. عشيرة الجبور يقودهم كاظم عبد علي
ب. عشيرة الخزاعل ويقودها فيصل علي الشعلان واشقاوه الأربعة
ج. عشيرة بني عارض يقودهم آل حسون وبقية أفخادهم وعلى رأسهم جليل أجباره حسون
ولديه معرفة بعناصر كثيرة من الأهالي والموظفين في الديوانية اشتركوا في أحداث السلب والنهب والقتل كما لديه أستعداد والقدرة مع أبناء عشيرته البالغ عددهم من ١٧٠-٢٠٠ رجل للقتال ضد عناصر الشغب."
وكذلك ورد في تقرير من قبل رفيق في قيادة الزهراوي بتاريخ ١٩٩١/٦/١٦ حول أحداث الشغب في محافظة القادسية " أن الفئة التي لاحظتها وسمعت بها من الناس المتضررين من الثورة من انتمائهم الى حزب الدعوة وكذلك بعض العناصر المتقاعدين من الجيش ، أما الأكثرية من الطبقات الشعبية في المحافظة. ولاحظت أن كلمة غوغاء مناسبة لبعض العناصر وهم المراهقين والاطفال وكلمة خونة للعناصر المعروفة وهم حسب سماعي أعضاء قيادة فرقة في الحزب واذكر أسم الضابط توفيق الياسري والضابط عبد الأمير عبيس حيث وردت اسمائهم على السن الناس بأنهم قادة الحركة"
كما تبين من عرض أحداث الانتفاضة في المحافظات السابقة فقد اقتصرت الأحداث على المحافظة نفسها عدا محافظة القادسية حيث كان للمنتفضين فكرة التعاون مع بقية المحافظات ضد النظام ووصلت تلك النية للنظام حيث ورد في كتاب  قيادة فرع الأمن القومي  المرقم ح/١٢ في ١٩٩١/٣/١١ صباح أمس قامت عناصر الشغب في محافظة القادسية بتسجيل أسماء عناصر لغرض التطوع بلغ عددها ٢٠٠٠ متطوع في منطقة جامع سيد عباس قرب الأمام أبو الفضل ويعتبر المقر الرئيسي لنشاطهم وتحركاتهم وبعد اكمالهم العدد المطلوب سيقومون بالتسرب الى مدينة بغداد على شكل جماعات تختلط بالمواطنين والعسكريين العائدين الى المحافظات بعد استكمالهم للاسلحة والتجهيزات من المعسكرات التي استولوا عليها ومنها دبابات ومدافع وسيارات عسكرية ومقاومة الطائرات كما قاموا بنصب مقاومات الطائرات في المحافظة في وسط المدينة وبداية الشوارع الرئيسية المودية الى محافظة القادسية وقد وضعوا عدت سواتر ترابية ومناطق ترابية عالية للغرض أعلاه.
وتقوم ما يسمى بعشيرة الياسرية باستحكام وقيادة الاوضاع داخل المحافظة. كما قاموا بتخلية كافة مخازن العتاد في المحافظة وتم توزيعها فيما بينهم وجلب كافة الأسلحة الخفيفة والثقيلة من من فق ٢٠/ فق ١٨ والفرقة الاولى ومركز تدريب القادسية.
أما مقر تجمع القيادة فهو كما ذكرنا مسجد سيد عباس. أما بقية عناصرهم فقد توزعوا في جميع أنحاء المدينة، ووضعوا مفارز في طرق الدخول الى القادسية. أما بصدد الطريق الذي سيسلكونه فهو طريق المحاويل. واذا كانت مدينة الحلة بيد الجيش العراقيفأنهم سيستخدمون الخط السريع. أما بصدد الأسلحة والاعتدة فقد قامت قوات أعمال الشغب بسحبها الى بيوتهم والى مناطق تجمعهم. وقد اعلنوا صباح أمس بتشكيل جيش من المواطنين المتواجدين في محافظة القادسية. أما بالنسبة لحركة الأليات الثقيلة فقد قاموا بتزويدها بالوقود وجاهزة للتحرك بالاضافة الى السيارات المدنية والعسكرية وجميع الأليات الموجودة في المحافظة اضافة الى ذلك قاموا بحرق تجمعات العسكريين (الثكنات) داخل المحافظة.
أما بصدد الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال فهم اغلبهم العائدين من الأسر في ايران والجنود الهاربين من الجيش وكذلك الذين هربوا من السجن المركزي في المحافظة بالاضافة الى المواطنين."

الانتفاضة في ناحية الشنافية 

تقع ناحية الشنافية  على نهر الفرات وتتبع ادارياً  محافظة القادسية، يقسمها النهر الى جانبين صوب الخسف وصوب السراي. تحيط بها نواحي غماس، وقضاء الحمزة الشرقي وناحية الهلال والصحراء من جهة الغرب الممتدة الى السعودية.
أهمية سرد أحداث الانتفاضة في الشنافية أنها تعطي صورة لما حدث في النواحي التي انفجرت الانتفاضة فيها وعن شخوصها.  وسرد أحداث الشنافية بالذات لسبب بسيط هو تدوين الحدث من أحد شخوصها السيد محسن السيد حسين الحسيني ووجود مصدر أخر هو رسالة ماجستيرعن الانتفاضة في ناحية الشنافية من  قبل أمير طه أتمها في جامعة أوتريخت في هولندا.
 حسب رواية السيد محسن السيد حسين الحسيني فأن الانتفاضة في ناحية الشنافية حدثت يوم ١٧ شعبان المصادف ١٩٩١/٣/٥  "كان يطلقون علينا كلمة الحاقدون نحن جماعة معروفة لديهم وبدأنا نلتقي ونجتمع كل ليلة في مكان وقمت بجمع أولاد السادة خاصة ونتطارح الأفكار والأخبار ولا نقوم حتى نتفق على اجتماع ثاني ثم 
بدأت فكرة الانتفاضة تتبلور عندنا وجمعنا بعض قطع السلاح وبدأ الهروب من الجيش بشكل مثير وعجيب ويجلسون في المقاهي والأسواق ولا أحد يكلمهم وفلت الزمام من أيدي الأمن والانضباط واتجهت أنظار الناس إلينا نحن المعروفين عندهم بالحاقدين" ثم ذكر أنه جمع رجاله " وأخبرهم بأن الانتفاضة قائمة في البصرة منذ ثلاثة أيام وهي على وشك السقوط بيد المجاهدين وفي هذه الليلة القادمة يسيّر علينا مدير الناحية والمسؤولين ومعاون الأمن ومعاون الشرطة ، وكان عندي أحد الأولاد هارب من العسكرية من الكويت ، وفي الموعد جاء كلاً من مدير الناحية ومعاون الشرطة المحلية ومعاون الأمن ومسؤول الفرقة كاظم منهل وأجويد سيد نور ، ومسؤول الجمعيات الفلاحية حاتم جبارة وبعض المسؤولين في الحزب ، وبعد أن استقر بهم الجلوس
 قال معاون الأمن نهار أمس واليوم قامت مظاهرة في محافظة الناصرية هل عندك علم بذلك مخاطباً مدير الناحية ؟
 فقال المدير لا أعلم بذلك ؟
 ثم أردف قائلاً : أن البصرة سقطت بيد المتظاهرين وكذلك الناصرية وعليه نحن تدارسنا الوضع السائد الآن في ناحية الشنافية مع كثرة الهاربين ، والوضع غير مستقر فتقديراً منّا لمكانتك عند أهل الولاية ، وحرصاً منا على استتباب الأمن في الناحية ، ولما نعرفه فيك من عقلانية وحرص على أهل الولاية نود أن نستعين بك على تهدئة الوضع إذا صارت حركة ، لذا من رأينا جميعاً أن نسلمك سراً الحكومة ومركز الفرقة الحزبية ودائرة الأمن وبذلك تكون لك مكانة عند الحكومة بعد ما يهدأ الوضع. 
فقلت : أنا واحد من أهل الشنافية وليس أبو أهل الشنافية وتوجد ناس أكبر مني سناً ولهم التأثير على أهل الولاية وكلنا نتعاون على تهدئة الوضع سلطة وأهالي ، 
قالوا هذا الذي نريده  وغداً نسلمك شتريد من سلاح فاعتذرت أن أتحمل المسئولية أنا وقلت أنا واحد منكم وأكدوا عليّ أن اذهب صباحاً للسراي ، قلت عسى أن يكون خيراً إنشاء الله نصبح ونفلح ، وعندها خرجوا وكان الشباب مختبيء حول البيت في البستان وعند انصرافهم تجمعنا وأخذنا نحلل الأخبار وماذا كان قصدهم من هذا الكلام ، فكان ناتج ما توصلنا له أن الإنتفاضة قائمة فعلاً وقد وصلت محافظة السماوة فعلينا أن نستعد لها ونتقاسم الأدوار وكيف تكون السيطرة على سراي الحكومة ومقر الفرقة ودائرة الأمن وقد حذروني من الذهاب للسراي صباحاً خوفاً من أن يعتقلونني ، فأصررت على الذهاب وعند الصباح ذهبت للسراي ودخلت على المدير فوجدت جميع المسؤولين حاضرين وسلموا للناس السلاح واستلمت أنا أربع بنادق وصندوق عتاد فوزعتهن على جماعتي وكانت فرحتنا لا توصف بين ليلةٍ وضحاها إذ نحن الحاقدين كما يطلقون علينا لنا صدر المجلس ولا يتعدون مشورتنا وأرسلت أحد المجاهدين إلى قضاء الحمزة لتقصي الحقائق ويأتينا بالأخبار إلى أي مكان وصلت الإنتفاضة ، رجع إلينا الساعة الثامنة مساءً ليخبرنا أن الرميثة على وشك السقوط ، وكذلك قضاء الحمزة متهيئين فصار سباق مع الوقت وبتنا تلك الليلة على أحر من الجمر ووزعت الأدوار ، وكل منا عرف مكانه وكيف تكون السيطرة على السراي ومقر الفرقة ودائرة الأمن وعند الصباح وصلتنا الأخبار أن محافظة النجف سقطت بيد المجاهدين وقد سيطروا على كل مراكز الحكومة ومقرات الحزب فما كان مني في مثل هذا الموقف الحرج وعلى السرعة إلاّ إرسال للحمزة ليرى لنا عياناً وضع أهل الحمزة ويرجع لنا بالسرعة الفائقة ليخبرنا بأن أهل الحمزة ينتظرون سماع إطلاق إلا أن بين لحظة وأخرى وقبل أن يصلنا الخبر من الحمزة أرسلت ولدي أذياب للنجف ليرى الوضع عن كثب ويأتينا بفتوى من السيد الخوئي رحمه الله فلما أتانا طارش الحمزة لم أنتظر أذياب ، وكنت جالساً في دكّان عبودي الخياط وجماعتي حولي وأيديهم على قلوبهم خوفاً من أن تفلت الفرصة فأعطيتهم الإشارة ليذهبوا إلى مكان تخزين السلاح وأنا على أمركم أعطيت الإشارة إلى مهلهل ، وخشوش ، وفاهم ثعبان وعباس شمخي فأسرعوا وهم يركضون وكان السلاح في بيت سيد عزيز .
فلما رأت الناس الرجال تركض وأنا ورائهم مسرعاً صاحوا عليّ أبو اذياب خير اشصار عندكم ؟ 
قلت خيراً إن شاء الله 
فاعترضني أحدهم يسمى حمزة بجاوي سئلني أبو ذياب يقولون جائت الإنتفاضة عن طريق قرية الغرب صحيح 
قلت له ما عندي علم قال راح أسد دكاني قلت له سده ، فلما رأته الناس يغلق محله بدأ الارتباك في الشارع وبدأت الناس تقفل المحلات فلما وصلت جماعتي وجدتهم على أتم الاستعداد فخرجنا فكنا كل من عزيز سيد صاحب وعلي سيد عامر ومهلهل ونور سيد صاحب ومن مكان ثاني علي حمودي وعباس شمانجي وخشوش الكريم الخزاعي 
فقلت إلى علي سيد ثامر هوّس 
قال (بسم الله الرحمن الرحيم ماكو ولي إلاّ علي) 
وكانت الفرقة تبعد عنا كيلومتراً واحداً فقلت لهم لا تتحركوا حتى أقتل لكم ذلك الجالس على الرباعية فأطلقت عليه ثلاث طلقات فتركها وهرب فركضنا نريد السراي ، وكنت أركض وأطلق النار باتجاء السراي وجماعتي كذلك فلما وصلنا قريباً منه إذا بي أرى الشارع مملوء بالناس وهي تركض معنا ويهتفون بسقوط المجرم صدام وحزب العفالقة الكافرين وفي لحظات  تمت السيطرة على السراي ولم تكن هناك مقاومة تذكر وكذلك دائرة الأمن ومقر الفرقة ، ومركز شرطة الكمارك ودائرة البلدية وكانت حسينية والدي هي القاعدة للمجاهدين ، ومنها انطلقت أربع سيطرات على رؤوس الطرف المؤدية للناحية وقمنا بتهدئة الوضع حيث عملنا حراسة على الدوائر الحكومية ، والمدارس ، والمحكمة ، وكان دوام المستشفى اعتيادي وجعلنا عليه حراسة دائمة ومشددة خوفاً من إزعاج الأطباء والممرضين من قبل الناس وسُرقت بعض الأغراض من بيت مدير الناحية ، وحينما علمت ذهبت بنفسي ، وأرجعتها سالمة ، وذهبت لمدير الناحية وأرجعته لبيته هو وعائلته وألزمت ذياب واثنان معاه بحراسة بيت المدير وجلبت له كيس طحين وكيس تمن وخمس قواطي حليب ، ووفرنا له كل المواد الغذائية ، وكان قبل الإنتفاضة متعاطفاً معنا."
يقدم أمير طه رواية أخرى عن مرحلة التفكير في الانتفاضة في الشنافية استناداً الى مقابلات مع أشخاص ساهموا فيها، وهي أن الجنود العائدين من الكويت هم من نظم اجتماع ما قبل الانتفاضة وليس شيوخ الشانفية وانهم دعوا الشيوخ للحضور لاعطاء وجه مقبول ومعروف للانتفاضة. ويعتقد أمير طه أن الشيوخ وافقوا على المساهمة فيها مقابل السماح للبعثيين وهم من أهل الشنافية الهروب منها أو الحصول على العفو من المنتفضين للحفاظ على اواصر التماسك الأجتماعي في الشنافية ومنع عمليات الانتقام فيها. 

الأحد، 10 مايو 2020

أنها البداية فقط...انتظروا...!...١



"يا شعب العراق العظيم عراق اليوم سوف لن يتسامح مع أي خائن أو جاسوس أو عميل للطابور الخامس، أنت يا إسرائيل اللقيطة، أنتم أيها الإمبرياليون الأميركان وأنتم أيها الصهاينة اسمعوني سوف نكشف ألاعيبكم القذرة سوف نعاقب عملائكم سنعدم كل جواسيسكم حتى لو كان هناك الآلاف منهم..يا شعب العراق العظيم ..أنها البداية فقط... ستمتلىء ساحات العراق العظيمة الخالدة بجثث الخونة والجواسيس... انتظروا." صلاح عمر العلي ... ساحة التحرير .. ٢٧ كانون الثاني ١٩٦٩

"قريب الساعة الحادية عشر من يوم الأحد كنت في ساحة الأعدام الخاصة في السجن المركزي مع المدعي العام وأعضاء محكمة الثورة ، مع طبيب عسكري  وكبار من ضباط الجيش ، الكل يتحرق بشوق وبحماس وبفارغ الصبر ننظر الى ساعاتنا وهي تقترب من الساعة  الحادية عشر ، حتى ظهر الجواسيس أخيراً ، مسحوبين من زنزاين الأعدام من قبل حراس السجن ، مقيدي الأيدي والارجل بسلاسل حديدية. بدا عليهم غير مصدقين أنهم سيعدمون ، سيق أربعة منهم  الى سيارة السجن ليعدموا في سجن البصرة.
 أمروا الأخرين بالجلوس على الأرض، وعندما بدا الطبيب بحقنهم بمادة خاصة ، ابتدوا بالصراخ ببرائتهم وطلبوا الرحمة من المدعي العام. احدهم فواد كباي صرخ " اننا ابرياء لا تعدمونا ، اننا ابرياء ، ، لدي خمسة أطفال " وعندما حقن في ذراعه صرخ
قائلاً " أيها المجرمون ! ستدفعون الثمن !".
بعد ذلك كان المشهد مسلياً بل مضحكاً ، رؤية هولاء ممن كانوا من دون مستوى البشر ، وهم يحاولون أن ينطقوا من دون أن يتمكنوا من ذلك ، نظروا الينا كالمجانين ، بعد ذلك ازيلت القيود عنهم ودفعوا واحداً بعد الأخر الى المشنقة".
بعد أن دون ذلك المشهد صحفي في جريدة الثورة الصادرة بتأريخ ٢٨ كانون الثاني ١٩٦٩ ، نقلت جثث المعدومين الى ساحة التحرير في ساعات الفجر الأولى من يوم الأثنين المصادف ٢٧ كانون الثاني ١٩٦٩ ، حيث علقت الجثث من أعناقها بحبال مشنقة شكلت على عجالة مكونة من ثلاثة قطع خشبية ، كانت الجثث ملتوية الأعناق ، وبعضها كان هناك دماء ناشفة على أنوفهم ، وعلقت على صدر كل جثة ورقة كتب عليها الأسم ودين كل فرد.
كانت الأذاعة تدعوا الناس للذهاب لساحة التحرير لمشاهدة "الجواسيس" فحضر الآلاف منهم وعن ذلك قال مير بصري في كتابه "رحلة العمر " تجمع الرعاع يرقصون تحت أعواد المشانق ويدقون الطبول والدفوف ، ولم يتورع الرئيس البكر من الذهاب الى ساحة التحرير بل ساحة الموت الرهيب ، ليشارك حثالات الناس في فرحتهم وهوستهم".
وصف مراسل الجمهورية بعضاً من هوسات وشعارات الجماهير "
في طرف أخر من ساحة الباب الشرقي كانت جموع لا تحصى من طلبتنا البواسل وهم يرفعون حناجرهم الى السماء يرددون شعارات الثورة والجماهير التي تطالب بسحق الجواسيس وبالقضاء على العمالة.
-اعدام الجواسيس خطوة نحو التحرير- شعار جماهيري رددته الجموع بإيمان
وحملتني موجة أخرى جاءت من طرف أخر من ساحة التحرير وهي تهتف :
حرب حرب شعبية ماكو حلول سلمية ،
حكومتنا يا ثورية صفي صفي الجاسوسية ،
حكومتنا كطي روس كل خاين وكل جاسوس،
 اليوم عيدك يا شعب باعدام كل الخونة
كانت حناجر الشعب تهتف..
يا فدائي هز الراية وخلي اسرائيل حكاية..
جيش وشعب وياك يا مجلس الثورة...
البعث نفذ الحكم على عناد أمريكا ...
حزب البعث يا عملاق ..يا نقطة الأنطلاق...
أمة العرب واحدة ذات رسالة خالدة.."
والتقى الصحفي مع " السيد ناظم كزار سكرتير عام الأتحاد الوطني لطلبة العراق .. قال ناظم : أن اعدام الجواسيس والعملاء خطوة ثورية في سبيل اسناد الجبهة وان القضاء على الجواسيس والعملاء لهو اسفين في نعش الأستعمار والصهيونية. واستطرد ناظم كزار يقول : أن جماهير الطلاب اذ تقف هذا اليوم باجلال واكبار لخطوة الحكومة الثورية تقطع عهداً على نفسها بأسناد حكومتنا الوطنية حتى تقضي على كل ركائز العمالة والتجسس".
خطب في تلك الجماهير صلاح عمر العلي والذي كان حسب كتاب ماكس سوادي " All Waitings to be Hanged" يصرخ باعلى صوته و وهو ينظر الى الجثث المعلقة بأعواد المشانق متوعداً بكونها البداية فقط.