الخميس، 29 مارس 2012

حلبجة وستيفن بيلتير

"سعدون حمادي : آني عندي سؤال أخير؟
صدام : يلله ..
سعدون حمادي: هل السلاح الكيمياوي  فعال كما نسمع عنه احنه المدنيين ؟
صدام : نعم فعال على من لا يستخدم الأقنعة باللحظة..كما نتصوره نحن المدنيين
سعدون حمادي : يعني يبيد بالالاف؟
صدام : نعم يبيد بالالاف. ..يبيد بالالاف ويخليهم لا يشربون ولا ياكلون ...ولا من الأكل الموجود .. ولا أبداً..وعليهم أن يغادرون المدينة..لفترة من الزمن الى أن يجي تطهيرها كاملاً. كل شي... لا يكدر ينام بفراش ..ولا يكدر ياكل..ولا يكدر يشرب .ولا أبداً .. ولا أخر..عمايل يطلعون...مصاليخ." ...تسجيل من اجتماع في الثمانينات..


نفى ولازال البعض ينفي من مؤيدي سلطة الرئيس صدام تهمة استخدام السلاح الكيمياوي ضد الأكراد وبالذات تهمة قصف مدينة حلبجة به، واستندوا في نفي تلك التهمة الى مقالات ومحاضرات لستيفن بيلتير وكان قد عمل بوظيفة محلل لوكالة المخابرات الأمريكية في فترة سابقة.
لذلك قبل استعراض ما يتوفر من وثائق وتسجيلات ومقالات كتبت من قبل رجال السلطة السابقة عن هذا الموضوع ، نعرض ما ذكره بيلتير في البداية وما اعتبره على أنها أدلة لنفي تلك التهمة عن النظام السابق.
فقد ذكر بيلتير مع اخرين من أن ايران كانت هي المسؤولة عن قصف حلبجة لاول مرة في كتاب صدر في عام ١٩٩٠ وقبل بدء عملية عاصفة الصحراء أو أم المعارك تحت عنوان " Iraqi Power and U.S. Security in the Middle East " ودافعوا عن وجهة نظرهم تلك رداً على مراجعة لكتابهم نشرت في مجلة النيويوركر قائلين" من راجع كتابنا تحدانا في هذه النقطة بالذات " أستعمال السلاح الكيمياوي من قبل القوات العراقية ضد الأكراد " ونرغب بتوضيح وجهة نظرنا ,
الخلاصة هناك حالتين نتمعن بها
الادعاء الأول كان هناك هجوما ضد حلبجة في شمال العراق . كل الروايات في هذه الحالة تتفق على أن أطراف وافواه الضحايا كانت زرقاء اللون وهذا يدل على استخدام مادة مسممة للدم. لم يستخدم العراق مادة مسممة للدم طيلة حربه مع ايران ، ايران قامت باستخدامه. قالت وزارة الخارجية الأمريكية في حينها أن العراق وايران قاما باستخدام بالسلاح الكيمياوي في هذه الحالة. فاستنتجنا أن غاز الايرانيين هو الذي قتل الأكراد.
الأدعاء الثاني باستخدام السلاح الكيمياوي ضد الأكراد حصل في العمادية بعد انتهاء الحرب. هذا الادعاء صعب التصديق لعدم تقديم ضحايا. الدليل الوحيد على هذا الهجوم هو شهادات من الأكراد الهاربين الى تركيا جمعت من قبل موظفين مع أعضاء مجلس الشيوخ الامريكين . قمنا بتقديم هذه الشهادات الى خبراء في الجيش فقالوا لنا أن هذه الشهادات بلا قيمة. الأعراض التي وصفها الأكراد في شهادتهم لا تنطبق مع أعراض هجوم عامل أو عوامل كيمياوية. ولعدم وجود ضحايا السلاح الكيمياوي ولأن الشهادات كانت صعبة التصديق فنحن غير مستعدين للقول أن القصف قد حصل."
الخلاصة أن الدليل المقدم من قبل بتليير والذي أعتمد على كتاباته مؤيدي السلطة السابقة كمرجع محايد لنفي تلك التهمة لم يقم على دراسة ميدانية للمنطقة أو فحص عينات للتربة أو للتحدث مع ناجين من القصف الكيمياوي أو لمراجعة للوثائق العراقية أو التسجيلات للمسؤولين العراقيين بل قام على مراجعة صور لضحايا حلبجة فقط .
فقد ذكر أحد مؤلفي ذلك الكتاب وفي مرة أخرى أن ازرقاق الأطراف معناه استخدام السيانيد أو أحد مشتقاته وبما أن العراق لم ينتج السيانيد وايران كانت تنتجه فأذن ايران قامت بقصف حلبجة.
عاد بتليير مرة أخرى لهذا الموضوع قبل الحرب على العراق في مقال في مجلة النيويورك تايمز في عام ٢٠٠٣ لكن هذه المرة ذكر أن كلاً من العراق وايران قام باستخدام السلاح الكيمياوي في حلبجة ،حيث ذكر " استخدم العراق السلاح الكيمياوي لقتل الايرانيين الذين احتلوا المدينة التي تقع في شمال العراق غير البعيدة عن الحدود الأيرانية. من قتل من المدنيين الأكراد  قتل  لسوء حظهم حيث أنهم وقعوا ضحايا للاستخدام المتبادل ما بين الطرفين. لكن لم يكن الاكراد الهدف الرئيسي لذلك السلاح."
وحمل بتليير ايران المسؤولية الرئيسية لقتل الأكراد قائلاً أن "تقرير وكالة استخبارات دفاع الولايات المتحدة توصلت أن كل من الطرفين قد استخدم السلاح الكيمياوي في المعركة بالقرب من حلبجة. لكن وضعية جثث الأكراد تشير الى أنهم قتلوا بعامل مسمم للدم -أي غاز السيانيد والمعروف أن ايران قد قامت باستخدامه. أما العراقيين الذي يعتقد أنهم قاموا باستخدام غاز الخردل ، لم يعرف عنهم أن أمتلكوا غاز السيانيد".
 عدا عدم وجود أدلة على استنتاج بتليير والذي أستند على مراجعة لصور الضحايا فقط ،كما أشرنا أعلاه ، لا على أساس بحث ميداني ، فهناك نقاط ضعف في الأستنتاج نفسه
، الأولى أن احتلال حلبجة تم بمساعدة من حزب الأتحاد الوطني الكردستاني ومن دون مقاومة من أهالي حلبجة بل ذكر نزارالبوسعيد في كتابه  " الحرب العراقية الإيرانية :  دراسة سياسية عسكرية " أنهم قد رحبوا بالايرانيين , فما دافع الأيرانيين  أذن في قصف مدينة كانوا قد نجحوا في احتلالها قبل ساعات تواجد فيها حرسهم الثوري وحلفائهم من حزب الأتحاد الكردستاني واهاليها رحبوا بهم ؟ وحتى لو قيل أن قصف المدينة كان غير مقصود فهو غير مقنع أيضاً لكثافة القصف وكثرة خسائر المدنيين.
نقطة الضعف الأخرى في استنتاجه هو نوعية السلاح الكيمياوي المستخدم , وهوالسينايد حسب استنتاج بتليير وجماعته , فهو غير مقنع أيضا لعدة أسباب منها أن بتليير لم يستند الى مصدر في قوله أن ايران كانت تملك هذا السلاح في حينها ولاتوجد أدلة على أن الايرانيين قد أستخدموه قبل أو بعد حلبجة ، كذلك أن استخدام السينايد كسلاح كيمياوي صعب للغاية من الناحية التقنية فهو عامل غير مستقر ولكي يكون مؤثراً لابد أن تكون الكميات المستخدمة ضخمة جداً وتاثيره لا يستمر سوى ثوان معدودة ، كما أن درجة أشتعاله واطئة ومعناه أنه سينفجر بسهولة.
لذلك فالمتوقع أذن أن بعض القنابل التي القيت على حلبجة قد سببت بعض الأنفجارات والحرائق ولم تذكر التقارير ذلك في حينها.
واخيراً لم يذكر بتليير أن التابون وهو العامل الذي استخدمه العراق ينتج عند تحلله مادة تشبه السيانيد وبالتالي تسبب ازرقاق أطراف الضحايا.
ماسبق كان محاججة لاستنتاج بتليير وهي محاججة سبقت مراجعة الوثائق وشهادات الضباط العراقيين والتي سنستعرضها أدناه.
شهادات لضباط عراقيين عن استخدام السلاح الكيمياوي في حلبجة
كتب أربعة من كبار الضباط العراقيين عن قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي ,الضابط الأول هو العميد الطيار جودت النقيب وذلك في مقال عنوانه" القوة الجوية العراقية والجرائم ضد الأنسانية" في مجلة الحقوقي العدد الرابع منها في حزيران من عام ٢٠٠١ حيث ورد فيه "أعطى صدام (أوامره الشفهية) باستخدام الأسلحة الكيمياوية لضرب مدينة حلبجة التي احتلها الأيرانيون بعد الفاو. وقد شاركت ستون طائرة في عمليات القصف. وكل طائرة كانت تحمل اطنانا من المواد الكيمياوية وكانت كل أربع طائرات تقوم بالاغارة بالتتابع على المدينة نفسها. وكان صدام يعرف تماما أن المدينة مأهولة بالمدنيين".
الضابط الثاني الذي كتب عن قصف حلبجة من قبل الجيش العراقي فهواللواء الركن وفيق السامرائي حيث ورد في كتابه "حطام البوابة الشرقية" ما يلي "استمرت المعارك هنا وهناك حتى يوم ١١ مارس /اذار ، حين شرعت القوات الأيرانية في الهجوم في قاطع حلبجة شرق السليمانية . وتطور القتال الى احتلال هذه القصبة فقامت ٥٠ طائرة هجوم أرضي وكل طائرة منها محملة باربع قنابل زنة ٥٠٠ كلغ كيماوية بالهجوم على حلبجة يوم ١٦/٣/١٩٨٨ وابيد من المدنيين خمسة الألف شخص".
أما الضابط الثالث , الفريق الركن رعد مجيد الحمداني في كتابه "قبل أن يغادرنا التاريخ" ,فهو يسرد رواية مغايرة للروايتين السابقتين حيث يقول "تمكنت الفرقة ٨٤ الأيرانية من التوغل في مدينة حلبجة زائد اللواء المظلي الأيراني بهدف مهاجمة مرتفعات شميران المشرفة على مدينة حلبجة ثم الأندفاع نحو السليمانية عبر مفرق سيد صادق . فقاد المشرف على الحرس الجمهوري اللواء حسين كامل من خلال مقر مسيطر فيه على عدد من الضباط الاختصاصيين كأمري المدفعية (العميد س) ، والصنف الكيمياوي (العقيد الركن ح) لقوات الحرس الجمهوري قوة مدفعية خاصة تتألف من ست كتائب مدفعية منها كتيبة راجمات صواريخ ١٣٤ محملة بصواريخ ذات رؤوس كيمياوية نوع صقر ١٨ أمرها المقدم ر.م.، فضربت الفرقة الأيرانية بالاف المقذوفات و٧٢٠ صاروخا فتكبدت خسائر كبيرة جداً، مما اضطرها الى اخلاء المنطقة ، والانسحاب الى داخل ايران".
وهو وان لم يذكر حلبجة على أنها كانت هي المقصودة بالهجوم يكمل مقللاً من فداحة ما حصل ويلمح الى أن اهالي حلبجة يتحملون جزء مما حصل لعدم مغادرتهم لها فيقول " ألا أنه مع الأسف وقعت خسائر تقدر باكثر من ١٥٠ ضحية في صفوف المواطنين الأكراد الذين لم يغادروا أماكن سكنهم هناك فقتلوا عرضاً ، في الوقت الذي كان فيه معظم سكان حلبجة قد غادروها منذ بدء العمليات".
أما الضابط الرابع فهو نزار الخزرجي والذي وردت شهادته في كتاب "صدام مر من هنا" لغسان شربل حيث قال " تعرضت حلبجة لضربة جوية بأمر من القائد العام. الواقع أن ما حصل غريب. كان علي حسن المجيد مسوولاً عن الشمال واعطي صلاحيات استثنائية كاملة. وكانت هناك هجمات أيرانية في المنطقة. ابلغت عناصر أمنية وحزبية
علي حسن المجيد أن حلبجة سقطت في يد الايرانيين فأخبر صدام بذلك. عندها أمر صدام بتوجيه ضربة خاصة الى حلبجة معتقداً أنه سيكبد الأيرانيين خسائر كبيرة. كانت الضربة جوية. والغريب أن حلبجة ساعة الضربة لم تكن قد سقطت بيد الأيرانيين وكان لا يزال فيها عدد من الجنود العراقيين. وقد أكد عدد من القادة الأكراد أنهم عثروا بين ضحايا حلبجة على جثث لجنود عراقيين. قائد الفرقة التي تتولى مسوولية الأمن في المنطقة لم يكن يعرف بالضربة ، ولا قائد الفيلق ولا أنا رئيس الأركان ولا وزير الدفاع نائب القائد العام الفريق أول ركن عدنان خير الله. عرفنا بعد حدوث الضربة. قائد الفيلق الأول الفريق كامل ساجت كان يدير المعركة في ذلك القطاع وكانت لديه قطعات في حلبجة. وكانت هناك عناصر حزبية من التوجيه السياسي عسكرية ومدنية لديها اتصال مباشر مع علي حسن المجيد الذي كان مسوول الحزب ومقره في كركوك. ابلغوه بسقوط حلبجة فاتصل بصدام واقترح توجيه ضربة خاصة فأمر صدام القوة الجوية بتنفيذ الضربة. كان ذلك في ١٦/٣/١٩٨٨ على ما أعتقد. أذكر أن الفريق كامل ساجت اتصل بي وكان لا يعرف شيئاً عن الضربة".
تلقي الوثائق والتسجيلات التي عثر عليها بعد سقوط النظام الضوء على استخدام العراق للسلاح الكيمياوي ضد الأكراد وكذلك دافع استخدامه في حلبجة.

تسجيلات لكل من علي حسن المجيد والرئيس صدام
بعد حرب الخليج الثانية والانتفاضة في عام ١٩٩١ وضعت الأحزاب الكردية يدها على وثائق وتسجيلات تعود لاجهزة الامن ، منها تسجيلات تعود لعلي حسن المجيد أثناء توليه قيادة مكتب تنظيم الشمال أثناء عمليات الأنفال ، نشرت تلك التسجيلات في كتاب منظمة حقوق الأنسان الصادر عام ١٩٩٣ وباللغة الأنكليزية ، ولم يتطرق بتليير لها في محاضراته فيما بعد ، في تلك التسجيلات وردت مقاطع عدة توعد أو أشار فيها المجيد الى استخدام السلاح الكيمياوي ضد الأكراد.
ففي اجتماع للمجيد مع أعضاء لحزب البعث تحدث فيها عن مرحلة ترحيل القرى المحذورة أمنياً والتي تطرقنا لها في فصل عمليات الأنفال ، تلك المرحلة كانت قد سبقت القيام بالعمليات العسكرية للأنفال وجرت في عام ١٩٨٧ ، قال أنه حتى قرى الأكراد المستشارين ستكون مشمولة بالترحيل وذكر أنه على المستشارين الرحيل لانه قال لهم " "لازم تشيل أخويه لأنو  آني راح اضربهم..... راح اضربهم كيمياوي ....واموتهم كلهم... شيريدون يكولون ..الدولي ؟….أنعل أبو الدولي… لبو اليفزع من كل دول الله …… ".


وفي مقطع أخر بعد أن ذكر المجيد النية بالقيام بهجوم عسكري على القرى المحذورة الأمنية مستخدماً الأسلحة الكيمياوية لمدة خمسة عشر يوماً سيقوم باعلان يسمح لهم بالاستسلام عن طريق توزيع "أربع مليون منشور ونكتبه باللغة الكردية السورانية والبهدانية والعربية ..ولا أكلهم من الدولة العراقية...أي من هينه ... ولا أخلي الدولة ...أكلهم من هينة اليجي أهلاً وسهلاً ال ما يجي راح نضربكم مرة أخرى بالكيمياوي الجديد القاضي".



عرضت محكمة الأنفال تسجيلات كان الرئيس صدام حاضراً فيها ، وردت فيها مقاطع عن استخدام السلاح الكمياوي ضد الأكراد ففي اجتماع تحدث فيه الفريق ثابت سلطان عن استخدام السلاح الكمياوي في منطقة قره داغ ، وهي كانت قد قصفت في عام ١٩٨٧ حيث ورد في المقطع

"صدام : نعم فريق ثابت
الفريق ثابت سلطان : سيدي الرئيس القائد ..قطعات الفيلق الأول ..نعم قبل التعرض كانت تلطعش لواء مثل ما ذكر الأخ..تعرضت بعض أفواج القطعات الى القطع أو للتطويق ..فاكول سيدي احنا ..خل يصير أعادة تقييم موقف الفيلق الأول ..العوارض اللي ممكن نمسكها والعوارض اللي نعوفها ..وين نكون أقوياء في التعزيز ..وين نكون أقوياء في الأحتياط ..والا ترى المنطقة تبلع قطعات ...ونحتاج الى قطعات بصراحة ...احنا سيدي عدنا موضوع الضربات الكيمياوية ...الضربات الكيمياوية ضربت في الأعماق ولم تستثمر ..وضربت في قره داغ ولم تستثمر ...احنا نعرف حتى الضربة النارية أذا ضربت أو نفذت يجب هناك استثمار للحالة تمام أوقعنا خسائر ....تمام سوينه رعب ... بس اكو حالة من حالات اللي احنه نطمح اله أن تستثمر الضربات الكيمياوية ...الأرصدة اللي جوه أيدينا تره قليلة جداً... بالانتاج وخاصة بالخردل ده نعول عليه الزارين احنه مده نستخدمه حاسبين بيه تحسب في الأيام اللي قد تصادفنا بالمستقبل."
 أستخدم السلاح الكيمياوي في عملية خاتمة الأنفال والتي جرت في أقصى الشمال قرب الحدود التركية ضد التجمعات السكانية كما ورد في كتاب لرئيس مكتب أركان الجيش والذي سنتطرق اليه أدناه , ونجح عشرات الألوف من السكان من العبور الى الجانب التركي تحدث هولاء الاجئين عن ظروفهم الصعبة وعن استخدام السلاح الكيمياوي ضدهم . وكما عرضنا أعلاه فقد اعتبر بتليير أن شهادتهم من وجهة نظره لا قيمة لها رغم أنه لم يلتقيهم لكنه عرضها على خبراء لم يسميهم قالوا له أن الشهادات لا قيمة لها.

وكانت الدولة أيضاً قد أنكرت استخدام السلاح الكمياوي وعلى لسان وزير الدفاع انذاك عدنان خير الله في موتمر صحفي نشر في جريدة الثورة بتاريخ ٩ /١٩٨٨ حيث قال " أن السلاح الكيمياوي لم يستخدم في تلك المنطقة ".
لكن في اجتماع لمجلس قيادة الثورة عقد بعد أيام من ذلك الموتمر الصحفي
تحدث فيه عن الموتمر الصحفي لكنه هذه المرة تحدث عن النازحين الذين ضربناهم بالعتاد الخاص الذي كان قد أنكر استخدامه في المنطقة حيث ورد في حديثه
 
 
"عدنان خيرالله : فاذا كانوا همه ثوار كما تسموهم ..أنا أفهم الثائر ذو مبادىء وذو خلق ..وذو خصائل نضالية ..فمبدئيته متحكمه يكول لمن آني أخذ منا ٩٥ وفوكاهه اضربهم بالبرنو وهناك ما آخذ ولا شيء وما اضربهم... وهاي ظروف البلد ...كلتلهم مع كل هذا اشكد المعلومات الأعلامية اللي عدكم عن الناس اللي لجأوا الى تركيا وضربناهم بالعتاد الخاص ...خمستالاف ... عشرتالاف...عشرين الف ...كلتلهم احنه حصتنا مليونين مواطن كردي خير يحب العراق ومخلص اله وحصة التخريب عشرين ألف ...بلاش منريدهم.. خل يروحون الى حيث لا رجعة.."

 
١- الوثائق الخاصة باستخدام السلاح الكيمياوي قبل قصف حلبجة

كانت الاجراءات التي استخدمتها السلطة لمواجهة كلا الحزبين الكرديين  تصاعدية في شدتها ,فشل اجراء يؤدي الى ابتكار اجراء أشد قسوة من الأجراء السابق , كذلك توسع تعريف من يقع عليه ثقل الاجراء فبدلا من أن يكون محصورا بمن أرتكب الفعل "التمرد والتعاون مع الأجنبي أثناء الحرب" امتد ليشمل محيط أولئك الأفراد أي عوائلهم ثم توسع ليشمل قرى باكملها وجميع سكانها.
وكنتيجة لامتداد التعريف خولت الدولة اجهزتها العسكرية والامنية قتل من تواجد في تلك القرى وتدميرها بكافة الأسلحة البعيدة المدى أي الطيران والمدفعية.. لكن كما قلنا سابقا قدرة الدولة على ايقاع الهزيمة بالمخربين باستخدام الأسلحة التقليدية كانت كما يبدو محدودة.. وكأي اجراء اداري أخر, فشل أداة قتل في تحقيق الهدف , أدى الى استخدام أداة قتل غيرها, لذلك , وتقريبا في نفس الوقت الذي تم فيه تعيين علي حسن المجيد كحاكم مطلق لكردستان ، كانت الدولة ويبدو هنا الرئيس نفسه تفكرباستخدام السلاح الكيمياوي كسلاح جديد مضاف للاسلحة الأخرى لمجابهة وقتل "المخربين"..ورد ذلك في كتاب رئاسة الجمهورية وبتوقيع السكرتير حامد يوسف حمادي انذاك, المرقم ٧ / ج٢ / ٨٠٨ / ك وبتاريخ ١٢/٣/١٩٨٧ ونصه " أمر السيد الرئيس القائد بأن تدرس مديريتكم مع الأختصاصيين توجيه ضربة مباغتة (لقواعد حرس خميني ضمن مقرات مخربي الفرع الأول لزمرة البارزاني ) بالعتاد الخاص وامكانية تنفيذها بأي من الوسائل التالية( القوة الجوية ، طيران الجيش ،المدفعية ) "بعث معاون مدير الأستخبارات العسكرية كتابا الى مدير الشعبة الثالثة وليد نايف شبيب بتاريخ ١٣/اذار/١٩٨٧ يورد فيه ملحوظاته بكيفية وتوقيت تنفيذ الضربة وكانت
"١ . أرى ان تكون الضربة بالقوة الجوية للأسباب :
آ . اكثر تأثير ودقة .
ب . تحقيق مباغتة عالية .. إذ ان حركة المدفعية لنفس الغرض قد يمثل كشفا مسبقا لنوايانا . ج . لاشك ان البعض من الأهداف خارج مدى المدفعية والسمتيات .٢ . ظروف ومتطلبات الضربة الجوية (الخاصة ) لغرض احداث التأثير المطلوب وجعلها شديدة التأثير : آ . معلومات دقيقة عن الأهداف وتزويد القوة الجوية بها .       ب . من الضروري التفكير بايجاز الطيارين استنادا لمعلوماتنا عن الأهداف واي وصف لها .. والاستفادة من الصور الجوية للأيجاز .ج . تنفيذ الضربة وقت الضياء الأول أو بعده بقليل .د . تخصيص جهد فائق (اكثر من طائرة .. لكل هدف ) وكذ التفكير بتكرار الضربة بطائرات متعاقبة .. او جعل الضربة مركبة ( عتاد خاص وقنابل انفجار عالي وصورايخ جو/أرض ) بالتداخل أو بالتعاقب .ه .ضرب جميع الأهداف بوقت واحد وبأقصى جهد ممكن تخصيصه .٣. يمكن التفكير باستخدام المدفعية بعد فترة مناسبة (ايام ) لضرب الأهداف الكائنة ضمن المدى" ..رد الاستخبارات العسكرية على أمر الرئيس وبتوقيع صابر الدوري مديرها انذاك , كان أقتراحا بدراسة ضرب مقرات حزب جلال الطالباني "عملاء ايران" المتواجدة في محافظة السليمانية وان يتم تأجيل ضرب مقرات حزب مسعود البارزاني "سليلي الخيانة" المتواجدة في محافظة دهوك ورد ذلك في في كتابها المرقم م١ / ش٣ / ق٢ / ٦٤١٤ بتاريخ ١٨/٣/١٩٨٧ حول موضوع استخدام العتاد الخاص
"١. مايلي الامكانيات المتيسرة لدينا لاستخدام العتاد الخاص تجاه قواعد حرس خميني ضمن مقرات مخربي الفرع الأول لزمرة البارزاني :-أ . لاتساعد الظروف الجوية على استخدام عامل (الزارين ) في الوقت الحاضر نظرا لتغطية منطقة الأهداف المعنية بالثلوج التي تؤدي الى تحليل العامل وتحويله الى مادة غير سامة وتنطبق هذه الحالة على عامل (التابون) ايضا .
ب . تتيسر لدينا كميات جيدة من عامل (الخردل ) الا ان تأثيراته المتوقعة تعتبر (معجّزة ) الا في حالة استلام جرعة مركزة منه اضافة الى انه بطئ التبخر في المناطق الثلجية .
ج . يمكن استخدام القوة الجوية والقاذفات الأنبوبية وكذلك السمتيات ليلا لهذا الغرض .
٢ . نقترح مايلي :
أ . ارجاء تنفيذ الضربة على قواعد حرس خميني ضمن مقرات زمرة البارزاني حتى شهر حزيران المقبل لوقوع الأهداف في منطقة الشريط الحدودي العراقي - التركي يفضل اختيار الأهداف الواقعة خارج التأثير المحتمل على القطعات الحدودية التركية او القرى التركية .
ب . المباشرة بالتخطيط لتنفيذ عمليات محددة بأتجاه مقرات عملاء ايران" .
أعلم حامد يوسف حمادي سكرتير رئيس الجمهورية مديرية الأستخبارات العسكرية العامة بعد يوم واحد من اصدار كتابها السابق بحصول الموافقة على مقترحاتها ورد ذلك في كتاب رئاسة الجمهورية المرقم ٧/ ج٢ / ٨٧٧ / ك وبتاريخ ١٩/٣/١٩٨٧
" مديرية الاستخبارات العسكرية العامة . م/ استخدام العتاد الخاص نشيركم للفقرة (٢-أ وب ) من كتابكم المرقم م١ / ش٣ / ق٢ / ٦٤١٤ في ١٨/٣/١٩٨٧. حصلت الموافقة على المقترحين الواردين فيها. لاتخاذ ما يقتضي "
.بعد حوالي أسبوع من ذلك قدمت الأستخبارات الى رئاسة الجمهورية دراستها عن الأهداف التي تقترح ضربها من مقرات جلال الطالباني وكذلك العوامل الكيمياوية التي تقترح استخدامها في الضربة ورد ذلك في الكتاب ش٣ /ق٢ / ٦٨٨٥ في ٢٥/٣/١٩٨٧ الموقع من قبل صابر الدوري أيضا " الى رئاسة الجمهورية - السكرتير . الموضوع - استخدام العتاد الخاص . كتابكم السري للغاية والشخصي وعلى الفور ٧/ ج٢ / ٨٧٧ / ك وبتاريخ ١٩/٣/١٩٨٧١. تمت دراسة اماكن تواجد مقرات عملاء ايران وانتخاب الأهداف أدناه إستنادا الى حجم التواجد المعادي فيها وتأثير هذا التواجد على الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية بما يتلائم والأمكانيات المتيسرة من العتاد الخاص ووسائل الأطلاق :
-أ. مقرات عملاء ايران في منطقة حوض باليسان (قرى باليسان ، توتمة ، ختي وشيخ وسان ) الكائنة قرب الطريق العام جوارقرنة - خليفان …
ب . مقرات عملاء ايران في حوض قرى (تكية ، بلكجار وسيوسنان ) التابعة لناحية قره داغ …
٢ . الأهداف المشار اليها اعلاه من المقرات المهمة لعملاء ايران وأفراد العدو الأيراني وان حجم التواجد المعادي فيها يؤثر على الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية وهي بعيدة بعدا كافيا (كأهداف للعتاد الخاص) عن مواقع قطعاتنا وتعتبر ملائمة اكثر من غيرها لأستخدام هذا العتاد لوقوعها في مناطق منخفضة تساعد على ركود ابخرة العامل الكيمياوي وبالأمكان معالجتها بالوسائل المتيسرة (القوة الجوية / القاذفات الأنبوبية والسمتيات ليلا)…
٣. لمحدودية الكمية المتيسرة من العتاد الخاص في الوقت الحاضر يفضل العمل بأحد البديلين ادناه :
-أ .البديل الأول :- توجيه الضربة للهدفين المنتخبة خلال هذه الفترة باستخدام ثلثي المتيسر من العتاد الخاص (عامل الزارين ) إضافة الى ثلث المتيسر من العتاد الخاص (عامل الخردل ) والأحتفاظ بالمتبقي للحالات الطارئة في قواطع العمليات …
ب . البديل الثاني تأجيل تنفيذ الضربة الى منتصف شهر نيسان ١٩٨٧ ولحين تيسر الكميات الكافية من العتاد الخاص وتحسن موقف الأنتاج …
٤. نؤيد العمل بالبديل الأول … يرجى التفضل بالأطلاع وما ترونه مناسبا واعلامنا … "بعد أربعة أيام من ذلك وافقت الرئاسة على توجيه الضربة باستخدام العتاد الكيمياوي" الخاص" بالكتاب ٩٥٣ / ٩٦٥ / ك بتاريخ ٢٩/٣/١٩٨٧ والموجه الى مديرية الأستخبارات العسكرية العامة والموقع أيضا من حامد يوسف حمادي
" م / استخدام العتاد الخاص . كتابكم المرقم ش٣ /ق٢ / ٦٨٨٥ في ٢٥/٣/١٩٨٧. حصلت الموافقة على توجيه الضربة على ان يتم استثمار النتيجة … حيث ان القصد ليس ايذاء المخربين فحسب . لأتخاذ ما يقتضي وبالتنسيق مع الفيلق المعني ، واعلامنا قبل المباشرة بالضربة ".كان هامش صابر الدوري على كتاب السكرتير " نعم..وارى أن يجري التنسيق مع رئاسة أركان الجيش باعتبارها الدائرة المسؤولة".
ولذلك نسقت مديرية الاستخبارات العسكرية العامة مع الدائرة المسؤولة أي رئاسة اركان الجيش حول موضوع استخدام العتاد الخاص بكتابها المرقم ٧٣٧١ ٣١/اذار/١٩٨٧ ونصه : "١. امر السيد الرئيس القائد (حفظه الله ) بأن تدرس مديريتنا مع الأختصاصيين توجيه ضربة مباغتة (لقواعد حرس خميني ضمن مقرات مخربي الفرع الأول لزمرة البارزاني ) بالعتاد الخاص وامكانية تنفيذها باي من الوسائل التالية (القوة الجوية - طيران الجيش - المدفعية ) .
٢. تم دراسة امر السيد الرئيس القائد (حفظه الله ) مع الأختصاصيين واقترحنا ما يلي :-آ . ارجاء تنفيذ الضربة على قواعد حرس خميني ضمن مقرات زمرة البارزاني حتى شهر حزيران المقبل لوقوع الأهداف في منطقة الشريط الحدودي العراقي - التركي يفضل اختيار الأهداف خارج التأثير المحتمل على القطعات الحدودية التركية او القرى التركية .
ب . المباشرة بالتخطيط لتنفيذ عمليات محددة مماثلة باتجاه مقرات عملاء ايران .
٣ . حصلت الموافقة على المقترحين في(٢) اعلاه وقامت مديريتنا بدراسة اماكن تواجد مقرات عملاء ايران وانتخاب الأهداف ادناه استنادا الى حجم التواجد المعادي فيها وتأثير هذا التواجد على الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية بما يتلائم والأمكانيات المتيسرة من العتاد الخاص ووسائل الأطلاق :-
آ . مقرات عملاء ايران في منطقة حوض باليسان ( قرى باليسان ، توتمة ، ختي ، شيخ وسان ) الكائنة قرب الطريق العام جوارقرنة - خليفان .
ب . مقرات عملاء ايران في حوض قرى (تكية- بلكجار - سيوسنان ) التابعة لناحية قره داغ .
٤ . ان الأهداف المشار اليها في (آ-ب ) من المادة (٣ ) اعلاه من المقرات المهمة لعملاء ايران وافراد العدو الايراني وهي بعيدة بعدا كافيا (كأهداف للعتاد الخاص ) عن مواقع قطعاتنا وتعتبر ملائمة اكثر من غيرها لاستخدام هذا العتاد لوقوعها في مناطق منخفضة تساعد على ركود ابخرة العامل الكيمياوي وبالأمكان معالجتها بالوسائل المتيسرة (القوة الجوية - القاذفات الأنبوبية والسمتيات ليلا ).
٥ . اقترحت مديريتنا توجيه الضربة للهدفين المشار اليهما في (٣) اعلاه خلال هذه الفترة وباستخدام ثلثي المتيسر من العتاد الخاص (عامل الزارين ) اضافة الى ثلث المتيسر من العتاد الخاص (عامل الخردل ) والأحتفاظ بالمتبقي للحالات الطارئة في قواطع العمليات" .
أكدت الرئاسة مرة أخرى بتعليقها على كتاب الأستخبارات العسكرية لرئاسة أركان الجيش السابق على أن يتم استثمار نتيجة الضربة وان لا يتم تنفيذ الضربة قبل معرفة كيفية استثمارها كما ورد في كتاب رئاسة الجمهورية الى رئاسة اركان الجيش المرقم ٩٥٣/١٠١٦/ك وتاريخ ٢/٤/١٩٨٧ " اشارة لكتاب مديرية الاستخبارات العسكرية العامة المرقم ٧٣٧١ والمؤرخ في ٣١/اذار/١٩٨٧. لا تنفذ الضربة قبل اعلامنا بكيفية استثمار نتائجها" .
ارسلت نسخة من كتاب الرئاسة السابق الى مديرية الأستخبارات العسكرية "للعلم" ، فكان هامش المدير صابر الدوري الايعاز الى الشعبة الثالثة "لمتابعة وعرض ما يستجد".
أعلم مدير الشعبة الثالثة وليد نايف شبيب معاون مديرية الأستخبارات العسكرية بناء على ايعازها له أن خطة استثمار نتيجة الضربة ستعد من قبل الفيلق ألاول في حوض (تكية ، بلكجار ) وستعد من قبل الفيلق الأول والخامس في حوض (باليسان ) كما ورد في كتابه المورخ ٦/٤/١٩٨٧ " ١ . بمقترح من مديريتنا حصلت موافقة رئاسة الجمهورية - السكرتير على توجيه ضربة بالعتاد الخاص الى مقرات عملاء ايران في حوض ( تكية ،بلكجار ) التابعة لناحية قره داغ وحوض (باليسان) على الطريق العام جوارقرنة - خليفان وتنسب عدم تنفيذ الضربة الا بعد اعلام رئاسة الجمهورية - السكرتير بكيفية استثمارها.
٢. استنادا لأمر الرئاسة اعلاه تنسب بكتاب رئاسة اركان الجيش المرفق والمعنون الى (فل ١ وفل ٥ وصورته الينا) مايلي :-
أ. القيام بعمليات ضرب عملاء ايران وحرس خميني في الأماكن المشار اليها في المادة (١) اعلاه بالأستفادة من العتاد الخاص .
ب . يقوم فل١ باعداد بأعداد خطة استثمار الضربة في حوض (تكية ،بلكجار ) وعرضها أمام السيد رئيس أركان الجيش خلال زيارة سيادته لمقر الفيلق يوم ٩ نيسان ٨٧ .ج . تعد قيادتي فل١ وفل ٥ الخطة المشتركة لضرب مقر عملاء ايران في حوض (باليسان ) وترسل الى رئاسة اركان الجيش للقرار عليها .
د . ترسل زمرة العتاد الخاص الى فل١ يوم ٧ نيسان ٨٧ لتقديم المشورة .
٣ . سنتابع الأجراءات . يرجى التفضل بالأطلاع . "بعد الأنتهاء من أعداد خطة استثمار نتيجة الضربة تم توجيه أول ضربة بالسلاح الكيمياوي ضد القرى المحذورة أمنياً وكانت لقرى باليسان وبلكجار في نيسان من عام ١٩٨٧.كانت كلا القريتين من القرى ألمحذورة أمنياً لسيطرة حزب الأتحاد الوطني الكردستاني على وادي باليسان.. حسب كتاب منظمة مراقبة حقوق الأنسان Human Rights Watch كان تاريخ الضربة هو يوم ١٦ نيسان ١٩٨٧ .بعد تنفيذ الضربة هرب سكان القريتين الى القرى المجاورة ومنها نقلوا الى مستشفى في رانيا . في اليوم التالي تم نقلهم من قبل الجهات الأمنية الى طوارىء مستشفى اربيل وبعد فترة قصيرة من وصولهم الى مستشفى اربيل ألقي القبض على المصابين واودعوا في السجن.... تم أطلاق سراح النساء والاطفال فيما بعد وذلك بقذفهم في العراء في ناحية خليفان.. حسب كتاب المنظمة لا يعرف مصير الرجال بعد ذلك.تم استثمار الضربة الكيمياوية في اليوم التالي للقصف, تنفيذاً لطلب الرئاسة كما تقدم, حيث هوجمت القريتين من قبل جحافل الدفاع الوطني المدعومة بالجيش وتم تدميرها..أما بالنسبة للهدف الذي اقترحت الأستخبارات العسكرية تأجيل قصفه ، أي مقر الأتحاد الديمقراطي الكردستاني ,وهو الهدف الأول الذي طلب الرئيس دراسة ضربه بالسلاح الكيمياوي كما رأينا, فقد قصف في حزيران من عام ١٩٨٧ورد ذلك في كتاب يحمل تاريخ الخامس من حزيران ٨٧ وبتوقيع مدير الشعبة الثالثة ونصه " ملاحظة حول حصول موافقة رئاسة الجمهورية - السكرتير على المقترح الوارد في الفقرة (آ) من المادة (٢ ) من كتابنا المرفق و المتضمن ارجاء الضربة بالعتاد الخاص على قواعد حرس خميني ضمن مقرات الفرع الأول لزمرة البارزاني الى شهر حزيران ٨٧ .١ . في ٤ حزيران تمت دراسة موضوع توجيه ضربة جدية بالعتاد الخاص الى تلك القواعد والى مقرات الفرع الأول لزمرة البارزاني في (زيوه ، بارزان ، كاني رش ، كلي رش ) وتمت الدراسة في مديرية التخطيط بحضور ممثلين عن ( ضباط مركز البحوث ، التخطيط ، طيران الجيش ، مديريتنا والصنف الكيمياوية .٢ . تم تأييد ضرب قرية زيوه مع ملاحظة قربها من الأراضي التركية ولم تؤيد ضرب الأهداف ادناه للأسباب المؤشرة ازائها ،آ .كاني رش - قربها من الأراضي التركية . ب . كلي رش - قربها من قطعاتنا في جبل كويتا .ج . بارزان لتوزيع قوة المخربين وحرس خميني على شكل مجموعات صغيرة في عموم قرى حوض بارزان وانهم لا يشكلون هدفا ملائما" .
تاريخ ضرب قرية زيوه ونتائج تلك الضربة ورد في كتاب الأستخبارات العسكرية المرقم ١٢٧٠٣ في ١٠ حزيران ١٩٨٧ والذي ورد فيه " تم توجيه ضربة جوية بالعتاد الخاص الى مقر الفرع الأول لزمرة البارزاني في منطقة زيوه ألكائنة شمال شرق العمادية / محافظة دهوك والتي يتواجد بالقرب منها مقر القاطع الشمالي (قاطع بهدينان) لزمرة الحزب الشيوعي العراقي العميل وكانت الضربة مؤثرة وان خسائرهم ٣١ قتيل و ١٠٠ مصاب.
تعددت الضربات بالسلاح الكيمياوي فشملت كافة مقرات العملاء حسب طلب وزير الدفاع كما ورد في كتاب ديوان وزارة الدفاع المرقم ١٣٧٤ في ١/٥/١٩٨٧ " أطلع السيد نائب القائد العام للقوات المسلحة على ماجاء برسالة مديرية الأستخبارات العسكرية العامة ونسب ما يلي تضرب كافة مقرات العملاء بسلاح الجو التقليدي والخاص وكل الأسلحة ضمن المدى. "وربما بناء على ذلك الأمر ورد في كتاب مديرية الأستخبارات العسكرية المرقم ١٩٣٣٠ في ٨/٩/١٩٨٧ "في الساعة ١٦٠٠ يوم ٣ أيلول ١٩٨٧ تم توجيه ضربة مركزة بالمدفعية (استخدام العتاد الخاص) على ثلاث من مقرات زمرة عملاء ايران الكائنة شرق الخط العام دوكان بيره مكرون بضمنها مقر الزمرة المذكورة الذي يتواجد فيه المجرم جلال الطالباني وبعض من قيادة زمرته وكانت خسائرهم قتيلين و ١٢ مصاب من عملاء زمرة ايران فضلاً على عدد من القتلى والجرحى من مخربيهم واهالي القرى المجاورة للمقرات".
نتائج الضربة بالسلاح الكيمياوي تم تدوينه من قبل الأستخبارات أو من قبل أجهزة الأمن فقد وردت نتيجة ضربة قرية بلكجار في برقية الى منظومة استخبارات المنطقة الشرقية بالعدد ١٥٩٦٥ في ٢٥/٥/١٩٨٧ "سقطت أربع قنابر كيمياوية انفجرت واحدة منها فقط وبقيت الثلاثة لحد ألان حيث كانت الاصابات لاربعة من نساء القرية بتدمع أعينهن وتم معالجتهن في مستشفى بلكجار".
ووردت نتائج قصف قرى أخرى بالسلاح الكيمياوي في كتاب مديرية أمن محافظة اربيل العدد ش س ٢ / ٤٩٤٧ بتاريخ ١١/٦/١٩٨٧ حيث "بتاريخ ٢٧/٥/١٩٨٧ قامت طائراتنا بضرب قرى ملكان وتاليتان وكندور ويلي العليا ويلي السفلى التابعة لناحية خليفان التي يتواجد فيها زمر التخريب ونتيجة القصف أصيب بالعمى الربو عمر عبد الله شقيق المجرم مصطفى عبدالله مستشار ف ٨٨ دفاع وطني الذي التحق الى جانب المخربين في الفترة الأخيرة. كما قتل عدد من المخربين كما فقد بحدود ٣٠ شخص بصرهم نتيجة القصف".كما تبين مما سبق تم استخدام السلاح الكيمياوي قبل البدء بعمليات الأنفال بحوالي سنة , تم ذلك في نفس الوقت الذي نفذت فيه عملية تجميع أو تدمير القرى , واستمر استخدامه خلال تلك العمليات الى أن انتهت بخاتمة الأنفال.

٢- وثيقتان عن قصف حلبجة
الوثيقة الأولى تشير الى استخدام العتاد الخاص من قبل الجيش ضد مدينة حلبجة وتلك الوثيقة هي جزء من تقرير منظومة استخبارات المنطقة الشرقية المرقم ش ٣/ق ١ بتاريخ ٢/٤/١٩٨٨ حيث ورد في الصفحة السابعة عشر منه " سابعا -في اليوم التالي لقيام قطعاتنا بضرب حلبجة بالعتاد الخاص وصل اليها المدعو مير حسين موسوي (رئيس وزراء النظام الفارسي) وبصحبته المجرم ملا علي المسؤول العسكري للحركة الأسلامية في كردستان ومعه صحفيين من فرنسا وايطاليا وعاد الجميع بعد زيارة المنطقة الى باوه الأيرانية".
الوثيقة الثانية تشير الى نتائج الضربة الكيمياوية ضد حلبجة ولا تتهم الوثيقة ايران بقصف حلبجة  وهي كتاب منظومة استخبارات المنطقة الشرقية العدد /ش ٣/ ق ١/٣٥٥٢ بتأريخ ٢٥ اذار ١٩٨٨ بتأريخ ٢٤ اذار ٨٨ تم اللقاء بمصدرنا كاوه وفيما يلي المعلومات التي أستخلصناها منه خلال اللقاء به:١- المصدر المذكور كان يتواجد في حلبجة.٢- نتيجة الضربة الكيمياوية على حلبجة واطرافها فقد قتل واصيب حوالي ١٢٠٠ مسلح من الحرس والبسيج وكذلك قتل واصيب ما يقارب ١٥٠٠ من أهالي منطقة حلبجة.

٣-وثائق عن استخدام السلاح الكيمياوي بعد قصف حلبجة " أثناء عمليات الأنفال"
 عقد اجتماع للقيادة العامة للقوات المسلحة في ١٩/٣/١٩٨٨دارت فيه مناقشة "العبر والدروس من تلك المعركة" "الأنفال الأولى" وكذلك التخطيط للعمليات القادمة كما ورد في كتاب مكتب أمانة السر للقيادة العامة للقوات المسلحة المرقم آ/١٣/١٧٧بتاريخ ٢٠/٣/١٩٨٨"أمر السيد الرئيس القائد العام للقوات المسلحة يوم السبت ١٩اذار ١٩٨٨بما يلي ١- يجب التفكير منذ الآن بالترتيبات المطلوبة في قاطع عمليات الأنفال عند حلول الصيف ، لكي لا يتكرر تواجد المخربين فيها ، وقد نحتاج الى قطعات اضافية أو بديلة". وكما عرضنا أعلاه كانت فكرة استخدام السلاح الكيمياوي عام ١٩٨٧مصدرها الرئيس وعند بدء الأنفال اقترح عليهم كيفية استخدامه كما ورد في نفس الكتاب " في قاطع شرقي دربندخان وفي قاطع عملية الأنفال... يجب الأستمرار بضرب العدو والمخربين بالنار ، مدفعية وقوة جوية ، وعدم اعطاءهم فرصة للاستقرار أو التقاط الأنفاس. يفضل ضرب العتاد الخاص بالمدفعية ليلاً ، أما بشكل مباغت ، أو تطعيم ضربات المدفعية بضربات عتاد خاص".
ابتدأت عملية الأنفال الثانية ليلة ٢٢/٢٣ اذار , بقصف عنيف بالسلاح التقليدي والكيمياوي, أولى القرى التي قصفت بالكيمياوي كانت قرية سيوسينان وهي أكبر القرى في تلك المنطقة وتواجد فيها عناصرحزب الأتحاد الوطني الكردستاني ، وكذلك تواجد فيها أيضا عناصرمن الحزب الشيوعي. بعد ذلك شمل القصف الكيمياوي قرى بلكجار، تكية، جافران , دوكان.عن قصف بعض من تلك القرى بالسلاح الكيمياوي ورد في كتاب منظومة استخبارات المنطقة الشرقية المرقم ق ٣ / قادسية صدام / ٤٠٤ بتاريخ٢٦/٦ /١٩٨٨ ما يلي "خلال شهر أذار قامت طائراتنا بقصف مقرات زمر التخريب في قريتي سيوان وبلكجار وتوجيه ضربة كيمياوية نتج عنها قتل ٥٠ مخرب وجرح ٢٠ مخرب أخر".
حاول كل من البيشمركه وسكان تلك القرى من التقليل من الخسائر الناتجة عن الضربات الكيمياوية فاستخدموا المضادات لها وعلمت السلطة بذلك كما ورد في كتاب مديرية الأستخبارات العسكرية العدد م ٥ /ش ٣ /ق ٢ /٩٨٧٩ في ١٨/٥/١٩٨٨ "بعد الضربات الخاصة التي تم توجيها الى القرى التي تتواجد فيها مقرات وقواعد العملاء وزعت تنظيماتهم كميات من الادوية الطبية المضادة للضربات الكيمياوية (أبر وحبوب) على أهالي تلك القرى والقرى المجاورة".بعض محاولات التقليل من ضحايا الأسلحة الكيمياوية كانت بدائية كمحاولة استخدام (دهن البريك) كما ورد في كتاب أمن اربيل في ٧/٧/١٩٨٨ "توفرت معلومات تفيد بتهريب مادة الزيت (دهن البريك) الى القرى المحذورة أمنياً والى الجهات التخريبية لاستعمالها أثناء القصف الكيمياوي ولانها تقي الجسم بعد الأصابة بالمادة الكيمياوية مع فقدان هذه المادة من السوق وارتفاع سعر الكارتون من الزيت المذكور من ٣٠ دينار الى ١٢٠ دينار".
أما وثيقة قصف التجمعات السكانية عند بدء عمليات خاتمة الأنفال والتي أنكر استخدامه وزير الدفاع عدنان خيرالله فهي  كتاب مكتب رئيس أركان الجيش المرقم ر ا ج/ ١١٢٢بتاريخ ٢١/٨/١٩٨٨  حيث ورد فيه " الى قائد الفيلق الاول والفيلق الخامس اللقاء الذي جرى معكم في مقر الفيلق الاول في كركوك يوم ٢٠ آب ٨٨ بحضور معاون رئيس أركان الجيش للعمليات ومدراء الحركات العسكرية وطيران الجيش لمناقشة خطط عمليات الأنفال المقبلة نسبنا ما يلييجري تحديد التجمعات السكانية في قاطع فل ٥ وتعالج بالضربات الخاصة المكثفة قبل الشروع بالتنفيذ ب ٤٨ساعة لخلق حالة الذعر في صفوفهم ومنعهم من التعاون مع المخربين مع متابعة تنقلهم ضمن المنطقة مع ضرورة الحذر الشديد من ضرب القرى السكانية المتاخمة للحدود العراقية-التركية".

قدرات ايران واستخدامها للسلاح الكيمياوي اثناء الحرب العراقية -الأيرانية

كما عرضنا أعلاه فأن جزء أساسياً من استنتاج بتليير بأن ايران  قامت بقصف حلبجة يستند على أن ايران كانت منتجة للسيانيد وهو عدا كونه استنتاج غير مقنع لصعوبة استخدام السيانيد كسلاح كيمياوي فالوثائق العراقية والتي نشرت قبل فترة قصيرة لا تذكر هذا العامل على أنه كان من ضمن قدرات ايران العسكرية
فكتاب مديرية الأستخبارات العسكرية العامة المعاونية الخامسة /ايران الكتاب والموقع
بتاريخ ٤ تموز ١٩٨٨ والموجه الى "السيد الرئيس القائد (حفظه الله) ورئيس أركان الجيش ومدير جهاز الأمن الخاص كتابنا السري للغاية وشخصي م/ش/٨٦ ٢١٣ في ٤ ت ١٩٨٧ "
ذكر" ثبوت امتلاك العدو للأسلحة الكيمياوية من (عوامل الفوسجين الخردل السي أس) ولمدة فترة عدة أشهر على عدم استخدامها الا بنطاق محدود جداً فردي".
عدا عدم وجود هذا العامل ضمن قدرات ايران العسكرية في ذلك الوقت فتوجد وثيقة عراقية أخرى تفند استنتاج بتليير وهو أن ايران قد أستخدمت السلاح الكيمياوي في القتال الذي جرى في حلبجة ففي مطالعة مديرية الأستخبارات العسكرية العامة ، المعاونية الخامسة/ ايران
"عن أماكن وتوقيتات استخدام العدو للعوامل الكيمياوية خلال الحرب" والتي ذكرت تواريخ وامكان أستخدام الأيرانيين للسلاح الكيمياوي والتي ورد فيها "ح- استخدام عامل الخردل بالمدفعية يوم ١٣ ت ٢ ٨٧ على مقر ل مش ٨٢ في قاطع فل ١ (ماوت) عدد القنابل الساقطة ٣٠ قنبلة عيار ١٣٠ ملم.
ط- استخدام عامل سي أس بالهاونات ١٢٠ ملم يوم ٢٣ آذار ٨٨ على مقر ل ١٠٧ فق ١٥ قاطع فل ٧ ( عدد القنابر ٣)".
يتضح من هذه المطالعة أن ايران لم تستخدم السلاح الكيمياوي عندما قصفت حلبجة به بتاريخ ١٦/٣/١٩٨٨.

ما الدافع لقصف حلبجة؟
ظل الدافع لقصف حلبجة من قبل الرئيس صدام غير معروف الى فترة قريبة حيث كان هناك تفسيرين لدافع قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي الأول كان لايقاف هجوم الايرانيين بأي ثمن حتى لو كان وقوع خسائر هائلة بالمدنيين والثاني الأنتقام لعدم دفاع أهالي حلبجة عن مدينتهم وترحيبهم بالايرانيين ،
وعند قراءة حديث الرئيس في  محضر أجتماع للقيادة العامة للقوات المسلحة العراقية عقد  بتأريخ ٢٥/٥/١٩٨٨  أي بعد أقل من ثلاثة اشهر من قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي  وقوله " شجعتهم معركة حلبجة ، خيانة أهل حلبجة ، يعني كل أهل حلبجة خونة جميعهم ، فأن لم يكن جميعهم يعني الا ما شاء الله ، هم خونة تأريخياً ، هولاء لأنهم استقبلوهم بالزغاريد "
يتضح من هذه الوثيقة أن الانتقام من أهالي حلبجة كان الدافع لقصفها بالكيمياوي فمن يخون حتى لو بالنوايا مصيره كما قال مرة لاشي غير السيف.
الخلاصة ان استنتاجات بتليير القائمة على تفحص صور ضحايا القصف الكيمياوي غير صحيحة وان وثائق وتسجيلات النظام السابق تؤكد استخدام السلاح الكيمياوي ضد الأكراد أثناء عمليات الأنفال وان العراق وليست ايران كان المسؤول عن قصف حلبجة بذلك السلاح .