السبت، 3 ديسمبر 2011


أرفق هنا وثيقة تتضمن قائمة باسماء القرى التي تمت ازالتها في المرحلة الثانية لتجميع أو تدمير القرى المحذورة أمنياً وهي المرحلة التي سبقت البدء بالعمليات العسكرية "الانفال" لتدمير ما تبقى من تلك القرى .
القرى في هذه القائمة كانت خاضعة لسيطرة الدولة عكس القرى التي تم تدميرها في عمليات الانفال والتي كانت خارج سيطرة النظام وكما تطرقنا الى ذلك في الجزء الرابع من عمليات الأنفال .

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

أخبار قديمة عن غزو الكويت

بعث لي أحد القراء مشكوراً أخبار من صحف عراقية أرفق بعض منها هنا ، وهي خاصة بغزو الكويت ، منها بيانات صادرة عن الحكومة الموقتة عن استجابة العراق لمطلب الحكومة الموقتة بمساعدة "الثوار" وتصريح ناطق من مجلس قيادة الثورة عن أن العراق سينسحب من الكويت وفق جدول زمني محدد لا تجاوباً مع " الجعجعة الفارغة" وانما "التزامنا بمبادئنا وننسجم مع أنفسنا". يعتقد بعض الكتاب أن العراق كان يعتقد أنه يستطيع تشكيل حكومة من الكويتيين تكون خاضعة له ويقوم فعلاً بسحب قواته أو الغالبية العظمى منها ، وهذه البيانات الصادرة عن الحكومة الموقتة وعن مجلس قيادة الثورة تنسجم مع هذا التصور، لكن الخطة تغيرت بعد أن فشل العراق في تشكيل الحكومة وردة الفعل العالمي للغزو ومطالبته بعودة الحكومة الكويتية هي التي أدت الى عدم التزام العراق " بالمبادىء " وعدم انسجامه مع نفسه كما ورد في تصريح الناطق.
الخبر الأخر المرفق هو تصريح ناطق رسمي عن أن اجتماع جدة هو اجتماع بروتكولي ليس ألا، وهو كما سبق أن أشرنا في الجزء الأول من غزو الكويت ، يدل على العراق كان بحاجة للوقت لان استعداد وتجهيزات الحرس لعملية الغزو كانت غير مكتملة، فالعراق كان قد حكم على الاجتماع مسبقاً أنه مجرد اجتماع أولي برتكولي وسيعقبه اجتماع في بغداد الذي سيتم فيه حل كافة المشاكل .
































الاثنين، 5 سبتمبر 2011

الجمعة، 15 يوليو 2011

اغتيال بالثاليوم..والطرود الملغمة

في فصل اغتيال عادل وصفي تطرقت الى عمليات اغتيال وتصفية لمعارضين أو حاملي وجهات مختلفة لوجهة نظر السلطة نفذتها فرق اغتيال تابعة للمخابرات العراقية سقط الضحايا خلالها صرعى بالرصاص. هناك ضحايا اخرون سقطوا صرعى لسم الثاليوم واخرون اغتيلوا أو جرت محاولة لاغتيالهم بالقنابل.ليس هناك عدداً موثقاً لمحاولات الأغتيال تلك لكن أرفق هنا أكثرها شهرة أو توثيقاً .
مجدي جهاد صالح عضو حزب البعث جناح اليسار قدم طلباً للموافقة على سفره لاصطحاب ابنته الصغيرة لعلاجها في بريطانيا عام ١٩٨٠، وبعد أستدعاه لدائرة الأمن لانجاز المعاملة ، قدم له عصيراً من البرتقال وسلم له جواز السفر وعليه ختم الموافقة بالسفر.
بعد وصوله الى بريطانيا بدأت عليه علامات المرض. حيث ذكر تقرير الطبيب الذي أشرف على علاجه أنه أصيب بالتهاب الكبد ، ثم ظهرت على جسمه تقيحات جلدية اعتقدوا في البداية أنها كانت نتيجة لمرض تسمم الدم من قبل عصيات جرثومية لكن زراعة الدم المختبرية لم تتفق مع ذلك التشخيص. تدهورت حالته الذهنية وتساقط شعره واظهرت فحوصات الدم والبول أن نسبة مادة الثاليوم كانت عالية ورغم أعطاه المادة المضادة لسم الثاليوم فقد أصيب بحالة هيجان وهذيان حتى أصيب بحالة من الاغماء وتوفي كنتيجة لمضاعفات التهاب الرئة والقصبات الهوائية.

سلوى البحراني

استاذة جامعة ألقي القبض عليها كمحاولة للضغط على عائلتها لكي يسلم ابنها ,أحد أعضاء حزب الدعوة نفسه ، وقبل أطلاق سراحها تم تسميم طعامها تدهورت حالتها الصحية بعد ذلك وتساقط شعرها وتوفيت بعد أيام من أطلاق سراحها.

شوكت عقراوي -مهندس كيميائي- خريج جامعة ليدز البريطانية حسب مجلة New Scientist الصدارة عام ١٩٨١ تمكن عقرواي بعد دخوله الى المستشفى في بغداد من الاتصال بها هاتفياً حيث قال لهم '' الحادث الذي دبروه لي لم يقتلني ، لذلك سمموني بالثاليوم بعد دخولي الى المستشفى . أبلغ وداعي للجميع" ..ثم انقطع خط الأتصال.

صالح اليوسفي
سياسي كردي عراقي ووزير سابق وأحد الأعضاء البارزين في الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق. بعد إعلان بيان ١١ اذار سنة ١٩٧٠ تقلد عدداً من المناصب السياسية منها وزير الدولة ونائبا لرئيس جمعية الصداقة والتعاون العراقية السوفيتية ورئيس اتحاد الأدباء والكتاب الكرد وعضو مجلس السلم والتضامن العراقي وغيرها من المناصب السياسية في العراق . وبعد التوقيع على أتفاقية الجزائر بين العراق وايران في سنة ١٩٧٥ وصل به المطاف ليستقر في مدينة بغداد. وفي شهر أيار من سنة ١٩٧٦ قام اليوسفي بتأسيس الحركة الاشتراكية الديمقراطية الكردستانية. أغتيل اليوسفي بواسطة طرد بريدي مفخخ أرسل إليه في مقر إقامته بمدينة بغداد في ٢٥ حزيران من سنة ١٩٨١.عن حادثة اغتياله ورد في كتاب صالح اليوسفي لزوزان صالح اليوسفي "
في ٢٥ حزيران من سنة ١٩٨١ وفي الساعة الحادية عشرة صباحا جاء ساعي بريد إلى منزل صالح اليوسفي وطرق باب المنزل ففتح اليوسفي الباب فسلمه الساعي طردا على شكل رسالة بريدية ثم بدأ اليوسفي يوقع على مستند التسليم لهذه الرسالة البريدية المسجلة وبعدما ذهب ساعي البريد بثواني انفجر الطرد البريدي. وعلم فيما بعد أن ساعي البريد كان أحد منتسبي مديرية الأمن العامة برتبة مفوض ويعمل في الشعبة الثالثة المخصصة لمكافخة النشاط الكردي وأنه تم تفجير الطرد عن بعد من قبل مجموعة أخرى كانت تنتظر الساعي داخل سيارة نوع بيك آب خلف بيت اليوسفي. بعد الانفجار سقط اليوسفي على الأرض ولكنه ظل واعيا وكانت يده اليمنى التي وقع فيها إيصال التسليم هي أشد ماتضررت ورغم جراحاته كان يحاول النهوض وعجز عن الكلام لشدة الجراح التي أصيب بها بسبب الانفجار. هرعت زوجته وبناته إليه وأخذن زوجته يستنجدن بالمارة وبالجيران الذين تجمعوا بعد سماعهم صوت الانفجار. ثم بادر الجيران إلى إيقاف إحدى السيارات المارة وحملوا اليوسفي بها ومعه زوجته قاصدين مستشفى اليرموك وأدخلوه إلى قسم الطوارئ. وبعد دقائق من دخوله غرفة العمليات, حضرت سيارة خاصة تابعة للأمن وخرج منها بعض الرجال وانتظروا في المستشفى إلى أن تأكدوا من وفاة اليوسفي. وفي الساعة الثانية عشرة ظهراً أي بعد ساعة من تفجير الطرد الملغم توفي اليوسفي متأثرا بالجراح البالغة التي أصيب بها. بعد وفاته طلبت عائلته من السلطات الموافقة على نقل جثمانه إلى مدينة زاخو وكان ذلك رغبة وتوصية منه وفي حال رفض السلطات ذلك فإن عائلته ستطلب من الجهات الحكومية بنقل جثمانه إلى مدينة كربلاء لدفنه هناك. ولكن السلطات وافقت على طلب العائلتة بدفن جثمان اليوسفي في مدينة زاخو. وسار موكب الجثمان ليلا إلى المدينة مع عائلته وأقربائه ووصلوا إليها فجرا وتمت إجراءات دفنه في ذلك الصباح في مقبرة مدينة زاخو تحت مراقبة شديدة من أفراد الأمن العراقي. وبعد عدة أشهر من اغتيال اليوسفي قررت عائلة اليوسفي ترك مدينة بغداد والسكن في مدينة زاخو".

وورد في كتاب مراقبة حقوق الأنسان Human Rights in Iraq الصادر عام 1990 ، حيث اجرت مقابلة مع سامي شورش وهو كاتب وشاعر كردي ،نائب في البرلمان بعد سقوط النظام ، فقال
" كنت أعمل في راديو في مركز المعلومات الكردي في الأراضي المحررة من عام 1980 الى 1987 . بتأريخ 24 تشرين الثاني 1987 ذهبت الى منطقة ميركه لكتابة قصة عن المعركة هناك. كنت مع الدكتور محمود عثمان وعدنان المفتي ومصطفى محمود واخرين. تناولنا الغداء وشربنا اللبن. بعد ساعة من ذلك قال أحد الرجال أنه يشعر بالمرض وخر على الأرض. نقلناه الى المستوصف حيث ابتدأ بالتقيو واصيب بالشلل لكنه توفي. ثم تمرض شخص ثم ثالث وتوفيا أيضاً. ذهبنا الى مستشفى في المنطقة المحررة حيث فحصنا الطبيب هناك وقال لنا انكم قد سممتم لكنه لا يتوفر لديه أي عقار لمعالجتنا.
كان ذلك هو اليوم التالي لتناولنا الغداء ولم أشعر بأي أعراض بعد، لكن صباح اليوم التالي شعرت بألم في المعدة وفي رجلي. رفاقي الدكتور محمود عثمان ، عدنان المفتي ومصطفى محمود شعروا بنفس الأعراض. ارسلنا الى مستشفى في ايران ، وهي رحلة استغرقت ثلاثة أيام وكانت رحلة شاقة.
كنا مرضى للغاية . آلم المعدة والساق ازداد سوءا لا أستطيع تناول الأكل وابتدأ شعري بالتساقط. . كنت أشعر بدوار مستمر. نقلونا أنا وعدنان ومصطفى الى مستشفى في طهران تابعة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني وشخصنا الطبيب هناك بالتسمم بالثاليوم لكنه قال لايتوفر العلاج له في ايران. زارنا شخص من الأمم المتحدة مصطحباً معه طبيب ألماني لمعاينتنا والذي قال أن حالتنا سيئة للغاية واحتمالية بقائنا أحياء ضئيلة أن لم ننقل الى أوربا للعلاج. اعطونا أوراق سفر لكن الأيرانيين لم يسمحوا لنا بالسفر مباشرة. ابقونا لمدة 25 يوم أخرى لكي تزداد حالتنا المرضية سوءا ونموت في أوربا لخلق نوع من الدعاية ضد العراق. عندما وصلت الى لندن كنت غير قادر على المشي وعلى النطق. عولجنا في مستشفى بريدج في لندن.
حيث بقيت اتلقى العلاج لمدة ثلاث اسابيع وكذلك عدنان أما مصطفى فقد استمر علاجه لمدة شهرين حيث احتاج لعملية في الكبد."
ويذكر الكتاب أن طبيباً يعمل لمنظمة العفو الدولية قام بفحص سامي شورش ، عدنان المفتي ومصطفى محمود حيث أكد لها اصابتهم بتسمم بمادة الثاليوم. وعندما نشرت المنظمة تقريرها قام السفير العراقي في بريطانيا في حينها محمد المشاط بتكذيب التقرير قائلاً " أن التقرير هو جزء من سلسلة أكاذيب مختلقة من قبل المنظمة ، في وقت اثبتت عجزها عن التوضيح للراي العام الجرائم المرتكبة من قبل النظام الأيراني وحليفها الكيان الصهيوني".
وورد أيضاً في ذلك الكتاب أيضاً وفاة عراقي أخر ، عبدالله رحيم شريف علي ، بالثاليوم. توفي علي بعد تناول العشاء مع ثلاثة من رجال الأعمال العراقيين قدموا من بغداد حيث زاروا لندن ليوم واحد ولا
يبدوا أنهم قاموا بأي عمل أخر عدا اللقاء بعبد الرحيم.
محاولة اغتيال مصطفى البرزاني

بعد فترة قصيرة من اعلان بيان اذار ١٩٧٠ ظهر تلكؤ من قبل السلطة لتنفيذ ما ورد فيه توج ذلك بمحاولة اغتيال مصطفى البرزاني من خلال جهاز تسجيل ملغم أرسل مع مجموعة من رجال الدين قامت بزيارته .عن تلك المحاولة ورد في كتاب "البارزاني والحركة التحررية الكردية " لمسعود البارزاني "في يوم ١٥ أيلول ١٩٧١ أقبل الى المقر كل من العالمين الدينين عبدالجبار الأعظمي وهو سني المذهب وعبد الحسين الدخيلي وهو شيعي بقصد زيارة البارزاني فاستقبلهما مرحباً محتفياً. وزعم بأنهما قصداه بسبب تردي الاوضاع بين الثورة وبين النظام وبينا له تأثير ذلك
على الرأي العام وانهما جاءا ليعلماه بأنهما سيقومان بحملة بين علماء ألدين
والناس لأجل القيام بمحاولة رأب الصدع ورأيا أن يستمزجا رأي البارزاني في هذه الخطوة.
استحسن البارزاني الفكرة وتحمس لها وشجعهما عليها. كان السائق الذي أقلهما واحداً من موظفي أجهزة المخابرات فانتهز الفرصة بناء على التعليمات التي زود بها واجرى استطلاعاً للمنطقة وعرف بموضع جلوس البارزاني والمداخل والمخارج المؤدية اليه.
وفي يوم ٢٩ أيلول ١٩٧١ أقبل الوفد المنتظر الى حاجي عمران . وفي هذه المرة كانت هناك سيارتان احدهما من طراز تويوتا ستيشن واخرى شفروليت صالون طراز ١٩٦٥ ، أوقف الضابط المسؤول في سيطرة حاجي عمران السيارتين ومنعهما من المرور والاتجاه الى مقر البارزاني الا أن عبد الجبار الأعظمي خرج اليه مهدداً بالشكوى منه لدى البارزاني. فخشى المسؤول العاقبة وافسح للسيارتين السبيل.
في الساعة الرابعة من عصر ذلك اليوم كنت مع
دكتور محمود عند الوالد وكان على مع موعد
لزرق أمبول له. في تلك الأثناء أقبل ضابط المقر وناولني رسالة ذكر فيها بأن الملالي قد وصلوا وهم ينتظرون قدوم البارزاني. قال البارزاني : سأصلي صلاة العصر وسأكون معهم في الخامسة والدقيقة الثلاثين ، قلت للدكتور محمود : إن ذهبت لأستقبال الضيوف فإني سأذهب لأحلق لحيتي وأعود في الخامسة.
كان ادريس غائباً وهو في زيارة لمقرات البيشمركة في زوزك وكريبيش وحسن بك.
في الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة والخمسين طرق سمعي صدى انفجار عظيم. وتصورت أنه لغم
ديناميت مما كان يستخدم وقتذاك لتفتيت الصخور في الجبال. لكن تلاه رأساً صدى اطلاقات نارية كثيفة فركضت رأساً نحو منزل الوالد متصوراً أنه في المنزل لكني لم أجده فيه.
فتناولت بندقيته واسرعت قاصداً موضع الأستقبال وسألت نهاداً أين الوالد قال قتل. فتهاويت على الأرض وقد خانتني قواي ثم تحاملت على نفسي ونهضت وتوجهت متعقباً مصدر أطلاق النار . والتقيت البيشمركه رسول خدر من حرس الوالد وسألته عنه فأجاب أنه سالم فأطمئن بالاً. على أنه كان جريحاً بشظية من الرمانات المقذوفة.
تبين لي فيما بعد أن البارزاني سبق الموعد الذي
ضربه للقاء وقصد القادمين بعد صلاة العصر مباشرة. ودخل فرحب بهم وجلس ودخل النادل شريف أبن شريف واخذ يضع اقداح الشاي أمام الضيوف ووقف بين العبوة الناسفة التي يحملها ابراهيم الخزاعي أحد العلماء في طيات ثيابه فبات سداً واقياً للبارزاني عندما فجرت العبوة وهكذا وبمعجزة خرج البارزاني سالماً. وقتل في غرفة الأستقبال أربعة من القادمين بشظايا العبوة الناسفة . واصيب الجالسون عن يمينه ويساره وخرج القادرون منهم منهزمين وترك البارزاني الغرفة وهو يهيب بالبيشمركه لاتقتلوا أحداً منهم . ألا أن السائقين أخذا يقذفان الرمانات اليدوية كيفما اتفق بعدما فشلا في الوصول الى سيارة الشوفرليه التي كانت هي الأخرى مفخخة ووضعت صواريخ في موضع المصباحين الخلفيين لاطلاقها على السيارة التي تتعقبها اذا كتب لهم النجاح والفرار بها. وهذا يدل أن خطة الهروب للساقين ، وهما ضباط أمن ، كانت قد أخذت في الحسبان بينما لم يكن هناك ما يشير الى اهتمام بنجاة الملالي. واصيب البارزاني بخدش بسيط من شظية. وجرح قسم من الحراس واذ ذاك لم يعد بالامكان السيطرة على هياج البيشمركه فتعقبوا السالمين.
واعتصم أثنان منهم في المنزل المجاور وبدءا يقومان بالقاء الرمانات اليدوية حتى قضي عليهما. بقي الدكتور محمود يلازم البارزاني الى الأخير وقد سلم هو الاخر ولم يصب بخدش.
وقف البارزاني في الشرفة يصدر أوامره بمنع قتل الهاربين حين أصيب بشظية في خده. وحاول أشعل سيكارة فالتفت
اليه دكتور محمود وقد أخذ بكفه قائلاً : دفع الله عنك السوء. أهذا وقت السيكارة ناشدتك الله أن أنسحب الى موضع آمن.
كان قد أصاب ثيابه نثار من امخاخ القتلة المنفجر. انتهى كل شيء في الساعة الخامسة والدقيقة الخامسة والعشرين بالقضاء على المتآمرين.
بعد أن انفض الجمع انفجرت سيارة التويوتا الموقتة وتطايرت شظاياها في الساحة. ولا ندري ماذا كان سيحل بالناس لو أن الأنفجار لم يتأخر. قتل تسعة من رجال الدين ( عبد الجبار الأعظمي، عبد الوهاب الأعظمي ، عبد الحسين الدخيلي، باقر المظفر ، ابراهيم الخزاعي (حامل آلة التسجيل المفخخة) غازي الدليمي ، أحمد عبدالله ياسين الهيتي ، نوري الحسيني ، أحمد محمد قاسم ) مع السائقين ( سليمان كوخي ومحمد كامل اسماعيل).
واستشهد أثنان من البيشمركه سليم زبير البارزاني ومحمود شريف نزاري. وجرح أربعة عشر اخرون. في الساعة السادسة عصراً عاد ادريس فبعثت رسولاً اليه قبل وصوله لاستقباله بدربند لاحاطته علماً بما
وقع وبسلامة الوالد.
وذاع نبأ المؤامرة بين المواطنين فاقبلوا الى حاجي عمران وابوا ألا أن يشاهدوا البارزاني. وهم شاكرون فضلاً من الله عليهم بسلامته. وفي ليلتها عممنا برقية ألا سائر الفروع والمقرات ومعسكرات البيشمركه نوصيهم بضبط النفس وعدم القيام بأي عمل استفزازي. وجاءتنا برقية من القيادة القطرية العراقية لحزب البعث مهنئة بنجاة البارزاني مزهرة استعدادها الكلي للتعاون معنا في محاولة الكشف عن المدبرين و الضالعين . فأجبناهم أن الذين نفذوا المؤامرة جاووا من بغداد.
ثم بعث رئيس الجمهورية بالدكتور عبد الستار الجواري أحد الوزراء مندوباً للتهنئة وللاعراب عن اسفه الشديد لما حدث موكداً عدم علمه بها مطلقاً. وتألفت لجنة مشتركة لاجراء التحقيق من : حامد العاني وكيل وزارة الداخلية. وحازم القاضي مدير أمن اربيل. والمقدم الركن علاء الجنابي من الأستخبارات العسكرية. وعلي عبدالله والشيخ رضا كولاني مدير شرطة اربيل واحسان شيرزاد ونافذ جلال.
بطبيعة الحال لم يسفر التحقيق عن أي نتيجة للسبب البسيط : أن النظام هو الذي دبر المؤامرة استناداً الى المعلومات التي تزودت بها أجهزة استخبارات الثورة.
اجتمعت قيادتا الحزب والثورة وطلب بعضهم قطع العلاقات مع النظام واستئناف القتال الأ أن البارزاني عارض في ذلك قائلاً " كلا لو بدأنا بالقتال فليكن من أجل كركوك وخانقين وسنجار لا بسببي".
ثم أعيد وزراونا الى بغداد لاستئناف أعمالهم. واقولها للحقيقة أن الأعتداء الذي وقع في 29 أيلول قضى على كل أمل في الحل السلمي وتبين أن المسألة أصبحت مسألة وقت وأن الثقة زالت تماماً.
الأ أن سؤالاً يفرض نفسه هنا. هو هل كان رجال الدين هولاء يعلمون بالمؤامرة ؟ أم أنهم كانوا مجرد أدوات وضحايا؟
في رأيي أنهم كانوا يجهلون ما جاووا في سبيله. وقسم منهم لم يكن لديه أي فكرة غير ما انتدبوا له. ما بات واضحاً فيما بعد أن كلاً من عبدالجبار الأعظمي وعبدالحسين الدخيلي وغازي الدليمي وابراهيم الخزاعي كانوا أما عناصر أمن أو من المتعاونين. لكنهم كانوا يجهلون تفاصيل المؤامرة. أما الخزاعي الذي حمل آلة التسجيل المفخخة فقد تصور أنه يسجل صوت البارزاني والمتحدثين الأخرين ليس ألا. لكن سائقي السيارتين كانا من الضالعين في المؤامرة والمطلعين على أدق تفاصيلها.

الاثنين، 11 يوليو 2011

جريدة الناس..ومواضيع مقتبسة من المدونة

قامت جريدة الناس باعادة نشر فصول من المدونة وهو عمل تشكر عليه لكنها للأسف لم تذكر المصدر أو تشير اليه والاصح باعتقادي ذكر المصدر أو الأشارة اليه مع التقدير لهم.

الأحد، 3 يوليو 2011

مجلة العربي...عن فلم الدفاع الأفضل وغزو الكويت

كان غزو العراق للكويت عملاً لم يخطر ببال أحد واستهجن حتى لو ورد في فلم من أفلام هوليوود ،
ففي مقالة عن صورة العربي في هوليوود في مجلة العربي الكويتية, في عددها الصادر قبل سنتين من الغزو, استهجن كاتب المقال فكرة فلم الدفاع الأفضل " Best Defence"
وكانت قيام العراق بغزو الكويت فكتب
"في فيلم الدفاع الأفضل الذي ظهر عام 1984 نرى كيف يقوم الجيش العراقي بمهاجمة الكويت ، أن أي شخص يعرف ولو قدراً ضئيلاً من المعلومات عن الوطن العربي لايمكن أن يظهر القوات العراقية وهي تصب حممها على الكويت ، فالكويت والعراق قطران عربيان جاران كما أن الكويت لم تطلب أبداً مساعدة القوات الأمريكية لمواجهة قوات عربية حليفة".












الاثنين، 13 يونيو 2011

الأربعاء، 8 يونيو 2011

عدد قديم من جريدة الجمهورية..عن وفاة وزير الصناعات الخفيفة طارق حمد العبدالله

أرفق هنا عدد قديم من جريدة الجمهورية فيه خبر عن وفاة طارق حمد العبدالله وزير الصناعات الخفيفة كنتيجة "لحادث مؤسف" ويعلن الخبر أنه كان مصاباً ولفترة طويلة بمرض عضال ومرض الكآبة.
الأعتقاد السائد أنه قد قتل، وقد اوردت في الجزء الأخير من فصل دولاب الدم ماذكره مزهر الدليمي في كتابه "محطة الموت" عن كيفية اغتيال العبدالله.
لكن بعض المعلقين على ذلك الفصل ، وان اكدوا أنه قد قتل ، نفوا صحة ماكتبه الدليمي.
احدهم كان نجله مازن لكنه للأسف لم يوضح لنا كيف ولماذا قتل العبدالله.

تلك الحادثة لا زالت محيرة في نظري ، ومصدر الحيرة هو أن كان الرئيس صدام راغباً في التخلص من العبدالله ، لماذا تم قتله واعلان خبر وفاته كانتحار، لماذا لم يتهم بمؤامرة؟ ويعدم كغيره من رجال السلطة السابقة فهي طريقة أسهل من أخراج وفاته كعملية أنتحار.

الجمعة، 13 مايو 2011

القسوة لدى صدام حسين...."غزو الكويت"...الجزء الثالث..

"لم تكن السنوات كما هي السنوات العادية، ولم تكن الأشهر أو الأيام كما هي الأشهر أو الأيام الطبيعية، مما كان قد مر على الأمة والعراق، إبان العدوان الإيراني. ولم يكن كثراً أولئك الذين أدركوا مخاطر ما كان قد خطط له الأعداء ضد الأمة، وما كان سيصيب أقطار الأمة، في مشرقها أو مغربها، والآخرين، لو تحقق فأل الخائبين. وكانت وقفة الأخ جابر الأحمد الجابر الصباح، ووقفة شعب الكويت الشقيق، ذات مكانة خاصة في نفوسنا، وذات تأثير أكيد في مجرى الصراع، لصالح الأمة، وإلى جانب نصرها العظيم. وقد وقفت الكويت، بوعي وبسالة، بوجه المعتدين الطامعين، وصمدت لكل الظروف، التي أريد، من خلالها، أن تنسلخ الكويت عن طبيعتها أو هويتها، وعن مبادئ الأمة الواحدة، ومستلزمات الأمن القومي. واستمرت الكويت، كما هو الأمل فيها، ملتصقة بجلدها، وبالمبادئ والسياسات، التي لولا التأكيد عليها والالتزام بها، لأصبح العرب جميعاً في حالة يرثى لها. فتقديراً لكل هذا، وعرفاناً وتوثيقاً لموقف الكويت المشرّف، واستناداً إلى أحكام الفقرة "أولاً"، من المادة الخامسة، من قانون الأوسمة والأنواط، رقم ٩٥، لسنة ١٩٨٢. "رسمنا بما هو آت" منح صاحب السمو، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت وسام الرافدَين، من الدرجة الأولى، ومن النوع المدني" صدام حسين .....٢٣ أيلول ١٩٨٩

"ايها الشعب العراقي العظيم يا درة تاج العرب ورمز عزتهم واقتدارهم وعقال رؤوسهم ايها العرب الغيارى بان امة العرب امة واحدة وان حالها ينبغي ان يكون واحدا عزيزا كريما . وان الدنس والخيانة والغدر يجب ان لاتتصل بصفوفهم ونواياهم .ايها الناس ، حيثما كان العدل والانصاف دينكم . لقد خسف الله الارض بقارون الكويت واعوانه بعد ان جانبوا القيم والمبادئ التي دعا الله لتسود بين الناس . وبعد ان خانوا وغدروا بالمعاني القومية وشرف معاني العلاقة بين من يتولون امرهم من الناس ومع العرب .فأعان الله الاحرار من بين الصفوف المخلصة ليقضوا النظام القائم في الكويت والضالع في مخططات الصهيونية والاجنبي"... بيان مجلس قيادة الثورة ٢/٨/١٩٩٠

طرح العراق أسباب عدة لغزو الكويت بعضها كانت متناقضة ومتضاربة أما مع ما كان معلن من ثوابت أو كان متضارباً لما طرح من مبررات للغزو. فقبل الغزو كان سبب الأزمة خلافا على أسعار النفط ثم أضيف الى ذلك خلاف الحدود ، ويوم الغزو كان تلبية لنداء ثوار الكويت للتدخل لمساعدتهم يعقبه أنسحاب للقوات , وبعد أيام من الغزو يطلب الثوار أنفسهم عودة الفرع الى الأصل ويلبي الرئيس صدام طلبهم وينسى أصل الخلاف ويصبح الحديث عن الانسحاب من المحرمات , وعلى الرغم من تعدد مبررات الغزو لكن ضرورة التوثيق تقتضي استعراضها.

المبرر الأول الحملة الأعلامية و المؤآمرة النفطية

كما سبق الأشارة عن صعوبة معرفة تاريخ قرار الغزو كذلك تبدو نفس الصعوبة ظاهرة عند محاولة معرفة خلفية الأزمة أو المبرر الأول للغزو وهو حسب طرح العراق مؤآمرة كبرى ضده. وعلى الرغم من هذه الصعوبة فعند مراجعة الأحداث التي سبقت الغزو يمكن القول أن العراق بدا في تلك الفترة وكانه يلعب دورين دور الضحية ودور البطل في الوقت نفسه . دور الضحية من خلال الحديث في وسائل الأعلام عن وجود مؤآمرة ضده بهدف ضرب قدراته العسكرية ومنعه من الحصول على التكنلوجيا العسكرية ودور البطل من خلال تصعيد لهجة التحدي والمجابهة مع الغرب. أما على الطرف الأخر أي الطرف الغربي فيتبين موقفين موقف وسائل الاعلام والصحافة الغربية واتسم بهجوم ضد السلطة بعضه كان نتيجة لقيام السلطة نفسها بتصعيد الهجوم، وموقف أخر وهو موقف الحكومات الغربية وهو على العكس من وسائل الأعلام الغربية بدا وكأنه مهادنا للعراق. هذه الملاحظات يمكن من استنتاجها عند مراجعة تسلسل الأحداث منذ بداية عام ١٩٩٠.

١- خطاب الرئيس صدام في قمة مجلس التعاون العربي
كان العراق هو البادىء ,فجأة, بلهجة التصعيد والتحدي وذلك في خطاب ألقاه الرئيس صدام في قمة مجلس التعاون العربي في عمان بتأريخ ٢٤ شباط ١٩٩٠ فبعد أن أشار الى التطورات التي حدثت على الساحة الدولية وهي " أن أمريكا قد أصبحت في موقع الأرجحية، في السياسة الدولية" وان "الاتحاد السوفيتي تزحزح عن الموقع المتكافئ مع أمريكا" والذي كان المحامي الدولي الأول عن العرب، في ميادين الصراع العربي ـ الصهيوني" ذكر بأن تلك التطورات قد تدفع الولايات المتحدة "بنهجها الرأسمالي المعروف، وسياستها الإمبريالية" "إلى ارتكاب حماقات ضد مصالح العرب وأمنهم القومي، سواء بصورة مباشرة، أو عن طريق تأجيج وتشجيع صراعات مؤذية للعرب" . وطلب الرئيس صدام من العرب مواجهة تلك التغيرات لا الخضوع لها حيث قال " لا موقع مؤثراً في صفوف الخيرين العرب، للمرتجفين من القول، بأن أمريكا ستكون لها الأرجحية، كدول عظمى، وما على الآخرين إلا الخضوع ".تحقيق ذلك الهدف يتم من خلال توحيد قوى العرب ومزيداً من التعاون والتضامن العربي. وعلى العرب أن يوصلوا رسالة هي "على أمريكا أن تحترم العرب وتحترم حقوقهم، وأن لا تتدخل في شؤونهم الداخلية، تحت أي غطاء كان، وأن لا تنسى أن أمة العرب أمة عظيمة، علمت الإنسانية ما لم تعلم. وبغير هذا، لا مجال لصداقة من طرف واحـد، ولا احترام من طرف واحد، ولا مراعاة لمصالح وحقوق كائن، من كان، إلا عندما يكون قادراً على فهم واحترام حقوق ومصالح العرب وكرامتهم واختياراتهم وأمنهم القومي." وامريكا رغم وضعها الجديد فأنه من الممكن مواجهتها عسكرياً حيث ذكر " أن أمريكا، الدولة العظمى وفق ما وصفنا، قد رحلت من لبنان، بمجرد أن قتل لها بعض أفراد بحْريتها، ممن يعدون من أبرز عناوين عنجهيتها. وكادت إدارتها كلها، تصبح محل تساؤل، لو استمرت مشاغلة قواتها، التي احتلت بنما، من قبل قوات الجيش البنمي. لقد غلبت أمريكا في بعض ساحات المنازلة، رغم كل ما تملكه من قوة، وظهر عليها الوهن والإحباط والتردد، عندما اعتدت على حقوق الشعوب". وممكن كذلك الضغط عليها اقتصادياً من خلال "مئات المليارات، المستثمرة من قِبل العرب، في أمريكا والغرب، يمكن استخدامها لهذا الغرض، بل يمكن، على سبيل المثال، تحويل استثمار نقل منها إلى الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية" ومن خلال استخدام النفط كسلاح كما كان موثراً في عام ١٩٧٣. واهم ما ورد في الخطاب مطالبته بانسحاب الأساطيل الأمريكية من الخليج العربي. فبعد "ما حصل من تطور في السياسة الدولية، وبعد أن توقفت الحرب بين العراق وإيران، وبعد أن توقف العدوان على الكويت من جانب إيران ـ فإن دول الخليج العربي، ومنها العراق، بل والعرب جميعاً، كانوا ينتظرون أن يصرح الأمريكان بما ينهي وجود أساطيلهم". وحذر العرب من بقاء أمريكا في الخليج " البقعة الأكثر أهمية في العالم" يعني أن منطقة الخليج العربي، إن لم ينتبه أبناء الخليج، ومعهم كل العرب، ستصبح محكومة بالإرادة الأمريكية " وربما يتطور الأمر، إذا ما حصلت الغفلة، واستمر الضعف في موقعه، إلى الحد الذي تسعي فيه أمريكا إلى تحديد كمية ما ينتج، من بترول وغاز، في كل دولة، والكمية التي تباع إلى هذه أو تلك من دول العالم، وتحديد أسعاره، طبقاً لنظرة خاصة، تتصل بالمصالح الأمريكية، وتغفل فيها مصالح الآخرين."
التفسير الأرجح للبدء بذلك التصعيد هو رغبة العراق في فرض سيطرته الأقليمية على منطقة الخليج العربي من خلال تحدي الولايات المتحدة وقواتها واساطيلها فيه بالمطالبة بأنسحابها منه ، المفارقة هي أن تلك الأساطيل بدأت بالانسحاب فعلاً قبل هذا الخطاب واصبحت نسبتها ٥٪ من نسبة وجودها قبل انتهاء الحرب العراقية-الأيرانية حسبما ورد في كتاب Iraq's Road to War.
٢-إعدام الصحفي البريطاني بازوفت
ولد بازوفت في ايران عام ١٩٥٨ وهاجر الى بريطانيا عام ١٩٧٥ للدراسة واستقر فيها بعد قيام الثورة الأيرانية حيث عمل مراسلاً صحفياً. ولمعارضته للسلطة الأيرانية فقد سمح له بالقدوم للعراق لزيارة جبهة القتال مع ايران والكتابة عن الحرب من الجانب العراقي لها. ألقي القبض عليه في رحلته السادسة للعراق عام ١٩٨٩. حيث كتب زميل له في صحيفة الغارديان البريطانية " عند وصوله الى العراق في زيارته السادسة لتغطية انتخابات المجلس التشريعي في كردستان في أيلول من عام ١٩٨٩ سمع من بعثة صحفية أخرى عن حدوث انفجار في مصنع القعقاع أحد مصانع التصنيع العسكري بجنوب بغداد حيث قتل كما اشيع عشرات الأشخاص وكان هناك شبهة من أن يكون الأنفجار نتيجة لتجارب استخدام السلاح الكيمياوي. حاول بازوفت الذهاب الى المكان لكتابة سبق صحفي عن الأنفجار فطلب من ممرضة بريطانية "دافني بارش" كان قد تعرف عليها من أن تأخذه الى ذلك المكان وقام بأخذ عينات من تربة خارج المصنع مع التقاط صورله. بعد عودته الى بغداد أعلم فرزاد بعض الصحفيين بمهمته ، ولمعرفتهم بخطورة ما أقدم عليه نصحوه بمغادرة بغداد. حاول بازوفت العودة الى بريطانيا ليلة ١٥ أيلول ١٩٨٩ لكنه لم يفلح حيث ألقي القبض عليه في المطار. لم يعلم زملاءه بما حل له الا بعد ستة اسابيع من القاء القبض عليه عندما ظهر في التلفزيون العراقي في الاول من تشرين الثاني وبدت عليه علامات التعب والارهاق والنحول حيث أعتقد زملائه أنه قد أجبر على الأعتراف بالتجسس لصالح اسرائيل. بالرغم من محاولة زملاء له زيارته أو حضور محاكمته فلم يسمح لهم بذلك ، كلف محام عراقي قبل يوم من المحاكمة بمهمة الدفاع عنه أمام محكمة الثورة التي حكمت عليه بالاعدام وعلى الممرضة بالسجن لمدة خمسة عشرة عاماً. وكنتيجة للحكم شنت الصحف البريطانية حملة ضد السلطة واتهمتها بانتهاكات حقوق الأنسان في العراق واستخدامها للسلاح الكيمياوي ضد الأكراد.

قبل أيام من تنفيذ الحكم ببازوفت زار الرئيس أحدى المناطق الريفية في العراق حيث جرى فيه هذا الحوار مع أحد مسني تلك القرية "صدام :هساع العراقيين صاروا همه اسياد نفسهم
الشيخ:..آي..
صدام :...مو.. دازيلنه جاسوس...جاسوس...للانكليز وللاسرائيلين ..وكضبوه... وحاكموه وانحكم بالاعدام ..هساع زعلانيين يحجون يكولون لازم اطلعوه للجاسوس واذا ماطلعوه ترى آني هيج أنسوي وهيج نسوي شتكول انته..
الشيخ:شكول ليش أحد يكدر يجرب وانته موجود..".
بعد تلك الزيارة وذلك الحوار وعلى الرغم من كافة التماسات الرحمة التي وجهت للرئيس صدام ,من قبل أطراف عديدة , فقد نفذ حكم الأعدام ببازوفت يوم ١٥ اذار ١٩٩٠ .
ذكر أحد الدبلوماسيين البريطانيين والذي ذهب للقاء بازوفت قبل ساعة من تنفيذ حكم الأعدام ,من أن بازوفت لم يعلم الى لحظة اللقاء أنه سيعدم ذلك اليوم وكان آخر ما قال له أنه لم يكن جاسوساً وما قام به كانت مجرد رغبته في تحقيق سبق صحفي.
مثل اعدام بازوفت رسالة تكمل ما ابتدأ بخطاب عمان وهو موقف التحدي ومحاولة فرض أرادة العراق على المنطقة من خلال التصعيد مع الغرب. كان من الطبيعي كرد فعل لاعدام بازوفت من أن تزداد حملة الصحافة الغربية ضد العراق ,وكانت قد بدات قبل أسبوع من تنفيذه عندما اعلن العراق حكم المحكمة عليه, خاصة عندما أعلن لطيف نصيف جاسم وزير الأعلام حينها أن تاتشر ارادته حياً فسلمناه جثة. أما رد فعل الحكومات الغربية فلا يمكن وصفه ألا بالضعيف فلم تتنقده الولايات المتحدة ، أما بريطانيا فكل ما قامت به هو استدعاء السفير البريطاني لمدة شهرين للتشاور ليعود مرة أخرى بعد ذلك. فكما ذكر أحد زملاء بازوفت من أن مصالح الغرب التجارية كانت أكبر من جثة ايراني يحمل أوراق اقامة بريطانية. بعد تغيير النظام اجرت صحيفة الغارديان البريطانية لقاء مع من حقق مع بازوفت والذي ذكر أنه لم يجد ما يقنعه بتوجيه تهمة الجاسوسية لبازوفت لكن القرار اتخذ من جهة أعلى منه ، وما ينسجم مع قوله ذلك أن رفيقة بازوفت الممرضة البريطانية والتي حكمت بالسجن لمدة ١٥ عشرة سنة أطلق سراحها بعد ستة أشهر فقط من سجنها.

٣- ٢ نيسان والتهديد بحرق نصف اسرائيل بالسلاح الكيمياوي


كان من الطبيعي أن يتوقع العراق رد فعل من قبل الغرب لاعدام بازوفت ، وهو رد فعل ,كما سبق القول ,لم يكن بمستوى تصعيد العراق فقد اقتصر على هجوم أعلامي لا أكثر ورد فعل رسمي ضعيف للغاية، وعلى الرغم من ضعف ذلك الرد فقد استمر العراق بلعب دور الضحية والبطل في نفس الوقت كما ظهر في خطاب الرئيس في ٢ نيسان حيث بدا في انزعاج ظاهر من ذلك الهجوم الأعلامي لاعدام بازوفت فقال "لاحظوا، مرة جعلوا من بازوفت (طنطل)، مثلما قال أحد البغداديين. جيد، والله، إذاً، شعار حقوق الإنسان الجديد، الذي تطلقه الدول العظمى، هو حماية الجواسيس، فلعن الله الدول العظمى، التي تسيء للعراق وللأمة. والجاسوس الذي يمر بالعراق، سنقطعه إرباً، وليسمع من يسمع، ممن لديه جواسيس في هذا البلد، ليرحلّهم منه. هذا البلد للعراقيين وللعرب، ولمن يدخل العراق مسالماً صديقاً، سواء كان أمريكياً أو فرنسياً أو ألمانياً أو سوفيتياً. إذا دخل العراق بأمان، فمرحباً به، وسوف يجد كل أبواب العراق مفتوحة أمامه. ولكن إذا دخل جاسوساً على العراق، وتصور أن وراءه دولة كبرى، ففي العراق لا توجد دولة كبرى؛ إنما توجد فيه القياسات الوطنية العراقية. والدولة الكبرى على العين والرأس، عندما تكون على الحق. وهي أصغر من النملة، عندما تكون على الباطل. وهذا هو قانوننا، وخُلقنا هكذا. وإذا أرادوا أن يقبَلونا على هذا الوضع، فنحن أصدقاء لهم. وإذا حاولوا معنا بطريق آخر، فنرجو أن لا يتعبوا أنفسهم، لأنهم بذلك يضيعون وقتهم، و"نتفاشل معهم"، دون أية نتيجة".
بعد ذلك صعد من لغة التحدي والمجابهة مع الغرب فقال" إذا توهموا أنهم يعطون غطاء لإسرائيل، لكي تضرب بعض "الحدايد" بالصناعة، فإنهم واهمون في ذلك. فوالله! لنجعل النار تأكل نصف إسرائيل، إذا حاولت القيام بأي شيء على العراق. وكل واحد عليه أن يعرف حدوده، ونحن نعرف حدودنا، ولا نعتدي على أحد، ـ والحمد لله ـ ولا نصاب بالغرور، ولا ننسى مسؤوليتنا الإنسانية، إلى جانب مسؤوليتنا، القومية والوطنية. ولكن على الكل، أيضاً، بالمقابل، أن لا ينسى مسؤوليته الإنسانية. فمن يحاول أن يستصغر العراق، سنفعل به ليس أقلّ مما قلناه، وعندها سيلوم نفسه. سنأتيهم، هذه المرة، بهذه "اللفات الكردية" (موجهاً كلامه إلى الأكراد الذين حضروا الجلسة)، وبعون الله، وبهمة العراقيين. "
كنتيجة طبيعية لذلك التهديد أن تستشعر الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة به لذلك طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش من وفد أمريكي برئاسة بوب دول كان في زيارة المنطقة وبعد وساطة من الرئيس المصري حسني مبارك من أن يتوجهوا الى العراق لمقابلة الرئيس صدام . وعند قراءة محضر الأجتماع نخرج بنفس الأستنتاج السابق وهوموقف مهادنة السلطة من قبل الولايات المتحدة ودور البطل والضحية من قبل العراق . فبعد أن سلموا رسالتهم التي اعربوا فيها عن قلقهم من تصعيد العراق وتهديده باستخدام السلاح الكيمياوي ضد اسرائيل ,خفف الرئيس من لهجة التصعيد وابتدا بلعب دور الضحية فقال أن تصريحه كان للردع وان وسائل الأعلام تعمدت اجتزاء قوله . أما الطرف الأمريكي فقد حاولوا طمأنة العراق من عدم وجود حملة رسمية أو مؤامرة ضده . يتضح ذلك عند قراءة هذا الجزء من المحضر " الرئيس صدام: نحن نعرف بأن حملة واسعة، توجه ضدنا، في أمريكا، وفي دول أوروبا.
السيناتور دول: ليس من الرئيس بوش. فقد أخبرنا، البارحة، أنه ليس هذا.
.."الرئيس صدام: يقول الخطاب على ضوء تحسس وقناعة، إن هذه الحملة، يقصد منها توفير الغطاء، النفسي والإعلامي والسياسي، لتهاجمنا إسرائيل، كما فعلت في عام ١٩٨١، وهي مماثلة للحملة، التي حصلت عام ١٩٨١، مع أنها أقسى.
السيناتور دول: ومرة أخرى، أؤكد أن الحكومة الأمريكية، ليست سبب الحملة.
الرئيس صدام: على أية حال، إنها حملة في أمريكا".
"الرئيس صدام: إذاً، بغض النظر عن الكيفية، التي فسر بها هذا الحديث، في الإعلام، فالحديث هو كما يلي: إن ضرَبتْ إسرائيل، فسنضربها. وكلامنا واضح، مكتوب بالعربي، ومكتوب بالإنجليزية، ومسجل، صورة وصوتاً. فنحن لا نتراجع عن كلامنا، فإذا ضرَبت إسرائيل، واستخدمت الأسلحة الذرية، فسنستخدم الكيماوي المزدوج. هذا هو موقفنا، ليست هنالك زيادة أو نقصان في هذا الموقف. أما أن يحلو للبعض القول، إن العراق يهدد، فنحن لا نعتذر عن تصريحنا الذي أطلقناه، فهو واضح، وعادل، ودفاعي، وهو حق.
السيناتور دول: سأناقش هذا الأمر مع زملائي. والآن، إذا تيسر لنا الوقت، لدي كلمة أو كلمتان. هناك اختلافات أساسية بين بلدَينا. لدينا إعلام حر، في الولايات المتحدة، عندما تقول (غربي)، سيادة الرئيس، أنا لا أدري ماذا تقصد، عندما تقول "الغرب". أنا لا أدري إذا كنت تقصد الحكومة. هناك شخص، لم يكن مخولاً في أن يقول شيئاً عن الحكومة، وهو معلق في صوت أمريكا. إذاعة صوت أمريكا، هي التي تمثل الحكومة فقط، وقد طُرد هذا الشخص منها. واسمح لي أن أقول، إن الرئيس بوش، قبل ١٢ ساعة فقط، أكد لي أنه يريد علاقات أفضل، وأن الحكومة الأمريكية، تريد علاقات أفضل مع العراق. سيادة الرئيس، ربما نطّلع أكثر، عندما نرى الناس؛ لأننا نعتقد، ونحن قادة في الكونجرس الأمريكي، أن الكونجرس، أيضاً، لا يمثل بوش أو الحكومة. أنا أفترض أن الرئيس بوش، سيعارض العقوبات، وربما يضع عليها الفيتو. إلاّ إذا حدث شيء يستفز، أو شيء من هذا القبيل.
أبريل كلاسبي: أنا أؤكد، كسفيرة للولايات المتحدة، أن هذه هي سياسة الحكومة الأمريكية.
السيناتور دول: نحن في الكونجرس، أيضاً، نسعى لأن نبذل ما في وسعنا، في هذا الاتجاه. وقد يختلف الرئيس مع الكونجرس، وإذا ما توافرت وجهة نظر مختلفة، له الحق في أن يعبر عنها، ويمارس صلاحياته بشأنها. سيادة الرئيس، أريد أن أقول، إننا نعرف أهمية العراق. وأنتم البلد الثاني في الاحتياطي النفطي. وأنتم ثاني أكبر بلد في المنطقة. وتاريخكم مديد. ونحن نفهم أهمية العراق، حتى في عملية السلام، رغم كونكم لستم في المقدمة فيها، عندما نتحدث عن السلام في المنطقة، وعن السلام لكل البلدان في المنطقة. كذلك، في ما يتعلق بالأسلحة، سواء كانت بيولوجية أو كيماوية أو نووية، نأمل أن يكون هذا جزءاً من تسوية شاملة، لجعل هذه المنطقة خالية من هذا النوع من الأسلحة.
السيناتور سيمبسون: أنا أستمتع، عندما ألتقي بالناس الصريحين الواضحين. وهذا، طبعاً، نحن في الغرب المتوحش (الكاوبوي). الشيء الذي يصعب علينا فهمه، هو أنه، أحياناً، عندما نفقد أو نخسر قضية، نحن لا نفقد حياتنا، ونحن ـ الخمسة ـ كما قال السيناتور دول، قادة في مجلس الشيوخ. وواحد من الأسباب، التي دفعتنا لأن نتصل، هاتفياً، بالرئيس، ليلة أمس، وقلنا للرئيس إن مجيئنا إلى العراق سيكلفنا كثيراً من الشعبية، وسيهاجمنا الكثير على هذا المجيء للعراق. إن السيناتور ميتزنبوم، بشكل خاص، أبدى شجاعة حقيقية، في أنه جاء بهذه اللحظة. ولكن قال الرئيس بوش: اذهبوا. وأنا أريدكم أن تذهبوا. وهناك الكثير من الأمور، التي ينبغي أن تطرح، ونشترك فيها مع العراقيين. وبعضها قالها السيناتور دول، وهي موجودة، أيضاً، في الرسالة. وأنا قد قرأت الرسالة، التي كتبناها نحن إليكم، سيادة الرئيس، إلى الرئيس بوش، وكان إلى جانبه مستشاره لشؤون الأمن القومي، سكوكروفت. وبعد هذه الأشياء، هناك شيء يجب أن يقال. وهو أنه ليست هناك مؤامرة في الحكومة الأمريكية، أو في إنجلترا أو في إسرائيل، للقيام بأي شيء ضد هذا البلد. والشيء الآخر، قال الرئيس: إذا ما انتُقدتم بسبب زيارتكم للعراق، فإنني سوف أدافع عنكم، وأتحدث نيابة عنكم. ولكن الأشياء التي ذكرتموها، الآن، وتحدثتم عنها، هي نفس الطريقة، التي تحدثنا نحن فيها، حول الاتحاد السوفيتي، في الولايات المتحدة الأمريكية. من الذي سيضرب الآخر أولاً؟ من الذي سيضغط زر القنبلة، أولاً؟ من الذي سوف يحول نصف الولايات المتحدة إلى كرة نارية؟ وفي تلك العملية ونحن نقول ذلك، بذخنا مبالغ طائلة. والآن، سوف نقلص ميزانيتنا، ما بين ١٥٠-١٨٠ مليار دولار، من الميزانية العسكرية.
السيناتور سيمبسون: نحن ندرك جميعاً، أن عليهم أن يتخذوا شيئاً مختلفاً، في حكومتهم. لكنني أقول إن الرئيس بوش، والرئيس جورباتشوف، أخذا يقتربان من بعضهما، وأصبحت هناك علاقات شخصية بينهما. ولكن الشيء الأخير، تتحدثون عن الديموقراطية، أن الديموقراطية مسالة مزعجة جداً، ومربكة. أعتقد أن مشاكلكم مع الإعلام الغربي، وليس مع الحكومة الأمريكية. طالما كنتم أنتم معزولين عن الإعلام، الصحافة، وهي صحافة مغرورة ومدللة، وكلهم يعدون أنفسهم علماء سياسيين عباقرة. أي كل الصحفيين. ولا يريدون أن يروا أي شيء أن ينجح، أو أن يحقق أهدافه. الذي أنصح به، هو أن تجعلوا أولاد الكذا هؤلاء، أن يأتوا إلى هنا، ويروا. "
رغم محاولة الوفد الأمريكي ونفيهم لوجود مؤامرة ضده وان الحملة الأعلامية هي حملة صحافة لا موقف رسمي وربما لنقص معرفة الرئيس بالاعلام الغربي حيث اعتقد أنه مشابه لسيطرة الدولة على الأعلام في العراق عاد الرئيس لنفس الموضوع فقال "الرئيس صدام :ولكنني أعود إلى مسألة الحملة الإعلامية، وأتساءل مع نفسي، ومع السادة الحضور، إذا كان الحكومات، ليست هي التي تروج هذا الذي حصل، أو لنقل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، كيف حصل هذا الكم الكبير، بهذه الفترة القصيرة؟
السيناتور سيمبسون: سهل جداً.
الرئيس صدام: إذاً، لا بدّ أن هنالك جهة، تقف خلف هذا.

السيناتور سيمبسون: إنهم يتعايشون على بعضهم، كل واحد يأكل من الآخر، خبر رئيسي على الصفحة الأولى، في "النيوزويك"، يأخذه صحفي آخر وينشره."

ما ذكره الوفد الأمريكي واكدته السفيرة الأمريكية في ذلك اللقاء هو في الحقيقة استمرارا لنهج اتخذ قبل عدة سنوات وهو دعم ومساندة العراق لأن الغرب كان لا يزال يرى في العراق عنصر هام في التوازن مع ايران في المنطقة .استعرض الدكتور عبد المنعم سعيد ذلك الدعم في كتابه "حرب الخليج والفكر العربي" فقال "باستثناء فترة ايران كونترا التي لعبت فيها واشنطن على الحبلين ، فأنها تدريجياً بدأت تميل الى جانب بغداد ، وعادت العلاقات الدبلوماسية عام ١٩٨٤ ، ورفعت العراق من قائمة الأرهاب. وفي ذلك الوقت كان يصدر من القيادة العراقية كل الأشارات الصحيحة حول عراق يريد السلام بينما ترفضه ايران ، ويدين الأرهاب بينما تناصره طهران ويعلن صباح مساء رفض العراق للتدخل في الشوون الداخلية لاية دولة أخرى ، وفي مسألة الصراع العربي الأسرائيلي أعلن أنه سوف يقبل ما تقبل به القيادة الفلسطينية ، وكان ذلك تحولاً عن نهج سابق كان العراق يعطي نفسه فيه حق الفيتو على أي تصرف فلسطيني لا يراه ملائماً "للمصلحة العربية العليا". وارسل العراق الى واشنطن دبلوماسياً قديراً هو نزار حمدون الذي مد كل الجسور لكل الموسسات الأمريكية داخل السلطة وخارجها. ولم يستنكف حتى من اللقاء والشرح والتفسير للسياسة العراقية مع المنظمات الصهيونية الأمريكية المعروفة مثل ايباك. وفي العام الأخير من الحرب بدأ ما عرف باسم حرب الناقلات ، واجرت الكويت ثلاث من ناقلاتها الى الأتحاد السوفيتي ، فهرعت واشنطن لكي توفر أحدى عشرة ناقلة ، ومعها أسطول كامل الى مياه الخليج بالتعاون مع قطع حربية وفرنسية وايطالية. وفي يوم واحد أغرق الأسطول الامريكي نصف البحرية الأيرانية وكان ذلك ربحاً صافياً للعراق. كانت العلاقات العراقية الأمريكية حميمة الى الدرجة التي عندما قام طيار عراقي عن طريق الخطأ باطلاق صاروخ اكسوسيت على السفينة الحربية الأمريكية أس. أس. ستارك واغرقها كان رد الفعل الامريكي قبول الأسف العراقي. أن العلاقات العراقية الأمريكية كانت أكثر من وثيقة كانت الحاصلات الزراعية هي العنصر الغالب في الصادرات الأمريكية الى العراق. ولذا فان حكومة الولايات المتحدة ضمنت قروضاً قيمتها ١.١ مليار دولار لشراء الحاصلات الزراعية على مدى عامين ، وهو ما يجعل العراق أكبر مستورد للحاصلات الزراعية الأمريكية تحت مظلة هذا البرنامج. وقام بنك الصادرات والورادات الأمريكية بضمان منه العراق قروضاً قصيرة الأجل قيمتها ٢٠٠ مليون دولار لشراء سلع غير زراعية ، وكان يبحث قروضاً جديدة متوسطة المدى نتيجة نجاح القروض الأولى في تدعيم العلاقات بين البلدين. اعتباراً من عام ١٩٨٤ ، ولما بدا أن ايران أصبحت داخل الأراضي العراقية ويمكن أن تحقق انتصاراً فان تعليمات ريغان لمساعديه كانت مساعدة العراق بكل الطرق الممكنة لمنع ذلك من الحدوث. واستمرت هذه السياسة بعد وقف أطلاق النار ، وبعد تولي بوش للسلطة وفي ٢٦ أكتوبر ١٩٨٩ أصدر مجلس الأمن القومي الأمريكي توجيهاً باسم بوش يدعو فيه الى التوسع وتحسين العلاقات مع العراق.
ومنذ عام ١٩٨٤ بدأت الولايات المتحدة في تقديم معلومات عسكرية واستخبارية حول مسرح العمليات مع ايران ، واستمر ذلك حتى مارس ١٩٩٠ وشجعت الولايات المتحدة أطرافاً ثالثة لكي تمد العراق بمعونة والسلاح. وعندما علمت المخابرات المركزية الأمريكية أن العراق يقوم بنقل الحاصلات الزراعية الأمريكية مباشرة الى أوربا الشرقية، وحصل مقابلها على السلاح. ورغم مخالفة ذلك لقوانين أمريكية ، فان أدارة بوش تجاهلت الأمر. وفي أغسطس ١٩٨٩ اغارت السلطات الأمريكية على فرع في مدينة أطلانطا لبنك لافورو الأيطالي ، ووجدت دلائل قوية على أن مسؤولين عراقيين على أعلى مستوى متورطون في عملية احتيال قدرها ٤ مليارات دولار. وفي أكتوبر توصلت أدارة الجمارك الأمريكية الى أن هناك احتمالاً بأن يكون هذا المبلغ قد استخدم لشراء تكنولوجيا تتعلق بالصورايخ و الأسلحة الكيماوية. وسعى المدعي العام لاصدار قرار أتهام لهولاء المسؤولين ولكن مسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية تدخلوا وابطاوا من الأجراءات ولم يتم توجيه الأتهام حتى عام ١٩٩١ بعد عملية عاصفة الصحراء".
أي عند حصول ذلك اللقاء مع الوفد الامريكي كان التوجه الرسمي للولايات المتحدة هو تحسين وتوطيد العلاقة مع العراق استناداً الى توجيه الرئيس الأمريكي بوش والذي عرف NSD26 . والذي اتخذ قبل ذلك اللقاء بستة أشهر.

أما الرئيس صدام فقد كان في ذهنه شيئاً أخر ، عكس ما ورد في ذلك اللقاء مع وفد الكونغرس، كانت طموحات فرض الأرادة على الخليج تقتضي مجابهة الولايات المتحدة لا التعاون معها.
ما يؤيد ذلك هو أن العراق في ذلك الشهر ابتدا ، مراسلاته مع ايران لايجاد حل لانهاء المشاكل العالقة منذ انتهاء الحرب وهي مراسلات لم يعلن عنها الا بعد غزو الكويت ، ويؤيد ذلك أيضاً ماجرى من حديث بين الرئيس صدام وياسر عرفات في ١٩ نيسان ١٩٩٠ أي بعد أسبوع من لقاء الوفد الأمريكي ، وهو لقاء نشرت مقتطفات منه في مجلة المحرر في ايار من عام ١٩٩٠ واجزاء أخرى نشرت بعد سقوط النظام في كتاب Mother of all Battles.
حيث قال "اي عدوان أمريكي علينا ، فلن تختلف نتيجته عن عدوان السويس ، فكما كنس عبد الناصر النفوذ الأنجلو -فرنسي من الشرق الأوسط سنتمكن بأذن الله ، من تكنيس النفوذ الأمريكي من هذه المنطقة ، وقد استلمت قبل أيام رسالة بعد لقاء وفد مجلس الشيوخ الأمريكي تقول أن أمريكا تعتبر الصواريخ العراقية تهديداً لمصالحها ، تمام ، ولم لا، ما دامت أمريكا هي الداعمة لاسرائيل وهي سنده في العدوان على الشعب الفلسطيني والامة العربية.
وتابع: أن صواريخنا لا تصل الى واشنطن ، ولو كانت تصل لكن ضربناها عند الضرورة لكننا نستطيع الوصول بطرق أخرى، الى واشنطن ومصالحها في العالم".
والوسائل الأخرى التي كان يعنيها هي أرسال أشخاص يقومون بتفجيرات في الولايات المتحدة ، فذكر كمثال تفجير سيارة الرئيس الأمريكي بوش بهذه الطريقة كما ورد في كتاب The Mother of All Battles والذي نشر الأجزاء الاخرى من ذلك الحديث.
ويعلق الدكتور عبد المنعم سعيد عن السلوك العراقي قبل الغزو قائلاً "
هذا التغير في السلوك العراقي من التعاون الى الصراع مع كل القوة الممكنة اقليمياً وعالمياً انتهى في النهاية بغزو الكويت الذي جاء محصلة للوضع الداخلي في العراق وخاصة نظامه السياسي. فالعراق خرج من الحرب وهو قوة عسكرية ضخمة ، ولكن تواضع انجازاته الداخلية ، فضلاً عن أن ايران بقيت متمسكة بمواقفها الاساسية، جعله يسعى الى تحقيق أنجاز سريع يصدر المشاكل الى الخارج ، ويخلق وضعاً للشعب العراقي يحس فيه أنه مستهدف من قوى عديدة ، ويخلق حالة من التعبئة العامة التي تقوي قبضة النظام على السلطة وعلى الشارع ، فضلاً عن المكاسب السياسية والاقتصادية التي توقعها من الكويت.
أن الظروف والاقليمية الدولية التي كان يواجهها العراق لم تكن معاكسة الى الدرجة التي تجعله يقفز أصلاً الى الأمام "استخدام القوة العسكرية"، فرغم اشتداد الحملة الدولية عليه ، ألا أن الغرب كان لا يزال يرى أن العراق عنصر هام في التوازن مع ايران في المنطقة. وحتى نهاية يوليو فأن الأعتقاد الأمريكي - وغير الأمريكي- كان لا يزال أن العراق يقوم بحملة أعلامية للاستهلاك المحلي. داخل النظام العربي كان أمامه خيارات كثيرة مفتوحة لدعم موقع العراق الأقتصادي ، وتقوية تكامله الوظيفي مع دول عربية أخرى وتدعيم التحسن النسبي في التوازن مع اسرائيل. أن الظروف المؤثرة في العراق لم تكن احساسه بالمؤامرة المنصوبة عليه، وانما كانت متعلقة بنظامه السياسي الذي لم يكف أبداً عن النظر الى الأمام كلما بدا له أنه يريد تحقيق طموحات تعجز قدراته عن تحقيقها".

من التصعيد مع الغرب الى الخليج- قمة بغداد -ايار ١٩٩٠
في ايار عندما عقدت القمة العربية في بغداد بدا أن العراق قد نقل اهتمامه من اسرائيل والحملة الأعلامية ضده وفي ظرف أيام قليلة الى الخليج وبالتحديد ضد الكويت والامارات . ففي حديث للرئيس صدام أمام القادة العرب لم يعلن الا في تموز من عام ١٩٩٠ وجهه لأولئك القادة قال "إن أهم مورد في اقتصادنا العربي جميعاً، سواء كان في المملكة العربية السعودية أو العراق أو ليبيا أو الجزائر أو الكويت، في كل الدول العربية البترولية، التي تشكل، الآن، عنوان القوة الاقتصادية في الحياة العربية ـ أهم ما تعتمد عليه هذه الدول، بالدرجة الأساسية، هو البترول. فيما يتعلق بالعراق، وهو ليس أكبر إنتاجاً، وليس أكبر حصة في الأوبك، فإن كل انخفاض في البرميل الواحد، بقدر دولار واحد، وحسب ما قيل لي، فإن خسارة العراق تبلغ مليار دولار، في السنة. من هذا، نتبين كم هي خسارة الأمة العربية جميعها، من كل إنتاجها البترولي، في السنة. إذاً، هذا النزف الهائل في اقتصادنا، سببه عدم انتظام الرؤية، أو عدم النظر في الشأن الذي نتعامل معه، محلياً، وفق رؤية قومية؛ لأنه لو حصلت رؤية في الشأن القومي، ككل، ولمقدار الضرر الذي يصيبه، فأنا أعتقد بأننا سنتردد كثيراً، قبل أن نقدم على أن نلحق مثل هذا الضرر الكبير بالاقتصاد القومي. بنفس الصراحة، أيها الإخوة، والتبسيط المباشر، الذي يعنينا من النقاط، ما يراد قوله من خلال التحليل، لنقُل إن الحرب، تحصل، أحياناً، بالجنود، ويحصل الإيذاء بالتفجيرات وبالقتل وبمحاولات الانقلاب، وأحياناً أخرى، يحصل بالاقتصاد. لذا، نرجو من إخواننا، الذين لا يقصدون الحرب، أعود لأتكلم، هذه المرة فقط، ضمن حقوق الكلام، في إطار السيادة عن العراق، فأقول للذين لا يقصدون شن الحرب على العراق، أقول إن هذا نوع من الحرب على العراق. ولو في الجلد ما فيه يتحمل لتحملنا. ولكن أعتقد، كل إخواننا يعرفون الحال ومطلعون عليه. وـ إن شاء الله ـ الحال يكون، دائماً، جيداً. ولكنني أقول: إننا وصلنا إلى حال، لا نتحمل الضغط. وأظن كلنا نستفيد، والأمة تستفيد من فكرة الالتزام بقرارات الأوبك، سواء كانت إنتاجاً أو أسعاراً".
خرجت الأزمة الى العلن في ١٧ تموز عام ١٩٩٠ حيث ورد في خطاب الرئيس صدام "إن من أهم وأخطر الأحداث، خلال الفترة الماضية، هي الحملة الواسعة المدبَّرة، التي تشنها الدوائر، الامبريالية والصهيونية، الرسمية وغير الرسمية، ضد العراق، بصورة خاصة، وضد الأمة العربية، بوجه عام. وهكذا، كان الذي يجب أن يكون، حيث انتخى العراقيون النشامى، ليعلنوا أن لا خوف، بعد اليوم، والمنية ولا الدنية، واستقبال الخطر خير من استدباره، ولا غير هذا، غير المذلة، وتلقي الضربة والعار. فأطلقنا تحذيرنا المعروف، في الثاني من نيسان (أبريل)، وأتبعناه بما يؤكده ويوضحه، ليكون مفهوماً للإمبريالية، ومخالبها الشريرة في المنطقة، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني، من أن عراق عام ١٩٩٠ وما بعده، هو غير عراق عام ١٩٨١، عندما ضرب الإسرائيليون مفاعل تموز العلمي، المخصص للأغراض السلمية، بينما كنا في وضع يجعلنا منشغلين في حرب ضروس مع إيران". "إن القوى، الإمبريالية والصهيونية، لم تستخدم، في حملتها الأخيرة، السلاح، حتى الآن، لتقتل به أبناء الأمة. ولم تهدد بالأساطيل والقواعد الجوية المنتشرة في العالم، وفي المنطقة، كما يفعل، عادة، مغتصبو الأرض ومنتهكو الكرامة والسيادة العربية، ممن وقفت قمة بغداد في وجْههم. ولكنها بدأت تمارس القتل، وإضعاف القدرة، التي تحمي الكرامة والسيادة، بأدوات أخرى، وبأسلوب آخر، يناسب اختصاص تلك الدوائر وميدان تأثيرها، وفق أسلوب أخطر، من حيث نتائجه، من الأسلوب الأول المباشر. إنه الأسلوب الجديد، الذي ظهر من بين صفوف العرب، والذي يستهدف قطع الأرزاق، بعد أن تم تطويق الأسلوب الأول، الذي كان، ومنذ زمن بعيد، يستهدف قطع الأعناق. وعلى سبيل المثال، فان انخفاض دولار واحد في سعر برميل النفط، من جراء هذه السياسة، يؤدي إلى انخفاض ألف مليون دولار، من عائدات النفط، سنوياً. وإن تخفيض سعر النفط عن السعر، الذي كان سائداً قبل وقت، ليس ببعيد، وهو ٢٧ ـ ٢٨ دولاراً، إلى الأسعار المتدهورة، التي وصل إليها سعر البترول، حالياً، أدى إلى خسارة العراق أربعة عشر مليار دولار، سنوياً؛ في الوقت الذي تحل فيه بضعة مليارات من الدولارات، الكثير مما هو موقوف ومؤجل من حياة العراقيين، هذا الشعب المجاهد، الذي خاض بحور الدم، دفاعاً عن كرامته وحريته وسيادته وأمنه، وحرية وسيادة الأمة العربية. إن هذه السياسة خطيرة إلى الحدّ، الذي لا يمكن السكوت عليها. ولقد ألحقت بنا ضرراً جسيماً، وتلحق بالأمة ضرراً جسيماً. وليس رفع الصوت، هنا، ضد هذا المنكر، هو أقوى الإيمان، إذا ما استمر المنكر على ما هو عليه. ولأن العراقيين، الذين أصابهم هذا الظلم المتعمد، مؤمنون، بما فيه الكفاية، بحق الدفاع عن حقوقهم وعن النفس، فإنهم لن ينسوا القول المأثور: "قطع الأعناق، ولا قطع الأرزاق". وإذا ما عجز الكلام عن أن يقدم لأهله ما يحميهم، فلا بدّ من فعل مؤثر، يعيد الأمور إلى مجاريها الطبيعية، ويعيد الحقوق المغتصبة إلى أهلها".
اتضح من كان المقصود بالتهديد بفعل مؤثر في رسالة لطارق عزيز وزير الخارجية انذاك الى الأمين العام للجامعة العربية الشاذلي القليبي وورد فيها ثلاثة اتهامات
الأولى - قضية الحدود وفي صددها قالت الرسالة أن حكومة الكويت استغلت انشغال العراق، كما استغلت مبادئه القومية الأصيلة، ونهجه النبيل في التعامل مع الأشقاء، وفي القضايا القومية، لكي تنفذ مخططاً في تصعيد وتيرة الزحف التدريجي،والمبرمج، باتجاه أرض العراق؛ فصارت تقيم المنشآت العسكرية والمخافر، والمنشآت النفطية، والمزارع، على أرض العراق. وقد سكتنا على كل ذلك، واكتفينا بالتلميح والإشارات، علّها تكفي، في إطار مفاهيم الأخوّة، التي كنا نعتقد، أن الجميع يؤمنون بها. لكن تلك الإجراءات، استمرت، بأساليب ماكرة، وإصرار يؤكد التعمد والتخطيط. وبعد تحرير الفاو، بادرنا، في أثناء مؤتمر قمة الجزائر، عام ١٩٨٨، إلى إبلاغ الجانب الكويتي برغبتنا الصادقة في حل هذا الموضوع، في إطار علاقات الأخوّة والمصلحة القومية العليا. ولكننا وجدنا أنفسنا أمام حالة تثير الاستغراب الشديد. فبرغم أن المنطق، يفترض أن يفرح الإخوة الكويتيون لهذه المبادرة الأخوية الكريمة، من جانبنا، وأن يعملوا لإنجاز هذا الموضوع بسرعة، لاحظنا التردد والتباطؤ المتعمدَين، من جانبهم، في مواصلة المباحثات والاتصالات، وإثارة تعقيدات مصطنعة، مع الاستمرار في التجاوز، وإقامة المنشآت، البترولية والعسكرية، والمخافر والمزارع، على الأراضي العراقية. وقد صبرنا على هذه التصرفات بدواعي الحكمة والحلم. وكان استعدادنا لمزيد من التحمل كبيراً، لولا انتقال الأمور إلى مستوى خطير، لم يعد ممكناً السكوت عليه" .
الثانية- اشتركت حكومة الإمارات العربية المتحدة مع حكومة الكويت في "عملية مدبَّرة، لإغراق سوق النفط بمزيد من الإنتاج، خارج حصتهما المقررة في الأوبك، بمبررات واهية، لا تستند إلى أي أساس من المنطق أو العدالة أو الإنصاف، وبذرائع لم يشاركهما فيها أي من الأشقاء، من الدول المنتجة. وقد أدت هذه السياسة المدبَّرة، إلى تدهور أسعار النفط تدهوراً خطيراً. فبعد التدهور، الذي حصل، قبل سنوات، في السعر، من المعدلات العالية، التي كان قد بلغها، وهي ٣٤، ٢٩، ٢٨ دولاراً للبرميل الواحد، أدت تصرفات حكومتَي الكويت والإمارات، إلى انهيار سعر الحدّ الأدنى المتواضع، الذي تم الاتفاق عليه في الأوبك، أخيراً، وهو ١٨ دولاراً للبرميل، إلى ما بين ١١ ـ ١٣ دولاراً للبرميل. وبعملية حسابية بسيطة، يمكننا أن نقدّر مقدار الخسائر الباهظة، التي لحقت بالدول المنتجة للنفط: أولاً: إن معدل إنتاج الدول العربية من النفط، هو ١٤ مليون برميل، في اليوم. وإن تدهور الأسعار، في الفترة الواقعة بين ١٩٨١ ـ ١٩٩٠، أدى إلى خسارة الدول العربية بحدود ٥٠٠ مليار دولار، كانت حصة العراق منها ٨٩ مليار دولار".
والثالثة كانت نصبت حكومة الكويت "منذ عام ١٩٨٠، وخاصة في ظروف الحرب، منشآت نفطية، على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي، وصارت تسحب النفط منه. ويتضح من ذلك، أنها كانت تغرق السوق العالمي بالنفط، الذي كان جزءاً منه هو النفط الذي تسرقه من حقل الرميلة العراقي، وبهذا تلحق الضرر المتعمد بالعراق، مرتَين: مرة بإضعاف اقتصاده، وهو أحوج ما يكون فيه إلى العوائد، ومرة أخرى بسرقة ثروته. وتبلغ قيمة النفط، الذي سحبته حكومة الكويت من حقل الرميلة فقط، بهذه الطريقة المنافية لعلاقات الأخوّة، وفقاً للأسعار المتحققة، بين ١٩٨٠-١٩٩٠(٢٤٠٠) مليون دولار". والاخطر مما ورد في نص الرسالة بانها اعتبرت مافعلته حكومتا الكويت والامارات عدوانا على العراق أما بالنسبة لحكومة الكويت، فإن اعتداءها على العراق، هو اعتداء مزدوج. فمن ناحية، تعتدي عليه، وعلى حقوقه، بالتجاوز على أراضينا وحقولنا النفطية، وسرقة ثروتنا الوطنية؛ وإن مثل هذا التصرف، هو بمثابة عدوان عسكري. ومن ناحية أخرى، تتعمد حكومة الكويت تحقيق انهيار في الاقتصاد العراقي، في هذه المرحلة، التي يتعرض فيها إلى التهديد الإمبريالي الصهيوني، الشرس، وهو عدوان لا يقلّ في تأثيره عن العدوان العسكري.

ما صحة الأتهامات العراقية ؟

١- الأتهام الأول :اغراق السوق النفطية من قبل الكويت والامارات ,عند مراجعة جدول انتاج دول الأوبك مع الحصص المقررة عام ١٩٨٩ (المرفق هنا) , يتبين أن الكويت والامارات لم تكن الدولتين الوحيدتين المتجاوزة لحصتها فقد تجاوزته السعودية ، ليبيا، ونيجيريا كذلك. وهي حقيقة لم ترد في مذكرة طارق عزيز بل على العكس فقد اظهرتهم الرسالة وكانهم كانوا متضررين من تلك السياسة لا مشاركين فيها. أما عن استفادة الكويت من تقليل قدرة العراق على تصدير النفط كنتيجة للحرب برفعها لانتاجها فلم يكن ذلك صحيحاً فعند مراجعتنا للجدول المرفق يتبين أن الكويت في أثناء تلك الفترة قلت قدرتها على تصدير النفط وقل دخلها جراء ذلك. النقطة الأخرى أن الكويت بعد التهديد العراقي في قمة بغداد أخذت تقلل الأنتاج كما يتبين في الجدول فبعد أن كانت تصدر ٣٠٠ ألف برميل زيادة عن حصتها المقررة وهي ١٫٥ مليون برميل في اليوم أخذت تقلل الأنتاج تدريجياً حتى أصبح في شهر حزيران من عام ١٩٩٠ ١٫٦ مليون برميل أي أن تجاوزها عن الحصة كان بزيادة ١٠٠ ألف برميل فقط وهي أقل من تجاوز نيجيريا عن حصتها المقررة.

كنتيجة للتحذير العراقي في قمة بغداد عقد اجتماع وزراء النفط في جدة ضم العراق والكويت والسعودية والامارات تم فيها الاتفاق على الألتزام بتحديد الحصص. بعد ذلك عقد اجتماع أوبك في ٢٧ تموز ١٩٩٠ وفيه نجحت سياسة العراق التهديدة لا بالألتزام بتقليص حصص الأنتاج فقط بل في زيادة سعر النفط من ١٨ برميل الى ٢١ برميل. أي أن كانت هناك أي مؤامرة حسب المفهوم العراقي فقد استطاع التصدي لها. بعد الغزو ذكر العراق على لسان الرئيس أن الكويت أعلنت أنها لن تلتزم بالحصص سوى لفترة ثلاثة أشهر ومصدر ذلك كما ذكر محمد مظفر الأدهمي في كتابه " الطريق الى حرب الخليج " هو تصريح وزير النفط الكويتي الى جريدة القبس الكويتية بتأريخ ١٦ تموز ١٩٩٠.

لذلك لابد من العودة لقرأءة نص تصريح رشيد العميري وزير النفط الكويتي لجريدة القبس في ١٦ تموز ١٩٩٠ وكان" أن اتفاق جدة عن الألتزام بالحصص والذي شمل الكويت والسعودية وقطر قد تضمن تأييد طلب الكويت برفع حصتها من انتاج النفط على أن يتم ذلك في الربع الثالث من العام الحالي بعد أن تتم السيطرة على أسعار النفط ويتم امتصاص فائض المعروض في الأسواق العالمية. واوضح العميري أن زيادة حصة الكويت ستكون ضمن رفع أجملي سقف الأنتاج في اوبك. وشدد العميري على أن موافقة الكويت على تأجيل بحث رفع حصتها الأنتاجية من المؤتمر الوزاري المقرر عقده بجنيف في ٢٥ من الشهر الجاري الى أكتوبر هو تضحية جديدة تقدمها الكويت في سبيل أعادة الأستقرار لاسواق النفط وحماية لمصالح كافة الدول الأعضاء بمنظمة الأوبك".

حتى لو قبلنا بالتفسير العراقي من أن الكويت لن تتلزم بالحصص المقررة ، رغم أن التصريح يشير الى أن قبول الأطراف الأخرى لقيام الكويت بزيادة حصتها التصديرية ، فهذا التصريح ظهر للعلن قبل التهديد العراقي للكويت ، ولم يشير الأدهمي الى تصريحات أخرى للكويت بقبولها الحصص المقررة وزيادة اسعار النفط والذي تم الأتفاق عليها بعد أن ظهر التهديد العراقي للعلن. فاثناء انعقاد مؤتمر الأوبك سارع وزير النفط الكويتي في تصريح لجريدة السياسة الكويتية في ٢٦ تموز ١٩٩٠ الى نفي أنباء أن بلاده تعارض زيادة أسعار النفط حيث ورد فيها "نفى وزير النفط الكويتي الدكتور رشيد العميري أنباء صحفية كانت قد ذكرت أن الكويت غير موافقة على زيادة أسعار البترول الى ٢٥ دولارا للبرميل. وقال الدكتور العميري في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية تعقيباً على ما وردته وكالة أنباء رويتر وهيئة الأذاعة البريطانية بشأن عدم موافقة الكويت على زيادة الأسعار الى ٢٥ دولاراً والذي أسيء تفسيره بأنه رفض للمقترح العراقي أن الكويت على استعداد للنظر بجدية في كافة الأقتراحات المقدمة من الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول اوبيك".

وبعد انتهاء مؤتمر الاوبك ذكرت جريدة السياسة الكويتية في ٢٨ تموز ١٩٩٠ "اعلن وزير النفط الدكتور رشيد سالم العميري في تعقيب أولي على الأتفاق أن الكويت ستلتزم بالاسعار وسقف الأنتاج الجديد التزاما تاماً انطلاقاً من التضامن الجماعي بين دول المنطقة. ووصف الوزير الكويتي الأتفاقية بانها أهم اتفاقات منظمة اوبك وبخاصة فيما يتعلق بالسعر القياسي الجديد لبرميل النفط.

وكان موقف العراق عما توصل له ذلك المؤتمر ، وكان نصراً لسياسة التهديد العراقية والذي ذكرته جريدة السياسة وعلى لسان وزير النفط العراقي انذاك عصام الجلبي "وصف السيد عصام الجلبي وزير النفط العراقي الأتفاق بأنه أعاد تماسك منظمة اوبك وضمن الحقوق المشروعة والمنصفة لجميع الدول الأعضاء في المنظمة. وقال في تصريح لمراسل وكالة الأنباء العراقية أنه يمكن القول أن الأتفاقية التي توصلت اليها المنظمة هي أتفاقية تاريخية. واضاف أن هذه الأتفاقية جاءت نتيجة لمناقشات مكثفة لعب العراق والمملكة العربية السعودية دورا بارزاً في ضمان نجاحها وتحقيق جو جديد من التفاهم والتضامن بين جميع الدول الأعضاء في المنظمة. واوضح أن هذه الأتفاقية التي اقرتها الدول الأعضاء بالاجماع ومن دون تحفظ تعتبر خطوة حاسمة لمعالجة وضع سوق النفط العالمية الذي شهد تدهوراً حاداً في الأسعار خلال النصف الاول من هذا العام. وذكر أن الأتفاقية تعتبر بداية لمسيرة جديدة باتجاه ضمان أستقرار سوق النفط وحصول الدول المنتجة لسعر عادل لهذه السلعة الحيوية للاقتصاد العالمي".

٢- الأتهام الثاني تجاوز الكويت للحدود: ما يتناقض مع ذلك الأتهام منح الأمير لوسام الرافدين قبل أشهر قليلة منه ,حيث ورد في مرسوم منحه الوسام "كانت وقفة الأخ جابر الأحمد الجابر الصباح، ووقفة شعب الكويت الشقيق، ذات مكانة خاصة في نفوسنا، وذات تأثير أكيد في مجرى الصراع، لصالح الأمة، وإلى جانب نصرها العظيم. وقد وقفت الكويت، بوعي وبسالة، بوجه المعتدين الطامعين، وصمدت لكل الظروف، التي أريد، من خلالها، أن تنسلخ الكويت عن طبيعتها أو هويتها، وعن مبادئ الأمة الواحدة، ومستلزمات الأمن القومي. واستمرت الكويت، كما هو الأمل فيها، ملتصقة بجلدها، وبالمبادئ والسياسات، التي لولا التأكيد عليها والالتزام بها، لأصبح العرب جميعاً في حالة يرثى لها".

فإن كانت الكويت متجاوزة للحدود ،وهو تجاوز بدا من رسالة طارق عزيز سابقاً لمنح الأمير وسام الرافدين فلا يوجد مبرر لمنح أمير الكويت وساماً وحكومته "تنفذ مخططاً في تصعيد وتيرة الزحف التدريجي،والمبرمج، باتجاه أرض العراق" حسب الرسالة.

ومايناقض ذلك أيضاً ما ورد في اجابة الرئيس صدام لسؤال وجهته صحيفة الشرق الاوسط عام ١٩٨٩ حيث قال أن الكويت لا تتحمل ذلك فهي مشكلة قديمة.نص الحوار كان

"عثمان العمير :كانت زيارة الشيخ سعد للعراق مميزة بالذات ، والسؤال يطرحه بعض الكويتيين وليس كلهم ، أن العراق أنهى أشكالاته الحدودية مع الكثير من الدول المجاورة له ، ومستعد لانهاء اشكالاته الحدودية مع ايران ، اذا حل السلام وقبلت ايران بالحق... لماذا لا يحصل هذا مع الكويت؟

الرئيس صدام: لماذا لا يكون مع الكويت؟ مع الكويت يكون الأمر ادعى لأن نحل المشاكل معها ولا يمكن مقارنة الأمر مع ايران.. ايران دولة أجنبية، أما الكويت فهي شقيقة وعربية ولها مساهماتها في دعم امكانات العراق في القتال ، فأمر طبيعي أن نحل المشاكل.. واصلاً سبقت اشارة منا زيارة الأخ سعد ، وبعد أن حررنا الفاو كنا نعتقد أن الوضع مناسب لأن نبحث موضوع الحدود وننهيه ، وبحثنافي هذا الموضوع ، ونحن مستمرون أن شاء الله ، وسنصل الى نتيجة..

عثمان العمير :هل هناك شروط عراقية أو كويتية؟

الرئيس صدام :ليس هناك شروط... وانما هي مشكلة ورثناها وورثها الكويتيون... أنها ليست حالة من سياسة جابر الصباح أو سعد، ولا هي من سياسة صدام حسين ، أو عزة ابراهيم أو غيرهم من المعاصرين... وانما هي حالة ورثتها البلدان عن حال قديم أنها حالة موروثة، فعلينا أن نحلها بالروحية الأخوية ، وبروح الفريق الواحد ، والمصلحة الواحدة.. وهذا ما أكده ممثلو البلدين عند زيارة الشيخ سعد للعراق".
٣- الأتهام الثالث وهو أن حكومة الكويت ومنذ فترة طويلة تقوم بسحب النفط العراقي من خلال اقامة منشآت نفطية على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة ، وفي أتهام لاحق عن طريق الحفر المائل وتبلغ قيمة النفط المسروق حسب الأتهام العراقي ٢٫٤ مليار دولار.
الملاحظ أن العراق بعد غزوه واحتلاله للكويت لم يقوم بتقديم ادلة على صحة هذا الأتهام لذلك يبقى مجرد أتهام من غير دليل.
أما الكويت فقد نفت صحة ذلك الأتهام حيث ورد في كتاب تخطيط الحدود العراقية الكويتية " أن العراق هو الذي كان متجاوزا للحدود والدليل على ذلك قيام لجنة تخطيط الحدود في عام ١٩٩٣ بأعادة بعض آبار البترول في حقل الرميلة الى الكويت و"ان العراق قام بالزحف على الأراضي الكويتية مستقطعاً جزءًا من حقل الرتقة الكويتي وضمه الى اراضيه".
" ومعلوم أن حقل الرتقة له تكوين خاص منفصل عن حقل الرميلة وهذا الأنفصال يشمل القطاع التركيبي ، ومستوى المياه /الزيت ، ونوع الخام ومعدلات الضغط والانتاج وكذلك الأحتياطات المقدرة.
أن ارتفاع مكون الزيت والطبقات الحاملة للزيت في حقلي الرتقة والرميلة منفصلين بفالق أدى الى ارتفاع التركيب الجنوبي عن الشمالي بحوالي ٢٠٠ متر تقريباً ، ومثل هذه العلاقة التركيبية تبدو واضحة أيضاً بين حقلي الرميلة الشمالي والجنوبي ، بما لهما من ازاحة جانبية نتيجة للفالق الذي يمر بينهما ، ومثل هذه الأمر يوكد الانفصال المباشر بين الحقلين وينفي اتصالهما. وقد أدى هذا الفالق الى انفصال مستوى المياه/الزيت في حقل الرتقة عن الحقول المشابهة المجاورة ، ويوكد ذلك معدلات الأنتاج والاحتياطيات المقدرة. أن مقارنة احتياطي الخام في حقلي الرتقة والرميلة يشير الى أن كل حقل له نظام هيدروليكي خاص به ولايوجد أي اتصال بينهما. ومن النقاط ذات الدلالة الواضحة على ذلك الانخفاض الملحوظ في انتاج حقل الرتقة الكويتي ٢٠٠٠٠ برميل يومياً عام ١٩٨٠ الى ٩٠٠٠ برميل يومياً عام ١٩٩٠ والارتفاع المتزايد في انتاج حقل الرميلة العراقي ٣٠٠٠٠٠ برميل يومياً عام ١٩٧٠ الى مليون برميل يومياً عام ١٩٩٠ ، أنها بديهية من بديهيات علم البترول ، فلو أن حقل الرتقة هو امتداد لحقل الرميلة لوجدنا الأول يجب أن يكون متجداً وبالتبعية فان معدل انتاجه سوف يتزايد بصورة مستمرة ، ولا تدل الأحصاءات على ذلك. وكذلك فالاختلاف واضح جداً بين نوع الخام في الحقلين ، فالزيت الخام المنتج من حقل الرتقة من النوع المتوسط الى الثقيل وبه مكونات كيميائية وبيوكميائية تختلف تماماً عن نظيرها من حقل الرميلة الذي يتمتع بزيت ذي كثافة أقل (جودة أعلى) ومركباته البيوكميائية مستقلة ومختلفة مما يدل على أن هذه التركيبات قد امتلأت بالبترول المهاجر من الصخر المصدري على فترات مختلفة ومن أنواع من الصخور الأم ذات درجات نضج متفاوتة. أما عن حقيقة التشابه التركيبي والصخري للطبقات الحاملة وكذلك المصائد المكونة لكل حقل في منطقة الخليج العربي ، فيلاحظ ذلك في كل من ايران والعراق والكويت والسعودية..ألخ حيث أن صخور الطباشيري وبالاخص تكوين الزبير الجيري تمتد على نطاق واسع وتعتبر من أهم صخور الخزان في ذلك الأقليم البترولي الشاسع ، والسوال ألان : هل يمكن أن ندعي أن تلك الحقول المترامية في المنطقة لها اتصال مباشر فيما بينها ؟ .. وان تلك الدول تسرق من بعضها البعض؟.. ادعاء صعب التصديق على مستوى عقول علمية في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين ."
ولاكمال البحث لابد من الأشارة الى وثيقة كويتية اودعها العراق بعد أربعة أشهر من الغزو لدى مجلس الأمن وصفها بأنها تبين تآمر الكويت مع الولايات المتحدة ضده والوثيقة مسجلة على أوراق إدارة أمن الدولة – وزارة الداخلية الكويتية ، وهي برقم " س / ٥٤٠ ، كان نصها كما يلي : وزارة الداخلية الإدارة العامة لأمن الدولة سري للغاية وخاص سعادة الشيخ سالم صباح السالم الصباح الموقر وزير الداخلية تنفيذا لأمر سموكم الكريم أثناء اجتماعنا معكم بتاريخ ٢٢/ أكتوبر /١٩٨٩ ، فقد قمنا والعقيد – أسحق عبد الهادي شداد / مدير مباحث محافظة الأحمدي ، بزيارة إلى مقر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، حرص الجانب الأمريكي على أن تكون سرية للغاية حتى لا تثير الحساسية لدى الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإيران والعراق خلال الفترة من ١٢- ١٨ نوفمبر ١٩٨٩ . أطلع سموكم الموقر على أهم ما تم الاتفاق عليه مع القاضي – وليم وبستر – مدير عام وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، وذلك خلال اجتماعي الخاص به يوم الثلاثاء نوفمبر ١٩٨٩ .
١- يتكفل الجانب الأمريكي بتدريب العناصر التي اخترناها كي تكون مسؤولة عن حماية سمو أمير البلاد ، وسمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح حفظه الله ، بحيث تتم التدريبات والتأهيلات في مقر وكالة المخابرات الأمريكية نفسها ، وقد حددنا العدد ب ١٢٨ شخصاً للاستفادة من بعضهم في مهمات خاصة بالعائلة الأميرية ، وخصوصاً خدمة سمو ولي العهد الكريم ، وفي هذا المجال أبلغنا الجانب الأمريكي عن عدم رضاه لطريقة أداء قوات الحرس الأميري عندما تعرض سمو أمير البلاد المفدى لحادث الاعتداء الأثيم .
٢- اتفقنا والجانب الأميركي على تبادل الزيارات ، وعلى كافة المستويات بين إدارة أمن الدولة ووكالة المخابرات المركزية وتبادل المعلومات حول إيران والعراق في مجال التسليح والبنية الاجتماعية والسياسية .
٣- الاستعانة بخبراء من الوكالة للمساهمة في إعادة النظر بهيكلة الإدارة العامة لأمن الدولة التي أمر سموّ أمير البلاد المفدى إعطاءها الاهتمام الكبير عند لقائنا بالجانب الأمريكي ، والاستفادة من خبراتهم في مجال وضع استراتيجية جديدة للعمل تتوافق والمتغيرات في منطقة الخليج ، وظروف البلاد الداخلية من خلال تطوير نظام الكمبيوتر ومكننة وظائف العمل في الإدارة العامة لأمن الدولة .
٤- أبدى الجانب الأمريكي استعداده التام لتلبية طلبنا في مجال تبادل المعلومات حول نشاط الجماعات الشيعية المتطرفة في البلاد وبعض دول مجلس التعاون ، وقد أشاد القاضي وبستر بإجراءاتنا بخصوص مكافحة التيارات المدعومة من إيران ، وأبدى استعداد الوكالة في اتخاذ خطوات مشتركة لإنهاء بؤر التوتر في منطقة الخليج .
٥- اتفقنا والجانب الأمريكي على أهمية الاستفادة من الوضع الاقتصادي المتدهور في العراق للضغط على حكومته للعمل على ترسيم الحدود معها .. وقد زودتنا وكالة المخابرات المركزية بتصور حول طرق الضغط المناسبة بحيث يبدأ التعاون الواسع بيننا وبينهم على شرط أن يكون تنسيق هذه الفعاليات على مستوى عال .
٦- يرى الجانب الأمريكي أن نبرمج علاقاتنا مع إيران بما يضمن تحاشيها من جهة ، والضغط عليها اقتصادياً قدر الإمكان من جهة ثانية ، والتركيز على دعم تحالفها مع سوريا بشكل فعال ، ويسهل الاتفاق مع الأمريكان أن تتحاشى الكويت الحديث سلباً عن إيران في الإعلام ، وحصر التأثير عليها من خلال الاجتماعات العربية .
٧- اتفقنا والجانب الأمريكي على أهمية مكافحة المخدرات في البلاد ، وبعد أن أطلعنا خبراء مكافحة المخدرات في الوكالة المركزية على أن رأس المال الكويتي يستخدم بشكل كبير في ترويج تجارة المخدرات في كل من الباكستان وإيران .. وأن رواج هذه التجارة ستكون له آثار سلبية على مستقبل الكويت .
٨- وضع الجانب الأمريكي تحت تصرفنا هاتف خاص لغرض تنظيم عملية التبادل السريع في الآراء والمعلومات التي لا تتطلب اتصالات ورقية ، وهو هاتف خاص بالقاضي وبستر ورقمه / ٥٢٤٦- ٦٥٩ – ٢٠٢ /٠٠١ بانتظار توجيهات سموكم حفظكم الله .. مع أطيب التمنيات مدير عام الإدارة العامة لأمن الدولة إمضاء العميد فهد الأحمد الفهد .
بدورها نفت الكويت صحة الوثيقة وجاء في الرد الكويتي أن ما احتوته الرسالة عبارة عن " افتراءات واختلاق لاكاذيب ليس لها أساس من الصحة" ونفت الولايات المتحدة بدورها صحة الوثيقة.
واورد الدكتور عبدالله محارب في كتابه "زيارة لبيت العنكبوت" ماعتبره ما دل على أن الوثيقة مزيفة
١- أن لغة التخاطب بين المسوولين وتقاليدها تختلف اختلافاً كبيراً عن هذا المستعمل الذي ورد في الخطاب ، وابرز ما يلفت النظر فيه هو مخاطبة وزير الداخلية -وان كان من أفراد الاسرة الحاكمة- بتعبير "سموكم" اذ أن هذا التعبير مقصور استعماله على مخاطبة الأمير وولي العهد فقط.
٢- محاولة تشويه صورة الكويت "حيث يزعم أن أموال الكويت تستثمر في تجارة المخدرات في الخارج تشويهاً لصورة الاستثمارات الكويتية وما حققته في الثمانينات.
٣- رقم التليفون المدعى للقاضي وليم وبستر مدير المخابرات الأمريكية تبين أنه غير صحيح - اذ أن مكتب القاضي وليم وبستر يقع في ولاية فرجينيا ورقمها الكودي يبدأ ب (٧٠٣) ، بينما الرقم المبين في الخطاب خاص بولاية واشنطن التي يبدأ رقمها الكودي ب (٢٠٢).
وذكر أيضاً الخبر التالي " هددت سيدة أمريكية طلبت عدم نشر اسمها لاسباب أمنية باقامة دعوى قضائية على الحكومة العراقية ممثلة بسفيرها في واشنطن / محمد المشاط بتهمة الأساءة الى سمعتها وتقويض سلامتها وامنها وراحتها الشخصية ، بعد أن وضعت حكومة بغداد رقم هاتف السيدة في وثيقة مزعومة وزعتها على رجال الأعلام ، وزعمت فيها
أن رقم هاتف منزل السيدة هو رقم مكتب مدير الأستخبارات المركزية الأمريكية وليام وبستر.

المبرر الثاني مساندة ثوار الكويت

لم يكن مبرر الغزو المعلن في يومه الأول أزمة أسعار النفط والخلاف الحدودي والتي ظهرت فجأة الى العلن قبله باسبوعين ، بل كان بعد أن "خسف الله الارض بقارون الكويت" ,حسب بيان مجلس قيادة الثورة في يوم ٢/٨/١٩٩٠ , لمناشدة "الاحرار من ابناء الكويت العزيزة القيادة في العراق لتقديم الدعم والمساندة لدرء احتمال لمن تسول له نفسه للتدخل من الخارج في شؤون الكويت ومصير الثورة فيها . وناشدونا المساعدة في استتاب الامن لكي لايصيب ابناء الكويت سوء .ولقد قرر مجلس قيادة الثورة الاستجابة لطلب حكومة الكويت الحرة المؤقتة والتعاون معها على هذا الاساس تاركين لابناء الكويت ان يقرروا شؤونهم بأنفسهم" وتضمن البيان استعداداً للانسحاب حيث ورد فيه"سننسحب حالما يستقر الحال وتطلب منا حكومة الكويت الحرة المؤقتة ذلك . وقد لايتعدى ذلك بضعة ايام او بضعة اسابيع ". أما أسباب الثورة الوهمية فكانت حسب بيان الحكومة المؤقتة "تزوير الانتخابات، وفرض أزلام السلطة، ومطاردة الشخصيات الوطنية ومحاربتها، في حريتها ورزقها " " وعندما استطاع الشعب أن يفرض شيئاً من إرادته الحرة، في آخر انتخابات لمجلس النواب، وجاءت إلى المجلس كتلة قوية، من النواب الوطنيين النزيهين، الذين سلطوا الأضواء على استبداد النظام وفساده، وسياساته، المشبوهة والمنحرفة، وعلى تصرفاته في تبديد ثروات البلاد، وربطها بالمصالح والدوائر الاستعمارية، وحتى الصهيونية، وفي توزيع الغنائم على الأبناء والأقارب والأزلام. لم تتحمل السلطة الباغية رأي الشعب، وصوت أبنائه المخلصين، وقول الحق، فعمدت إلى أساليب التهديد والوعيد. وعندما فشلت محاولاتها هذه في إسكات صوت ممثلي الشعب عمدت إلى الاستهتار بالدستور، وحلّت مجلس النواب، وفرضت حالة شاملة، من الإرهاب والقمع وكبْت الحريات، وقطع الأرزاق". واستمر البيان "بالإضافة إلى النهب العلني لثروات البلاد، وتوزيعها غنائم فيما بينهم، وعلى أعوانهم، وتبديدها في شهواتهم ونزواتهم، التي أساءت إلى سمعة شعب الكويت الأبي، وأخلاقه العربية والإسلامية الأصيلة، فقد أودعوا عشرات، بل مئات المليارات، من ثروات البلاد في البنوك الأجنبية، وربطوا استثماراتنا ببعض المصالح المشبوهة، المرتبطة بالدوائر الصهيونية".
ولا يخفى على أهل الكويت الأباة، أن عدداً من أفراد هذه الفئة الباغية، ممن عرفوا بالغلو في نزعة التسلط والفساد، من أمثال صباح أحمد جابر، كانوا من بين أوثق رجال الاستعمار، لا في بلادنا فحسب، بل في المنطقة كلها، ينسقون معه، ويحوكون المؤامرات والدسائس، بوسائل خبيثة، ومبتكرة، ضد الأمّة العربية وقضاياها النبيلة. وآخر ما قاموا به تلك المؤامرة اللئيمة، التي أدمت قلب كل كويتي حر شريف، ضد العراق الشقيق الأبي، الذي تحمل شرف الدفاع البطولي المرير عن البوابة الشرقية للوطن العربي، وعن الكويت، وعن كل دول الخليج العربي، وقدّم التضحيات الغالية، للحفاظ على الأرض والعِرض والكرامة. يا أبناء الكويت النشامى. لقد خسئ الخاسئون. إن شعب الكويت العربي الأبي، لا يمكن أن يقبل بهذا التدبير الخبيث. يا أبناء الكويت الأعزاء. لقد بلغ السيل الزبى. ولم يبقَ في القوس ثمة منزع. ولم يعد شعبنا قادراً على تحمل هذه الدرجة من البغي والفساد والتزييف والتآمر. إن القوى الوطنية، التي رفضت البغي والاستبداد والفساد، وقاومت النظام المرتبط بالدوائر، الاستعمارية والصهيونية، قد قررت، وبعد الاتكال على الله، وعلى إرادة الشعب الحرة وممثليه الخيرين، قررت تسلم زمام المسؤولية، والإطاحة بالنظام المستبد الفاسد العميل. أيها الكويتيون الأعزاء. باسم الشعب، نعلن عزل جابر أحمد جابر، وسعد عبدالله سالم، وكل مرتزقتهم، من مناصبهم، وحل ما يسمى بالمجلس الوطني. كما نعلن تشكيل حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، التي تتولى كل المسؤوليات والصلاحيات، التشريعية والتنفيذية، في البلاد، خلال الفترة الانتقالية. وستتولى حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، بعد تأمين الاستقرار الضروري في البلاد، إقامة انتخابات حرة نزيهة، لانتخاب مجلس، يمثل الشعب، يتولى تقرير نظام الحكم، والقضايا الأساسية في البلاد".
أما عن طبيعة العلاقة بين الحكومة المؤقتة والعراق فقد ورد الاتي "تعتبر حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، من أولى واجباتها ومسؤولياتها، الوطنية والقومية والأخلاقية، إصلاح الأذى والعدوان، الذي ألحقه النظام الفاسد السابق بأهلنا وإخواننا في العراق؛ فهُم سندنا وظهيرنا في الملمات، على أساس الأخوّة التي تجمعنا، وبأمانة الشرفاء في التصرف إزاء مسؤولياتهم، وسنعمل على معالجة مسألة الحدود، والعلاقة مع العراق العزيز، على قاعدة الأخوّة بيننا، ووفق ما تتطلبه المصلحة القومية العليا".
يبدو من صيغة البيان أن الرئيس صدام قد ساهم في صياغته ففقرة "يا أبناء الكويت النشامى. لقد خسئ الخاسئون" تتضمن عبارة "وليخسئ الخاسئون" وهي عبارة كان الرئيس يختم بها الغالبية من خطابته . في الوقت الذي كانت البيانات تصدر بأسم الحكومة المؤقتة كانت السلطة في العراق تبحث عن أفراد كويتيين يقبلون الأنضمام لتلك الحكومة وعن ذلك البحث كتب سعد البزاز في الجنرالات أخر من يعلم "بات الشغل الشاغل لثلاثة أشخاص على الأقل ، هو البحث عن مواطنين كويتيين يقبلون الأنضمام الى حكومة موقتة تعمل تحت آمرة الحرس الجمهوري وكان أولئك الثلاثة هم : طارق عزيز وحسين كامل وسبعاوي ابراهيم. وعلى الرغم من عدم انسجامهم مع بعضهم البعض وجفاء العلاقات بينهم ، الا أن كلاً منهم كان يسابق الآخر للحصول على رضا الرئيس في أعلن أسماء مجموعة من الأشخاص ارتضوا الأنضمام الى حكومة الانقلاب. طارق عزيز بمساعدة وزير الأعلام على أسماء شخصيات برلمانية واعلامية ، في حين بدأ سبعاوي ابراهيم في استدعاء الشخصيات الكويتية التي لازمت منازلها داخل مدينة الكويت لتحضر أمامه في مبنى السفارة العراقية وتجيب على دعواته لتشكيل الحكومة المنتظرة. وقد يكون مطلوباً ، بهدف التوثيق وصف مواقف عدة ، متفرقة ، ومتفاوتة التعبير تشير جميعها الى حالة رفض من شخصيات كانت الى آخر لحظة قريبة من القيادة العراقية أو محسوبة عليها أو متعاطفة خاصة في مسألة النزاع مع ايران.ومن تلك المشاهد ، أن وزراء عراقيين كانوا يبحثون عن طريق السفارة العراقية في الكويت طوال الساعات الأثنتي عشرة الممتدة من الواحدة فجراً حتى الواحدة ظهراً من يوم الثاني من آب عن الشيخ فهد الأحمد شقيق أمير الكويت ، على أمل مفاتحته بتشكيل حكومة بديلة وهم يتوقعون استجابته معتمدين على تأريخه الشخصي في مساندة العمل القومي وتأييد العراق والقضية الفلسطينية دون أن يخطر ببال أحد أنه سيكون في مقدمة حاملي السلاح ضد القوات العراقية التي طالما كان أحد موازريها خلال الحرب مع ايران. وانه سيكون من أوائل الذين قتلوا برصاص جنود من ذلك الحرس كانوا يقتحمون قصر الأمير. أما الدكتور عبدالله عبد العزيز الرشيد رئيس الجمعية الطبية الكويتية الذي عرف بتاييده المعنوي والسياسي للعراق خلال الحرب مع ايران فقد استدعي الى مبنى السفارة العراقية لمقابلة سبعاوي ابراهيم الذي طلب اليه تشكيل حكومة كويتية موقتة، فاعتذر قائلاً أنه لو وافق على ذلك فما الذي يمكن أن يقوله لوالدته...عندئذ سمع كلمات قاسية فغادر المكان ليحمل حاجاته ويقطع الطريق الصحراوي في اتجاه الأراضي السعودية. في حين جرى الأتصال مع السيد يعقوب عبد العزيز الرشيد وهو دبلوماسي وشاعر كويتي كان يتردد على بغداد ويقيم فيها بعضاً من الوقت ، وصادف وجوده فيها يوم بدء العملية ، وتمت مفاتحته ليشارك في حكومة موقتة ، واستمع من وزير الأعلام العراقي الى حديث مطول عن ثورة الكويت فأجابه أنه لا يعلم بوجود هذه الثورة ، واعتذر عن القيام بأي عمل سياسي لأنه قرر التقاعد نهائياً ، واعتكف في مزرعته قرب بغداد لبضعة اسابيع قبل أن يغادر الى الكويت ثم الى السعودية. غير أن ما يتردد في بغداد حول المصير الذي لقيه السيد فيصل الصانع مسؤول تنظيم حزب البعث في الكويت حتى سنة ١٩٨٨ فكان أكثر ماساوية من سواه فقد أعتقل في ٢٦/٩/١٩٩٠ ومكث في مدينة البصرة قبل أن ينقل الى معتقل آخر في بغداد يوم ٢٧/١٢/١٩٩٠ بعد أن أطلق سراح بضعة معتقلين كويتين كانوا معه بعد أن توسطت بعض القيادات الفلسطينية لتحريرهم، ويشاع في بغداد على نطاق واسع أن الصانع قد أعدم بتهمة رفض تنظيم أمر حزبي بعد اعتذاره عن تشكيل حكومة كويتية موقتة أثر مقابلته مع سبعاوي ابراهيم في معتقله بالبصرة حيث جرى بينهما حوار مرير عبر فيه الصانع عن امتعاضه وغضبه مما حصل في الكويت ورفضه فكرة التعاون مع السلطات العراقية وقال " لو كنتم تريدون تغيير حكومة آل الصباح وحسب لاكتفيتم بارسال مفرزة من الشرطة ولما كنتم مضطرين لارسال مئات الألوف من الجنود الى الكويت". واكتفى السيد عبدالله أحمد حسين وهو دبلوماسي واديب كويتي بالعزلة في منزله ورد الدعوة التي وجهت اليه للمشاركة في حكومة موقتة قائلاً أنه سيتفرغ بقية حياته لمعاينة الكارثة...وصار يردد كلمة الكارثة على مسامع كل من اتصل به أو حاول اللقاء معه. وكانت فرصة السيد علي بن يوسف الرومي رئيس تحرير مجلة مرآة الأمة في التخلص من هذا الطلب هي وجوده خارج الكويت خلال الحدث بعد أن جرت محاولات غير ناجحة للاتصال به لغرض ذاته. كما فوتح الدكتور محمد المهيني الأستاذ في جامعة الكويت للمشاركة في الحكومة الموقتة غير أنه أعتذر أيضاً عن قبول ذلك العرض وغادر الى السعودية.. وسعى مسؤولون عراقيون للاتصال مع الدكتورة سعاد الصباح التي كانت قد غادرت العراق قبل أقل من عشرين ساعة من لحظة دخول القوات العراقية الى الكويت، لكنها ردت باعلان موقف حاسم ضد القيادة العراقية التي سبق أن أيدتها خلال الحرب مع ايران ، وكانت هي آخر شخصية كويتية التقت الرئيس صدام حسين من غير أن تعرف أن ذلك سيكون الأخير.وفشلت محاولات مماثلة جرت للاتصال مع السيد أحمد عبدالعزيز السعدون والسيد عبدالعزيز الصقر والسيد أحمد السقاف الذين سارعوا لاعلان مواقفهم ضد ضم الكويت الى العراق. ....وبعد بضعة اسابيع عجز مسؤول فلسطيني كبير في اقناع شخصية قومية كبيرة هو السيد عبد العزيزالصقر لتشكيل الحكومة البديلة.

وشعر طارق عزيز وسبعاوي ابراهيم ولطيف نصيف كل من موقعه ، بفشل محاولاتهم ، غير أن حسين كامل وجد في فشل منافسيه فرصة لابتداع حل آخر ، اذ كان أسم علاء حسين علي مطروحاً منذ البداية ، بعد أن قدم على أنه متعاون مع السلطات العراقية منذ سنة ١٩٨١ عندما كان طالباً في كلية الأدارة والاقتصاد بجامعة بغداد، وظل أسمه احتياطاً في انتظار معرفة ردود أفعال الشخصيات السياسية والمدنية الكويتية التي رفضت بصورة مطلقة التعاون ، لذلك طلب حسين كامل أحضار جميع الضباط الكويتيين الذين اسروا في اليومين الأولين للعملية ..وباشر في توجيه سؤال واحد الى كل منهم : (هل توافق أن تكون وزيراً في حكومة ثورية جديدة)... وكانت ردود أفعال أولئك الضباط موزعة بين الدهشة وعدم ادراك المقصود من ذلك الطلب ، وبعد ساعتين اختار حسين كامل ستة ضباط من حملة رتبة ملازم في حين أعاد الأخرين الى عنابر الأسر. عندها أبلغ كامل الرئيس صدام أن لديه حكومة جاهزة يرأسها علاء حسين علي. وجرى على الفور نقل (الأسرى- الوزراء) الى بغداد حيث اعطى كل منهم لباساً عربياً وعباءة جديدة ليجدوا أنفسهم فجأة ولاول مرة في حياتهم وجهاً لوجه أمام صدام حسين الذي رحب بهم كوزراء في حكومة وهمية .. لقد ضحك الرئيس صدام كثيراً وهو يقول لصهره: -نمنح علاء حسين رتبة عقيد.. أنها نفس رتبة معمر القذافي وهي تكفي لرجل يحكم بقعة مثل الكويت"..
كان بيان مجلس قيادة الثورة والحكومة المؤقتة الأول يشير الى أن وجود القوات العراقية في الكويت هو مؤقت وانها ستنسحب بعد ذلك واكدت على ذلك مرة أخرى في بيانها الصادر في يوم ٣ آب ١٩٩٠ حيث ورد في بيان مجلس قيادة الثورة "استناداً إلى ما جاء في بيان المجلس، أمس، حول مهمة قواتنا الباسلة، وبناء على التفاهم مع حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، فقد وضعت خطة للمباشرة بالبدء في انسحاب هذه القوات، وفق جدول زمني، اعتباراً من بعد غد، الأحد، الخامس من أغسطس، ما لم يظهر ما يهدد أمن الكويت أو العراق" واعلان الانسحاب حسب البيان لم يكن خوفاً من "جعجعة " ردة الفعل العالمية في ادانة الغزو وانما التزاماً بالمبادىءحيث ورد فيه " إننا نعلن ونؤكد لشعبنا وأمّتنا العربية المجيدة، بأننا، في هذا، لا نقصد التجاوب مع الجعجعة الفارغة، التي أطلقت من هنا أو هناك، من قِبل المغرضين، والذين لا نقيم لهم وزناً يذكر. فنحن إنما نلتزم بمبادئنا، وننسجم مع أنفسنا والواجب، الذي أدته قواتنا الباسلة، وفقاً لبيان مجلس قيادة الثورة، أمس. وإننا نحذر من أن أية جهة، مهْما كانت كبيرة أو صغيرة، ومهْما كان لونها، تسوّل لها نفسها التعرض للكويت أو للعراق، ستجابه بموقف حازم، يقطع يدها من الكتف" وعلى نفس المنوال ورد في بيان الحكومة المؤقتة في ٣ آب ١٩٩٠ "إلى شعب الكويت العزيز، وإلى جماهير الأمّة العربية المجيدة. نظراً لاستقرار الحال، واستتباب الأمن، وبعد التنسيق مع قيادة العراق الشقيق، فقد اتفقنا معهم على أن تبدأ قواتهم الشجاعة، التي جاءت لنجدة أهلهم وإخوانهم المباشرة، بالانسحاب، وفق جدول زمني، يبدأ اعتباراً من الأحد القادم، الخامس من أغسطس". وكذلك بعد أن شكلت السلطة في بغداد الحكومة المؤقتة ورد في برقية علاء حسين علي الاولى للرئيس صدام عن أنسحاب القوات العراقية في 4 آب ١٩٩٠ "لقد أدت قوات النجدة العراقية مهمتها بنبل عربي، يستحق أسمى آيات التقدير، وبكفاءة معروفة عن رجال القادسية النشامى. وتم ـ ولله الحمد ـ استتباب الأمر للثورة، والحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين، والمقيمين من إخواننا العرب، والمقيمين الأجانب كذلك. وإن القرار الذي توصلنا إليه، أمس، بالتنسيق مع حكومتكم الموقرة، بمباشرة قواتكم بالانسحاب وفق جدول زمني، اعتباراً من يوم غد، الخامس من أغسطس، لهو الدليل على ثبات الثورة ونجاح مهمتها المقدسة. إن حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، قررت الدخول في مفاوضات فورية مع حكومة العراق الشقيق، لمعالجة كل المسائل المعلقة، وفي مقدمة ذلك مسألة الحدود، وغيرها من المسائل الأخرى، التي نـأمل في حلها، بما يؤكد أن الكويت والعراق مصير واحد، وأن الكويت والعراق جزء من الأمّة العربية المجيدة".

وبالفعل في يوم ٥ آب ١٩٩٠ أعلن العراق أن قواته بدأت الانسحاب من الكويت ويوم ٦ آب عندما التقى الرئيس صدام مع جوزيف ولسن قنصل الولايات المتحدة الأمريكية وردت اشارة أيضاً الى ألانسحاب في جزء من المحضر "الرئيس صدام: كيف تقولون إنه لم يحصل انسحاب، ثم تقولون شيئاً آخر، بعد ذلك؟ ولسون: أنا شاهدت ثلاث قوافل من البصرة، وقد أبلغتُ واشنطن بذلك. الرئيس صدام: أخذت ثلاثة أيام لقواتنا للدخول إلى الكويت، وبالنسبة للانسحاب، لا يمكن أن يتم بيوم واحد. وإن انسحاب القوات، يعتمد على الجو الدولي، ولن نترك الكويت لقمة سائغة لأحد، ولو قاتلنا الكون كله. ولو ازداد التهديد على الكويت، سنضاعف القوات هناك. وكلما التهديد كان بحجم معين، تغير الحجم. وعندما ينتهي التهديد، تنسحب كل القوات، ولا نريد تحويل الكويت إلى لبنان. وأعتقد أنه ليس من المصلحة، أن ينسحب الجيش العراقي بسرعة، وأن نترك الكويت للأطراف المتصارعة. الحكومة المؤقتة، استلمت نصائح بتشكيل ميليشيات مختلفة. ونحن نصحناهم بالاكتفاء بالجيش الشعبي. وما يتعلق بالأمريكان الموجودين في الكويت والعراق، الآن، ممنوع السفر للجميع، عراقيين وأجانب، في العراق والكويت. ومصادركم تعلم، أن جيشنا يتصرف هناك بمنتهى الانضباط تجاه الأجانب، مع ذلك، حسب بيان الحكومة الكويتية، التي سمحت لهم السفر إلى العراق؛ وهنا، الأمن واضح ومؤمّن".
على الأرجح أن رد الفعل العالمي بادانة الغزو وعدم تصديق رواية العراق عن اندلاع ثورة في الكويت وعن انسحاب القوات العراقية ,كان الدافع لالغاء الحكومة المؤقتة بعد ٤٨ ساعة من اعلانها و ٢٤ ساعة من اعلان الكويت جمهورية ,تم ذلك بعد أن طلبت الحكومة نفسها حسب البيانات الرسمية عودة الفرع الى الأصل ليتم تقديم مبرر جديد للغزو وهو حقوق العراق التاريخية في الكويت. أعلن ذلك ببيان للحكومة المؤقتة في ٨ آب ١٩٩٠ ورد فيه "انطلاقاً من إيماننا العميق الصادق بالوحدة، ومن أن المصلحة القومية العليا، هي فوق كل اعتبار، ومن أجْل فلسطين الحبيبة، والقدس الشريف، الذي لن يعود إلى أهله، إلاّ عندما ترتفع عالياً رايات العروبة والوحدة، وعندما يتم تغليب المصلحة القومية العليا، والأهداف القومية السامية، على الأنانية والمصالح الضيقة، من أجْل هذه الأهداف النبيلة، التي ضحت من أجْلها قوافل الشهداء، في أرض العروبة، وينزف الدم العربي في فلسطين ـ قررت حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، أن تناشد الأهل في العراق، رجال القادسية النشامى، حراس البوابة الشرقية للوطن العربي، أصحاب النخوة والشرف والكرم، قررت أن تناشدهم، وفي مقدمتهم فارس العرب، وقائد مسيرتهم، البطل الرئيس القائد، المهيب الركن صدام حسين، أن يوافقوا على عودة الأبناء إلى عائلتهم الكبيرة، على عودة الكويت إلى العراق العظيم، الوطن الأمّ، وتحقيق الوحدة الاندماجية الكاملة، بين الكويت والعراق. وليكون البطل صدام حسين قائدنا، وحادي مسيرتنا جميعاً، كرئيس لجمهورية العراق، مثلما هو رئيس لمجلس قيادة الثورة".

اعقب ذلك اعلان بيان من مجلس قيادة الثورة صدر في نفس اليوم ٨/٨/١٩٩٠ ورد فيه "إشارة للمناشدة، الواردة في بيان حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، واستناداً إلى التحول العظيم، الذي حصل في حياة شعبنا، بعد يوم النداء، وإلى دواعي المبادئ والقِيم والمعطيات، التي جاء بها ذلك اليوم الأغر، في الثاني من آب من هذا الشهر، الذي باركه الله، بفاتحة انتصار العرب في قادسيتهم الثانية، ونظراً لما آل إليه الحال، بعد أن تزلزل كيان قارون، وبعد أن انخسفت به وبأعوانه الأرض، وبغية إضعاف أماني الخائبين والأشرار، من خارج وداخل الوطن العربي، ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، بإعادة الجزء والفرع إلى الكل والأصل والمنبع، لتصحيح ما جار عليه الدهر، وإلغاء الغبن والحيف، الذي كان قد أصاب العراق في صميم كيانه، قبْل يوم النداء. فقد قرر مجلس قيادة الثورة، إعادة الجزء والفرع، إلى الكل والأصل، بوحدة اندماجية كاملة، أبدية، لا انفصام لها، تسود فيها نفس المفاهيم والقِيم، التي تسود في أجزاء العراق الأخرى، وبما يعزّز وحدة العراق، أرضاً وإنساناً ومياهاً وأجواء إقليمية".
كانت "ثورة الكويت" رواية يصعب تصديقها حتى ممن كان متعاطفاً مع السلطة فلم يرد أي ذكر لها في كتاب "المنازلة الكبرى وقائدها " لحميد سعيد ، عبد الجبار محسن ، وعبد الأمير معلة وكذلك لم يتطرق لها محمد مظفر الأدهمي في كتابه "الطريق الى حرب الخليج من موهافي الى الكويت" . والغريب أن يعود الرئيس ويعرضها مرة أخرى كدافع لضم الكويت في محضر استجوابه من قبل المحقق الأمريكي في عام ٢٠٠٤ حتى بعد أن تبين أن أفراد الحكومة المؤقتة لم يكونوا سوى أشخاص أسرى وجودوا أنفسهم في لحظة من حياتهم وزراء في حكومة وهمية.
من جانبهم روى الضباط الكويتيون الاسرى كيفية تشكيل الحكومة المؤقتة بعد انتهاء الحرب وعودتهم الى الكويت أمام محكمة أمن الدولة الكويتية حيث ورد في شهادة الرائد مشعل سعد الهدب وزير الصحة العامة ووزير الأسكان ,ونشرت في مجلة المجلة عام ١٩٩٣,ما يلي" كنا حوالي ٢١٠ ضباط كويتيين أسرى من مختلف الرتب وفي صبيحة يوم ٤/٨/١٩٩٠ كنا في معتقل البصرة ، وقسمونا الى مجموعات تتكون كل مجموعة من ١٠ ضباط ، وكنت في مجموعة ليس بها أحد من الحكومة المؤقتة واخذونا ببث الى مبنى أخر وممنوع أن نتكلم ، وكانوا يدخلوننا واحداً واحداً على مكتب ولا أدري ما بداخله ، وكان الذي يخرج في حالة يرثى لها وقال لي واحد اذا ادخلت أدي التحية للجالس على المكتب. دخلت المكتب وسألني الشخص الجالس عن أسمي ووظيفتي وعن أصلي وقال لي أنه سوف يعينني وزيراً للدفاع. فقلت له أنا لا أريد هذا المنصب وارغب في العودة للكويت.، تركني لمدة ربع ساعة ثم أدخلوني الى المدعو حسين كامل الوزير لدى النظام العراقي وكرر العرض علي وقال لي أنت وزير دفاع رضيت أم لم ترض" ويستمر في شهادته " في يوم الثلاثاء التالي للغزو تم ترحيلنا الى بغداد نحن التسعة وسكنة في بيت مقابل شارع أبو نؤاس وسكن مع فؤاد ووليد فقط وذهبت الى المستشفى بسبب الكلى وفي يوم الأربعة نزلنا وكنا كل ٢ أو ٣ في سيارة الا علاء كان في سيارة لوحده وانا شاهدته في السيارة لوحده وطلبوا مني أنا ووليد وفؤاد في اليوم التالي أن نلبس الملابس الشعبية الكويتية وانزلونا واخذونا بالسيارات لمسافة لا اتذكرها ثم ادخلونا الى مكان مظلم وغلقوا أنوار السيارات وساروا وراء سيارة واحدة مضيئة ثم انزلونا وادخلونا نحن الثمانية الى قاعة يجلس فيها المدعو طه ياسين رمضان والمدعو علاء حسين علي الذي طلب منا السلام على المدعو طه ياسين فسلمنا عليه" " بعد ذلك واثناء جلوسنا رأينا المصورين يدخلون القاعة ولا أدري الا والطاغية صدام واقفاً منادياً علي وطلب مني أن أعرفه بنفسي وفعلت وكذلك زملائي واختلطت الأمور من كثرة الذين دخلوا مع صدام" " ثم جلس صدام بجوار علاء حسين وبينهما طاولة ثم طه ياسين رمضان ثم جلسنا نحن وقد تحدث صدام عن نفسه قائلاً أنه عبد الله المؤمن وانه ينتسب الى الرسول صلى الله عليه وسلم والى علي أبن أبي طالب واخذ يشتم الكويت ثم قال أننا دخلنا التاريخ من أوسع أبوابه لاننا اصبحنا وزراء وبعد أن خلص حديثه وقف وقال خلينا نأخذ الصور التذكارية ودخل قاعة أكبر وكان بها أعضاء الوزارة العراقية وطلب من علاء أن يجلس كل واحد منا بين وزيريين عراقيين ولا أعرف سبب ذلك وجلس علاء بجانب صدام الذي طلب منه أن يعرف الوزراء بنا وكان يقول الأسم الأول. ثم قام صدام وصعد الى المسرح وصعدنا معه لالتقاط الصور التذكارية ثم صافحنا واحداً واحداً ثم رجعنا للبيت الذي كنا فيه من قبل. وعن مهامه في الحكومة المؤقتة " عينت في الحكومة المؤقتة وزيراً للاسكان والصحة وفي الحقيقة لم نمارس أي مهام ". أما عن البيانات التي كانت تصدر بأسم الحكومة المؤقتة فكان " أعضاؤها أبعد ما يكونون عما يدور ، بل لم يعلموا بما نسب اليهم الا بعد عودتهم. وكان الأجتماع الوحيد الذي عقد للحكومة المؤقتة هو اجتماعهم في بغداد مع صدام حسين ، عندما قام التلفزيون العراقي بتصويرهم وهم يصافحونه ، ولم يحدث أي اجتماع للحكومة المؤقتة طوال فترة وجودهم في بغداد أو خارج بغداد ولكن بحكم وجودهم ومعيشتهم في مكان واحد كان أعضاء الحكومة المؤقتة يلتقون ولكن لعشاء عادي يتم فيه الحديث حول موضوعات مختلفة منها سبل أحضار عائلاتهم. وهذا ما تحدث عنه أفراد الحكومة المؤقتة واكدوه لمحكمة أمن الدولة.وتذكر المجلة ماحصل لهم بعد انتهاء الحرب " أن الحكومة المؤقتة عادت الى الكويت بتأريخ ٢٧ نيسان ١٩٩١ سيراً على الأقدام عبر الحدود الكويتية العراقية بينما وجد التاسع ضمن الأسرى الذين وفدوا عن طريق الصليب الاحمر الدولي بتاريخ ٢٩ تموز ١٩٩١. وقد كشفت التحقيقات أن الضباط التسعة المذكورين بادروا فور وصولهم بتسليم أنفسهم الى هيئة الأستخبارات بالجيش الكويتي. وقد سلم النظام العراقي كلا منهم مبلغ خمسين ألف دولار أمريكي وهدايا أجبرهم على حملها واتفقت أقوالهم جميعاً أمام المحكمة العسكرية على أنهم اسروا في مواقعهم العسكرية صباح الثاني من آب حيث تم نقلهم الى معسكر أعتقال أعد لهم ، وان كل مانسب اليهم من أفعال وقتذاك ورددته أجهزة الأعلام العراقية المضللة لم يكن باختيارهم بل كان مجرد مسرحية هزلية أخرجها النظام العراقي لتضليل العالم ، وقد أكرهوا على القيام بادوار مصطنعة تحت صنوف م الأكراه المادي والمعنوي مارستها عليهم القوات العراقية خلال أسرهم. واضافوا في أقوالهم أن سماح السلطات العراقية لهم بالعودة الى الوطن وحرصهم على أن يحملوا معهم في طريق عودتهم مبالغ نقدية كبيرة لم يكونا الا محاولة خبيثة من النظام العراقي لاحاطتهم بالشبهات والصاق شبهة الخيانة بهم". في النهاية اصدرت المحكمة حكمها ببراءة أعضاء الحكومة ما عدا رئيسها علاء حسين علي والذي عاد الى الكويت بأرادته بعد عدة سنوات من الغزو وقال أنه كان كغيره من أعضاء الحكومة المؤقتة قد أرغم على الانضام لها.