الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة..٩
قمع انتفاضة الحلة
قمع انتفاضة الحلة
"برقية من أبو ثائر (الفريق طالع ارحيم الدوري) إلى أبو نادية (طه ياسين رمضان)/ أبو فراس (الفريق صابر عبد العزيز الدوري)
رسالتنا ١٩ في ٣/١٩ المجرم عميد ركن متقاعد محمد حسن وتوت أوقف من قبلنا يوم ١١ /٣ وبعد التحقيق والإدانة تم تنفيذ حكم الإعدام بحقه في ٣/١٨".
رسالتنا ١٩ في ٣/١٩ المجرم عميد ركن متقاعد محمد حسن وتوت أوقف من قبلنا يوم ١١ /٣ وبعد التحقيق والإدانة تم تنفيذ حكم الإعدام بحقه في ٣/١٨".
عن قمع الانتفاضة في الحلة ذكر وفيق السامرائي في كتابه "حطام البوابة الشرقية" "جرى أستدعاء الفريق الركن ماهر عبد الرشيد التكريتي، والد زوجة قصي أبن صدام، والفريق الركن طالع الدوري لقيادة الهجوم من اتجاه الشمال، لاستعادة الحلة بالتعاون مع رتل الجزراوي من الجنوب. وفوجئنا بالفريق ماهر يبكي ويلطم على رأسه ووجه ويصيح: ليش هيجي سوه بالعراق" وبعد توقفه عن النحيب ذهب الى الحلة ولم يجرؤ على التقرب منها".
تفاصيل أكثر عن قمع الانتفاضة في الحلة وردت في كتاب الزلزال للعميد نجيب الصالحي حيث ذكر" لأهمية مدينة الحلة وما حولها حيث تعد المفتاح الرئيس لمحافظات الفرات الأوسط، كان رد فعل النظام سريعاً لاستعادة السيطرة عليها. وبهذا الصدد، يمكننا التأكيد على مسألة مهمة وهي أن المحافظات التي حصلت فيها انتفاضات كبيرة مثل القادسية وذي قار والنجف تمتعت بقسط معين من الاستقرار النسبي تمكن الثوار فيه من تكوين وبلورة قيادات لهم وبدرجات متفاوتة من محافظة إلى أخرى بسبب كون تلك المحافظات بعيدة نسبياً عن بغداد وعن خطوط التماس معها وهذا الأمر لم يكن متوفراً في مدينة الحلة القريبة من بغداد ولم يحدث إلا بعد حين.
في فجر الخامس من آذار، شرع النظام بإرسال تشكيلاته العسكرية لمحاصرة المدينة والبدء في عمليات القصف التمهيدي الكثيف والذي أخذ ينصب عشوائياً على كافة أنحاء المدينة محدثاً خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والمباني، ومن الأحياء السكنية التي تعرضت لعمليات القصف (حي الثورة، حي الإمام، حي الطيارة، حي ١٧ تموز، حي الجامعيين، حي الأكراد، حي نادر، حي الفقراء، حي البكرلي، حي الجمعية.)
استمر القصف حوالي ثلاث ساعات، بعدها تقدم رتلان من التشكيلات المدرعة مسندة بالمدفعية والطائرات المروحية، الأول على طريق بغداد- الحلة والثاني كربلاء - الحلة، ودارت معركة ضارية بين الطرفين استعملت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة من قبل قوات النظام وكانت الاشتباكات مزيجاً من قتال المدن و الشوارع والغارات ومن سطوح الأبنية والبيوت والبساتين وكذلك انتهاج أسلوب الغارات ليلاً واستعمال الدراجات النارية. هذا ما يخص قتال الثوار، إما تشكيلات الجيش فكان يغلب على طبيعة أداءها القتالي الأسلوب التقليدي في الهجوم واتخاذ المواضع الدفاعية، ورغم التباين في قوة الطرفين من حيث العدة والعدد والذي أوجد حالة من اللاتوازن، لم تتمكن التشكيلات العسكرية المهاجمة إلا من احتلال جزء صغير في الطرف الغربي من المدينة أقامت فيه موضعاً دفاعياً على شارع (٦٠ ) بسبب المقاومة الشديدة والصمود الذي أبداه الثوار!
في هذه الأثناء، انسحب الثوار إلى داخل المدينة وأطرافها نتيجة الضغط المتزايد عليهم .. بعد ذلك حاولت التشكيلات العسكرية اقتحام المدينة، ولم تفلح ..وأعادت المحاولة ثانية ولم تستطع الدخول أيضا، وظلت تكرر محاولاتها الفاشلة مرات عديدة، بعدها اضطرت إلى البقاء في موضعها الدفاعي واستمرت بالقصف المدفعي وبالدبابات على الأحياء السكنية الذي أحدث تدميراً كبيراً لمساكن المواطنين وخسائر بالأرواح مما اضطر بعض المواطنين إلى النزوح من المدينة إلى مناطق أخرى، في الوقت ذاته، استمرت الفعاليات البطولية لشباب الانتفاضة التي اتسمت بالجرأة والاندفاع مما أفضى إلى اتساع رقعة المشاركة من قبل المرأة والتي كانت لها إسهامة فعلية وبمختلف الواجبات بما فيها القتالية وكان بعضهن يحملن السلاح ويشاركن في القتال حيث استشهدت إحدى النساء أثناء المعارك إضافة إلى قيامهن بالتشجيع والتحفيز ورفع المعنويات من خلال الزغاريد والأهازيج والقيام بتهيئة مستلزمات المعالجة الطبية وإعداد الطعام وجلبه إلى المقاتلين الثوار!"
"استمر الحال بين الطرفين المتقاتلين خمسة أيام، حاولت فيها القوات النظامية اجتياح المدينة وإحكام السيطرة عليها في عدد من المرات وباستخدام أساليب قتالية متنوعة وبأحجام مختلفة ، لكنها لم تتمكن من إحراز تقدم ملحوظ في المعارك الدائرة، ويعود السبب إلى طبيعة القتال الدائر بما يعرف (بقتال المدن) حيث اختلطت المواقع من جانب لآخر، فأحيانا ترى محاولة من قوات النظام التقدم برتل دبابات أو فصيل ناقلات أو جنود مشاة لاحتلال موقع معين أو بناية قريبة أو ساحة فتفشل تلك المحاولة وتعاد ثانية وتفشل وعلى اثر ذلك منيت فيه قوات النظام بخسائر فادحة بأفرادها وآلياتها ومعداتها مما أضطرها إلى القيام بتبديل تشكيلاتها بقطعات جديدة ورفدها بتعزيزات إضافية لحسم الموقف في المدينة. وبالنظر لمحدودية الأسلحة والأعتدة المتوفرة لدى الثوار، والنقص الكبير في القضايا الإدارية والفنية، وعدم تمكن بعض القيادات من السيطرة والإدارة بالشكل الصحيح وتدمير المدينة جراء القصف المدفعي، اضطر شباب الانتفاضة إلى الانسحاب من داخل المدينة نحو الأطراف الجنوبية والشرقية كان ذلك يوم التاسع من آذار حيث باشرت القطعات العسكرية باجتياح المدينة والتوغل فيها وبالتالي إحكام السيطرة على أغلب أحيائها. في هذا الوقت، تمركز الثوار في الأحياء السكنية الواقعة شرق وجنوب المدينة وهي، حي نادر، الحي الصناعي، حي الفقراء، والضواحي القريبة منها. وبالرغم من الخسائر، إلا أن الفعاليات التعرضية للثوار كانت مستمرة والاشتباكات تحدث هنا وهناك، إلا أن قوات النظام أخذت تزيد من حجم قطعاتها وتعزيزاتها واستخدامها الطائرات المروحية التي كانت تحلق فوق سماء المدينة محدثة تأثيراً واضحاً على ساحة القتال، لكن معنويات الثوار كانت عالية ونشاطهم المسلح مستمر وقد تجسد ذلك بقيامهم بفتح نقطة سيطرة على الشارع العام حلة - ديوانية في المدخل الجنوبي للمدينة لا يبعد عن نقطة سيطرة قوات النظام سوى مسافة (٣٠٠- ٤٠٠ م ) ونتيجة للضغط العسكري المتواصل لتلك القوات والنقص الواضح في مواد التموين، أضطر الثوار يوم ١١ آذار إلى الانسحاب والخروج من المدينة نهائياً والتوجه إلى القرى المجاورة والى مدينة القاسم الواقعة جنوب الحلة على بعد ٣٥ كم حيث انضم قسم من شبابها إلى ثوار الانتفاضة.
يذكر، أن المشرف المباشر على العمليات العسكرية في قاطع محافظة بابل كان طه ياسين الجزراوي وقائد العمليات الميدانية طالع رحيم الدوري، أما القطعات المشتركة في الهجوم فكانت تضم تشكيلات من الحرس الجمهوري و الحرس الخاص وفرقة المشاة الرابعة وقطعات أخرى."
"كانت عمليات التنسيق و التشاور متواصلة بين ثوار بابل والقادسية وقد تأكد هذا الأمر من خلال الزيارات المتبادلة بين قيادتيهما والذي أدى بعد ذلك إلى توحيدهما واتفاقهما على الشروع بهجوم موحد وواسع لاستعادة مدينة الحلة، كذلك تزويد ثوار بابل ببعض الأسلحة والأعتدة المتيسرة في المخازن العسكرية. وفي إطار التشاور بين قيادتي الثوار في المحافظتين، عقد اجتماع مصغر في مدينة القاسم تم الاتفاق فيه على اتخاذ قرار يثبت فيه التوقيت المناسب لبدء الهجوم المقابل من قبل الثوار لاستعادة مدينة الحلة والاتفاق على مواصلة التقدم باتجاه بغداد بعد العمل على إكمال نواقص آليات الرتل المدرع الذي كان مسؤولاً عنه المقدم الركن محمد علي غني ."
وعن محاولة استعادة الحلة ذكر الصالحي "تم اتخاذ قرار الشروع بهجوم موسع لاستعادة الحلة من أيدي القوات النظامية يشترك فيه الثوار من أبناء بابل والقادسية وقد حدد القرار آلية التحرك والأسلوب الذي يتم فيه التنفيذ وأشار القرار إلى أن القاسم ستكون نقطة التحرك في يوم محدد وساعة محددة وقد تم وضع الخطط اللازمة لجمع المعلومات وإرسال عدد من دوريات الاستطلاع إلى المدينة والمناطق المحيطة بها لمعرفة قوة وحجم القطعات العسكرية وأماكن تواجدها ومواقع المدفعية وشقق السمتيات ونهج الدوريات والكمائن وتم الحصول على نتائج إيجابية ومعلومات دقيقة تم بموجبها تهيئة القوة اللازمة ووضعت خطة الهجوم التي تضمنت الآتي:
الهجوم الموسع على القطعات والتشكيلات العسكرية في الحلة بقصد تحريرها وبصفحتين:
الصفحة الأولى: تبدأ عند الضياء الأول ليوم ١٥ آذار ٩١، وتنفذها قوة تتكون من مقاتلي بابل والديوانية والسنية لاحتلال المناطق التي تقع في جنوب المدينة والسيطرة على المقرات الرئيسية فيها كما تتضمن فرز قوة خاصة مهمتها التدمير أو السيطرة على الطائرات السمتية.
الصفحة الثانية : تبدأ حين الانتهاء من تنفيذ مهمة الصفحة الأولى ويقوم بتنفيذها أبناء عشائر القادسية بعد الضياء الأول لذلك اليوم ويكون واجبهم استثمار النجاح وإحكام السيطرة على المدينة."
"قبل الشروع بالانطلاق من منطقة التجمع في القاسم، قام رئيس اللجنة العسكرية بجولة تفقدية استطلع فيها أوضاع المقاتلين الثوار واحتياجاتهم من أبناء العشائر لتشجيعهم وتدقيق مستلزمات المعركة وفحص الاحتياجات والنواقص ولاسيما الأسلحة والأعتدة، واثناء التفتيش لاحظ رئيس اللجنة العسكرية بعض الشباب من الثوار من غير سلاح وكانوا متأهبين للذهاب مع القوة المهاجمة، وعند السؤال عن عدم امتلاكهم أسلحة،أجابوا : بأن أسلحتهم موجودة أمامهم في الحلة .. ! وعند مطالبتهم التوضيح، قالوا : أن الأسلحة التي تم توزيعها لم تعد كافية للجميع، وعليه، فأنهم سيشاركون في المعركة، وأكدوا، انهم سيحصلون على الأسلحة كغنائم عندما يبدأ القتال هناك، وكان هؤلاء الشباب يتحدثون بثقة وشجاعة عالية.. لكن القيادة لم تقبل مشاركتهم ضمن القوة المهاجمة في بادئ الأمر، ولكنهم أصروا على ذلك مؤكدين تحملهم المسؤولية .. ونزولاً عند رغبتهم تمت الموافقة وكان لهم ما أرادوا.."
وعن سير المعركة يستمر الصالحي "بالساعة العاشرة ليلة ١٥/١٤ آذار، وصلت إلى مقر القيادة في القاسم (منطقة الاجتماع) قوة مؤلفة من حوالي مائة مقاتل من أبناء مدينة الديوانية والسنية بقيادة العميد توفيق الياسري إضافة إلى مقاتلي محافظة بابل الذين كانوا متهيئين للقيام بالواجب. تحقق عقد الاجتماع بحضور عدد من الضباط لمناقشة الخطة وإجراء أية تغييرات إن وجدت، وهم العقيد الركن عامر مخيف الجبوري والمقدم الركن جعفر وتوت، الذي أصر على قيادة الهجوم كونه من أهالي مدينة الحلة والملازم الأول ميثم وتوت والعميد توفيق الياسري وآخرون وقد استمر الاجتماع من الساعة الواحدة صباحاً حتى الرابعة والنصف فجر يوم ١٥ آذار بعدها تم الانتهاء من عملية تدقيق المقاتلين والعمل على إكمال نواقصهم وإجراء الايجازات النهائية.
بالساعة الخامسة والنصف صباحاً، تحركت القوة المكلفة بالهجوم وهي محمولة بالعجلات من مدينة القاسم باتجاه الحلة برتل يضم ٢٠ عجلة مختلفة وباص ركاب كبير، ريم،OM ، عجلة حمل، بيك آب، سيارات صالون صغيرة، جميعها تعود للمواطنين والبعض من الثوار المشاركين.
في الساعة السادسة صباحاً، اصطدمت القوة المهاجمة للثوار بكمين عسكري حكومي على مسافة تقدر بـــ ١٠ كم عن مركز المدينة تمكنت القوة من معالجة الكمين والقضاء على عناصره، بعد ذلك استمرت بالتقدم بالرغم من أن هذا الحادث سبب بعض التأخير في توقيتات الهجوم المتفق عليه.
في الساعة السابعة صباحاً، فتح مقر القوة المهاجمة للثوار في طرف المدينة وبدأت بذلك عملية تنفيذ الصفحة الأولى حيث جرت معركة شديدة في معظم مواقع ومناطق المدينة التي اتخذت منها القطعات العسكرية مواقع لها وكانت نتيجة هذه المعركة أن تمكنت قوة الثوار من اجتياح المواقع الأمامية بعد أن تكبدت التشكيلات العسكرية خسائر بالأرواح والمعدات واسر العديد من الضباط والجنود.
في هذه الأثناء، ساد الارتباك والذعر قوات النظام مما خلق لديهم حالات من الفوضى والتشتت واستمر القتال بين الطرفين فترة وجيزة استطاع الثوار رغم قلة عددهم وعدتهم من التغلغل إلى مركز المدينة والسيطرة على شوارعها وبعض المواقع المهمة فيها.
في الساعة العاشرة صباحاً، قامت قوات النظام بهجوم مقابل استخدمت فيه القطعات المدرعة والطائرات المروحية مسندة بقصف مدفعي مركز حيث تمكنت الطائرات من تدمير مقر قوة الثوار الذي استقر في بداية تنفيذ الصفحة الأولى على الطريق العام قرب المدينة بمسافة خمسة كيلو مترات في بناية عامة وأسفر هذا الهجوم عن إصابة المقدم الركن جعفر وتوت والملازم الأول ميثم وتوت إصابات خطيرة أدت إلى استشهادهما في الحال، كما جرح العميد توفيق الياسري وفي حينها كانت القيادة موزعة على آمري المجموعات إذ لم تتوفر وسائل اتصالات.
في ذلك الوقت، وصلت الى مدينة القاسم طلائع قوة الصفحة الثانية حيث التقى العقيد الركن عامر مخيف الجبوري مع الشيخ حسين علي الشعلان والعميد الركن عبد الأمير عبيــس، والشيخ جليل آل جبارة، والشيخ كاظم الدانة، والشيخ حسين آل رباط، وبعد قليل، تم استئناف التقدم بالعجلات وباتجاه مدينة الحلة على شكل رتل طويل يعد بأكثر من مائة عجلة كبيرة محملة بالأشخاص والأسلحة الخفيفة والمتوسطة وبعض الهاونات والرشاشات الثقيلة.
أصبح هجوم الثوار مكشوفاً لدى قوات النظام التي بدورها أخذت تواصل استعداداتها للتصدي له وسار الرتل متوجهاً نحو المدينة وعلى بعد ٥ كم منها، أعطي أمر الترجل من العجلات والانفتاح بتشكيل المعركة وحسب تسلسل العشائر بأفرادها وكان كل شيخ عشيرة يعد آمراً على مجموعته وكان كل ذلك قد تم من خلال الإيجاز الذي اعد قبل التنفيذ. ورغم صعوبة الظروف وفقدان وسائل الاتصال مع آمري المجموعات فقد استخدمت الإشارات كبديل وكان الوقت يمر سريعاً ووجوه الثوار تطفح بمعاني الفرح والبسالة والمعنويات العالية.
وفي الساعة العاشرة والنصف، باشر الثوار بالتقدم وعند الوصول إلى أطراف المدينة فتحت النار من قبل قوات النظام حيث تحركت الدبابات والمدرعات المتواجدة على أبواب المدينة وأخذت الطائرات السمتية بالتحليق وبدأ القصف المدفعي الثقيل والمركز وهكذا بدأت المعركة بين الطرفين. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها الثوار في تلك اللحظات من ملاحقة الطائرات المروحية لهم حيث كانت ترصدهم وتحاول مشاغلتهم، إلا أن القوة المهاجمة وبجزء منها حاولت الدخول إلى المدينة والتغلغل فيها، حينها قامت قوات النظام بتعزيز قدراتها القتالية بإضافة تشكيلات مدرعة جديدة وتكثيف الإسناد المدفعي بعيد المدى الذي كانت قذائفه تنطلق من معسكر المحاويل. استمر القتال إلى الساعة الثانية بعد الظهر، حيث أخذ الوضع يميل إلى صالح القوات الحكومية مما اضطر قوة الصفحة الأولى من الانسحاب والخروج من المدينة، في الوقت ذاته شوهد رتل من الدبابات يتحرك على الطريق العام باتجاه الجنوب لقطع الطريق ومنع الثوار من كسر الطوق الذي بدأت تفرضه القوات العسكرية عليهم، لكنهم تمكنوا من التجمع في أطراف حي نادر الواقع جنوب المدينة حيث تم تبليغهم من قبل عناصر الارتباط، بضرورة سحب قواتهم بشكل منظم والاتجاه إلى مدينة القاسم، وفعلاً تم تنفيذ الأمر بشكل سليم ولم تتمكن القوات الحكومية من إعاقة هذا الانسحاب والتأثير عليه.
في الساعة الرابعة عصراً تكامل وصول الثوار إلى القاسم ومن ثم تفرقت القوة وعادت إلى مواقعها الأصلية!"
"وفي سياق الحديث عن البطولات النادرة التي سجلها بعض الأبطال من ثوار الانتفاضة في محافظة بابل، لابد من ذكر المقدم الركن جعفر وتوت، الذي يتحدر من عائلة عريقة ومعروفة في مدينة الحلة وكان ضابطاً كفوءاً تدرج في مناصب عسكرية عديدة وكان ذا موقفٍ من النظام قبل الانتفاضة. وبعد الانفجار جاء إلى ناحية القاسم لينضم إلى قوة الثوار ويشارك فعلياً في وضع خطة الهجوم وان يكون في طليعة منفذيها وقاد عملية الهجوم وفتح مقره قريباً من أطراف المدينة وحدثت المعركة، وبينما هو يوجه مقاتليه، غدره صاروخ طائرة سمتية، خر صريعاً على أثره وهو يكتب شهادة كبرى من اجل الحق والحرية والدفاع عنها.
كذلك الملازم الأول ميثم هادي وتوت الذي ينتسب إلى العائلة ذاتها، وكان معوقاً إذ بترت ساقه ولكنه كان مملوءاً بالحيوية والعزم وشارك بالانتفاضة واسهم في المعارك التي دارت في الحلة قبل إعادة احتلالها من قبل قوات النظام. وعند احتلال المدينة، نزح مع بقية إخوانه وأقربائه ورفاقه إلى القاسم وكان يعمل بجدية عالية في تهيئة المقاتلين وتدريبهم أو عمل الاستحضارات المطلوبة ورفع المعنويات. طلب أن يكون آمر مجموعة في قوة الصفحة الأولى ونظراً لوضعه الصحي، فقد رفض طلبه من قبل القيادة، إلا انه أصر وعزم على المشاركة رغم المحاولات التي أرادت أن تثنيه عن ذلك، وتم تعيينه آمراً لإحدى المجموعات الأمامية والتي قادها في معركة شديدة. نال خلالها وعلى أبواب المدينة وسام الشهادة وهو يسطر بدمه ودماء رفاقه من الثوار ملاحم الشهادة من اجل الحرية وقيم الوطنية الحقة."
"شكلت في معسكر المحاويل محاكم صورية من ضباط أمن ومسؤولين حزبيين وعناصر من جهاز الأمن الخاص والاستخبارات يعملون بإشراف طــه الجزراوي وقد تعاون معهم أفراد من بعض القرى والعشائر المتواجدة هناك لتأمين المعلومات والمشاركة في الملاحقة وإلقاء القبض على الكثير من العوائل والأفراد الذين يوجه إليهم الاتهام بالاشتراك في أعمال الانتفاضة في محافظة بابل والمحافظات المجاورة الذين تسللوا عبر القرى والأرياف والبساتين للاختفاء من اجل العثور على أماكن آمنة نسبياً.
وقد باشرت تلك المحاكم واللجان الأمنية مهماتها بتنفيذ حملة إعدامات واسعة ضد هؤلاء المواطنين، والذين كان البعض منهم يقضي نحبه أثناء التحقيق والبعض الآخر في الإعدام الفوري!
وقد تم تحديد أحد المبازل الاروائية الجافة ليكون ساحة إعدام للمئات من الشباب وعشرات العوائل من نساء وأطفال وشيوخ حيث يتم جمعهم في نسق واحد ويطلق عليهم الرصاص من الخلف وهم بمواجهة المبزل ومن ثم دحرجتهم إلى القاع الذي تحول إلى مقبرة جماعية لا تزال آثارها باقية حتى الآن متمثلة ببقايا الأحذية والملابس والعظام المهشمة.
وقد روى شاهد عيان تفاصيل حادثة مروعة جرت أمام عينيه إذ قال: أن عائلة كانت ضمن العوائل التي أجري معها التحقيق قد صدر حكم الإعدام ضدها من ضمنها امرأة (حلاوية) الأصل تحمل طفلها الذي لا يتجاوز السنة اقتيدت إلى ساحة الإعدام وهناك أطلق أحدهم النار عليها فسقطت وتدحرج طفلها الصغير على الأرض وهو يصرخ فما كان من مطلق النار ذاته إلا أن يوجه فوهة بندقيته نحو الطفل ويطلق النار عليه فيقتله في الحال إلى جانب أمه!!
وهنا أكد شاهد العيان الذي روى الحادثة وفي معرض السؤال عن حقيقة هذا القاتل والمنفذ لتلك الجريمة المروعة، هل هو من أفراد الحرس الجمهوري أو الحرس الخاص أو من عناصر الأمن والاستخبارات؟
فكان الجواب: كلا، انه أحد منتسبي الحزب الحاكم وهو من أهالي محافظة بابل!!".
كان الصالحي قد نشر كتابه "الزلزال"، والذي ذكر فيه وجود ساحة اعدام تحولت الى مقبرة جماعية في الحلة تضم مئات الجثث، قبل سقوط النظام بحوالي خمس سنوات، وبعد سقوط النظام عثر على هذه المقبرة الجماعية. أما من نفذ عملية الأعدام والذي أشار اليه من غير أن يذكرأسمه فكان محمد جواد العنيفص. ففي تحقيق لصحيفة الشرق الأوسط نشر بعد سقوط النظام في ٢٣ /٥/ ٢٠٠٣، عن أكتشاف المقبرة الجماعية، ورد" ان ارض المقبرة جزء من ارض تعود لأحد اعوان حزب البعث، هو محمد جواد عنيفص الذي شارك هو نفسه وابن عمه قيس فرحان العلواني وشخص ثالث يعرف باسم (سيد فهمي) بقتل الضحايا.
وبعد انتهاء عمليات التصفيات كافأ الرئيس العراقي السابق صدام حسين عنيفص باهدائه احدى سياراته الشخصية وأحد مسدساته الخاصة وجعل منه شيخا عشائريا على المنطقة.وقد عمل عنيفص وعدد من المقربين منه ادلاء للقوات الحكومية العراقية للقضاء على الانتفاضة في محافظة بابل واعتقال وقتل الضحايا الذين لم يكونوا جميعا من المشاركين في الانتفاضة.كان عنيفص وجماعته يجوبون شوارع مدينة الحلة ومدن اخرى بحافلات وينادون على الركاب لايصالهم الى مناطق سكنهم او وجهات يقصدونها حتى اذا امتلأت الحافلة بالركاب انطلقت الى معسكر المحاويل حيث جرى تجميع الآلاف من الناس الابرياء بمن فيهم الاطفال الرضع الذين كانوا على صدور امهاتهم. وفي المعسكر اعدم البعض فيما اعدم الآخرون في مكان المقبرة، وذلك بدعوى المشاركة في «الاعمال الغوغائية» او «صفحة الغدر والخيانة»، حسب ما كان يطلق على الانتفاضة".
وعن أعداد الذين اعدموا ذكر وفيق السامرائي في كتابه "حطام البوابة الشرقية" والذي نشر أيضاً قبل سقوط النظام "بعد استعادة مدينة الحلة باسبوعين أرسل طالع الدوري رسالة لاسلكية الى صدام يقول فيها أنه أعدم ١٧١٣ شخصاً من الحلة. ولا يدخل في هذا العدد الذين ارسلوا الى معتقلات الرضوانية أو الذين استشهدوا خلال المعارك."
أحد الناجين من حقول الاعدام كان عبد الرحيم الفتلاوي العائد من جبهات القتال وكان متوجهاً الى محل سكنه على متن حافلة الريم التي ضمته مع اكثر من ثلاثين راكبا بين عسكري ومدني وشيخ وامرأة وطفل صباح يوم ٣/٦ /١٩٩١.
قال عبد الرحيم "عند وصول الحافلة إلى تمثال حمورابي في منطقة الجمجمة المحاذية لاثار بابل التي تبعد عن مركز المدينة بضعة كيلو مترات اعترضتنا سيطرة مستحدثة للرفاق الحزبيين وصعد إلى الحافلة رجل دفع بسلاحه اولا وهو يرتدي ملابس الجيش الشعبي التي كانت زي افراد الحزب وبوجهه المكفهر الخالي من أي ود وبدون أي سلام قال وبشكل سريع (كلكم انزلوا) الحلة تخضع لمنع التجوال بالكامل فترجل الجميع وبضمنهم كنت انا المطمئن على اساس انني امتلك اجازة رسمية من وحدتي.
قال عبد الرحيم "عند وصول الحافلة إلى تمثال حمورابي في منطقة الجمجمة المحاذية لاثار بابل التي تبعد عن مركز المدينة بضعة كيلو مترات اعترضتنا سيطرة مستحدثة للرفاق الحزبيين وصعد إلى الحافلة رجل دفع بسلاحه اولا وهو يرتدي ملابس الجيش الشعبي التي كانت زي افراد الحزب وبوجهه المكفهر الخالي من أي ود وبدون أي سلام قال وبشكل سريع (كلكم انزلوا) الحلة تخضع لمنع التجوال بالكامل فترجل الجميع وبضمنهم كنت انا المطمئن على اساس انني امتلك اجازة رسمية من وحدتي.
ترجلنا وكان الذعر قد اصاب النسوة والاطفال والخوف تسرب إلى النفوس حتى التي لديها القوة في البداية خاصة بعد ان تفوه احد الشباب موجها سؤاله بكلمة واحدة (ليش) وحال تلفظه بهذه الكلمة احاط به اربعة من افراد حماية النقطة واوسعوه ضربا وركلا ادموا وجهه فسقط مغشيا عليه عندها عرفنا ان الامر ليس مزحة اصابنا الذهول والصمت المشوب بالحذر والترقب. وما هي الا دقائق حتى توقفت امامنا سيارة عسكرية نوع ايفا اقتادونا جميعا اليها حتى الشاب الذي كان شبه مغمي عليه حملوه ورموه داخل السيارة التي عادت بنا باتجاه معسكر المحاويل.
قبل نزولنا في المعسكر قاموا بتعصيب اعيننا ووثقوا ايدينا إلى الخلف وادخلونا قاعة فارغة. البرد فيها لا يطاق واجلسونا في الركن ونتيجة للارهاق والسفر الطويل والاعياء الشديد الذي اصابني القيت نفسي في احدى زوايا القاعة ورحت في اغفاءة استمرت حتى الظهر استيقظت بعد ان ركلني احد (الرفاق) بقوة مستفسرا عن اسمي فتلعثمت فضربني في بطني بحذائه وضرب الاخر ايضا وكان اسلوب الضرب هو الوحيد حتى في تسجيل اسماء الموجودين واجراء التعداد عليهم بعد استيقاظي ونزول العصابة التي ربطت عيني لاحظت القاعة التي لم يكن فيها احد سوانا. في الصباح امتلأت القاعة وترك الجميع بدون اكل وشراب ومنعوا حتى من الذهاب إلى دورات المياه وكدسوهم في داخل القاعة نساء ورجالا واطفالا مما اضطر البعض منهم ان يتبول على نفسه وأصبح المكان لايطاق برائحته الكريهة.
ظلت هذه الحالة حتى الغروب بعدها جلبت مجموعة اطارات قديمة مستهلكة ووضعت على مقربة من القاعة واحرقت فدخل الضوء والرائحة الخانقة الينا كثرت استنتاجات الموقوفين عن فحوى حرق هذه الاطارات فمنهم من قال انها لغرض التدفئة فيما قال اخر هامسا هي للانارة وفسر احد المتشائمين ذلك انه لغرض التعذيب وكي اجسامنا وحرقها وبالفعل حدث ما توقع اذ تم استدعاء ستة من الاسماء التي كانت في القاعة وعند تشابه الأسماء اضطروا إلى الاستعانة بالاسم الثالث واخرجوهم وكانوا محسودين من قبلنا ظنا منا بانه سيفرج عنهم وكان اعتقادنا خاطئا ليس في محله اذ ان الذي حصل بعد دقائق لم يكن بحسبان احد منا ابدا حيث شاهد القريب من الشباك ما حصل لزملائه فصاح باعلى صوته (الله اكبر) لقد تم رميهم في النار واحرقوا. هنا دخل احد المسلحين إلى القاعة وضرب الرجل الذي كبر باخمص البندقية حتى فقد وعيه وتركه مضرجا بدمائه، وخرج عندها كل من في القاعة وبعد برهة جاءت سيارتان سبقت مجيئهما حركة غير طبيعية لعدد كبير من العسكر لا نعرف هوياتهم او مناصبهم وجيء بسيارتي باص نوع تاتا مكتوب على كل منهما باص خاص لنقل طلاب المدارس كانت الزجاجة الخلفية لاحداهما مهشمة ورافقتهما سيارتا لاندكروز بيضاوان دخل العسكر إلى القاعة واقتادوا بعض من في القاعة إلى هاتين السيارتين وذهبوا بهم إلى جهة مجهولة وانا لم اكن ضمنهم ثم عادتا بعد ساعة وحملت ثانية نفس العدد الاول تقريبا واثناء التحميل كان يرمى اثنان او ثلاثة من المجموعة في النار بطريقة عشوائية وهكذا حتى جاءت المرة الرابعة وكان العدد المتبقي في الركن الاخير من القاعة لا يتجاوز ٣٥ فردا تم اقتيادنا إلى السيارتين وكان حصة النار منا واحدا فقط اعرفه شخصيا كان يعمل في فرن للصمون في الحلة ولا ادري كيف اوقعه المصير المحتوم بايدي هؤلاء القتلة.
كان مكتوف الايدي ومعصوب العينين رموه في النار ووجهه إلى الاسفل وما ان استنشق الدخان الكثيف حتى انقطع صوته ورفس برجليه عدة مرات غاب بعدها بين النار والدخان.
سارت السيارة مسرعة بنا باتجاه مدينة الحلة وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل وحين وصلنا معمل طابوق المحاويل الجمهوري الواقع بين الحلة والمحاويل استدارت العجلة شمالا باتجاه المعمل وبمحاذاة النهر لمسافة لا تتجاوز مئات الامتار واجلسونا على الارض في الركن المحاذي للمعمل من الخارج بشكل خطوط وكان حظي الذي اوقعني في الصف الاخير وامامي يجلس رجل مصري الجنسية بدين جاء للاطمئنان على اخيه الذي يعمل في معامل النسيج في الحلة ولم يكن قد رأى الحلة من قبل الخط الاول المرأة والطفلان جلسا بمحاذاتها وتعلقا بها وخوفا من الظلام والمصير المجهول الذي ينتظرهما خاصة بعد ان وجهت علينا مصابيح السيارة وايقن الجميع في لحظات ان مصيرنا الموت قتلا مما دعا المرأة ان تطلب بصوت مسموع ممزوجا بحشرجة (يمه هدوني الخاطر ابني الذي فقد في الحرب) وكان الجواب سيلا من الكلمات النابية التي يخجل المرء من ذكرها عندها قامت واقفة واخذت بطرف عباءتها ووضعتها على راسها ثم لفت جسمها بما تبقى وهي تردد (هم موت وهم فضيحة) واستسلمت للامر المحتوم وكانت رحمها الله قد تجاوزت الاربعين من العمر.
وقف اربعة رفاق اثنان من كل جهة واحاطوا المجموعة وبدون اية مقدمة بدا اطلاق النار بشكل مباشر لتحصد ارواح الكثير من المجموعة مما اضطر البعض للنهوض بقامته كي يلوذ باي شيء محتميا وكان الرجل المصري البدين السباق في النهوض مما حدا بالمجموعة إلى رميه بشكل مركز ومباشر جعله يترنح ويسقط مباشرة وهو مضرج بدمه فوقي وهو يرفس تبعه اخر كان يرتدي الزي العسكري وسقط فوق المصري مما جعلنا نشكل هرما بشريا اصبحت انا قاعدته .
تمت هذه العملية خلال اقل من دقيقة وبايعاز مسموع من قبل أحد الرفاق هل تم كل شيء. وقبل ان يكمل سمعوا شخيرا قويا لاحد الذين تعرضوا للرمي ولكنه لم يفارق الحياة وظل متشبثا مما جعل احدهم يصرخ هذا حي وهنا ساورتني الضنون كثيرا لاعتقادي بانني المقصود في ذلك مما جعلني اتمنى لو كنت ميتا حيث قلت في نفسي اربعة من القتلة نفذوا جريمة قتل العشرات في ثوان فكيف والحال اذ بقيت وحيدا سينفذ الاربعة حقدهم ضدي غير ان المقصود كان صاحب الشخير وليس انا فاجهزوا عليه بصليات متقطعة وانهوه بسرعة وعادوا إلى مكانهم الذي جاءوا منه تاركين الجثث تتمرغ بدمائها دون حتى ان يلتفتوا او يدفنوا القتلى وتركوهم في العراء.
بعد ان تحركت عجلات القتلة نهضت وركضت دون وعي وبشكل سريع بالاتجاه المعاكس لمغادرة الجناة وبمحاذاة النهر دون ان ادرك أي شيء وبعد عشرات الامتار من الجري شاهدت بطرف عيني قطعاً بيضاً واخرى ملونة ظننت في البداية انها اكياس كيمياوي يستخدمها المزارعون في تلك المنطقة الريفية فارتميت بكل ما اوتيت من قوة عليها لاريح جسدي المتعب الا ان الذي حدث لم يكن يخطر ببالي اذ ان الاكياس التي تصورتها للسماد الكيمياوي ماهي الا جثث لعشرات الابرياء الذين اعدموا قبلنا بوقت قصير وهم على الاغلب الوجبات التي سبقتنا لان اجسادهم طرية مما اضطرني إلى ان اقوم بالسير على جثث ورؤوس هؤلاء الشهداء الذين تكدسوا في منطقة صغيرة لم استطع اجتيازها الا بفترة طويلة كانت مليئة بالرعب سرت بعدها وبدون علم مني بالاتجاه المحاذي للنهر الذي سقطت به نتيجة تعثري باحد الاحراش فتبللت ملابسي وكان الجو باردا غير انني لم اشعر بذلك للخوف الذي انتابني ساعتها كنت اشعر بانه حتى الضفادع تهددني بنقيقها الصادر من ماء النهر مع وسوسات وهواجس اثارت الرعب بداخلي اكثر مما اثارته قفزة حمامة طارت فجأة تاركة عشها خائفة مني ولم تعلم بانني كنت اكثر ذعرا وخوفا منها حتى وصلت إلى سكة القطار وما زال الشك يراودني هل انا حقا من الاحياء بعد الذي حدث؟ وهل ان هذه المشاهد الدامية جسدت وقائعها في داخلي غير ان سكة القطار بعد ان تحسستها كأضلعي منحتني بعض الطمأنينة وقررت اكمال المسير إلى المجهول على الرغم من مضايقة الحذاء العسكري الذي امتلاْ ماء واصبح يعيقني بصوته المزعج في سكون الليل المرعب والمخيف اكثر من قفزة قبرة طارت بشكل مفاجئ ارتعدت لها فرائصي وسقطت على وجهي مما تسبب في كسر احد اسناني الامامية وغطى الدم وجهي ورغم ذلك واصلت المسير حتى الصباح الباكر عندها دخلت منطقة الخسروية فآواني رجل اسمه اياد السلطاني كان كريما معي واطعمني واوصلني بسيارته الخاصة بالقرب من داري اذ كان الحي خاليا تماما من الناس الا من نباح الكلاب السائبة التي انتشرت في الطرقات كان الدم يملاْ جسمي وملابسي ودخلت البيت وحين نزعت ملابسي سقط شيء كالدم المخثر كان عالقا بها عرفت انه بقايا مخ انسان يعود للمواطن المصري الذي زار الحلة للمرة الاولى ولم يكن يدر في خلده بان نهايته ستكون فيها".
من جهة السلطة وعن قمع الانتفاضة في الحلة ورد في تقرير كتبه الرفيق عضو قيادة فرع طالع خليل ارحيم الدوري بتأريخ ١٩٩١/٨/٣١ "وضح فيه دوره في مكافحة زمر الشغب والتخريب في محافظة بابل". والتقرير محفوظ في الاضبارة الشخصية للفريق طالع الدوري في معهد هوفر.
قبل نزولنا في المعسكر قاموا بتعصيب اعيننا ووثقوا ايدينا إلى الخلف وادخلونا قاعة فارغة. البرد فيها لا يطاق واجلسونا في الركن ونتيجة للارهاق والسفر الطويل والاعياء الشديد الذي اصابني القيت نفسي في احدى زوايا القاعة ورحت في اغفاءة استمرت حتى الظهر استيقظت بعد ان ركلني احد (الرفاق) بقوة مستفسرا عن اسمي فتلعثمت فضربني في بطني بحذائه وضرب الاخر ايضا وكان اسلوب الضرب هو الوحيد حتى في تسجيل اسماء الموجودين واجراء التعداد عليهم بعد استيقاظي ونزول العصابة التي ربطت عيني لاحظت القاعة التي لم يكن فيها احد سوانا. في الصباح امتلأت القاعة وترك الجميع بدون اكل وشراب ومنعوا حتى من الذهاب إلى دورات المياه وكدسوهم في داخل القاعة نساء ورجالا واطفالا مما اضطر البعض منهم ان يتبول على نفسه وأصبح المكان لايطاق برائحته الكريهة.
ظلت هذه الحالة حتى الغروب بعدها جلبت مجموعة اطارات قديمة مستهلكة ووضعت على مقربة من القاعة واحرقت فدخل الضوء والرائحة الخانقة الينا كثرت استنتاجات الموقوفين عن فحوى حرق هذه الاطارات فمنهم من قال انها لغرض التدفئة فيما قال اخر هامسا هي للانارة وفسر احد المتشائمين ذلك انه لغرض التعذيب وكي اجسامنا وحرقها وبالفعل حدث ما توقع اذ تم استدعاء ستة من الاسماء التي كانت في القاعة وعند تشابه الأسماء اضطروا إلى الاستعانة بالاسم الثالث واخرجوهم وكانوا محسودين من قبلنا ظنا منا بانه سيفرج عنهم وكان اعتقادنا خاطئا ليس في محله اذ ان الذي حصل بعد دقائق لم يكن بحسبان احد منا ابدا حيث شاهد القريب من الشباك ما حصل لزملائه فصاح باعلى صوته (الله اكبر) لقد تم رميهم في النار واحرقوا. هنا دخل احد المسلحين إلى القاعة وضرب الرجل الذي كبر باخمص البندقية حتى فقد وعيه وتركه مضرجا بدمائه، وخرج عندها كل من في القاعة وبعد برهة جاءت سيارتان سبقت مجيئهما حركة غير طبيعية لعدد كبير من العسكر لا نعرف هوياتهم او مناصبهم وجيء بسيارتي باص نوع تاتا مكتوب على كل منهما باص خاص لنقل طلاب المدارس كانت الزجاجة الخلفية لاحداهما مهشمة ورافقتهما سيارتا لاندكروز بيضاوان دخل العسكر إلى القاعة واقتادوا بعض من في القاعة إلى هاتين السيارتين وذهبوا بهم إلى جهة مجهولة وانا لم اكن ضمنهم ثم عادتا بعد ساعة وحملت ثانية نفس العدد الاول تقريبا واثناء التحميل كان يرمى اثنان او ثلاثة من المجموعة في النار بطريقة عشوائية وهكذا حتى جاءت المرة الرابعة وكان العدد المتبقي في الركن الاخير من القاعة لا يتجاوز ٣٥ فردا تم اقتيادنا إلى السيارتين وكان حصة النار منا واحدا فقط اعرفه شخصيا كان يعمل في فرن للصمون في الحلة ولا ادري كيف اوقعه المصير المحتوم بايدي هؤلاء القتلة.
كان مكتوف الايدي ومعصوب العينين رموه في النار ووجهه إلى الاسفل وما ان استنشق الدخان الكثيف حتى انقطع صوته ورفس برجليه عدة مرات غاب بعدها بين النار والدخان.
سارت السيارة مسرعة بنا باتجاه مدينة الحلة وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل وحين وصلنا معمل طابوق المحاويل الجمهوري الواقع بين الحلة والمحاويل استدارت العجلة شمالا باتجاه المعمل وبمحاذاة النهر لمسافة لا تتجاوز مئات الامتار واجلسونا على الارض في الركن المحاذي للمعمل من الخارج بشكل خطوط وكان حظي الذي اوقعني في الصف الاخير وامامي يجلس رجل مصري الجنسية بدين جاء للاطمئنان على اخيه الذي يعمل في معامل النسيج في الحلة ولم يكن قد رأى الحلة من قبل الخط الاول المرأة والطفلان جلسا بمحاذاتها وتعلقا بها وخوفا من الظلام والمصير المجهول الذي ينتظرهما خاصة بعد ان وجهت علينا مصابيح السيارة وايقن الجميع في لحظات ان مصيرنا الموت قتلا مما دعا المرأة ان تطلب بصوت مسموع ممزوجا بحشرجة (يمه هدوني الخاطر ابني الذي فقد في الحرب) وكان الجواب سيلا من الكلمات النابية التي يخجل المرء من ذكرها عندها قامت واقفة واخذت بطرف عباءتها ووضعتها على راسها ثم لفت جسمها بما تبقى وهي تردد (هم موت وهم فضيحة) واستسلمت للامر المحتوم وكانت رحمها الله قد تجاوزت الاربعين من العمر.
وقف اربعة رفاق اثنان من كل جهة واحاطوا المجموعة وبدون اية مقدمة بدا اطلاق النار بشكل مباشر لتحصد ارواح الكثير من المجموعة مما اضطر البعض للنهوض بقامته كي يلوذ باي شيء محتميا وكان الرجل المصري البدين السباق في النهوض مما حدا بالمجموعة إلى رميه بشكل مركز ومباشر جعله يترنح ويسقط مباشرة وهو مضرج بدمه فوقي وهو يرفس تبعه اخر كان يرتدي الزي العسكري وسقط فوق المصري مما جعلنا نشكل هرما بشريا اصبحت انا قاعدته .
تمت هذه العملية خلال اقل من دقيقة وبايعاز مسموع من قبل أحد الرفاق هل تم كل شيء. وقبل ان يكمل سمعوا شخيرا قويا لاحد الذين تعرضوا للرمي ولكنه لم يفارق الحياة وظل متشبثا مما جعل احدهم يصرخ هذا حي وهنا ساورتني الضنون كثيرا لاعتقادي بانني المقصود في ذلك مما جعلني اتمنى لو كنت ميتا حيث قلت في نفسي اربعة من القتلة نفذوا جريمة قتل العشرات في ثوان فكيف والحال اذ بقيت وحيدا سينفذ الاربعة حقدهم ضدي غير ان المقصود كان صاحب الشخير وليس انا فاجهزوا عليه بصليات متقطعة وانهوه بسرعة وعادوا إلى مكانهم الذي جاءوا منه تاركين الجثث تتمرغ بدمائها دون حتى ان يلتفتوا او يدفنوا القتلى وتركوهم في العراء.
بعد ان تحركت عجلات القتلة نهضت وركضت دون وعي وبشكل سريع بالاتجاه المعاكس لمغادرة الجناة وبمحاذاة النهر دون ان ادرك أي شيء وبعد عشرات الامتار من الجري شاهدت بطرف عيني قطعاً بيضاً واخرى ملونة ظننت في البداية انها اكياس كيمياوي يستخدمها المزارعون في تلك المنطقة الريفية فارتميت بكل ما اوتيت من قوة عليها لاريح جسدي المتعب الا ان الذي حدث لم يكن يخطر ببالي اذ ان الاكياس التي تصورتها للسماد الكيمياوي ماهي الا جثث لعشرات الابرياء الذين اعدموا قبلنا بوقت قصير وهم على الاغلب الوجبات التي سبقتنا لان اجسادهم طرية مما اضطرني إلى ان اقوم بالسير على جثث ورؤوس هؤلاء الشهداء الذين تكدسوا في منطقة صغيرة لم استطع اجتيازها الا بفترة طويلة كانت مليئة بالرعب سرت بعدها وبدون علم مني بالاتجاه المحاذي للنهر الذي سقطت به نتيجة تعثري باحد الاحراش فتبللت ملابسي وكان الجو باردا غير انني لم اشعر بذلك للخوف الذي انتابني ساعتها كنت اشعر بانه حتى الضفادع تهددني بنقيقها الصادر من ماء النهر مع وسوسات وهواجس اثارت الرعب بداخلي اكثر مما اثارته قفزة حمامة طارت فجأة تاركة عشها خائفة مني ولم تعلم بانني كنت اكثر ذعرا وخوفا منها حتى وصلت إلى سكة القطار وما زال الشك يراودني هل انا حقا من الاحياء بعد الذي حدث؟ وهل ان هذه المشاهد الدامية جسدت وقائعها في داخلي غير ان سكة القطار بعد ان تحسستها كأضلعي منحتني بعض الطمأنينة وقررت اكمال المسير إلى المجهول على الرغم من مضايقة الحذاء العسكري الذي امتلاْ ماء واصبح يعيقني بصوته المزعج في سكون الليل المرعب والمخيف اكثر من قفزة قبرة طارت بشكل مفاجئ ارتعدت لها فرائصي وسقطت على وجهي مما تسبب في كسر احد اسناني الامامية وغطى الدم وجهي ورغم ذلك واصلت المسير حتى الصباح الباكر عندها دخلت منطقة الخسروية فآواني رجل اسمه اياد السلطاني كان كريما معي واطعمني واوصلني بسيارته الخاصة بالقرب من داري اذ كان الحي خاليا تماما من الناس الا من نباح الكلاب السائبة التي انتشرت في الطرقات كان الدم يملاْ جسمي وملابسي ودخلت البيت وحين نزعت ملابسي سقط شيء كالدم المخثر كان عالقا بها عرفت انه بقايا مخ انسان يعود للمواطن المصري الذي زار الحلة للمرة الاولى ولم يكن يدر في خلده بان نهايته ستكون فيها".
من جهة السلطة وعن قمع الانتفاضة في الحلة ورد في تقرير كتبه الرفيق عضو قيادة فرع طالع خليل ارحيم الدوري بتأريخ ١٩٩١/٨/٣١ "وضح فيه دوره في مكافحة زمر الشغب والتخريب في محافظة بابل". والتقرير محفوظ في الاضبارة الشخصية للفريق طالع الدوري في معهد هوفر.

وفي صباح ٣/٦ تحرك الرفيق عزة ابراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة و فريق ركن ابراهيم اسماعيل محمد والرفاق حيث قطعاتنا على مداخل العمارة. فاخبرني الرفيق النائب بمنصب محافظ بابل.
٢. تحركت فوراً الى بابل صباح يوم ٩٩١/٣/٦ وعند وصولي المحاويل فوجئت بإنسحاب الرفيق عبد الحسن راهي فرعون عضو القيادة القطرية أمين سر مكتب تنظيم الفرات سابقاً والرفيق علي سعدون أمين سر قيادة الفرع والرفاق أعضاء قيادة الفرع الى المحاويل تاركين الحلة بيد المخربين. وقد التقيت فيهم في المحاويل عدا الرفيق عبدالحسن الذي كان ذاهباً الى بغداد. وبعد أيجازي من قبل الرفيق علي السعدون عدت الى بغداد للاخبار بالموقف وحال وصولي مقر القيادة بلغت بالتوجه الى فريق ركن صابر عبد العزيز حسين بناء على أمر من السيد الرئيس القائد حفظه الله. التقيت بالفريق الركن صابر واتصلت بالرفيق القائد حفظه الله واوجزته بالموقف.
ووجه سيادته باتخاذ الاجراءات اللازمة ومعالجة الموقف بالتنسيق مع فريق ركن صابر بما يتعلق بالقطعات المطلوبة.
٣. تحركت الى المحاويل يوم ٣/٦ بعد الظهر وكان معي فريق ركن ماهر عبد الرشيد حيث التحق. ولم تكن لدينا قطعات سوى ف ١ حماية منشأت قوته القتالية لا تزيد عن ٧٠ ضابطاً ومراتب وبقينا ليلة ٦-٧ اذار ١٩٩١ ننتظر وصول القطعات. قمت باستدعاء قائمقام المحاويل علي حسين الدليمي والرفيق ثجيل الصافي أمين سر قيادة الشعبة ووجهتم بضرورة نصب الخيم واستقبال العسكريين المسحوبين من الجبهة والاهتمام بامورهم الادارية واستلام اسلحتهم وتهيئة وسائل الراحة لهم. في صباح يوم ٩١/٣/٧ وبعد وصول ف ١ و ف ٨ حماية منشأت بموجود لا يزيد عن ٧٠ لكل فوج و ل ف ٥ الذي كان منسحباً من الحلة بموجود ٨٣ مقاتل ١٤ ضابط ٦٩ جندي ول ٧٠٢ بموجود ١٢٠ اتفقت مع فريق ركن ماهر عبد الرشيد أن أقود القطعات الى منطقة الأثار وان يبقى فريق ركن ماهر في موقع بابل في المحاويل للتشبت. وضعت الخطة وكانت تقضي باحتلال الجسور الخمسة كصفحة أولى وفتحت القطعات واوجزتها بالواجب واتصلت بفريق ركن ماهر وحضر واوجزته بالخطة وهاجمنا الجسور وتم مسك الجسور الخمسة من قبل قطعاتنا. بعد احتلال الجسور اتصل بنا عميد ركن صباح اسماعيل قائد مش ٤ مشيراً الى أنه متوجه الى الحلة منسحباً من النجف وانه في شارع ٦٠ في الحلة. واتفقنا بأن يكون دخوله وقطعات الفرقة من الجسر الشمالي ، جسر حمورابي.
ووصلت مش ٤ وتجحفلت قطعاتنا بامرتها وبدا قائد مش ٤ بقيادة القطعات وضرب المخربين في مواقع تمركزهم في الحلة وكان حاضراً الرفيق طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية والرفيق عبد الحسن راهي وفريق ركن ماهر عبد الرشيد.
في يوم ٩١/٣/١٠ قبل الظهر دخلنا الحلة بعد أن تم طرد المخربين منها من قبل مش ٤ والقطعات المتجحفلة معها واستلمت مسؤوليتي محافظ بابل وتحركت الفرقة الى الكفل. وقمت بتوزيع القطعات واحكام السيطرة في مدينة الحلة والتفتيش والمداهمة ومطاردة المخربين والقاء القبض...ألخ.
كنا نتحسب من احتمال استئناف المخربين لعملية جديدة وفعلاً وردتنا معلومات من مصادرنا الأمنية تشير الى هذه المحاولة وكان هذا يوم ٩١/٣/١٢ . هاجم المخربون مدينة الحلة بالساعة السادسة صباح يوم ٩١/٣/١٤ من نفس المحاور التي توقعناها ( الطريق السياحي- محور ثانوي) وطريق الديوانية -حلة ( محور رئيسي).
وقد تزامن الهجوم بنزول أعداد كبيرة من المخربين في الأحياء الشعبية نادر والثورة. وقد قاموا بأسر حوالي ٥٠ من الشرطة وحضور قسم من الملالي الى الحلة من المحافظات الأخرى. وفي الساعة الثامنة من مساء نفس اليوم تم أحباط المحاولة المجرمة وقتل أعداد كبيرة من المخربين العملاء والقاء القبض على أعداد كبيرة منهم وفر الباقون.
ومن بين القتلى المقدم المتقاعد جعفر وتوت الذي كان يقود المحاولة وهو أحد أعضاء قيادة المخربين ولم يستطع المخربون سحب جثته ومن بين القتلى بحدود ٧٠ قتيل في مدخل الحلة قرب الجسر وفر الباقون في البساتين القريبة وبعض المناطق الشعبية في مدخل المدينة وقطعاتنا تطاردهم."
من الضباط الذين تم القاء القبض عليهم والذي ورد أسمه على أنه كان مساهماً في الانتفاضة العميد محمد حسن وتوت
الذي نفى نجله أنه كان مشاركاً فيها.
لكن التقارير التي رفعت من قبل الفريق طالع ارحيم الدوري اتهمته بأنه كان من قادة الانتفاضة فقد ورد في برقية من أبو ثائر (الفريق طالع ارحيم الدوري) إلى أبو فراس (الفريق صابر عبد العزيز الدوري) وأبو نادية (طه ياسين رمضان) "وردتنا معلومات من الأمن العامة بأن ديوان الرئاسة قد أعلمها بالمعلومات التالية قيام كل من محمد حسن وتوت وحسين شعلان واللواء ركن المتقاعد عبد الأمير عيسى بمهاجمة الحلة قبل عدة أيام بعد تطهيرها من قبل القوات المسلحة."
وكان نتيجة مثل هذه البرقيات أن يكون مصير العميد محمد حسن وتوت الأعدام كما ورد في
برقية من أبو ثائر " طالع الدوري" الى أبو نادية " طه ياسين رمضان" وابو فراس " صابر الدوري"" رسالتنا ١٩ في ١٩ /٣. المجرم عميد ركن متقاعد محمد حسن وتوت. أوقف من قبلنا يوم ١١ /٣. وبعد التحقيق والادانة تم تنفيذ حكم الأعدام بحقه في يوم ١٨ /٣."