السبت، 19 أبريل 2025

الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة..٨





ا
لانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة 
قمع الانتفاضة في العمارة... ٨ 
 
 "المعركة الرئيسية اللي صارت يمكن...تشرف الجيش وتشرف الوطن هي معركة المستشفى وهمه كان عددهم أكثر من الف مقاتل داخلها . فصار صولة عليها وأبيدوا عن بكرة أبيهم ووقع قسم من عدهم أسرى.. ومن أكول قسم من عدهم أسرى كانوا يفيدون معلومات جداً مفيدة."
الفريق هشام صباح الفخري في تسجيل له مع الرئيس صدام عن معركة مستشفى العمارة.

قمع الانتفاضة في العمارة

عن قمع الانتفاضة في العمارة  كتب السيد محمود حمد في مقالة نشرها في موقع الحوار المتمدن "في الساعات الأخيرة من الانتفاضة..وبعد أن تفرق رجالها ونساؤها..كل يواجه مصيره بمفرده..جلست ثلة من الشباب عند جدار المسجد الصغير الذي إجْتُزَّت منارته المعدنية بقذيفة راصدة.. يتبادلون الحديث..إقترب السيد عبد الله من صديقه الحميم "كرار"متسائلا ببراءة طفولية:
إذا وقعنا بأيديهم ماذا سيفعلون بنا؟
رد عليه كرار بسلاطة لسانه المعهودة:
يُنسونك اسم جدك!."
"وصلت قذائف مدفعية الحرس الجمهوري البعيدة المدى إلى وسط المدينة، وسقطت إحداها في الساحة الترابية خلف مبنى الأسواق المركزية في الجانب الغربي للمدينة..ودب التفكك في جبهة القوى الشعبية المنتفضة، ولم يعد بوسع المظاهرات التي كانت تتجه كل يوم من مختلف أحياء المدينة إلى مركز المدينة..لتحتشد في السوق الكبير باتجاه سوق النجارين، حيث يتمركز الشيخ احمد العبادي..
ولأول مرة تردد على شفاه بعض المشاركين بالانتفاضة سؤال ميداني حيوي:
ما العمل؟
والذي جر إلى استفهام استنجادي قاطع لا يدركه إلا أولئك الذين على وشك الوقوع في فخ العدو: من المسؤول عن قيادة الانتفاضة وإنقاذ المشاركين فيها من الفناء؟
آنذاك تفاقم الاضطراب بين صفوف المنتفضين، مع تصاعد القصف المدفعي، وظهور طائرة عمودية للحرس الجمهوري لأول مرة في سماء المدينة..بدأ بعض الأشخاص يبادرون إلى طمأنة المترددين، وطفحت بعض وجوه المشككين إلى سطح التجمعات الشعبية "الذين استبدلوا اللباس الزيتوني بالعصابات السوداء على الجباه أيام الانتفاضة..وتغلغلوا في أحشائها ، وامسكوا بعنقها " 
ونفذ صوت من بعيد..مافتئ أن تردد بين الحشد المترقب:
السيد على الحدود..وراح يوصل بعد ساعات!
أشاع الخبر بعض الهدوء في صفوف مجموعة من المنتظرين عند مدخل السوق الكبير..لكن مجموعة تقف على امتداد سوق البزازين كانت تصغي لرجل أشيب يتحدث بصوت مبحوح ، وغير مكترث بما يجري في الجانب الآخر من الحشد:
المهم الآن هو إيقاف تقدم الحرس الجمهوري على جبهة "الطريق السريع" بالدبيسات..وقرب المعهد على طريق الكحلاء..
ومع تصاعد القصف المدفعي وتزايد طلعات الطائرات العمودية وهي تطلق قذائفها على أحياء المدينة تفكك الحشد وتحول إلى مجموعات صغيرة متناثرة..تبدد قسم منها في "الدرابين الضيقة" والقسم الآخر انتظم بفرق اتجهت إلى محيط المدينة الشمالي والجنوبي..وخلفهم ومعهم نسوة يحملن السلاح والعتاد..
على عنق جسر الماجدية كانت ثلة من النساء المؤتزرات بعبآتهن يحرسن مدخل الجسر المؤدي إلى وسط المدينة ومؤسساتها الحكومية الرئيسية..
كان الدعاة إلى انتظار "السيد" القادم ومعه آلاف المقاتلين لنجدة الانتفاضة ، يواصلون طمأنة الناس المتفرقين إلى ملاذات مجهولة ، لكنهم ..كانوا يستبدلون لهم المكان المحتمل لدخوله المدينة..كان آخر وعد تردد بين الناس:
السيد جاي عن طريق البصرة!
واستباحت دبابات الحرس الجمهوري احياء المدينة، ومشطت الشوارع بالرشاشات الثقيلة وقاذفات الار بي جي سفن، فيما كانت مكبرات الصوت التي تنطلق من الطائرات العمودية تحذر السكان من البقاء في المدينة، وتنذرهم بمغادرتها إلى العراء خارج المدينة فورا. وخلفت تلك القوات مجازر على الجسور ومفترقات الطرق، وطمرت عوائل تحت منازلها..
عندما خرجنا من المدينة في اليوم الثاني لاقتحام الحرس الجمهوري لها..
وبعد أن توقفت آخر جيوب المقاومة ، وعشعشت القوات الخاصة في الأحياء السكنية ..
كانت الجثث ملقاة في الشوارع التي قطعناها..في مقابل مقبرة الانجليز جثتان لرجل وامرأة..وعند "مندى" الصابئة على نهر الكحلاء أربعة جثث لفتيان في مقتبل العمر..ليس بعيدا عن المدفع النمساوي الذي سيطر عليه المنتفضون في اليوم الأول للانتفاضة..
وطفحت بعض الجثث المتفحمة في نهر دجلة قريبا من بستان الجدة..
في المنزل المقابل لجسر الماجدية دارت معركة عنيفة استخدمت فيها مدافع الدبابات..وتحول المنزل إلى ركام ..طمرت تحتها جثث المنتفضين..قال قائلهم :
إن تحت أنقاض المنزل جثث ثلاث فتيات قاومن تقدم القوات الخاصة عبر الجسر باتجاه محلة الماجدية.. حتى استدعاء الدبابات وتدمير المنزل على رؤوسهن..
في المسافة الممتد بين البانزينخانه بالدبيسات ومفرق الطريق السريع بين بغداد والبصرة..كانت هناك خمس أكداس من الجثث بعضها ألقيت عليها حفنات من التراب ، والأخرى مكشوفة تماما..ثلاثة منها كانت لعوائل فلاحية من الرجال والنساء والأطفال.. إلى جوار إحداها سيارة بيك اب محملة بالحشيش الأخضر..
وذكر أيضاً أن "الجثث داست عليها سرفات الدبابات في "أطراف الدبيسات" و"قرب المعهد الفني" و"على جسر الطريق السريع" و"في حي الحسين" و"عند مدخل الفيلق الرابع".
"في اليوم الذي بدأت فيه قوات الحرس الملثمة القادمة من المدن البعيدة، بدلالة "الرفاق" المحليين ..تدخل البيوت بيتا بيتا بحثا عن "الغوغاء" والسلاح..اختفى الـ"سيد عبد الله" و"كرار" وعشرات الفتيان الآخرين من أحياء "الإسكان" و"حي المعلمين" و"الثورة" و"الوحدة الميكانيكية" وغيرها..ولم يعرف عن مصيرهم شيئا حتى بعد انكشاف العديد من المقابر الجماعية.."إن مصير هؤلاء وأولئك مكنون في اعناق أولئك الإدلاء الذين ساقوهم إلى المجهول."
كانت قوات الجيش والحرس قد قامت بقصف مستشفى العمارة وعن ذلك كتب الدكتور طالب الجليلي في أوراق على رصيف الذاكرة "لا ادري لماذا اخترت الذهاب بسيارتي في ذلك اليوم .. تعودت ان اذهب الى المستشفى راجلا طيلة الايام الستة التي مضت ..سمعت نداء يأت من السماء !! للمرة الاولى منذ احتلال الكويت  تطل في سماء المدينة طائرة سمتية !! هل استطاع شباب الانتفاضة ان يطيروا؟! لقد احتلوا جناح طيران الفيلق الرابع في اليوم الثاني ولم يتطوع طيار لاستعمال طائرة .. اه لقد فهمت .. انه شوارتسكوف جاء يتجول مزهوا بنصره !! تذكرت .. لقد سمح للمفاوض العراقي المهزوم باستعمال الطائرات ( عديمة الأجنحة) !! قال لهم دونكم الرعاع الحالمين بأخذ كراسيكم ولنا معكم جولة اخرى بعد ان تنضج الكعكة جيدا وتتحمص .. !! عند ذاك سوف نذيقكم الخازوق بحرفية تليق بكم  وبنا في حفلة شواء بعد ان نمارس هوايتنا في صيد الثعالب ...!!
لم افهم ما كان ينطلق من مكبرة الصوت المحمولة في تلك الطائرة ، لكنني وقبيل اقترابي من المستشفى دوى انفجار مرعب ورأيت النار والغبار الابيض ينطلق من برج المستشفى !!  اعقبه منظر السمتية وهي تأخذ دورة  في سمائه وتتجه شمالا ! ركنت سيارتي في مرآب تحت بناية المستشفى واتجهت الى ردهة الطوارئ .. كان المنظر مرعبا ... شغلت كل اسرة الردهة وغطى الجرحى أرضيتها وكانت الفوضى والصراخ والعويل تعم المستشفى .. جرحى وموتى واجساد مقطعة وكانت رائحة الدم المخلوط برائحة الشواء والنفط تملأ فضاء صالة الطوارئ .. لفت نظري شاب في العشرين ممدد على الارض وكان مصابا باطلاقة في صدره ويلفظ انفاسه الاخيرة .. اقترب منه د. ابتسام وحاول ان يدخل أنبوبا في صدره لانقاذه. انطلق ينبوع الدم من الأنبوب .. شهق الشاب ثم خمد ..!! كانت بجانبه طفلة مبتورة ساقيها وكانت امعائها ملقاة بجانبها ورائحة النفط والطين تفوح من ملابسها!! حملتها الطبيبة المخدرة وانطلقت بها نحو صالة العمليات وهي تصرخ باسم ابنتها التي تركتها عند اهلها في البصرة ...!! كان عدد الجرحى يفوق كثيرا قدرتنا على الاستيعاب .. لقد نفذ الأوكسجين قبل يوم وانقطع الماء كليا عن المستشفى وتوقفت المولدات !! اصبحت صالة العمليات كانها مصلخ للحيوانات !! 
كانت الفوضى تعم أرجاء المستشفى ..في تلك الظهيرة جائني ابو محمد مرعوبا وهو يبحث عني .. فلاح عالجته من إصابة بليغة في ذراعه في القادسية الثانية!! 
ظل وفيا لي ولم ينقطع عني طيلة السنين السبعة الماضية .. دس في يدي ورقة ألقت أكواما منها طائرة سمتية 
قال وهو يرتجف : سوف يقصفون المدينة بالكيمياوي خلال ساعتين ويطلبون من اهل المدينة إخلائها فورا ..!! 
أردف لقد جئت من البستان إليك لكي اخذ عائلتك !! 
هات مفتاح سيارتك !! 
تردد قليلا ثم قال : تعال معي !! 
هززت رأسي معتذرا ...
ناولته المفتاح وراح يركض ".
كذلك ذكر عبد الخالق كيطان في "سلسلة شارع دجلة" أن الطائرات السمتية قد القت المنشورات على المدينة تهددهم بالقصف الكيمياوي.
 ويستمر الدكتور الجليلي بروايته بعد وصوله الى المستشفى "كانت قائمة انتظار العمليات قد جاوزت الخمسين جريحا ممن كانت جروحهم خطرة جدا كنا قد عملنا جدولا للمناوبة لكن معظم الاطباء كانوا متواجدين ، بل ان بعضهم قد جلبوا عوائلهم واحتموا في الغرف السفلية تحت الارضي تفاديا للقصف !!
غادر معظم جرحى الايام السابقة الردهات ولم تبقى سوى الحالات الخطرة ومرضى العناية المركزة .. اما المقاتلون فقد بقي منهم ابناء المدينة وكان السيد مناف قائدهم لا زال موجودا .. اختفى الذين جاءوا عبر الحدود !! 
عمد الموجودون منهم الى التوزع في الردهات العليا من المستشفى والبعض الاخر كمن خلف السياج الخارجي وأخذوا يرمون على القوات التي بدأت تقترب من الجسر اليوغسلافي المجاور للمستشفى وهو الذي يفصل وسط المدينة عن طريق بغداد !! 
هنا بدأت المعضلة التي سوف تواجهنا !! 
أخذ الجيش يقصف المستشفى بقذائف الهاون وال أر بي ج !! 
حاولنا ان نقنع المقاتلين بان يتركوا المستشفى لكنهم أبوا ذلك وتلك نقطة لم تحسب لهم !!
نقلنا كل الجرحى الراقدين في الطوابق العليا الى الطابق الارضي والطابق السفلي .. 
مر أمامي شاب يحمل قاذفة على كتفه وينطلق راكضا باتجاه سياج المستشفى .. 
اوقفته وانا أحذره: سوف تقتل ..
 الساحة مكشوفة والجنود قد وصلوا فوق الجسر .. 
قال لي : سيدنا هؤلاء البعثيون أمامي وسلاحي بيدي .. أليس هذا يوم الشهادة الذي انتظرته طويلا !!!؟؟ 
تركني مشدوها وراح راكضا باتجاه السياج وقبل ان يرمي قذيفته اوقعته صريعا اطلاقة مميتة في رأسه !! 
حين ازداد قصف المستشفى وبائت محاولاتنا باقناع المقاتلين بالفشل تجمعنا مع المرضى في الطابق السفلي وسط صراخ النساء والأطفال والرعب الذي أخذ يدب فينا مما تحمله الساعات القادمة ...
 اقتنع المقاتلون بلا جدوى المقاومة .. أصيب بعضهم واستشهد عدد اخر .. بقي عدد منهم لم يستطع مغادرة المستشفى التي أخذ الجنود يقتربون من مداخلها .. 
صعد شاب مهندس وهو يحمل شرشفا أبيضا وأخذ يلوح به من احد شبابيك الردهات العليا .. جائتنا رشقة بالرصاص من الواجهة الزجاجية للمستشفى فاصابت طاولة الاستعلامات .. اسرعنا نحو الطابق السفلي حيث تجمع الاطباء وعوائلهم والمنتسبين والمرضى وانتظرنا مصيرنا المجهول  ... 
سمعنا اصوات أحذيتهم الثقيلة وقرقعات معدنية .. 
اطل علينا جندي طويل القامة ذو وجه قاتم السمرة وعيناه يكاد ان يفجرهم الغضب ويحتضن مدفعا رشاشا أر بي كي ويتدلى على صدره وحول رقبته شريط معبأ بالرصاص .. كان يتبعه عدد من الجنود نظر ما ان توسط الدرج حتى صرخ بنا بصوت أجش وبلهجة بدوية : كول يعيش صدام !!! 
برز بين الجنود ضابط شاب برتبة ملازم اول قصير القامة اسمر الوجه توقف فوق البلاطة قبل الاخيرة .. جال بنظره بيننا من اليمين الى الشمال وبالعكس ..  
كنا جميعنا قد ارتدينا صدارينا البيضاء 
قال بهدوء وسخرية واحتقار: كلكم إيرانيون !! لا بل قوادون !!  وهبتم نسائكم للإيرانيين !! جبناء .. ماشاء الله .. ماجستير ودكتوراة ... كان يجب ان تقاتلونهم بالسرنجات !! لكنكم غير شرفاء!!! سوف اعدمكم جميعا ... 
صرخ صوت غاضب من خلفه ....لاااا .. ليس لكم حق !! 
كلهم ابطال وشرفاء .. أنا الرفيق خزعل غليم عضو شعبة وعضو المجلس الوطني .. كلهم ابطال .. كان قد تقدمهم وأخذ يشير لنا ببقية ذراعه المبتورة الملفوفة بالضماد .. كلهم ابطال خذني الى قائدكم ".
من هو المدير؟! قال الضابط.. أجاب الرفيق خزعل : يتفضل دكتور سالم يأت معنا لآمركم ...
أجاب د سالم : ليس فينا جبان وهذه مردودة ولنذهب للقائد ونرى ..
راح رجال الاستخبارات يجمعون الشباب ويشمون ايديهم وملابسهم بحثا عن رائحة البارود ..! قاموا بجمع الشباب من منتسبين وغرباء ..! تعملق الصغار من كتاب التقارير من منتسبي المستشفى وراحوا يهمسون لافراد الاستخبارات وهم يؤشرون على من لم يستطيع الافلات من شباب الانتفاضة .. في المقابل راح د. سالم ينفي انتماء المنتسبين من موظفيه اطباء ومضمدين للانتفاضة !
كيف وصل اسم د. فيصل لضابط الاستخبارات الذي اصر على معرفة مكانه ؟!. يبدو ان الجيش قد وصل جامع النجارين ! برز من استضافهم د. سالم 
، من الجنود،  وهم يرتدون دشاديشا مقلمة البسها لهم الشيخ احمد العبادي لدى استضافته لهم ! ولكن هذه المرة كشروا عن انيابهم وفاء لمن احتموا بهم بالامس وراحوا يمارسون مهنة التعذيب التي أدمنوها بحق كل من عرفوهم من شباب الانتفاضة ومنتسبي المستشفى رفسا وصفعا واستذلالاً ..!
طلب آمر القوة ان يفتش المستشفى فناولني المدير مفتاح الغرف العام ! طالبا مني مرافقتهم .. كان يعلم اني سوف اقودهم للغرف المغلقة أصلا ..! كتلك التي ينام فيها هو وزملاؤه وتلك التي تحتوي على الاجهزة الطبية مثلا ! وهكذا ...!
اعتذر الآمر من الاطباء والمدير معزيا ذلك لمقتل ضابط بالرصاص المنطلق من المستشفى ..
كان للرفيق خزعل غليم الدور الكبير بنفي تضامننا مع الانتفاضة وحمايتنا من التنكيل ! بل كان قد نفى انتماء الكثير ممن كانوا في المستشفى من شباب الانتفاضة لها رغم معرفته بهم جيدا وفاء لما قدموه له ! لكن ذلك لم يشفع لاخرين من خيرة الشباب المنتفض كالشهيد السيد مناف ورفاقه الذين لم يعثر على جثثهم بعد ان سحقت الانتفاضة .. اقتحم الجيش بقيادة عزة الدوري وهشام صباح الفخري من ثلاثة محاور .. واجه الشباب المنتفض الجيش بضراوة منقطعة النضير قبل واثناء اقتحام المدينة .. صبت المدفعية حممها ليوم وليلة وبصورة عشوائية على المدينة مدمرة البيوت ومن فيها .. تم اعدام عشرات الشباب ورميهم في نهر دجلة .. منع الاهل من رفع جثث من قتلوا في الشوارع لعشرة ايام تأكل فيهم الكلاب والقطط ..!! راح مدير عام الصحة الدكتور سالم الساعدي يحذر هشام الفخري من حدوث الطاعون بسبب تلك الجثث فتم جمعها في حاويات الازبال ودفنت بصورة جماعية خارج المدينة .. لن تغيب عن ذاكرتي لحد هذه اللحظة صورة جثة ذلك الشاب بسرواله الكاوبوي الازرق وهو ملقى على الرصيف قرب مركز شرطة الماجدية ( التسفيرات) وكانت مجموعة من القطط تنهش من وجهه وتتعارك فيما بينها حين مررت بقربها في اليوم الرابع من اقتحام الجيش للمدينة ...!!!".
أعطى عبد الخالق كيطان وصفاً مماثلاً  لوضع العمارة بعد استتاب الأمر للسلطة "كانت الطرق مغلقة ورأيت بعيني العديد من الجثث المتروكة في العراء ومنها جثة أحد مجانين المدينة وهي تغرق بالدم بعد أن نخرها رصاص القوات النظامية وربما اعتقدوه القائد العام للانتفاضة فمثلوا بجثته، جثة أخرى لم أتعرف عليها وكانت الكلاب تنهش فيها على مقربة من وجود مفرزة للجيش كانت تعتقل المارين تارة وتفتش هوياتهم وموجوداتهم تارة."
وعن مصير المنتفضين ورد في كتاب الزلزال للعميد نجيب الصالحي  "عندما كنا نتحدث نحن كضباط ركن عن فعاليات الفيلق (الرابع) عندما كان في العمارة خلال الانتفاضة، علمنا بأن هيئة تحقيقية قد شكلت في مقر الفيلق برئاسة عميد ركن كان مدير شعبة في مديرية الاستخبارات العسكرية، وبدأت الهيئة في التحقيق وأصدرت أحكام الإعدام التي شملت المئات من الشباب الذين تم القبض عليهم خلال عملية قمع الانتفاضة في العمارة وان جثثهم كانت تلقى على السواتر الترابية المحيطة بمقر الفيلق وكان الكثير منهم جنوداً عائدين من الكويت وجدوا في الانتفاضة ما يعبر عما يعتمل في دواخلهم فاشتركوا في التظاهرات والمسيرات والهتافات .. لكن عوائل هؤلاء المعدومين ظلت تنتظر عودتهم، وبعد أن فقدت الأمل في العودة، اعتبروا مفقودين في الكويت . 
كنت أتساءل كيف كانت تجرى المحاكمات ؟ ومن الذي يحيل المتهمين إلى المحكمة ؟
فكان الرد على تلك التساؤلات يأتي واضحاً، بأن المئات من الشباب كانوا يحملون بأرتال من السيارات من مركز المحافظة وهم مكبلون وتحت الحراسة المشددة ومعهم قوائم تضم أسمائهم (مؤشر على بعضها) بما يدل على أن قرار الحكم أُعد مسبقا وينفذ في مثل هؤلاء الإعدام فورا، أما الآخرون فانهم يخضعون للتعذيب والتحقيق وبعدها يقرر إعدامهم أو ترحيلهم إلى بغداد أو وضعهم في السجن المخصص لأمن الفيلق، وكان ضباط أمن الفيلق يعملون كأعضاء في هيئة التحقيق، وقد سمعت همساً كثيراً حول هذه الهيئة سيئة الصيت إذ كان الضباط يتحدثون بألم كبير عن مجمل الأحداث المأساوية. "
وذكر أيضاً أن "اللواء الركن "فوزي أحمد لطيف التكريتي"، قائد قوات عدنان، حرس جمهوري آنذاك تحدث أمام مجموعة من الضباط قائلا:- "لقد قدمنا للأسماك في الأهوار طعماً يكفيها لمدة سنة!، فقد رمينا لها جثث آلاف الغوغائيين والخونة".
وفي لقاء مع الأمين العام لإتحاد السجناء السياسيين في العراق فرع ميسان السيد جاسم محمد خلف ، بعد سقوط النظام، عن المقابر الجماعية في العمارة،
 قال : وجدنا ما يقارب من (٨-١٠) مقابر جماعية في الفيلق الرابع مقسمة الى مقابر كبير وصغيرة احتوت على (٨٠٠) شهيد تم اعدامهم على يد هشام صباح الفخري بعد الانتفاضة الشعبانية ،ولكن القوائم التي عثرنا عليها احتوت على (٩٠٩) اسم، وتعتبر هذه اكبر المقابر الجماعية في المحافظة، اما بقية المقابر فهي متفرقة ففي ناحية المشرح قرب اسالة الماء تقاطع (غزيله- مشرح) توجد مقبر ضمت (٧) رفاة منهم ثلاث اخوة ،وفي الجانب الايسر من نهر دجلة قرب اتحاد شباب العمارة وجدنا رفاة لشابين، وقرب معمل الورق ايضا وجدنا رفاة لشابين ، واخر مقبرة وجدناها ضمت (٨)رفاة . 
وذكرت جريدة الحياة ‏وجود ملف اطلعت عليه احتوى على ٢٨٥ إسماً اعتقل أصحابها أثناء انتفاضة عام ١٩٩١ ، وحول الملف من قائد الفيلق الرابع إلى ‏الحاكم العسكري الذي حول الملف إلى الفريق هشام صباح الفخري، فأصدر هذا الأخير حكماً جماعياً بإعدام جميع من وردت أسمائهم في الجدول، وإلى جانب اسم كل من هؤلاء تهمته التي تختصر بعبارة صغيرة، منها "حرق دوائر الدولة"، "هجوم على شعبة الحزب"، "نصب سيطرة (حاجز)"، "حمل سلاح وترديد أهازيج" و"مشاركة بأعمال الشغب".
من جهة السلطة، ورد في تقرير كتبه الفريق هشام صباح الفخري عن معارك تحرير ميسان "صدرت أوامر القائد العام للقوات المسلحة المهيب الركن صدام حسين ( حفظه الله) يوم ٥ اذار ١٩٩١ الى الفريق الركن هشام صباح الفخري وعن طريق الهاتف بمهمة تحرير مدينة العمارة وبقية مدن محافظة ميسان من أيدي الغوغاء واعطيت له صلاحية اختيار الضباط والمراتب الذين يحتاجهم لقيادة عمليات رتل العمارة)

 وبذلك تألفت هذه القيادة من:

أولاً. الفريق الركن هشام صباح الفخري...القائد

ثانياً. العميد الركن ماجد عبد الحميد عبد اللطيف  ضابط ركن

ثالثاً. عشرة مراتب من ا.س.ع.ع مع ثلاث عجلات

رابعاً. عدد من المتطوعين المنسوبين الى وحدات مختلفة ( بحدود ٥٠ شخصاً)

وعن القطعات التي شاركت في معارك ميسان ورد في نفس التقرير" تتألف القطعات العاملة بأمرة قيادة رتل العمارة من فق ٣٩ وفق مش ٤٠ و ق.ق المصطفى ح. ج ( كانت كل فرقة لا تتعدى لواء مشاة ومستويات واطئه) اضافة الى وضع فل ٤ وفل ٦  بأمرتها أيضاً بعد تحرير العمارة وقلعة صالح. أما الأسناد المدفعي المتيسر لهذه القطعات فكان متمثلاً ببطرية مدفعية ميدان واحدة فقط."

‏ وعن الاستحضارات والفعاليات ورد في التقرير
‏"أولا. بالساعة ١٨٠٠ يوم ٦ آذار ١٩٩١ عقد قائد رتل العمارة مؤتمراً في مفرق الطيب حضره قائد الفيلق الأول الفريق الركن إبراهيم إسماعيل وقادة الفرق (فرقة مشاة ٣٩ ، فرقة مشاة ٤٠، ‏قيادة قوات المصطفى حرس الجمهوري)   المنفتحة في منطقة العمارة التي أصبحت بأمرة قيادة رتل العمارة، جرى خلاله تحديد المهمة وشرح أبعادها والتركيز على أهمية دور قيادة رتل العمارة، جرى ‏خلاله تحديد المهمة وشرح أبعادها والتركيز على أهمية دور القادة  والامرين في المعركة ‏وأسلوب التنفيذ مع تفاصيل المهمات لكل رتل ، وقد تم التأكيد على ضرورة وجود القادة والأمرين في الأمام وبالضبط آمر الفصيل مع الحضيرة الأولى وآمر السرية مع الفصيل الأول وآمر الفوج مع السرية الأولى وآمر اللواء مع الفوج الأول ومقر القوة مع اللواء الأول، اما قائد الرتل فيكون مع السرية الأولى من الرتل الوسطي مع مجموعة الحماية والمتطوعين ا‏البالغ عددهم ٥٠ شخصاً ويرافق قائد الرتل ‫ قائد فيلق ١  مع حمايته فقط.

ثانياً. تم إعادة المتسربين واتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التسرب وإشاعة روح الانضباط بين القطعات.

ثالثاً . تم طلب تعزيز إضافي من موارد ق. ع  ق م. من الدبابات والناقلات مع إسناد سمتي لاستخدامها خلال عملية التعرض، وقد حصلت الموافقة على الطلب.
رابعاً تم إيجاز نائب القائد العام للقوات المسلحة بتفاصيل المهمة وتوزيع الواجبات بحضور قائد الفيلق الأول.
خامساً بالساعة ٠٤٤٥ يوم  ٧ آذار تحرك مقر قيادة رتل العمارة من مدينة الكوت باتجاه ضواحي مدينة العمارة وباشرت القطعات بالحركة لتنفيذ واجباتهم طبقا للمهمة المحددة.
 ب. الغوغاء.
تركزت استحضار الغوغاء في تحصين المباني والدور والدوائر الحكومية التي استولوا عليها وتخزين العتاد والمؤن الإدارية فيها، إضافة إلى تمسكهم بالأهداف الحيوية كالجسور وبخاصة الجسر اليوغسلافي في مدخل مدينة العمارة ومستشفى صدام المسيطر على هذا الجسر وموقع العمارة والمستشفى العسكري وغيرها من الاهداف المهمة التي تؤمن لهم الصمود في المدن وصد تعرضنا." 
‏ وعن ‏تصميم  المعركة
" أن التصميم الأساسي لمعركة تحرير مدينة العمارة والمدن الأخرى التابعة لمحافظة ميسان كان يتلخص في النقاط التالية
ا. تثبيت القطعات الأمامية التي كانت تقاتل الغوغاء في منطقة العمارة قبل تنفيذ خطة تحريرها في خطة صمود يمتد بين نقطة سيطرة الطيب بعمق خمسة كيلومتر باتجاه طريق الطيب -الشارع العام.
ب. تطويق مدينة العمارة وقطع الامدادات والتعزيزات التي كانت تأتي عن طريق المشرح.
ج. الوصول إلى مقر فيلق ٤  في الميمونة والامتداد باتجاه قلعة صالح لفتح طريق البصرة وإدارة التماس مع قطعات الحرس الجمهوري التي كانت تتقدم من هذا المحور." 

أولا. اشتملت خطة تعرض قطعات رتل العمارة لتحرير مدينة العمارة وبقية مدن محافظة ميسان وتطهيرها من الغوغاء على قيام ثلاثة أرتال بتنفيذ المهمة وكما يلي:

١. يندفع الرتل  الأيمن المؤلف من فرقة مشاة ٣٩ بالساعة  ٧٠٠ ، ٧ آذار ١٩٩١ باتجاه السدة الشرقية  لنهر دجلة لإستعادة الجسر اليوغوسلافي من سيطرة الغوغاء ثم يندفع إلى مقر الفيلق ٤ في الميمونة ويطهره.

٢. يندفع الرتل الوسطي المؤلف من قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري بالساعة (س) اعلاه على الطريق العام (العمارة- البصرة) نحو موقع العمارة لتحريره من الغوغاء ثم يندفع لتطهير مركز المدينة.

٣. يندفع الرتل الأيسر المؤلف من فرقة مشاة ٤٠ بالساعة (س) أعلاه لإحاطة المدينة من الشرق، متجهاً نحو سيطرة الكحلاء ثم يومن الارتباط مع قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري.

ثانياً.  تم تحديد ساعة (س)  بالساعة ٧٠٠  يوم ٧ آذار للاعتبارات التالية:

١. اعطاء ‏فترة كافية لقطعاتنا لاستكمال مستلزمات تنفيذ المهمة.

٢. تسهيل عملية السيطرة على الأرتال في ضوء النهار وردع أي محاولة للتسرب أو التراجع من قبل قطعاتنا.
"سير المعركة

‏تحرك مقر قيادة رتل العمارة مع الرتل الوسطي متقدماً صوب معمل (البلاستيك) الذي جابهت فيه قطعاتنا مقاومة شديدة، وبعد تدمير قوة الغوغاء الموجودة فيه وتطهيره وأثناء حركة المقر على الطريق العام لغرض إكمال تنفيذ بقية المهمة سقطت عدة قذاف  هاون على المقر واستشهد على اثرها مرافق قائد فيلق ١ (النقيب ماجد) الذي كان يرافق قائد الرتل مع اصابة ٨ جنود من قوة الحماية بجراح شديدة.

٢. بالساعة ١٦٠٠ يوم ٧ آذار  ١٩٩١ وبعد قتال عنيف من منزل إلى منزل ومن شارع إلى آخر ‫ تم الوصول إلى الجسر اليوغسلافي الكائن على مدخل مدينة العمارة حيث تمت السيطرة عليه بعد معركة عنيفة جرى خلالها قصف مستشفى صدام بالصواريخ وفي نقاط منتخبة للحيلولة دون تعرضها للدمار وإجبار الغوغاء المتحصنين فيه على الانسحاب منها وحرمان قوة الجسر من إسنادهم. وفي هذه الأثناء حضر السيد نائب القائد العام للقوات المسلحة الى مقر قيادة الرتل المنفتح قرب الجسر اليوغسلافي  وأعرب عن ابتهاجه للسرعة التي تحقق فيها نجاح الاندفاع الأولي، وطلب الإسراع في إنجاز بقية الواجب وزف بشرى تحرير العمارة خلال يوم ٨ آذار حتما، وذلك بسبب الظروف التي يمر بها البلد من جهة ،و لأهمية موقع مدينة العمارة ولخصوصيتها بالنسبة للوضع الراهن في المنطقة الجنوبية بشكل عام، وترابطها مع الحدود الإيرانية بصورة خاصة.

٣. بالساعة ١٨٠٠ يوم ٧ آذار ٩٩١ وبعد استكمال تطهير الجسر اليوغسلافي، أندفعت الارتال لتنفيذ واجباتها كما يلي:

ا. اندفع الرتل الأيمن فق مشاة ٣٩ نحو مستشفى صدام لتطهيره، ثم واصل التقدم نحو فيلق ٤ أربعة الذي وصله بالساعة ٢١٠٠.

ب. اندفع الرتل الوسطي قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري نحو موقع العمارة والجسر الموصل إلى مقر المحافظة، واكمل واجبه بالساعة ٢١٠٠.

ج. قام الرتل الأيسر فرقة مشاه ٤٠ بحركة الإحاطة الواسعة طبقاً للخطة المرسومة ووصل  إلى المستشفى العسكري وفرض سيطرته عليه بالساعة ٢١٠٠.

د. كان مقر الرتل خلال ذلك يتنقل مع مقر قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري وباتجاه مركز المدينة.
٤. شهد يوم ٨ آذار ١٩٩١ اندفاعاً وحماساً عالين من قبل الجميع لإنجاز تطهير مقر المحافظة ورفع العلم العراقي عليه وإكمال تنفيذ بقية المهمة واندفعت الارتال ‏بالساعة ٧٠٠ ‏لتطهير المقاومات والجيوب وتحرير أهدافها كما يلي
ا. بالساعة ٨٠٠ وصل مقر قيادة الرتل الى شرقي مدينة العمارة أمام جسر المشرح للاشراف مع مقر فق مش ٤٠ على معركة تطهير القسم الشرقي للمدينة وادامة التماس مع قوات الحرس الجمهوري المندفعة صوب العمارة من الجنوب حيث تحقق التماس بالساعة ١٥٠٠.

ب. بالساعة ١٣٠٠ توجه مقر قيادة الرتل نحو الجسر الصغير المؤدي الى مبنى المحافظة وبعد استطلاع الموقف تم اصدار الأوامر الى قائد فق مش ٣٩ بعد إستدعائه لاسلكياً وطلب منه تهيئة لواء مشاة أو فوج في الأقل حيث كانت القوة القتالية للقطاعات الموجودة في المنطقة ضعيفة من حيث الأسلحة والاليات والاشخاص وبالساعة ١٦٠٠ وبعد أن تمت تهيئة فوج ولخطورة الموقف ووجوب تنفيذ أوامر القيادة ، تولى قائد الرتل قيادة الصولة بنفسه رغم قلة عناصر القتال لديه والتي كانت تتكون من قوة الحماية وقائد فل١ ول، أظهر وعم ر مجد وثلاثة ضباط من م.. ا.س.س. ع.ع. وفي صولة عزومة  الى مسافة ١٨٠٠ م تم اقتحام الجسر وصوت قائد الرتل يجلجل عالياً  ( طاب الموت وغنى) والمرور قفالاً في طريق طويل مكتظ بالغوغاء الى أن تم وبالساعة ١٧٠٠ تحرير مبنى المحافظة وابلاغ البشرى الى القيادة.

كما شارك في الصولة اضافة الى المقاتلين أعلاه عدد من الرفاق الحزبيين ومدير شرطة العمارة السابق. وكانت الصولة من القوة والعزم بحيث أجبرت الغوغاء على ترك اسلحتهم وتجهيزاتهم وهم يفرون عبر الشوارع والازقة الفرعية تاركين الكثير

 من جرحاهم وجثث قتلاهم ، فيما كان جنودنا وضباطنا يندفعون بشكل عفوي ورائع وهم ينشدون ويهزجون مبتهجين للنصر."

 "تم يوم ٩ آذار ١٩٩١ تطهير مدينة العمارة باكملها بعد قتال متواصل ليلاً ونهاراً ومن شارع الى شارع. وبالساعة ١٢٠٠ التقى قائد رتل العمارة بالسيد نائب القائد العام للقوات المسلحة في مسكن محافظ العمارة حيث تم خلالها ايجاز قائد رتل العمارة بخصوص واجبات اليوم التالي التي تتضمن تطبيق خطة آمن العمارة كأسبقية أولى ثم تطهير ( كميت، علي الشرقي، علي الغربي، المشرح) كأسبقية ثانية ولغرض تنفيذ ذلك قام قائد رتل العمارة بما يلي، بعد انتقال مقره الى مقر فل ٤ في الميمونة ا. تحرير ق.ق المصطفى لتنفيذ الواجب أعلاه.

ب. توجيه العناصر المكلفة بالتنفيذ حول الأسلوب الملائم لانجاز الواجب وضرورة المحافظة على تماسك ووحدة تراب الوطن وشرف العائلة، وعدم الرأفة بالغوغاء الخونة الذين لا يحملون اية قيم للرجولة ، وأن ما ارتكبوه من الأعمال القذرة والمشينة لهو خير دليل على انحطاط مستواهم عدم صمودهم أمام صولة الحق التي سيشنها ابطال رتل العمارة."
٢٦. بالساعة ٨٠٠ يوم ١٠ آذار ١٩٩١ باشرت قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري واجبها في تطهير مدينة المشرح التي دارت فيها معركة استمرت طيلة النهار، فر الغوغاء على اثرها صوب الحدود مستقلين الزوارق والعجلات، بعد تكبيدهم  خسائر كبيرة وأسر أعداد منهم أفادوا بأنهم ينتسبون إلى فيلق ٦ بدر ومالك مالك الأشتر. واستمرت عملية المطاردة حتى خط الحدود في منطقة الشيب. وفي غضون ذلك فتشت القطاعات مدينة المشرح والمناطق المحيطة بها وتركت قوة سرية في مركز المدينة لتأمينها.
٢٩. ‏بالساعة ٨٠٠ يوم ١١ آذار ١٩٩١ تحرك مقر قيادة رتل العمارة نحو مفرق (الشيب -الحلفآية) وحيث كلف قيادة قوات المصطفى بتطهير المنطقة. وأثناء تنفيذ هذه العملية تم الإصطدام بثلاث مقاومات جرى خلالها أسر وقتل ١٥٠ شخصاً  من  الغوغاء. وفي هذا اليوم أنيطت مسؤولية قيادة قوات حرس جمهوري المتمثلة في المنطقة محصورة (القرنة -جسر القائد) بالفيلق السادس.
٣٠. بالساعة ١٠٠٠ يوم ‫ ١٢ اذار تمت مهاجمة قضاء الميمونة، وأنجز تطهيرها بعد معركة انتهت بالساعة ١١٣٠ ، لم يصمد خلالها الغوغاء أمام اندفاع قطعاتنا التي ارتفعت معنوياتها بعد تحرير مدينة العمارة وجود مقر رتل العمارة خلال كل عملية تطهير على الرغم من رداءة الأحوال الجوية وقلة المواد الإدارية.
٣٢. بالساعة ١٣٠٠ يوم ١٣ آذار ١٩٩١  وصل خبر من قائد قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري بسقوط مدينة المشرح بيد الغوغاء المعززين بالمتسللين من إيران أثر انسحاب السرية المكلفة بحمايتها. وتم تحريك أحد الوية قيادة قوات المصطفى إلى المشرح مع دبابتين، حيث دارت معركة قاسية مع الغوغاء تكبدوا خلالها خسائر فادحة، ومع ذلك لم تتمكن قطعاتنا من تحرير المدينة، مما اضطرت معه إلى اتخاذ موضع دفاعي  وفي ليلة ١٣-١٤ آذار ٩١, واستمرت قطعاتنا بقصف تواجد الغوغاء الذين كانت قوتهم تقدر بحدود ٤٠٠-٥٠٠ شخصاً بالمدفعية والهاونات. بالساعة ١٩٠٠ من اليوم نفسه عقد مؤتمر مع الأمرين تم توجيههم خلاله الى كيفية الدفاع ليلاً ومن ثم شرح تفاصيل خط الهجوم لليوم  التالي، حيث كانت الخطة تقضي بتقسيم القوة المهاجمة إلى ثلاثة آرتال وكما يلي
ا . يتقدم الرتل الأيمن بمحاذاة النهر.
ب. يتقدم الرتل الوسطي على الطريق العام مندفعاً صوب مركز المدينة.
ج. يندفع الرتل الأيسر باتجاه شمال شرقي المدينة والسيطرة على جسر غزيل.
٣٣. بالساعة ٨٠٠ يوم ١٤ آذار  ١٩٩١ اندفعت الأرتال الثلاثة لتحرير مدينة المشرح بعد ليلة تبودلت فيها إطلاق النار بين الطرفين، وبالساعة ١٣٠٠ دخلت المدينة بعد معركة ضارية تكبد خلالها الغوغاء خسائر كبيرة. وفي مدخل المدينة تناثرت ١٠ جثث  لقتلى معممين يرتدون الملابس السوداء وقد ثبت من هوياتهم بأنهم من الفرقة  ٤ بدر ولواء مالك الاشتر.‏ وقد تأكد أيضا من استنطاق الأهالي  والأسرى بأن  عدد أفراد قوة الغوغاء الذين قاتلوا قطعاتنا كان يزيد على ٥٠٠ فرد.
٣٤. بالساعة ١٠٠٠ يوم ١٦ آذار ٩١ باشرت قطعات المصطفى بإشراف قائد رتل العمارة بتطهير القسم الجنوبي من طريق (العمارة -المشرح) وكان يرافق قائد الرتل قائد الفيلق الرابع.
"
وفي تسجيل للرئيس مع الفريق هشام صباح الفخري عن معركة المستشفى ‏وقال الأخير "المعركة الرئيسية اللي صارت يمكن...تشرف الجيش وتشرف الوطن هي معركة المستشفى وهمه كان عددهم أكثر من الف مقاتل داخلها . فصار صولة عليها وأبيدوا عن بكرة أبيهم ووقع قسم من عدهم أسرى.. ومن أكول قسم من عدهم أسرى كانوا يفيدون معلومات جداً مفيدة."
‏من المؤسف، بل من المؤلم، أن يصف الفريق هشام صباح  الفخري، معركة مستشفى صدام في العمارة ، والتي أدت ،حسب ادعائه، الى ابادة ١٠٠٠ من أبناء جلدته بأنها مشرفة للجيش.
 وعن حصيلة هجوم الجيش ورد في تقرير الفريق هشام "بلغت خسائر الغوغاء في معركة تحرير مدينة العمارة لوحدها بحدود ٢٠٠٠ قتيل فيما تجاوز عدد أسراهم ومن
ألقي القبض عليهم أكثر من ٥٠٠٠ شخص. أما عدد المفقودين خارج المعركة فقد بلغ بحدود ١٠٠٠ شخص. كما بلغ عدد قتلى واسرى الغوغاء خلال معارك تحرير بقية مدن وريف محافظة ميسان وبعض اقضية الكوت والناصرية بحدود ٣٠٠٠ شخص". 
وصف الفخري أعداد المنتفضين ثم كيفية تعامله معهم بقوله "كانوا في البداية لا يتجاوزون ٢٠ -٤٠ شخصاً ثم اصبحوا بالآلاف ولولا يشفون القسوة غير الأعتيادية ما جان يردعون. واعداد كبيرة أخرى منهم لم يتم تصفيتهم ولا محاكمتهم وأرسلناهم الى بغداد للاستفادة منهم عدهم خوش حجي ومعلومات".

‏كانت قوات أخرى للحرس الجمهوري تزحف من البصرة باتجاه جنوب محافظة ميسان كما ورد في وثيقة عن فعاليات الحرس الجمهوري في مكافحة أعمال الشغب " بالساعة ١٠٣٠ يوم ٥ ‏/٣ /١٩٩١ تحرك قائد قوات الحرس الجمهوري وقيادة قوات المدينة المنورة باتجاه قلعة صالح (قاطع فيلق ٦) ‏ سالكة طريق جسر الكرمة الميداني الدير- منطقة طلحة ولسوء الأحوال الجوية وعدم تمكن القطعات من العبور من الجسر الميداني في منطقة طلحة توقفت القطعات فيها حيث تمكن قائد قوات الحرس الجمهوري وقسم من هيئة الركن وقائد قوات توكلنا على الله والذي كان بأمرته ل مغ/ ١٠ حرس جمهوري وقائد قيادة المدينة المنورة والمتبقي من قيادته حيث تمكنت هذه القيادة من إعادة النظام إلى المنطقة العزير ومقر فيلق ٦ في قلعة صالح وبنفس الليلة ونتيجة تواجد قطعات قيادة قوات الحرس الجمهوري ومقر قيادة قوات الحرس الجمهوري تعرض قسم من المخربين على قطعات قيادة قوات الحرس الجمهوري وتمكنت القيادة من تدمير القوة المعادية وباشرت في صباح اليوم التالي بعد تحسن أحوال الجوية وتعديل الطريق من قبل أمرية الهندسة العسكرية بالعبور من منطقة طلحة والوصول إلى منطقة  قلعة صالح.

تاسعا بالساعة ٩٠٠ من يوم  ٣/٧ /١٩٩١ باشرت كلا من قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري وقيادة قوات توكلنا على الله  حرس جمهوري بواجب مكافحة أعمال الشغب في قاطع فيلق ٦ قلعة صالح وكما يلي

١. قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري تطهير الطريق العام -قلعة صالح- جسر حطين الكحلاء- ميسان  حيث تم بالساعة ١٠٠٠ يوم  ٨/ ٣/ ١٩٩١ الوصول إلى مفرق الكحلاء- ميسان وبالساعة ١٥٠٠ يوم ٨/ ٣ تم تأمين الاتصال مع لمش  ٤٤٢ المتقدم من الشمال لتطهير مدينة ميسان.

٢. قيادة قوات توكلنا على الله حرس جمهوري قامت بتطهير منطقة قلعة وقد تم ذلك بالساعة ١٠٠٠ يوم ١٩٩١/٣/٧ .

عاشراً . بالساعة ١٧٠٠ تم زيارة ‏قطعات قيادة المدينة المنورة من قبل قائد قوات الحرس الجمهوري وقائد فيلق ٦ وقائد قوات المدينة المنورة وتعرض الرتل إلى نار من قبل المخربين أصيب فيها قائد المدينة وضابط ركن من القيادة والرفيق خالد أحمد سلطان
أحد عشر. يوم ١٩٩١/٣/٩ تم تطبيق مدينة المجر من قبل قطعات قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري وتم تطهيرها مع قطعات فيلق ٦.
أثنى عشر بالساعة ١١١٠ يوم ١٩٩١/٣/٩ باشرت قيادة قوات توكلنا على الله حرس جمهوري زائد اللواء المدرع  العاشر بتطويق مدينة الكحلاء من الجناح الأيسر وتم فك أسر ٢٤ ضابط من أيدي المخربين وبالساعة ٩٠٠  يوم ١٩٩١/٣/١٠ تم تطهيرها بالكامل واندفع لواء مشاة ١٤  من الجناح الشمالي بأمرة قيادة قوات المدينة المنورة وتم الإلتقاء مع السيد نائب القائد العام السيد عزت إبراهيم في منطقة الكحلاء.
ثلاث عشر. ١٨٠٠ يوم ١٩٩١/٣/١٠ صدر توجيه بنقل مقر قيادتنا وقيادة قوات المدينة المنورة  حرس جمهوري وقيادة قوات توكلنا على الله حرس جمهوري إلى محافظة القادسية وتم ذهاب السيد القائد  وعودته عند عودته حصلت الموافقة على الغاء هذا التوجيه وتجري الحركة إلى الصويرة.
أربعة عشر. بالساعة ٩٠٠ يوم ١٩٩١/٣/١١ باشرت قيادة قوات توكلنا على الله و ل مغ/ ١٠ حرس جمهوري بتطهير مدينة المشرح وطمع الألتقاء ب ل مش/٣٣ حرس جمهوري وقيادة قوات المصطفى حرس جمهوري اكتمل  والتي كان تعمل بأمرة الرتل الشمالي وتم أسر عدد كبير من المخربين وعناصر الشغب وبعض العناصر القيادية والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة ‏و ألأعتدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق