ابتدأ الهجوم في ٨:٣٠ مساء بسقوط مئات القذائف على النجف من قبل الجيش واستمر الرمي طوال تلك الليلة وبمشاركة الطائرات السمتية.
أجبر القصف المواطنين على الزحف هرباً باتجاه المزارع شمال النجف، وجنوباً باتجاه شواطئها وبساتينها، فغصت الشوارع وكأن النجف قد زحفت برمتها، حيث كانت الشوارع لا تتسع للنازحين، فتراهم يتزاحمون ويتدافعون حفاة للابتعاد عن مديات القصف أو الخروج من المدينة التي أصبحت كالخطوط الأمامية في جبهات القتال، كانت حشود الرجال والنساء تركض وتستغيث، والأطفال تتعلق بأردانها واذيالها وهي تصرخ مع كل قذيفة تسقط أمامهم أو خلفهم، والذي يسقط شهيداً أو جريحاً لا يستطيع أحد الوقوف لانقاذه حتى لو كان من ذويه، والجميع ينادي بصوت عال انه يوم القيامة.
لقد فقدت الكثير من العوائل أطفالها وابنائها، ولم تعرف عنهم شيئا تحت هذا الوابل المستمر من قذائف المدفعية والراجمات وصواريخ الأرض -أرض، التي وجهوا أحدها لإصابة الصحن الشريف، لكنه سقط في نهاية شارع الرسول مخلفاً وراءه دماراً شاملاً لعشرات البيوت، حيث استشهد بين إنقاضها أثنان وثمانون مواطناً. حول بيت السيد محمد تقي الخوئي سقطت العشرات من القذائف التي تسببت في تعطيل سيارة الإسعاف وسيارة الأطفاء اللتين أحضرتا قرب بيت السيد الخوئي للحالات الطارئة. وصل الجيش صباح اليوم الثاني إلى مشارف مقبرة وادي السلام وحي النفط وعلى امتداد الحزام الأخضر زاحفاً باتجاه مركز المدينة، حيث تزحف خلفه فرق الإعدامات والانضباط العسكري والتي تنفذ حكم الإعدام بدون محاكمة لكل من يتخلف عن الرمي أو يتراجع أو يهرب، أما أبناء النجف فقد تحصنوا في شوارع النجف وازقتها للدفاع عن مدينتهم.
كانت النجف بعد تعزيزات الجيش والقصف المكثف شبه خالية من المواطنين، ولم يبق فيها إلا كبار السن غير القادرين على النزوح، والمقاتلين الشباب الذين صارت تصعب عليهم حتى وجبات الطعام إلا ما ندر". وذكر" أن قبة الأمام علي تعرضت إلى قصف أحدث في جهتها الشمالية فتحة كبيرة. كان القتال في ساحة ثورة العشرين قتالاً ضارياً سقط خلاله العشرات من الشهداء واستمرت المعارك خمسة أيام بين كر وفر للقوات المعادية وبين ثبات وصمود لم يسبق لمدينة النجف أن تشهد مثله في تاريخها المعاصر..
تقدمت قوات النظام بإعداد كبيرة من المدرعات والدبابات، فانسحب الشباب وأصبح الصحن الشريف محاصراً من كل الجهات عدا باب القبلة وباب الفرج. ثم تقدمت ثلاثة دبابات واقتحمت الأولى باب الساعة واستباحت حرمة الصحن الطاهر، ثم هجم جنديان من الحرس الجمهوري بالرمان على باب الطوسي، ولم يفلحوا فأقتحمتها أحدى الدبابات وحطمتها.
دخلت قوات الحرس الجمهوري الصحن الشريف بالسلاح الخفيف تساندها دبابتان لتستبيح ضريح الإمام علي وتقتل كل من فيه بلا استثناء، ممن كانوا يلذون بحماه من المواطنين الذين لم يقاوموا إلا بالدعاء و ولتحطم بطريقة همجية أبواب الصحن الداخلية وجميع أجهزة الطباعة والإستنساخ، وتمزق بقايا العدد الحادي عشر من جريدة الجمهورية الإسلامية والذي حمل بين طياته أخبار النجف وجهاد أبناءها ضد الطغاة. كان القتل بلا رحمة ولا حرمة للإمام فضلت الجثث متناثرة في كل اروقة الضريح من الشيوخ والنساء والأطفال.
بعد ذلك اتجهت القوات إلى منطقة صافي صفا ومقام زين العابدين لمتابعة الشباب حيث وضعت المتفجرات في جهات مختلفة من مقام زين العابدين لتفجيره. وتم تفجيره على ثلاث مراحل.
وعن ما حدث في"فندق السلام " ذكر العميد نجيب الصالحي في كتابه "الزلزال"، "روى لي مفوض أمن كان ضمن مجموعة الأمن والمخابرات والحرس الخاص والحرس الجمهوري التي نفذت الهجوم المقابل لاستعادة مدينة النجف الأشرف من أيدي الثوار، قائلا: (في مرحلة الاستعداد للهجوم في تلك الأيام، أذعنا نداءات بواسطة مكبرات صوت من الجوامع طلبنا من الشباب "النجفي" التوجه إلى فندق السلام لضمان حياتهم لان قوات الحكومة ستبدأ بتمشيط المدينة بحثا عن الخونة والغوغائيين وقد تجمع في الفندق حوالي أربعمائة شاب استجابة لذلك النداء الذي كنا نعتقد أن فيه نوعا من الإنسانية والفرز العملي بين من شارك في أعمال التخريب وبين من لم يشارك فيها !
ولكن يبدو أن الهدف كان الانتقام العشوائي من كل النجفيين ومن شبابهم خاصة دون تمييز بين من انتفض أو من لم ينتفض! فصدرت الأوامر بقتل الجميع ونقل جثثهم إلى مقابر جماعية أعدت في ضواحي المدينة ! نعم قتلوا جميعا دون تمييز أو حتى تحقيق شكلي".
و بعد أن أخذت الإذن من المرحوم السيد الوالد خرجت بصحبة عمي السيد إبراهيم متوجهين إلى حي الاشتراكي حيث يسكن، و هنا أشير إلى عدم علم الإمام الراحل بخروجنا من المنزل، وكانت الشوارع مقفرة لا حركة فيها إطلاقاً لأن الرعب والخوف سيطر على الناس فلازموا بيوتهم لا يخرجون منها.
وعندما وصلنا إلي دار عمي السيد إبراهيم غمرت عائلته الفرحة بلقائه والاطمئنان على سلامته وسلامتنا معه، بعد أن كانوا قلقين لمشاهدتهم طائرات الهليكوبتر فوق منزل السيد محمد تقي الخوئي - والذي فيه الإمام الخوئي - و بقينا هناك حوالي النصف ساعة وقد أصروا علينا بالبقاء للإفطار عندهم إلا أن السيد إبراهيم اعتذر لعدم علم الإمام الراحل بخروجه من المنزل وربما سيقلق إذا علم بعدم وجودنا، عندها قالوا إذا كان الأمر كما تقولون فسنأتي نحن أيضاً إلى منزل السيد الخوئي، وعند رجوعنا إلى المنزل طرقنا الباب ففتحه لنا السيد محمود الميلاني و السيد جواد بحر العلوم، وما أن أغلقنا الباب حتى أقبلت ثلاث سيارات عسكرية هبط منها مجموعة من الضباط برتب عالية وهم يحملون أجهزة اللاسلكي ويتكلمون بلهجة أهالي الموصل، إن ما يحيط بيتنا كان ملفتاً للنظر، إذ كانت تقف على مقربة منه سيارة إسعاف وسيارة إطفاء، إضافة على الخنادق المحيطة به والتي كان يتحصن بها المجاهدون من الشباب، وكان الوقت قبل الإفطار وقد انتشر أفراد القوات الخاصة في المنطقة بمنزلنا، وكنت أراقب تحركاتهم من شرفتي في الطابق العلوي من المنزل والتي كانت مطلة على الشارع ورغم هذا الانتشار السريع للقوات الخاصة إلا أنهم لا يعلمون أين يقع منزل الإمام الراحل.
في هذا الجو الملبد بالإرهاب أقبل المرحوم الوالد - السيد محمد تقي الخوئي - على السادة المتواجدين في منزلنا طالباً منهم التهيؤ والاستعداد للمصير المجهول، فتوضئوا ولبسوا عمائمهم وجلسوا في غرفة الاستقبال، منهم من يتلو القرآن الكريم، ومنهم من يسبح وهو غارق في التفكير وكيف آلت الأمور إلى هذه الحالة.
أما أنا فكنت أراقب حركة الجيش المحيط بمنزلنا، فقد حركوا سيارة السيد جعفر بحر العلوم وكانت تحمل صورة الإمام الخوئي، وفي أثناء تحريكهم للسيارة خرج أحد المجاورين لنا من داره فاستوقفوه وسألوه عن دار صاحب الصورة - الإمام الخوئي - فأجابهم بعدم علمه، وسبق لي أن قلت: إن المجاهدين كانوا قد هيئوا بعض الملاجئ قرب منزلنا وعندما غادروا المنطقة وضعوا أسلحتهم في هذا الملاجئ وردموها، وتشاء الصدفة أن يعثر أحد الضباط بحمالة بندقية لم تدفن بصورة كاملة، فما كان منه إلا أن يتراجع و يتوقف ليصدر أوامره إلى أفراد القوات الخاصة بحفر الملاجئ حيث فوجئوا بالأسلحة المدفونة، عندها اتصل بمركز القيادة فجاءت عدة عربات محملة بالقوات الخاصة، إذ وصل عددهم إلى ما يقارب المأتين إضافة إلى جهاز الأمن الخاص والمخابرات، حيث تسلقوا أسطح المنازل وطوقوا المنطقة بصورة كاملة، وقد تسلقوا سطح منزلنا دون أن يعلموا أنه منزل السيد الخوئي، ولكن أحد أفراد القوات الخاصة لاحظ سيارة تحمل رقم (٢ نجف) داخل منزلنا فأخبر أحد الضباط الذي بدوره قال: إن هذا البيت هو بيت السيد الخوئي، فاقتحموا الباب وخلال دقائق معدودة امتلأت ساحة الدار بهم، أما الباب الداخلي فقد أخذوا يرمونه بالرصاص حتى فتحوه، وفي هذا الوقت كان المرحوم السيد الوالد واقفاً خلف الحائط في الغرفة فأخذ الضباط ينادي بأعلى صوته: على من في الدار أن يخرج رافعاً يديه، فقال له السيد الوالد: أنا في البيت، فقال له: من أنت؟ قال: أنا محمد تقي الخوئي، فقال الضابط: نحن نبحث عنك وأنت هنا، أخرج وارفع يديك إلى الأعلى وارم سلاحك، فقال له السيد الوالد: لا يوجد عندي سلاح، عندها أوصلوه إلى سيارة خارج البيت بعد الضرب والإهانة وهناك تفاصيل أخرى لا أحب الخوض فيها.
وأعود إلى ما حدث داخل البيت، فقد كان المرحوم السيد الوالد قد أخبر السيد الخوئي قائلاً: توضأ فإن الجماعة قادمون، فلما جاءوا أخرجوه ووضعوه في سيارة عسكرية – تسمى في العراق دبل قمارة - حيث قال له الضابط: أنا عبد مأمور وعلي تنفيذ الأوامر، وكان بيد الضابط ورقة بأسماء الموجودين في المنزل ويقرأ الأسماء ومن ثم يقبض عليهم، ولما رأى السيد الوالد الإمام الراحل ترجل من السيارة التي وضع فيها، وأتى مهرولاً على الضابط قائلاً له: إن الوالد لا يستطيع الركوب في السيارة لأنها عالية فإذا أمكن خذوه بسيارته وأنتم تولوا قيادة السيارة، فقال له الضابط لا يمكن إلا في سياراتنا، فكان إثنان يسحبان السيد الخوئي واثنان يدفعانه لضيق السيارة إلى أن أركبوه وكان معه السيد عزالدين بحرالعلوم والسيد محمد رضا الخلخالي كما وضعوا السيد جعفر بحرالعلوم والسيد الوالد والسيد إبراهيم الخوئي في سيارة أخرى، والسيد جواد بحرالعلوم والسيد محمود الميلاني في سيارة ثالثة، وكل سيارة عليها ثمانية أفراد من القوات الخاصة وهي تحمل سلاح يسمى بالأحادية.
ولا أنسى أن السيد الخوئي طلب من أحد الضباط إبقاء أحد السادة عند العائلة لأنهم بقوا لوحدهم، فقبل الضابط وقال للإمام الراحل نريد القبض عليك أنت المهم ونجلك السيد محمد تقي، وهنا قال السيد الخوئي للسيد محمدرضا الخلخالي أبقي عند العائلة لكن السيد الخلخالي بدوره رفض وقال كيف أبقى هنا ويقبضوا عليك مصيرنا من مصيرك.
وهكذا بقيت أنا والعائلة والأخوة الثلاثة من الشباب القائمين على خدمة الإمام الخوئي، و كانوا يداهمون البيت كل نصف ساعة للتفتيش، أتذكر في اليوم الآخر جاء شخص يرتدي بدلة مدنية يحمل بيده عصا وعمره ما يقارب الستين - أعتقد أنه كان من المخابرات - و خلفه مجموعة شباب كلهم أفندية أرادوا الذهاب لمكتبة الوالد السيد محمد تقي للتفتيش فقلت له: قبل قليل فتشوا المكتبة فأدار وجهه قائلاً للحماية: صحيح، قالوا: نعم، و حين نزل السلم سألته والدتي: أين الإمام؟ فأجاب: هو بخير نحن عندنا شغل بمحمد تقي ومجيد فسألناه أين سيد مجيد، ابتسم وقال: إنه في صفوان.
والآن أروي لكم ما سمعته من المرحوم السيد الوالد، قال: أخذونا إلي فندق السلام (الواقع في طريق كربلاء) وذلك قبل غروب الشمس فلما حل وقت الأذان لصلاة المغرب و العشاء أخذ السادة بالصلاة وبعد إتمام الصلاة سمعت الحرس الخاص يقولون: جاء السيد الرئيس وقد دهشت هل صحيح أن صدام حسين قد أتى، عندها قال لي أحد أفراد الحرس الخاص: السيد الرئيس بانتظارك، فلما دخلت القاعة رأيت المجرم طه ياسين رمضان جالساً إلى جنب السيد الخوئي و قد هيأوا لي مكاناً خاصاً، جلست فيه، فالتفت الجزراوي لي قائلاً: أنت شجاع تذهب إلي كربلاء خمس مرات، فقلت له: من الواضح أن الانتفاضة قد أثرت في الأجهزة الأمنية لأني خرجت مرة واحدة إلى الحرم الشريف (حضرة أميرالمؤمنين عليه السلام) و ألقيت بيان السيد الخوئي ولم أذهب إلى كربلاء المقدسة، فامتعض و بدا على وجهه الغضب و قال لي: لسانك طويل ينبغي قصه، فقلت له: تسألني أجيبك وإذا لم تسألني فلا أتكلم، جلس الجزراوي خمس دقائق وهو لا يتكلم ثم خرج من القاعة غاضباً.
بعد دقائق معدودة جاء أحد الضابط و قال: أين محمد تقي الخوئي؟ فقلت له: أنا محمد تقي الخوئي، فقال: أنت والسيد الخوئي مطلوبان إلى بغداد، فقلت له: اسمح لي بأن يأتي معنا بعض المساعدين لأن السيد الخوئي لا يتمكن من الحركة بدونهم، فقال لي: لا يوجد مجال فقط أنت والوالد، هذا ما كان بعد ساعة من أدائنا لصلاة المغرب والعشاء تقريباً.
يقول السيد الوالد لما توجهنا إلي فندق السلام أدخلوني مع السيد جعفر بحرالعلوم في قاعة كبيرة ورأيت أمامي في انتهاء القاعة أعمدة خشب فقلت في نفسي: إننا متوجهون إلى الشهادة لا محالة، و قلت للسيد جعفر: يا أبا أحمد هل تشهدت؟ فقال لي: وهل خفت يا صاحبي؟ قلت له: كلا لم أخف ولكن هؤلاء لا مانع عندهم من أن يقتلونا: فأبتسم السيد جعفر وقال لي: أنا منذ زمن تشهدت.
ويستمر المرحوم الوالد في رواية المشهد المؤلم، يقول: ركبنا أنا والسيد الخوئي سيارة عسكرية حيث جلس السيد الخوئي في المقعد الخلفي وأمامنا ضابط وورائنا سيارة عليها رباعية إضافة إلى أربعة من أفراد الحرس الجمهوري الخاص وأمامنا خمس سيارات و مثلها خلفنا وتوجهنا إلى بغداد والطريق مليء بالدبابات والجيش والحرس الجمهوري و الأمن الخاص.
توجهت السيارة التي تقلنا إلى مقر الأستخبارات العسكرية بعد أن اجتزنا نفقاً طويلاً، وقد سألني السيد الخوئي قائلاً: أين نحن الآن؟ فقلت له: إننا في مقر الأستخبارات، فسمعني الضابط الذي يجلس أمامنا فقال لي: ماذا يقول الشيخ؟ لأن السيد تكلم معي بالفارسية، فقلت له: يسألني عن المكان الذي نحن فيه فقلت له: إنه مقر الأستخبارات، فقال لي: ومن أين تدري أن هذا المكان هو مقر الأستخبارات؟ فقلت له: سبق أن أتيت إلى هنا.
توقفت السيارة وأنزلوني وأخذوني إلى سجن انفرادي بعد أن أخذوا السيد إلى مكان مجهول.
وكان الوقت حينها حوالي الساعة العاشرة ليلاً فجلست بزيّي في زاوية من السجن المظلم الذي لا يرى فيه بصيص ضوء وبدأت الأفكار تتزاحم في رأسي حول المصير الذي ينتظرنا ودار في ذهني إعدام السيد الشهيد الصدر وأخته العلوية بنت الهدى وبينما أنا كذلك وإذا بشخص يقول لي: أنت محمد تقي؟ فقلت له: نعم، فقال لي: أنا جارك في النجف وللجار حق على جاره أطلب مني ما تريد، فقلت له: أولا كيف حال السيد الوالد؟ قال بخير، فقلت له: ثانياً إذا حان وقت صلاة الصبح فاطرق علي الباب، بعد مدة جاء ضابط ففتح الباب وهو يضحك و يستهزيء بي قائلاً: يا محمد تقي هل تريد أن ترى والدك؟ فلم أجبه، فقال: إن الحظ قد حالفك، قم فإن والدك يريدك، وأخذني في دهاليز لا حدود لها إلى أن انتهى إلى غرفة أدخلني فيها فرأيت كبار الضباط جالسين وعلى رأسهم صابر الدوري مدير الاستخبارات والذي أصبح فيما بعد محافظاً لمدينة كربلاء المقدسة وضباط آخرون أمثال وفيق السامرائي وبأيديهم بيان السيد الخوئي الذي أصدره في الإنتفاضة الشعبانية فجلست إلي جنب السيد الوالد سائلاً إياه: هل أعطوك شيئاً؟ فقال: لا، لكنهم يسألوني عن السيد مجيد، وكانوا يتناقلون بيان السيد الخوئي بين موافق ومخالف فبعضهم يقول: إن السيد يدعوا في بيانه إلى عدم الفوضى والتجاوز على حقوق الآخرين وعدم ترك الجثث في الشوارع إلى غير ذلك من الأمور التي نهى عنها الإسلام، في حين يرى آخرون خلاف ذلك، وبدأ التحقيق معي حيث استمر أكثر من ثلاث ساعات ولما انتهى التحقيق أخذونا (أنا والسيد الخوئي) إلى سجن آخر، وهناك حكى لي السيد الوالد أن الضباط كلما جاءوا إليه وشاهدوه في حالة صحية سيئة سألوه عما إذا كان يريد شيئاً، فأجابهم السيد الوالد: أريد ابني السيد محمد تقي وهو الأدرى باحتياجاتي، وقد عانى السيد الوالد كثيراً من الذهاب إلى التواليت نظراً لعدم وجود الماء فيه وصعوبة الوصول إليه، ثم جاءوا و أخذوني إلى التحقيق الذي تكرر فى هذا اليوم خمس مرات مع تفتيشي تفتيشاً دقيقاً، ولما رجعت من التحقيق سألت السيد الوالد: هل تناولت شيئاً، فقال لي: أعطوني عصير البرتقال، فقلت له: لماذا شربت، فقال لي: يا ولدي منذ ثمان وأربعين ساعة وأنا لم أتناول شيئاً فماذا أصنع؟
لقد بقينا لمدة يومين في هذا السجن وأخذونا بعدها وعند الصباح إلى صدام" .
" الخوئي: اسأل الله تبارك وتعالى أن يسدد خطاك، وأن يحفظك من شر الدنيا والآخرة، وأحمد الله على نعمته، وأرجو أن يديم نعمته عليك، كثير أشكرك، الله يعلم، وأدعو لك ( غير واضح) والشدائد في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
صدام: الله يبارك بيك
الخوئي: (غير واضح) المنشور الذي كتبت ومنعت الناس من التعرض (غير واضح) الأموال (غير واضح) حتى أنك سمعت يومها أن كثيراً من الجثث كانت في الجادة وماكان أحدٌ، بلي، يتجرأ أن يدفنهم أو يغسلهم (غير واضح).
صدام: هل يجوز سيد أن يحصل هذا الذي حصل باسم الدين؟
الخوئي: لا، مو بأسم الدين، باسم (غير واضح) عام ، اشلون يصير دين؟ أيّ دين؟ أكو دين ينهب أموال الناس؟
صدام: (غير واضح) بشكل مزيف ولكن يعملوا كل هذه الاعمال باسم الدين.
صدام صامت يتأمل...
الخوئي: جئت بخدمتكم أرجو أنه، شكراً لله تعالى أنك تمكنت من إخماد هذه الفتنة ، وأشكرك على ذلك.
صدام: الحمد لله.
الخوئي: الحمد لله
صدام: نهاية الذين اجبروا على حال، الله غفور رحيم.
الخوئي: بلي، بلي، اليوم يطلع يريد مال ويريد حساب وية واحد، يكتلها لأن، طبعاً، اليوم جثث بقي بالجادة لا يتجرأ أحد.صدام: حتى أن يدفنها أو أن يريد (غير واضح)
صدام: يريد الذهاب (غير واضح)
الخوئي: لقد كلفت جماعة، أخذوا الجنائز وكفنوها ودفنوها، لابد من ذلك.
صدام: فهمت عندك سيارتين مسروقة من سياراتك
الخوئي: بلي ... لا ، كسروه
صدام وكأنه يسخر من لغته: كسروه؟
الخوئي: بلي كسروه شخص بجنب الخوئي ولعله ابنه: (غير واضح) حطموها
صدام: شنو نوع السيارات؟
شخص بجنب الخوئي: مرسيدس (غير واضح)
صدام: اشلون صحتك الآن
الخوئي: كما ترى حالتي، قريب من الموت والموت مني قريب.
صدام: الموت حق، لكن إن شاء الله عمر طويل، أهلاً وسهلاً
الخوئي رافعاً كفيه: اهلاً بكم الخوئي: (غير واضح ) أرغب في زيارتكم لكن في غير هذه الظروف.
صدام: سبحان الله ، اللي يريدو الله هو اللي (غير واضح) ".
ويضيف حفيده أن الرئيس صدام "قال للسيد الخوئي هل ترضى بقتل المسلمين؟ فأجابه رحمه الله: ومن يرضى بقتل المسلمين؟ وقال صدام أنت يا سيد محترم – مخاطباً السيد الخوئي- لكن أولادك! – ويقصد السيد عبد المجيد والسيد محمد تقي -.
دخل علينا أحد المخبرين وقال .. (توجد مجموعة من علماء الدين مجتمعين في أحد البيوت واعطى العنوان والدلالة كاملة .. فاهتم الجزراوي بذلك وصرخ يأمرهم، "كتفوهم واحضروهم فورا"، وبعد مدة تم إحضارهم وكانت تظهر عليهم الهيبة والوقار ويتقدمون باتجاهنا بثقة واطمئنان وتعرف بعضنا على أحدهم وهو ابن السيد الخوئي وكان الخوئي قد أرسل إلى بغداد بناءاً على أوامر من صدام نفسه.
وخاطبهم طه الجزراوي: على من تتآمرون يا خونة ؟
أجابه أحدهم: لا .. نحن لا نتآمر .. هدفنا تهدئة الأمور وقد أوصينا الناس بذلك ونعمل على حفظ الأرواح ونتجنب سفك الدماء ما أمكن، وهنا أومأ الجزراوي إلى ضابط الحماية قائلا: "اتلفوا أضابيرهم!"
وأضاف محدثي "صباح التكريتي" .. فهمت من عبارة "اتلفوا أضابيرهم انه أمر بإعدامهم واقتيد العلمــاء الثمانية إلى مقر قوات النداء حرس جمهوري لتنفيذ الإعدام فيهم رميا بالرصاص .. وتم ذلك بالفعل ..!!
وبعد ذلك اتصل صدام هاتفياً، يريد أن يرى هذه المجموعة من العلماء، ويبدو انهم كانوا موضوع حديث للسيد الخوئي مع صدام، فأصبح الجميع في مأزق ولا بد أن يتدبروا الموضوع ويلبوا طلب صدام، رغم أن هذا الفعل، وهو قتل رجال الدين، لا يعرض أحدا إلى المحاسبة وانما بالعكس في تلك الفترة بالذات يعتبر صفة للولاء والشجاعة!
ماهر عبد الرشيد .. اقترح أن يقولوا أن الغوغاء قتلوهم !
عبد الرحمن الدوري .. اقترح وضعهم داخل عجلات مقلوبة على الطريق فيبدو موتهم وكأنه حادث!
ثم قال صباح: لا اعلم كيف تم تدبير الموضوع!
ولكن كان يبدو عليه تأثر شديد لما حدث دون أن يعلن ذلك صراحة وكان يردد بين الحين والحين ساخرا من عبارة "اتلفوا أضابيرهم"، وعند وصولنا الناصرية ولقائنا بالمحافظ اللواء الركن عبد الإله العناز .. أعاد صباح سرد الحكاية نفسها وبذات التفاصيل والأسلوب ودون أي تحفظ أيضا!
بقيت هذه القصة تتردد في ذاكرتي أنا أيضا وكنت أحاول تكملة جوانبها الأخرى وبدأت ابحث عن رواية أخرى اكثر صدقا ! وكيف تم تنفيذ حكم الإعدام بمجموعة علماء الدين ومتى ومن هو المسؤول .. الخ ؟ وبعد عام، التقيت بأحد الضباط في مقر قوات النداء حينذاك .. وقلت له سمعت كذا وكذا (رويت له ما سمعت) ما هو رأيك هل في الكلام مبالغة ؟ فقال: الكلام صحيح، ولكن القصة ناقصة وسأروي لك الفصل الثاني منها والذي بقي غامضا، قلت: ما هو ؟ قال: جيء بهؤلاء العلماء إلى مقر قوات النداء.. حيث كان القائد العميد الركن "معتمد التكريتي" واخبروه بان هؤلاء محكوم عليهم بالإعدام وعليك إعدامهم خلال (٣٠) دقيقة وإخبار "طه الجزراوي" بذلك ..
قال معتمد مع نفسه وسمعه قريبون منه، "هاي ورطة جديدة ! ما ذنب هؤلاء الأبرياء؟" وبدأ يماطل في تنفيذ الإعدام وكان كل نصف ساعة تقريبا يأتي إلى مقر القيادة مسؤول حماية الجزراوي ليتأكد من تنفيذ الإعدام، ويعطيه معتمد عذرا ليصرفه بعض الوقت عسى أن تنجلي بعض الأمور ولكن طه الجزراوي كان يلح في موضوع الإعدام كثيراً ومعتمد يدعو الله سبحانه على تخليصه من هذه الشدة وكان ينتظر وصول حسين كامل عله يؤثر عليه ويمنع تنفيذ الإعدام وخلال ذلك الوقت الحرج جاء مرافق الجزراوي ليخبر معتمد قائلا ..
الرفيق طه يقول، أمامك ثلاثون دقيقة فقط لتنفيذ حكم الإعدام بهؤلاء الخونة وإلا سأخبر صدام وأقول له انك متخاذل أو ... الخ ..
وصل حسين كامل الذي استقبله معتمد على الفور شارحا له الموقف وأجابه حسين أمام عدد من الضباط لماذا يعدمون، انهم لم يفعلوا شيئا وأبدى تعاطفه الظاهري معهم، ولكنه لم يصمد أمام إصرار الجزراوي على إعدامهم والذي هدد ثانية بإخبار صدام بهذا التردد والتخاذل، ( فما كان أمام قائد قوات النداء إلا أن ينفذ حكم الإعدام برجال الدين الثمانية على مضض منه).
بالنسبة للسيد محمد محمد باقر الصدر فقد ورد في كتاب السيد اليعقوبي الصدر الثاني كما عرفته "لما شعر بعض زعماء المجاهدين ان الثورة بدأت تضمحل وتتميع في ظل هذه القيادة الدينية وقد جُردوا من الصلاحيات كما انهم لم يروا أي تفكير في توسيع الثورة الى بقية المحافظات والزحف نحو بغداد وتدعيمها أحسّوا بالحاجة الى قيادة (حركية) جديدة تجتمع فيها صفات الوعي والشجاعة والحزم والرصيد الاجتماعي فوجدوها متمثلة في شخص السيد الشهيد الصدر (قدس سره) ولا ادري ان كان ذلك باشعار من الأخ زيد البغدادي الذي كان معهم او غيره، المهم انهم التفتوا الى السيد (قدس سره) وعرضوا عليه الأمر فوافق عليه.
هذا وقد بدأت قوات الحرس الجمهوري بالزحف نحو مدينة النجف وبدأ قصف مدفعي بعيد يطول احياناً البيوت المتطرفة في شمال شرق المدينة (باتجاه مثلث الحدود بين النجف والحلة وكربلاء حيث عبرت القوات نهر الفرات جنوبي مدينة الكفل) كان ذلك بعد ظهر يوم الثلاثاء ١٩٩١/٣/١٢ وفي يوم الاربعاء التالي وكانت اصوات قذائف المدفعية والدبابات تُسمع في ارجاء المدينة لكن من دون ان يطالها والشارع العام يتحدث عن معارك بالاسلحة الثقيلة وتراجع قوات الحرس الجمهوري الزاحف على النجف، أقول في ذلك اليوم صليت الظهر والعصر خلف سماحة السيد (قدس سره) في جامع الهندي وبعد انتهاء الصلاة أحيط بحماية مكثفة ورجال مسلحين وصيحات التكبير والتهليل والصلاة على النبي وآله تشايعه حتى الحرم الشريف ومذيع الانتفاضة يطلق كلمات الترحيب واستقبال الزعيم المجاهد سماحة آية الله السيد محمد الصدر وكنت ضمن المجموعة التي رافقته بعد أن صليت خلفه ولكن من دون ان اعلم بسر هذا التغيير الذي حصل اليوم رغم انه كان يخرج من المسجد يومياً بشكل اعتيادي من دون هذه الهالة والضجيج ومن غير حماية مسلحة.
وصعد السيد على سطح (الكشوانية) المواجهة لباب القبل والناس تجتمع في الصحن الشريف وهم يقابلونه بالهتافات والقى كلمة ارتجالية مختصرة حث فيها على نصرة الثورة الاسلامية المباركة ودعمها والمشاركة فيها لعل الله سبحانه يرحم هذا المجتمع وينشر لواء الاسلام في ربوع هذا البلد المقدس".
كذلك ورد من جهة السلطة وفي تحليل لقيادة قوات النداء الحرس الجمهوري عن معركة أعمال الشغب في القاطعين الشمالي والجنوبي عن قاطع النجف،
"المهمة: تهجم قيادة قوات النداء حرس جمهوري والقطعات الملحقة بها بالساعة ٧٣٠ يوم ١٩٩١/٣/١٣ على العدو المتواجد في مدينة النجف وتدميره وتطهير المدينة من المخربين.
ا. يهجم لواء مدرع ٤١ حرس جمهوري بالساعة ٧٣٠ يوم ١٣ اذار ٩١ على العدو الكائن على طريق كربلاء- النجف وتدميره وتطويق مدينة النجف من جهة الغرب وادامة الأتصال مع لواء مشاة ٤.
ب. لواء مشاة ٢٧ حرس جمهوري يعقب لواء مدرع ٤١ حرس جمهوري لتطهير المناطق التي احتلها لواء مدرع ٤١ حرس جمهوري".
وعن التنفيذ ورد في مذكرات قائد قوات النداء حرس جمهوري العميد الركن معتمد نعمة التكريتي عن تطهير مدينة النجف : بتاريخ ١١ آذار ١٩٩١ صدرت الأوامر لي بترك لواء مشاة آلي ٤٣ حرس جمهوري في مدينة كربلاء بأمرة قيادة قوات القدس حرس جمهوري وتحرك مقر القيادة لواء مدرع ٤١ حرس جمهوري باتجاه مدينة النجف سالكاً طريق الخط الاستراتيجي.
١٧٠٠ يوم ١٢ آذار ١٩٩١ تحرك مقر القيادة ولواء مدرع ٤١ حرس جمهوري ناقص كتيبة دبابات ٧٣ إلى مدينة النجف على طريق الخط الاستراتيجي.
بالساعة ٧٠٠ يوم ١٣ آذار ١٩٩١ شرع لواء مدرع ٤١ حرس جمهوري والوحدات المتجحفلة معه بالتقدم باتجاه النجف وتم توجيه اللواء بضرورة إدامه التماس والتنسيق من الجانب الأيسر مع فرقة ٤ التي عبرت من اتجاه ناحية الكفل إلى مدينة النجف وهي حالياً تقوم بتطهير الأحياء السكنية في ضواحي المدينة الشمالية وتم التأكيد على آمر اللواء بأن يكون محور لوائه غرب الطريق العام أي أن الطريق العام كربلاء- النجف خارج مسؤوليته. وقد تمكن اللواء من تطهير بعض الأحياء السكنية وإزاحة بعض المقاومات الموجودة في منطقة المقبرة.
وبالساعة ١٤٠٠ من نفس اليوم حضر قائد فرقة أربعة العميد الركن صباح اسماعيل الفرحان إلى مقري للتنسيق بصدد تطهير المدينة. وقد اتفقنا مبدئيا على استمرار تطهير الأحياء السكنية القريبة هذا اليوم والتهيئة لتطهير المدينة يوم غد.
وفي المساء حضرت إلى مؤتمر مسائي ينعقد بصدد تطهير مدينة النجف وكان الحضور هم السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ طه ياسين رمضان والسيد الفريق الركن حسين كامل والفريق الركن المتقاعد ماهر عبد الرشيد الذي كان يشغل منصب قائد الفيلق السابع سابقا و المكلف حاليا من قبل السيد الرئيس القائد حفظه الله بمرافقة فرقة أربعة في هذا الواجب كمستشار عسكري للسيد النائب الأول وقائد فرقة أربعة العميد الركن صباح اسماعيل فرحان والمسؤول الحزبي لهذه الفرقة.
وكان مكان الاجتماع حافلة نقل الأشخاص نوع كوستر وبعد شرح الموقف من قبل قائد فرقة أربعة وأنا طلب السيد النائب الأول منا نحن القادة بيان الخطة التي سوف نقوم بتنفيذها في اليوم التالي.
وعلى خريطة عسكرية بمقياس واحد/ ١٠٠٬٠٠٠ قام العميد قائد فرقة أربعة بشرح مفصل لمجمل خطة كان قد وضعها بنفسه قبل حضور هذا المؤتمر. وقد لاحظت أن الخطة التي وضعها قائد فرقة أربعة معقدة وصعبة التنفيذ واحتمال أن يكون هناك خطأ من قبل بعض الوحدات خلال تنفيذ العملية بما قد يؤدي إلى فشل الخطة ووقوع خسائر لكثرة النيران الصديقة. وبعد أنهى قائد فرقة ٤ من شرح خطته طلب مني السيد النائب الأول بيان تصوراتي حول خطة قائد فرقة أربعة وقد بينت له مساوي هذه الخطة وصعوبة تنفيذها من قبل القطاعات وعرضت عليه خطة مبنية على أساس بقاء فرقة أربعة في الأماكن التي وصلتها وتكون قاعدة أمينة لانطلاق قيادة قوات النداء حرس جمهوري باتجاه المدينة من جهة الشمال وتطهير كافة الأحياء السكنية غرب وشمال الطريق العام الذي يربط كربلاء مدينة النجف وحتى الوصول إلى ساحة ثورة العشرين والطريق الذي يربط النجف بمدينة الكوفة الملاصقة تماما لها وبعد أنهيت شرح خطتي لتنفيذ الواجب وافق الجميع عليها وتم تحديد ساعة س لذلك وهي الساعة ٧:٠٠ صباح يوم ١٤ آذار ١٩٩١.
بالساعة ٨٠٠ يوم ١٤ آذار ١٩٩١ تمكنت وحدات لواء مدرع ٤١ حرس جمهوري من تطويق المدينة من ناحية الغرب ومنطقة بحر النجف بعد اخترقت قسم من وحدات هذا اللواء منطقة المقبرة باتجاه غرب المدينة. أما بقية الوحدات فهي مستمرة بالتقدم باتجاه أهدافها وقد صادفتها بعض المقاومات المتوسطة في بعض المحاور حيث كانت زمر الخيانة تستفاد من الأبنية والمنشآت الحكومية في تخفيها وفتح النار على القطعات. وبحلول منتصف النهار تمكنت كافة الوحدات من الوصول إلى أهدافها وكانت الخسائر طفيفة جدا والمقاومات ضعيفة إذا ما قارناها بالذي حدث في مدينة كربلاء.
أصدرت أوامري إلى كافة الوحدات بضرورة إكمال النقص والتعويض فورا والاستفادة من بقية النهار في تطهير وتفتيش الاحياء السكنية وفتح السيطرات في التقاطعات المهمة للسيطرة على حركة المدنيين الذين طلبنا منهم مغادرة الأحياء التي تقع تحتها سيطرة زمر الخيانة والغدر وتقديم المساعدة لهم وخاصة الجرحى منهم حيث وجدنا الكثير من الأهالي أطفال وكبار جرحى بسبب إطلاق النار عليهم من قبل زمر الخيانة لمنعهم من مغادرة دورهم ومحاولة الاستفادة منهم في التخفي والهروب بواسطتهم بعد إجبارهم بذلك تحت تهديد السلاح. وفي المساء تم عقد المؤتمر المسائي مع السيد النائب الأول وتم شرح الموقف من قبلي للحاضرين وقد أثنوا جميعا على كفاءة القيادة مما حققته في هذا اليوم وبعد ذلك قمت بعرض الخطة التي وضعتها بنفسي قبل الحضور إلى المؤتمر وقد وافق الجميع عليها وكان مجمل الخطة هو أن تقوم قيادة قوات النداء حرس جمهوري بإكمال تطويق مدينة النجف من جهة الغرب والجنوب وتطهير القسم الأكبر من أحياء السكانية والأهم من ذلك هو تطهير العتبات المقدسة من زمر الخيانة والغدر. وتقوم فرقة ٤ بالتقدم باتجاه مدينة الكوفة وتطهيرها حيث يوجد في هذه المدينة ضريح مسلم بن عقيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق