الأحد، 26 أكتوبر 2025

تسجيلات صدام حسين السرية ٥. طه ياسين رمضان تحدث عن البيعة، وصدام سيعلن مقتل كامل حنا على يدي عدي

 

هذا التسجيل يعود تأريخه الى عام ١٩٨٨. في بداية الشريط تحدث الرئيس عن البيعة، أي بيعة الشعب العراقي للرئيس. والبيعة حصلت في ١٣ تشرين الثاني من عام ١٩٨٢ بعد أن أقترح الرئيس في حديث له في ٩ تشرين الثاني، أي قبل ٤ أيام من البيعة، أن يجرى استفتاء من قبل الشعب العراقي ومن الشعب الأيراني عن من أكثر شعبية في بلده، صدام أم الخميني، وقال من يفوز باكثر من ثلثي الأصوات يكون هو الممثل الحقيقي لشعبه. 

في هذا التسجيل صور كل من الرئيس وطه ياسين رمضان أن خروج ٤ ملايين عراقي ،حسب الأحصاء الرسمي، لمبايعته وهتافهم لا ثلث ولا ثلثين كلنا نبايع صدام حسين، كان عفوياً.

لكن الحقيقة كانت أن مسؤولي دوائر الدولة والجامعات والمدارس والحزب نظموا البيعة التي انتهت بتقديم وثيقة مبايعة للرئيس كتبت بدماء أعضاء المجلس الوطني. احتفال البيعة كان يعاد سنوياً في نفس اليوم والشهر.
وتحدث الرئيس أيضاً في هذا التسجيل عن حادث مقتل كامل حنا على يدي عدي وذكر أنه سيعلن رسمياً عن حصول الحادث، لأن أغلبية الناس سمعوا بحصولهوذكر أن عدي حاول الأنتحار وادخله المستشفى ثم أدخل السجن ونام على الأسمنت حسب قوله وانه سيحيله الى المحكمة. عن ذلك الحادث ذكرت حفيدته في كتابها حفيدة صدام  "‏حادثة مقتل حنا، السفرجي الشهير السابق لدى جدتي ساجدة. بعد سنوات طويلة من عمل حنا لدى جدتي، أصبحت له مكانه كبيرة سواء أكان في مجتمعه المسيحي داخل بغداد، أو بشكل عام في المجتمعات الراقية ووسط طبقة المسؤولين.. ومع الوقت أصبح أيضاً محط ‏ثقة كبيرة عند جدي صدام حسين.. اعتاد الشعب العراقي على رؤيته كثيراً مرافقاً له على شاشات التلفاز.. مما زاد من الصلاحيات والنفوذ التي أوكلها لنفسه. وفي يوم ما، كان حنا يقيم سهرة ليلية خاصة به في مدينة الأعراس داخل أحد المواقع الرئاسية التابعة للدولة وهو ما لم يكن مسموحاً لأحد، وكان ذلك بالقرب من موقع دجلة الذي يسكنه خالي عدي، وكعادة الكثير من العراقيين، كان حنا يطلق الكثير من النار في الهواء في تلك الليلة، كان ذلك ليلة الأحد على الاثنين، حين كان خالي عدي جالساً في حديقته الخلفية ناوياً صيام اليوم التالي (الاثنين) كما المعتاد. وقد كانت أيضاً السيدة سوزان مبارك سيدة مصر الأولى تحل ضيفة على العراق في ذلك اليوم. سمع خالي عدي صوت إطلاق الرصاص فسأل عن مصدره وتم اخباره أنه حنا... عندها انزعج خالي وخشي أن يزعج صوت رصاص حنا عند منتصف الليل نوم الضيفة سوزان مبارك، فارسل إلى حنا من يطلب منه أن يتوقف عن رمي الرصاص في الهواء. ورد حنا بعد هذه التوصية بإطلاقات نار أكثر كثافة من التي سبقتها، خاصة وهو تحت تأثير الخمر.. كرر خالي طلبه وكرر حنا تجاهل الطلب. عندها، غضب خالي وذهب بنفسه ومعه أحد أصدقائه وشخص آخر من الحماية وهو يحمل معه عصا تسمى بالعراقي "عوجية" لها راس حية (ثعبان) التقطها سريعاً من بين مجموعته المميزة من العصي الموجودة دائما بالقرب من الباب لتكمل لباسه العربي وهو الدشداشة وعبأه على كتفه، وبعد التلاسن مع حنا، قلب خالي العصا وضربه برأس الحية على القبة.. أعتقد خالي أنها ضربة تأديبية، وسقط حنا مغمى عليه عليه -أ و بدا الأمر لخالي كذلك- وخرج خالي من المكان. وفي الصباح، فوجئ خالي بالكثير من المكالمات الصباحية. وحين استفسر عن سببها وفحواها، أبلغ بأن الرئيس قد أمر بإلقاء القبض عليه لقتله حنا. وحين جاء الجنود للقبض على خالي عدي، كان قد ملأ مدخل منزله بالأسلحة، وهو يصرخ مقسماً أنه سيقوم بقتل أي شخص ‏ يجرؤ على الإقتراب منه. كان يعتقد أن أحدهم قد قتل حنا ويريد الصاق التهمة به. كان مؤمناً ببرائته. تدخلت جدتي ساجدة، وتدخل والدته هو ما جعله يسلم نفسه".
وعن ذلك الحادث أيضاً ذكر برزان التكريتي في مذكراته "في صباح يوم ١٩٨٨/١٠/١٨ وفي حوالي الحادية عشر من صباح هذا اليوم جاءني الشخص الذي يعمل عندي في البيت هناك وقال لي أن الرئيس اتصل يطلب الكلام معك ويطلب أن تتصل به، فذهبت للبيت واتصلت بالرئيس بعد السلام سألني عن مكان وجودي قلت له إنني في تكريت، قال تصورت إنك هنا في بغداد لأنني محتاجك، وهذه  لأول مرة أسمع هذه الكلمة منه لأنه لا يقولها مطلقاً، قلت له سوف أكون عندك بعد أقل من ساعتين، قال طيب ولكن عليك أن لا تسرع في السياقة، قلت له إن شاء الله.. وصلت بغداد بعد الظهر، أخبرتني شجرة الدر بما حصل في الليلة الماضية وان أم  عدي طلبت من شجرة الدر أن تذهب لها فذهبت ووجد حالة أختها سيئة جداً والوضع غير طبيعي، ولكن أم عدي لم تفصح عن شيء، لابد أن يكون هناك شيء ولكنهم يحاولون عدم الإفصاح عنه، وأضافت أعتقد أن عدنان خير الله يعرف الحقيقة، قلت لها كيف شعرت بهذا، قالت لأن عدنان لا يتكلم ولا كلمة واحدة وكل تعابير وجهه تقول أنه يعرف السبب وإنه مشمئز من ما حصل وما يحصل، ويظهر انه غير متفاجئ ولا هو مهتم بما يحصل، وقالت إن عدي الآن في المستشفى لأنه حاول الأنتحار لانه تناول عدد من حبوب الفاليوم. قلت لها إن الرئيس اتصل بي وطلب حضوري، قالت اتصل به، فاتصلت به وطلب مني أن أذهب إلى بيته، كانت الساعة الخامسة بعد الظهر، ذهبت ووجدته في حالة حيرة أكثر منها من أية حالة أخرى، أخبرني بما حصل وقال إن عدي قتل كامل حنا عندما كان كامل مع مجموعة مع أقاربه يسهرون في جزيرة الأعراس وعلى ما يبدو انه كان مخمور وقام بإطلاق العيارات النارية وكان عدي قريب من المنطقة التي كان فيها كامل حنا وأيضا كان بدوره مخمور فارسل له خبر يطلب منه الكف عن إطلاق العيارات النارية، ولكنه لم يتوقف فقام بضربه بعصا على رأسه مما سبب نزيف داخل رأسه سبب وفاته.. تبين فيما بعد أن كامل حنا كان محتفل بزواج عمه من سميرة الذي تم قبل أيام، وبما أنه مدلل الرئيس وصاحب الخطوة الكبيرة عنده وفي داخله يعتبر نفسه أمين سر الرئيس، وقبل ذلك أو أثناءه أن الرئيس أعطى كامل حنا نقود فاقت ما أعطى أي مسؤول في الدولة. كان الوزراء وأعضاء القيادة وغيرهم يتوددون لكامل حنا، كان يتنقل الهليكوبتر وعندما يذهب إلى المحافظات لترتيب الأمور قبل وصول الرئيس أو لأي سبب آخر يخرج المحافظ لاستقباله. وفي إحدى اللقاءات مع الرئيس قال لي أن حسن العامري الذي كان عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية للحزب ووزير التجارة يتودد لكامل حنا ويسأله عن انطباعاتي عنه، ولم اعقب بشيء عن ما سمعته منه. حاولت أن أخفف عليه وقلت له أن الحدث وقع وعلينا أن أن نتدبر الأمر، قال أن هذا الولد سيئ وناقص تربية، لم اعقب بشيء، ولكنني قلت له سوف نتدبر الأمر وعليه أن يهدأ، طبعا عندما توفي كامل حنا، أرسل الرئيس عزت الدوري لتشيعه. في اليوم الثاني ذهبت للمستشفى  التي كان عدي فيها لزيارتته ولاستطلاع الوضع، كان في مستشفى ابن سينا، كانت شجرة الدر معي، كان متمارض أكثر من ما هو مريض، كانت أمه هناك وأخوه وحسين كامل واخواته، الأم كانت قليلة الكلام وأقرب للصمت، حسين كامل كان مسرور لما حصل لأن ما حصل سوف يحتاج لفترة لإصلاح العلاقة بين الأب والابن، اما أخوه قصي فأيضاً كان وضعه أشبه بوضع حسين كامل، بل كان يتصرف ويتحرك كمن يريد استغلال الفرصة، وإظهار نفسه على أساس أنه المخلص المطيع والمستقيم... ألخ كان الوقت بعد الظهر ولا زلنا عندهم في المستشفى وكنت في الصالون وشجرة الدر وأم عدي وآخرين لأن حسين كامل وآخرين كانوا في غرفة عدي، سمعنا أصوات أقدام وركض وصراخ، ‏خرجت لأستطلع ما حصل وإذا بقصي يقول لي إن عدي خرج وأخذ السيارة وذهب وأضاف أعتقد أنه ذهب إلى الرضوانية لملاقات أبي، وعندما سمعت أمه واخواته لاحظت أن خوف وقلق فظيع انتابهن حتى سمعتهن يقولن يا ستار سوف واحد يقتل الآخر. استغربت من هذا الكلام ولكنه جلب انتباهي وبدأت اتذكر ما سمعته من شجرة الدر واعيده مع نفسي، وأقول مع نفسي إذا ما شعرت به شجرة الدر صحيح أن هناك سبب لما حصل ولكنهم لا يريدون الأفصاح عنه. 
بعد ما يقارب النصف ساعة  خرجت وشجرة الدر  عائدين للبيت.. بحدود الساعة السادسة مساء اتصل بي الرئيس يقول أحضر فورا للبيت، خرجت مسرعاً متوجهاً  الى بيت الرئيس.. وصلت ووجدته جالس في الصالون يرتدي ملابس سبورت، بنطلون وسترة وشفقة على رأسه، قال لي هل تعرف ما حصل، قلت لا، قال جاء هذا المجنون إلى الرضوانية ويوشر باصبعه نحوي قائلاً اذهب إلى زوجتك، يقصد أمه (أم عدي) وأضاف أن تصرفه وحركته كانت مهينة أمام الحماية ولكن لحسن الحظ لم يكن المسدس في حزامي وإلا قتلته... كانت أمه جالسة والأخوات سهام ونوال وبنات الرئيس، ووصل وطبان كذلك.. في هذه الأثناء دخل قصي يركض وهو يصرخ لقد وصل، لقد وصل، استفسرت منه من الذي وصل، قال عدي، قلت أخبره لكي يدخل لنضع حد لهذه التصرفات، قال  لا بيديه بندقية ويريد أن يضرب بابا.
خرجت مسرعا ولحق بي وطبان وجدناه أمام الدار الذي يسمى قصر القادسية وبيده بندقية كلاشنكوف، اقتربنا منه محاولين أخذ البندقية منه ولكنه شعر بذلك فتراجع للوراء وصوب البندقية نحونا و عندما استمرينا بالمشي نحوه أطلق عدة طلقات تحت اقدامنا، فتكلمت معه بأسلوب ومفردات لا اذكرها لأنني كنت منزعج، بعد ذلك بدأ يبكي ورمى البندقية جانبا فأخذناه للداخل، وعند مدخل البيت شهر قصي مسدسه محاولا ضرب أخوه ولكنني نهرته وقلت له إنك منافق وانتهازي وتحاول استغلال الفرصة، دخلنا للصالون الذي كان الرئيس يجلس به، طلبت من عدي أن يعتذر من أبوه ويقبله فقام بما طلبت منه، وجلسنا كان الوضع كئيب جدا، والنساء يبكون طبعا، عدنان خيرالله لم يتحرك من مكانه ولا تكلم ولا بكلمة واحدة. ساد الجو صمت فظيع... بعد ما يقارب العشرة دقائق أو أكثر تكلم الرئيس قائلاً بعد ما حدث سوف لا أعتبرك ابني، وقال مخاطبا عدي إنك قاتل وعليك تهيئة نفسك لتذهب إلى مركز الشرطة لتسليم نفسك لأن هذا هو الحل.
  قلت له نعم سوف يعمل ما تقوله وفعلاً كنت مع هذا الأتجاه لأن المشكلة أصبحت معروفة لدى عامة الناس وتركها دون سيناريو من هذا النوع يسبب للرئيس حرج كبير لأنه في ذلك الوقت كان يلاحظ بعض الشيء لما يقوله الناس،  بعدذلك ذهب الرئيس وقمت  بالحديث مع عدي لاقناعه بتسليم نفسه وسوف نرتب الأمور لأن هذا هو المخرج الوحيد، أشعرني أنه سوف يعمل ذلك واعتقد أنه فعلا كان مقتنع بذلك ولكنه على ما يبدو غير رأيه في ما بعد. عدت وشجرة الدر للبيت وبقيت كل من سهام ونوال أخواتنا، وأعتقد إلهام أخت شجرة الدر كانت أيضا هناك، وعرفنا منهم، إن الرئيس عاد للبيت بعد حوالي الساعة وكان معه حسين كامل وأخوه صدام، في هذه الأثناء نزل عدي من جناحه في قصر القادسية فاستدعاه أبوه وكانت أمه وأخواتنا والهام موجودين، فقال له لماذا تتصل بالسفارة الأمريكية وتطلب تسهيلات للذهاب إلى أميركا، فيبدو انه اتفق مع حسين وصدام كامل على اعتقال عدي، ففي هذه الأثناء هجم الأخوين على عدي واعتقلوه ووضعوا الوثاق بيديه (كلبجة) واخذوه  إلى الرضوانية، وضعوه في غرفة ملحق بها حمام بسيط وغرفة جلوس متوسطة، لأنني زرته هناك. الذي تبين أن عدي اتصل بالسفارة الأمريكية وكان يطلب تأشيرة دخول لاميركا طلبا للجوء إليها، وكان هاتفه مراقب من قبل حسين كامل، فأسرع حسين بإخبار الرئيس بذلك وقام الرئيس باعتقاله"
وتكمل حفيدة الرئيس "تم اتخاذ الإجراءات القانونية، وحبس خالي على ذمة التحقيق، ثم أخذه جدي بنفسه إلى السجن.. كان سجناً عادياً عبارة عن باحة رملية لها سياج خارجي، وبها عدد من الزنازين... وفي الباحة طاولات وكراسي البلاستيكية.. وكان جدي يأخذ مفتاح السجن معه. كانت العائلة تزوره في تلك الأيام وهو في سجنه بشكل يومي. فيأتي صدام حسين والد السجين، ووالدته وأمي، وخطيبته في تلك الأيام وهي هوازن؛ ابن صديق جدي عزت إبراهيم الدوري، والتي كان لها ولأسرتها معنا موقف طيب في أيامنا الأخيرة في العراق. كانت العائلة تجلس لديه لمدة ساعة أو ساعة ونصف ثم تغادر.  وكثيراً ما كان جدي يفرش سجادة الصلاة الخاصة به في زنزانة عدي ويصلي هناك. كان عدي يطلب من البنات الثلاث( والدتي، وخالتي رنا، وخطيبته) أحياناً أن يقمن بغسل ملابسه أو تنظيف زنزانته. كانت العائلة كلها تزوره بين فترة وأخرى وتتناول العشاء معه. وقليلاً ما تجيء الخالة لمى زوجة خالي قصي. امر جدي بفتح تحقيق وتشكيل لجنة لاتخاذ القرار بشأن ما حدث، ومنع عنها أي ضغوطات. وأوصى أعضاء اللجنة باتخاذ الأجراءات القانونية المعتادة. مباشرة، طلب جدي قرار اللجنة، وقام بالمصادقة والتوقيع عليه. عرفت جدتي أن جدي جاد. وسيقوم بتطبيق القرار على خالي كما يطبق القرار على أي شخص آخر. ورفض جدي تنازل أولياء الدم لكي لا يقال انهم تنازلوا  خوفاً. بدأ جدي يتململ من كثرة الوساطات، ووصل به الأمر الى سؤال شيوخ القبائل المقبلين عليه عن سبب زيارتهم ومصارحتهم من البداية: إذا جايين علمود عدي.. فهو غير قابل للنقاش..
عندها، قامت جدتي بخطوه ذكية، وهي تعرف عمق العلاقة  في ذلك الحين بين جدي صدام والملك حسين بن طلال رحمه الله ملك المملكة الأردنية الهاشمية، فقامت بالاتصال به في عمان هاتفياً، وطلبت منه القدوم بشكل عاجل. وفعلاً، جاء الملك حسين بسرعة، وطلبت منه التوسط لدى جدي.. كان جدي يحب الملك، وقد خص العراق منذ مدة راتباً ثابتاً للعائلة المالكة الأردنية، بالإضافة أشكال مختلفة من الدعم. وبدهائه المعروف، بدأ الملك حسين بزيارة عائلة حنا لتطييب خاطرهم، وفهم منهم أنهم أصلاً لم يرفعوا دعوة بشكل رسمي. ثم ذهب إلى جدي، وطلب منه بالطريقة العربية التقليدية ألا يرده خائباً في مطلبه ووافق جدي. وكان طلب الملك من جدي أن يقبل بالاحتكام الى الشرع والدين وتنازل أولياء الدم؛ وخاصة أن أهل القتيل لم يرفعوا دعوة ضد خالي عدي.. بل أن أفراد عائلة حنا ‏ جاووا بكبارهم وقسيسهم، وظهروا على شاشات التلفاز العراقية وهم يقولون إن ما حدث كان قضاء وقدراً. واكدوا لجدي أثناء اللقاء أن له أفضالاً كبيرة عليهم، وهذا سبب كاف لتنازلهم على حد قولهم وحسب. وقد دفع الملك حسين لتوجيه القضية على أنها قتل بالخطأ. انتهت القضية، ولكنها ألقت- كما حدث في قضية خطوبة خالي عدي- بظلالها على حياة خالي وعلى علاقته بجدي."
ويكمل برزان التكريتي "بقي في الرضوانية ثلاث أسابيع بعدها خرج، ومعروف كيف وجه وزير العدل، الذي كان على ما أعتقد اكرم عبد القادر الدوري رسالة للرئيس كلها نفاق ودجل وبعد عن الحق والقانون الذي هو حارس عليه ولحمايته، بعد فترة من خروجه حصلت له مشكلة مع عامل بدالة القصر وقام بضربه، مما أزعج الرئيس وحصلت مشكلة وقمنا بمعالجتها أيضا، ولكن الذي الاحظه أن الرئيس منزعج محرج وحيران بطريقة التعامل مع ابنه.. بعد أيام من حصول المشكلة مع عامل بدالة القصر قام بضرب ضابط أمن يعمل في القصر مع حسين كامل، كان على ما يبدو دور في متابعة عدي ومراقبة تلفونه.. إلخ مما أدى إلى شق في راس هذا الضابط لأن عدي ضربه بقبضة المسدس. فهنا غضب الرئيس وقال أن هذا التصرف وصل إلى حد لا يمكن السكوت عليه، لأن عدم معالجة هذا الوضع سوف يجعل الحمايات والحراسات... الخ لا تقوم بواجباتها.. في هذه المرة شعرت أنني شبه عاجز عن تهدئة الأمور لان عديلة يريد أن ينهي الأمور ولا على تهدئتها، الذي قمت به هو الاتصال مع حامد حمادي الذي كان سكرتير الرئيس  في ذلك الوقت طالبا منه لا يسمح له لهذا الضابط من الدخول للرئيس لحين ما نرتب الأمور، ولكنه أخبرني أن حسين كامل وقصي طلبوا منه أن يسمح لهذا الضابط بالدخول الى الرئيس ليشاهده بدماءه، وهو الآن في غرفة الرئيس يعرض تفاصيل ما حصل.. اتصلت من بيت الرئيس، لأن أم عدي اتصلت بي طالبة مني الحضور  وقالت حدثت مشكلة جديدة... عدت إلى الغرفة التي كانت زوجة الرئيس وابنها عدي يجلسون بها وأخبرتهم بما حصل، وقلت لهم توجد عناصر في العائلة تحاول استغلال الوضع لاهداف خاصة بها، فقالوا من هم  فذكرت لهم أن الضابط دخل للرئيس بطلب من حسين كامل وقصي من السكرتير بادخاله... اليوم الثاني اتصل بي الرئيس طالباً مني الحضور إلى مكتبه في بناية المجلس الوطني كان الوقت بحدود العاشرة صباحا.. قلت له سوف أحضر بعد ترتيب نفسي، قال لا تستعجل لأني انتظرك.. وصلت مكتب الرئيس بحدود الحادية عشر والنصف، قال لي حامد حمادي أدخل لأن  الرئيس ينتظرك..
 دخلت وسلمت عليه، قال لي اجلس، بعد أن جلست بحدود عشرة دقائق قال الرئيس أنه لم يستطيع النوم طيلة الليلة الماضية لانه يفكر كيف يتصرف مع هذا المجنون، يقصد إبنه عدي، واضاف إذا  بقى هنا وعلى هذا الوضع سوف يدفعني إلى قتله، قلت له طول بالك لا يوجد شيء ليس له حل، فقال أنه اهتدى الى فكرة مفادها أن يذهب عدي إلى خارج العراق وفكر أن يرسل سبعاوي معه وبعد أن يتم تعيينه سفيراً في البلد الذي يقع عليه الاختيار، واضاف ولكنه وجد أن سبعاوي لا يستطيع أن يسيطر على عدي، لذلك طلب لقائي لمعرفة رايي بفكرة ذهابي بدلا من سبعاوي.. وعلى الفور قلت له ليس هناك مانع لأني فعلا كنت أرغب رغبة مخلصة من مساعدته من الخروج من ذلك المأزق.
 والسبب الآخر لأننا، شجرة الدر وانا، نتطلع الى مثل هذه الفكرة منذ زمن بعيد.. فلاحظت علامات الأرتياح عليه، فقال الى اية دولة ترغب أن تذهب، وقلت له إنكلترا أولا وسويسرا ثانياً، قال لماذا إنكلترا، قلت له بسبب اللغة لأن عندنا خلفية  باللغة الإنجليزية وكذلك مفيدة للأطفال عندما يتقنون اللغة الإنكليزية. قال سويسرا هي الأفضل واضاف بصراحة أنا لا يثق بعدي وإنكلترا مليئة بالمعادين وممكن أن يخون لأن عدي عنده الاستعداد للخيانة. هذا ما قاله بالحرف.. قال انه يعمل كل شيء وقال هل تعرف أن اصدقائه اللذين تم اعتقالهم قالوا أن عدي سلم لهم ثلاثة ملايين دينار كان يحتفظ بها في قصر القادسية لدفع مقدمة لكمية من الويسكي لبيعها. هل تصدق ذلك أن ابني يتاجر بالويسكي  لم اعقب بشيء..قلت له طيب لتكن سويسرا."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق