الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025

تسجيلات صدام حسين السرية ١٠ اجتماع بعد صدور القرار ٦٧٨ الذي أجاز استخدام القوة العسكرية لتحرير الكويت

 


عُقد هذا الاجتماع بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم ٦٧٨ في ٢٩ تشرين الأول ١٩٩٠، والذي أذن للدول الأعضاء المتعاونة مع حكومة الكويت، في حال عدم تنفيذ العراق قبل ١٥ كانون الثاني ١٩٩١ للقرارات السابقة تنفيذًا كاملًا كما ورد في الفقرة الأولى من القرار، باستخدام جميع الوسائل اللازمة لدعم وتنفيذ القرار ٦٦٠ (١٩٩٠) وجميع القرارات اللاحقة ذات الصلة، وإعادة السلم والأمن الدوليين إلى نصابهما في المنطقة.

في بداية التسجيل كان المتحدث طه ياسين رمضان، والذي عقد مقارنة بين إيران بوصفها خصمًا خاض العراق معها حربًا طويلة غرق فيها الطرفان بدماء بعضهما البعض، وبين الخصم الجديد الذي اختار الرئيس مجابهته، وهو الولايات المتحدة مع جميع حلفائها. وقال رمضان إنه يستسهل الحرب مع أمريكا لأنها لا تشترك بحدود مع العراق، وأن المقاتل الأمريكي – برأيه – ليس كالمقاتل الإيراني، يقصد من حيث الشدة، كما اعتبر أن المقاتلين السوريين والمصريين لن يقاتلوا. ووصف المواجهة المقبلة بأنها ستكون حربًا قومية مثالية ونموذجية، وذكر أنه يشك في أنهم سيقاتلون، لكن إن حصل ذلك فستكون مصيبة عليهم – أي على الأمريكيين – مؤكداً أنه لا يبالي إن استمرت الحرب ثلاث سنوات. ثم استخفّ كل من الرئيس صدام حسين وطه ياسين رمضان بقدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في حرب طويلة. وذكر رمضان أن وجود القوات الأمريكية في السعودية سيكون عبئًا عليها، وأن وجود هذه الأعداد – حتى لو زادت – سيؤدي إلى تقوية العراق وطنيًا، وأن الشعب العربي سيطرد هذه القوات كما حصل في عهود الاحتلال الأجنبي السابقة. وأضاف أن هذا القرار لن يكون تأثيره كبقية قرارات مجلس الأمن، وأن للعراق مؤيدين في دول العالم، وأن هناك أشخاصًا بدأوا بجلب الدواء والغذاء للعراق. عدا وقوعه في خطأ عقد المقارنة ما بين إيران، دولة من دول العالم الثالث، والولايات المتحدة، صاحبة ترسانة هائلة من أحدث الأسلحة التقليدية والنووية، والدولة الأولى تكنولوجيًا في العالم، فقد تصوّر رمضان أن مجموعة أشخاص تدعو للسلام، سواء كانوا في أوروبا أو أمريكا، يمكن أن تثني الولايات المتحدة عن تصميمها على إخراج العراق من الكويت، بعد أن ضغطت دبلوماسيًا على أعضاء مجلس الأمن لإصدار قرار لم يصدر في تاريخ الأمم المتحدة، وهو قرار استخدام القوة العسكرية لإجبار العراق على الانصياع لكافة قرارات مجلس الأمن. سأل سعدون حمادي الرئيس عن استخدام النفط لحجب رؤية الطائرات، فأجاب الرئيس بأن التجربة ناجحة في حجب الرؤية، وأضاف إلى ذلك حرق إطارات السيارات القديمة وحتى بعرور الأباعر! باعتبارها وسائل لمجابهة الصواريخ الحرارية عبر حرفها عن مسارها، وطلب تنفيذ ذلك في جميع أنحاء القطر. ويبدو أن هذه هي “التكنولوجيا العراقية” التي قيل إنها ستواجه الأمريكيين. ففي اليوم نفسه، التقى الرئيس مجموعة من الشباب العربي، وورد في حديثه معهم: «يبدو أن بعض المسؤولين الأمريكيين متأثرون بأفلام رامبو، وأفلام رامبو مجرد أفلام تُعرض في التلفزيون والسينما ولا تُطبق على الأرض العراقية. قاموا بمبالغات كثيرة وكأنهم يتحدثون مع شعب لا يعرف القتال. كالطائرة التي سموها “الشبح” ويقولون لا يستطيع أحد رؤيتها، بينما نحن نراها بوضوح عندما تأتي، ولا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لرؤيتها. ونحن لا نريد الحرب ونتمنى ألا تقع، لكن إن أراد الله أن تحصل فسيرون أن هذا الشبح يراه حتى راعي الغنم في الصحراء، ويراه أيضًا بالتكنولوجيا العراقية، وسيسقط كما تسقط أي طائرة معتدية تريد إذلال الأمة والشعب. إن إخوانكم هنا لا يخلون من تكنولوجيا لمواجهة التعقيد الغربي، ولكنهم في الوقت نفسه يعتمدون على البساطة، حيث يحملون قليلًا من التراب ويذرّونه في عين هذه التكنولوجيا المتطورة فتعميها ولا تعود ترى». ثم أضاف علي حسن المجيد أن الدخان سيكون الحاجب الذي يمنع الصواريخ من إصابة أهدافها، وطلب الرئيس تنفيذ ذلك في جميع المنشآت الحيوية. اقترح سعدون حمادي أن تكون لهجة بيان القيادة تجاه الاتحاد السوفيتي وفرنسا مختلفة عن اللهجة تجاه الولايات المتحدة، وأيد ذلك محمد حمزة الزبيدي، الذي طلب أيضًا من الرئيس الاهتمام بأمنه الشخصي، ودعا إلى توجيه ضربات شديدة لحكام السعودية والخليج عند وقوع الحرب. أضاف طارق عزيز أن الأمريكيين منزعجون من ثبات العراق وإجابات الرئيس في مقابلاته الصحفية، وطلب الانتباه إلى تدابير الدفاع المدني عند وقوع الحرب، وهو ما أيده الرئيس. كما أيد طارق عزيز فكرة إقامة مؤتمرات شعبية خارج العراق لإظهار الدعم، وذكر أنه من المهم أن يعرف الأمريكيون أن الحرب ستكون طويلة، وأن تكون هناك استعدادات في حال استهداف الكهرباء والاتصالات. وقال وهو يضحك إن هذا القرار ليس له مثيل، واعتبر أن الجزء الأكبر منه يهدف إلى إرهاب العراق. ثم تحدث طه محيي الدين معروف واقترح تعبئة إعلامية عبر التلفزيون، كما اقترح تحريك الدول العربية الأعضاء في مجلس الأمن لشجب القرار. وبعد أن صحح طارق عزيز له بأن هذا القرار لا مثيل له لأنه أجاز استخدام القوة العسكرية من قبل دول، علّق الرئيس صدام بأنه سيطالب بتخويل العراق سحق القوات الأمريكية إذا لم تنسحب! ثم ذكر الرئيس ما قاله أمام الشباب العربي، واصفًا كلامه بأنه كان: «يصنّف عليهم، ثم صعدت قوي، ونكعناهم ليجدام!». ثم طلب عبد الغني عبد الغفور أن يعلن العراق أنه سيستخدم كافة الأسلحة منها الكيمياوي. فذكر الرئيس أنه لديه سلاح كيمياوي قدرته ٢٠٠ مرة من الأسلحة التي استخدمت ضد ايران. ولديه أيضاً أسلحة جرثومية ٤٠ سنة تقضي على الأرض التي تقع عليها. فعلق عزت ابراهيم اذا اذونا نضربهم أنعل أبو العرب. يبين هذا الاجتماع أن ما قيل علنًا عن أن طائرة الشبح يراها راعي الغنم، وأن حفنة من التراب يمكن أن تمنع الطيار من ضرب أهدافه، كان مطابقًا لما دار داخل الغرف المغلقة. فالدخان، وحرق الإطارات، وحتى بعرور الأباعر، كانت تُطرح فعليًا كخطط لمجابهة طائرات الشبح وصواريخ كروز. كان هناك فارقاً كبيراً بين كلام الأعلام والغرف المغلقة عن القدرة العراقية الحقيقية، فارقاً كان كارثياً على العراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق