الاثنين، 22 ديسمبر 2025

حرق نفط وتايرات قديمة وبعرور أباعر لمواجهة طائرات الشبح وصواريخ كروز, تحضيرات المواجهة في أم المعارك

 


هذا مقطع من تسجيل الاجتماع المشترك لمجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية، المنعقد بتاريخ ٣٠ تشرين الثاني ١٩٩٠، وهو الاجتماع الذي صدر في ختامه بيان نُشر في جريدة الجمهورية بتاريخ ١ كانون الأول ١٩٩٠، وجاء فيه:

«إن القرار الذي صدر عن مجلس الأمن يوم الخميس التاسع والعشرين من تشرين الثاني هو قرار غير شرعي وباطل؛ إنه قرار أمريكي أولاً وأخيراً، ولم تشارك فيه مجموعة من الدول إلا تحت الضغط الأمريكي، في مرحلة تمارس فيها الولايات المتحدة أعلى درجات الهيمنة والغطرسة على المجتمع الدولي بعد التطورات الأخيرة في الوضع الدولي. إن الله مع العراقيين المؤمنين النشامى، ومعهم أمتهم العربية، ومعهم المسلمون من كل أصقاع الأرض، وكل الخيرين من محبي السلام والعدالة في العالم. وإذا ما ركب الأشرار رؤوسهم واتجهوا إلى العدوان، فإن هذا الجمع الخيّر في أرض العرب وفي أنحاء عديدة من العالم سيبرهن، إن شاء الله، أن الحق والعدالة والسلام هي التي سترتفع في هذه المنطقة وفي العالم كله. وستنتكس راية الإدارة الأمريكية وجمع الأشرار من خدمها وحلفائها الملطخة بالجريمة والعار، وسيُسحق في لظى المعركة الأقزام، وخاصة نظام فهد الخائن الذي جعل أرض المقدسات التي يتحكم بها منطلقًا للعدوان على العراق. وإذا كان المجرمون القابعون في دهاليز البيت الأبيض والبنتاغون يحسبون المنازلة على أساس الحسابات الفنية النظرية، فإن العراق والعراقيين، ومعهم كل العرب والمسلمين، سيقلبون تلك الحسابات الخائبة رأسًا على عقب، وسيثبتون في ساحة المنازلة أن الحق ينتصر على الباطل، وأن الإيمان يغلب الكفر، وأن الشرف يفوز على العار والفساد، وأن الله مع المؤمنين. والله أكبر… ما أعلى شرف الجهاد في سبيل الله وفي سبيل الحق والكرامة. والله أكبر، وسيخيب جمع الأشرار، وينتصر جمع الإيمان والحق». وفي افتتاحية جريدة الجمهورية في ذلك اليوم ورد ما يلي: «ولّى زمن الضعف والتردد بانبثاق قوة العراق، المسيَّجة بإيمان العرب والمسلمين والأحرار ومساندتهم، وهي القوة العصرية المتطورة ذات الخبرات العميقة في مواجهة أي نوع من التحدي يُفرض عليها، معتمدة قبل كل شيء على مشروعية القضية التي تنهض من أجلها، وأحقية الموقف الذي اختارته، ونبل القيم التي تدافع عنها. ولذلك فإن من يناطح العراق يختار أن يهشم جمجمته بنفسه، وسيعرف الذين يلوحون بالتهديد والوعيد أن الهزيمة التي ستلحق بهم ستكون بحجم التحدي الذي فرضوه، وبحجم قوة من ينتفض ضد الظلم والجور والاستعلاء. وستتناثر في سماوات العرب وبحارهم وأراضيهم جماجم كل من يتورط في العدوان على العراق، وسينزل القصاص بأولئك الذين مهدوا للعدوان وروّجوا له وشجعوا عليه وقدموا الأغطية له». إن الاستماع إلى ذلك الاجتماع المغلق بعد خمسةٍ وثلاثين عامًا يترك المستمع أسير مزيج من الدهشة والضحك المرّ والحزن والغضب، حين يتبيّن أن «خطة» مواجهة طائرات الشبح وصواريخ كروز الأمريكية لم تتجاوز حرق النفط، وإشعال الإطارات القديمة، وبعرور الأباعر؛ وهي وسائل لا تبدو، وفق أي منطق عسكري أو واقعي، قادرة على تحقيق ما وعدت به لغة البيانات والافتتاحيات من تهشيمٍ للجماجم وتناثرها في سماوات العرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق