الثلاثاء، 20 مايو 2025

الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة..٩

الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة..٩


قمع انتفاضة الحلة


"‏برقية من أبو ثائر (الفريق طالع ارحيم الدوري) إلى أبو نادية (طه ياسين رمضان)/ أبو فراس (الفريق صابر عبد العزيز الدوري)
‏رسالتنا ١٩ في ٣/١٩ المجرم عميد ركن متقاعد محمد حسن وتوت أوقف من قبلنا يوم  ١١ ‏/٣ وبعد التحقيق ‏والإدانة تم تنفيذ حكم الإعدام بحقه في ٣/١٨".



عن قمع الانتفاضة في الحلة ذكر وفيق السامرائي في كتابه "حطام البوابة الشرقية" "جرى أستدعاء الفريق الركن ماهر عبد الرشيد التكريتي، والد زوجة قصي أبن صدام، والفريق الركن طالع الدوري لقيادة الهجوم من اتجاه الشمال، لاستعادة الحلة بالتعاون مع رتل الجزراوي من الجنوب. وفوجئنا بالفريق ماهر يبكي ويلطم على رأسه ووجه ويصيح: ليش هيجي سوه بالعراق" وبعد توقفه عن النحيب ذهب الى الحلة ولم يجرؤ على التقرب منها".
تفاصيل أكثر عن قمع الانتفاضة في الحلة وردت في كتاب الزلزال للعميد نجيب الصالحي حيث ذكر" لأهمية مدينة الحلة وما حولها حيث تعد المفتاح الرئيس لمحافظات الفرات الأوسط، كان رد فعل النظام سريعاً لاستعادة السيطرة عليها. وبهذا الصدد، يمكننا التأكيد على مسألة مهمة وهي أن المحافظات التي حصلت فيها انتفاضات كبيرة مثل القادسية وذي قار والنجف تمتعت بقسط معين من الاستقرار النسبي تمكن الثوار فيه من تكوين وبلورة قيادات لهم وبدرجات متفاوتة من محافظة إلى أخرى بسبب كون تلك المحافظات بعيدة نسبياً عن بغداد وعن خطوط التماس معها وهذا الأمر لم يكن متوفراً في مدينة الحلة القريبة من بغداد ولم يحدث إلا بعد حين.
في فجر الخامس من آذار، شرع النظام بإرسال تشكيلاته العسكرية لمحاصرة المدينة والبدء في عمليات القصف التمهيدي الكثيف والذي أخذ ينصب عشوائياً على كافة أنحاء المدينة محدثاً خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والمباني، ومن الأحياء السكنية التي تعرضت لعمليات القصف (حي الثورة، حي الإمام، حي الطيارة، حي ١٧ تموز، حي الجامعيين، حي الأكراد، حي نادر، حي الفقراء، حي البكرلي، حي الجمعية.)
استمر القصف حوالي ثلاث ساعات، بعدها تقدم رتلان من التشكيلات المدرعة مسندة بالمدفعية والطائرات المروحية، الأول على طريق بغداد- الحلة والثاني كربلاء - الحلة، ودارت معركة ضارية بين الطرفين استعملت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة من قبل قوات النظام وكانت الاشتباكات مزيجاً من قتال المدن و الشوارع والغارات ومن سطوح الأبنية والبيوت والبساتين وكذلك انتهاج أسلوب الغارات ليلاً واستعمال الدراجات النارية. هذا ما يخص قتال الثوار، إما تشكيلات الجيش فكان يغلب على طبيعة أداءها القتالي الأسلوب التقليدي في الهجوم واتخاذ المواضع الدفاعية، ورغم التباين في قوة الطرفين من حيث العدة والعدد والذي أوجد حالة من اللاتوازن، لم تتمكن التشكيلات العسكرية المهاجمة إلا من احتلال جزء صغير في الطرف الغربي من المدينة أقامت فيه موضعاً دفاعياً على شارع (٦٠ ) بسبب المقاومة الشديدة والصمود الذي أبداه الثوار!
في هذه الأثناء، انسحب الثوار إلى داخل المدينة وأطرافها نتيجة الضغط المتزايد عليهم .. بعد ذلك حاولت التشكيلات العسكرية اقتحام المدينة، ولم تفلح ..وأعادت المحاولة ثانية ولم تستطع الدخول أيضا، وظلت تكرر محاولاتها الفاشلة مرات عديدة، بعدها اضطرت إلى البقاء في موضعها الدفاعي واستمرت بالقصف المدفعي وبالدبابات على الأحياء السكنية الذي أحدث تدميراً كبيراً لمساكن المواطنين وخسائر بالأرواح مما اضطر بعض المواطنين إلى النزوح من المدينة إلى مناطق أخرى، في الوقت ذاته، استمرت الفعاليات البطولية لشباب الانتفاضة التي اتسمت بالجرأة والاندفاع مما أفضى إلى اتساع رقعة المشاركة من قبل المرأة والتي كانت لها إسهامة فعلية وبمختلف الواجبات بما فيها القتالية وكان بعضهن يحملن السلاح ويشاركن في القتال حيث استشهدت إحدى النساء أثناء المعارك إضافة إلى قيامهن بالتشجيع والتحفيز ورفع المعنويات من خلال الزغاريد والأهازيج والقيام بتهيئة مستلزمات المعالجة الطبية وإعداد الطعام وجلبه إلى المقاتلين الثوار!"
"استمر الحال بين الطرفين المتقاتلين خمسة أيام، حاولت فيها القوات النظامية اجتياح المدينة وإحكام السيطرة عليها في عدد من المرات وباستخدام أساليب قتالية متنوعة وبأحجام مختلفة ، لكنها لم تتمكن من إحراز تقدم ملحوظ في المعارك الدائرة، ويعود السبب إلى طبيعة القتال الدائر بما يعرف (بقتال المدن) حيث اختلطت المواقع من جانب لآخر، فأحيانا ترى محاولة من قوات النظام التقدم برتل دبابات أو فصيل ناقلات أو جنود مشاة لاحتلال موقع معين أو بناية قريبة أو ساحة فتفشل تلك المحاولة وتعاد ثانية وتفشل وعلى اثر ذلك منيت فيه قوات النظام بخسائر فادحة بأفرادها وآلياتها ومعداتها مما أضطرها إلى القيام بتبديل تشكيلاتها بقطعات جديدة ورفدها بتعزيزات إضافية لحسم الموقف في المدينة. وبالنظر لمحدودية الأسلحة والأعتدة المتوفرة لدى الثوار، والنقص الكبير في القضايا الإدارية والفنية، وعدم تمكن بعض القيادات من السيطرة والإدارة بالشكل الصحيح وتدمير المدينة جراء القصف المدفعي، اضطر شباب الانتفاضة إلى الانسحاب من داخل المدينة نحو الأطراف الجنوبية والشرقية كان ذلك يوم التاسع من آذار حيث باشرت القطعات العسكرية باجتياح المدينة والتوغل فيها وبالتالي إحكام السيطرة على أغلب أحيائها. في هذا الوقت، تمركز الثوار في الأحياء السكنية الواقعة شرق وجنوب المدينة وهي، حي نادر، الحي الصناعي، حي الفقراء، والضواحي القريبة منها. وبالرغم من الخسائر، إلا أن الفعاليات التعرضية للثوار كانت مستمرة والاشتباكات تحدث هنا وهناك، إلا أن قوات النظام أخذت تزيد من حجم قطعاتها وتعزيزاتها واستخدامها الطائرات المروحية التي كانت تحلق فوق سماء المدينة محدثة تأثيراً واضحاً على ساحة القتال، لكن معنويات الثوار كانت عالية ونشاطهم المسلح مستمر وقد تجسد ذلك بقيامهم بفتح نقطة سيطرة على الشارع العام حلة - ديوانية في المدخل الجنوبي للمدينة لا يبعد عن نقطة سيطرة قوات النظام سوى مسافة (٣٠٠- ٤٠٠ م ) ونتيجة للضغط العسكري المتواصل لتلك القوات والنقص الواضح في مواد التموين، أضطر الثوار يوم ١١ آذار إلى الانسحاب والخروج من المدينة نهائياً والتوجه إلى القرى المجاورة والى مدينة القاسم الواقعة جنوب الحلة على بعد ٣٥ كم حيث انضم قسم من شبابها إلى ثوار الانتفاضة.
يذكر، أن المشرف المباشر على العمليات العسكرية في قاطع محافظة بابل كان طه ياسين الجزراوي وقائد العمليات الميدانية طالع رحيم الدوري، أما القطعات المشتركة في الهجوم فكانت تضم تشكيلات من الحرس الجمهوري و الحرس الخاص وفرقة المشاة الرابعة وقطعات أخرى."
"كانت عمليات التنسيق و التشاور متواصلة بين ثوار بابل والقادسية وقد تأكد هذا الأمر من خلال الزيارات المتبادلة بين قيادتيهما والذي أدى بعد ذلك إلى توحيدهما واتفاقهما على الشروع بهجوم موحد وواسع لاستعادة مدينة الحلة، كذلك تزويد ثوار بابل ببعض الأسلحة والأعتدة المتيسرة في المخازن العسكرية. وفي إطار التشاور بين قيادتي الثوار في المحافظتين، عقد اجتماع مصغر في مدينة القاسم تم الاتفاق فيه على اتخاذ قرار يثبت فيه التوقيت المناسب لبدء الهجوم المقابل من قبل الثوار لاستعادة مدينة الحلة والاتفاق على مواصلة التقدم باتجاه بغداد بعد العمل على إكمال نواقص آليات الرتل المدرع الذي كان مسؤولاً عنه المقدم الركن محمد علي غني ."
وعن محاولة استعادة الحلة ذكر الصالحي "تم اتخاذ قرار الشروع بهجوم موسع لاستعادة الحلة من أيدي القوات النظامية يشترك فيه الثوار من أبناء بابل والقادسية وقد حدد القرار آلية التحرك والأسلوب الذي يتم فيه التنفيذ وأشار القرار إلى أن القاسم ستكون نقطة التحرك في يوم محدد وساعة محددة وقد تم وضع الخطط اللازمة لجمع المعلومات وإرسال عدد من دوريات الاستطلاع إلى المدينة والمناطق المحيطة بها لمعرفة قوة وحجم القطعات العسكرية وأماكن تواجدها ومواقع المدفعية وشقق السمتيات ونهج الدوريات والكمائن وتم الحصول على نتائج إيجابية ومعلومات دقيقة تم بموجبها تهيئة القوة اللازمة ووضعت خطة الهجوم التي تضمنت الآتي:
الهجوم الموسع على القطعات والتشكيلات العسكرية في الحلة بقصد تحريرها وبصفحتين:
الصفحة الأولى: تبدأ عند الضياء الأول ليوم ١٥ آذار ٩١، وتنفذها قوة تتكون من مقاتلي بابل والديوانية والسنية لاحتلال المناطق التي تقع في جنوب المدينة والسيطرة على المقرات الرئيسية فيها كما تتضمن فرز قوة خاصة مهمتها التدمير أو السيطرة على الطائرات السمتية.
الصفحة الثانية : تبدأ حين الانتهاء من تنفيذ مهمة الصفحة الأولى ويقوم بتنفيذها أبناء عشائر القادسية بعد الضياء الأول لذلك اليوم ويكون واجبهم استثمار النجاح وإحكام السيطرة على المدينة."
"قبل الشروع بالانطلاق من منطقة التجمع في القاسم، قام رئيس اللجنة العسكرية بجولة تفقدية استطلع فيها أوضاع المقاتلين الثوار واحتياجاتهم من أبناء العشائر لتشجيعهم وتدقيق مستلزمات المعركة وفحص الاحتياجات والنواقص ولاسيما الأسلحة والأعتدة، واثناء التفتيش لاحظ رئيس اللجنة العسكرية بعض الشباب من الثوار من غير سلاح وكانوا متأهبين للذهاب مع القوة المهاجمة، وعند السؤال عن عدم امتلاكهم أسلحة،أجابوا : بأن أسلحتهم موجودة أمامهم في الحلة .. ! وعند مطالبتهم التوضيح، قالوا : أن الأسلحة التي تم توزيعها لم تعد كافية للجميع، وعليه، فأنهم سيشاركون في المعركة، وأكدوا، انهم سيحصلون على الأسلحة كغنائم عندما يبدأ القتال هناك، وكان هؤلاء الشباب يتحدثون بثقة وشجاعة عالية.. لكن القيادة لم تقبل مشاركتهم ضمن القوة المهاجمة في بادئ الأمر، ولكنهم أصروا على ذلك مؤكدين تحملهم المسؤولية .. ونزولاً عند رغبتهم تمت الموافقة وكان لهم ما أرادوا.."
وعن سير المعركة يستمر الصالحي "بالساعة العاشرة ليلة ١٥/١٤ آذار، وصلت إلى مقر القيادة في القاسم (منطقة الاجتماع) قوة مؤلفة من حوالي مائة مقاتل من أبناء مدينة الديوانية والسنية بقيادة العميد توفيق الياسري إضافة إلى مقاتلي محافظة بابل الذين كانوا متهيئين للقيام بالواجب. تحقق عقد الاجتماع بحضور عدد من الضباط لمناقشة الخطة وإجراء أية تغييرات إن وجدت، وهم العقيد الركن عامر مخيف الجبوري والمقدم الركن جعفر وتوت، الذي أصر على قيادة الهجوم كونه من أهالي مدينة الحلة والملازم الأول ميثم وتوت والعميد توفيق الياسري وآخرون وقد استمر الاجتماع من الساعة الواحدة صباحاً حتى الرابعة والنصف فجر يوم ١٥ آذار بعدها تم الانتهاء من عملية تدقيق المقاتلين والعمل على إكمال نواقصهم وإجراء الايجازات النهائية.
بالساعة الخامسة والنصف صباحاً، تحركت القوة المكلفة بالهجوم وهي محمولة بالعجلات من مدينة القاسم باتجاه الحلة برتل يضم ٢٠ عجلة مختلفة وباص ركاب كبير، ريم،OM ، عجلة حمل، بيك آب، سيارات صالون صغيرة، جميعها تعود للمواطنين والبعض من الثوار المشاركين.
في الساعة السادسة صباحاً، اصطدمت القوة المهاجمة للثوار بكمين عسكري حكومي على مسافة تقدر بـــ ١٠ كم عن مركز المدينة تمكنت القوة من معالجة الكمين والقضاء على عناصره، بعد ذلك استمرت بالتقدم بالرغم من أن هذا الحادث سبب بعض التأخير في توقيتات الهجوم المتفق عليه.
في الساعة السابعة صباحاً، فتح مقر القوة المهاجمة للثوار في طرف المدينة وبدأت بذلك عملية تنفيذ الصفحة الأولى حيث جرت معركة شديدة في معظم مواقع ومناطق المدينة التي اتخذت منها القطعات العسكرية مواقع لها وكانت نتيجة هذه المعركة أن تمكنت قوة الثوار من اجتياح المواقع الأمامية بعد أن تكبدت التشكيلات العسكرية خسائر بالأرواح والمعدات واسر العديد من الضباط والجنود.
في هذه الأثناء، ساد الارتباك والذعر قوات النظام مما خلق لديهم حالات من الفوضى والتشتت واستمر القتال بين الطرفين فترة وجيزة استطاع الثوار رغم قلة عددهم وعدتهم من التغلغل إلى مركز المدينة والسيطرة على شوارعها وبعض المواقع المهمة فيها.
في الساعة العاشرة صباحاً، قامت قوات النظام بهجوم مقابل استخدمت فيه القطعات المدرعة والطائرات المروحية مسندة بقصف مدفعي مركز حيث تمكنت الطائرات من تدمير مقر قوة الثوار الذي استقر في بداية تنفيذ الصفحة الأولى على الطريق العام قرب المدينة بمسافة خمسة كيلو مترات في بناية عامة وأسفر هذا الهجوم عن إصابة المقدم الركن جعفر وتوت والملازم الأول ميثم وتوت إصابات خطيرة أدت إلى استشهادهما في الحال، كما جرح العميد توفيق الياسري وفي حينها كانت القيادة موزعة على آمري المجموعات إذ لم تتوفر وسائل اتصالات.
في ذلك الوقت، وصلت الى مدينة القاسم طلائع قوة الصفحة الثانية حيث التقى العقيد الركن عامر مخيف الجبوري مع الشيخ حسين علي الشعلان والعميد الركن عبد الأمير عبيــس، والشيخ جليل آل جبارة، والشيخ كاظم الدانة، والشيخ حسين آل رباط، وبعد قليل، تم استئناف التقدم بالعجلات وباتجاه مدينة الحلة على شكل رتل طويل يعد بأكثر من مائة عجلة كبيرة محملة بالأشخاص والأسلحة الخفيفة والمتوسطة وبعض الهاونات والرشاشات الثقيلة.
أصبح هجوم الثوار مكشوفاً لدى قوات النظام التي بدورها أخذت تواصل استعداداتها للتصدي له وسار الرتل متوجهاً نحو المدينة وعلى بعد ٥ كم منها، أعطي أمر الترجل من العجلات والانفتاح بتشكيل المعركة وحسب تسلسل العشائر بأفرادها وكان كل شيخ عشيرة يعد آمراً على مجموعته وكان كل ذلك قد تم من خلال الإيجاز الذي اعد قبل التنفيذ. ورغم صعوبة الظروف وفقدان وسائل الاتصال مع آمري المجموعات فقد استخدمت الإشارات كبديل وكان الوقت يمر سريعاً ووجوه الثوار تطفح بمعاني الفرح والبسالة والمعنويات العالية.
وفي الساعة العاشرة والنصف، باشر الثوار بالتقدم وعند الوصول إلى أطراف المدينة فتحت النار من قبل قوات النظام حيث تحركت الدبابات والمدرعات المتواجدة على أبواب المدينة وأخذت الطائرات السمتية بالتحليق وبدأ القصف المدفعي الثقيل والمركز وهكذا بدأت المعركة بين الطرفين. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها الثوار في تلك اللحظات من ملاحقة الطائرات المروحية لهم حيث كانت ترصدهم وتحاول مشاغلتهم، إلا أن القوة المهاجمة وبجزء منها حاولت الدخول إلى المدينة والتغلغل فيها، حينها قامت قوات النظام بتعزيز قدراتها القتالية بإضافة تشكيلات مدرعة جديدة وتكثيف الإسناد المدفعي بعيد المدى الذي كانت قذائفه تنطلق من معسكر المحاويل. استمر القتال إلى الساعة الثانية بعد الظهر، حيث أخذ الوضع يميل إلى صالح القوات الحكومية مما اضطر قوة الصفحة الأولى من الانسحاب والخروج من المدينة، في الوقت ذاته شوهد رتل من الدبابات يتحرك على الطريق العام باتجاه الجنوب لقطع الطريق ومنع الثوار من كسر الطوق الذي بدأت تفرضه القوات العسكرية عليهم، لكنهم تمكنوا من التجمع في أطراف حي نادر الواقع جنوب المدينة حيث تم تبليغهم من قبل عناصر الارتباط، بضرورة سحب قواتهم بشكل منظم والاتجاه إلى مدينة القاسم، وفعلاً تم تنفيذ الأمر بشكل سليم ولم تتمكن القوات الحكومية من إعاقة هذا الانسحاب والتأثير عليه.
في الساعة الرابعة عصراً تكامل وصول الثوار إلى القاسم ومن ثم تفرقت القوة وعادت إلى مواقعها الأصلية!"
"وفي سياق الحديث عن البطولات النادرة التي سجلها بعض الأبطال من ثوار الانتفاضة في محافظة بابل، لابد من ذكر المقدم الركن جعفر وتوت، الذي يتحدر من عائلة عريقة ومعروفة في مدينة الحلة وكان ضابطاً كفوءاً تدرج في مناصب عسكرية عديدة وكان ذا موقفٍ من النظام قبل الانتفاضة. وبعد الانفجار جاء إلى ناحية القاسم لينضم إلى قوة الثوار ويشارك فعلياً في وضع خطة الهجوم وان يكون في طليعة منفذيها وقاد عملية الهجوم وفتح مقره قريباً من أطراف المدينة وحدثت المعركة، وبينما هو يوجه مقاتليه، غدره صاروخ طائرة سمتية، خر صريعاً على أثره وهو يكتب شهادة كبرى من اجل الحق والحرية والدفاع عنها.
كذلك الملازم الأول ميثم هادي وتوت الذي ينتسب إلى العائلة ذاتها، وكان معوقاً إذ بترت ساقه ولكنه كان مملوءاً بالحيوية والعزم وشارك بالانتفاضة واسهم في المعارك التي دارت في الحلة قبل إعادة احتلالها من قبل قوات النظام. وعند احتلال المدينة، نزح مع بقية إخوانه وأقربائه ورفاقه إلى القاسم وكان يعمل بجدية عالية في تهيئة المقاتلين وتدريبهم أو عمل الاستحضارات المطلوبة ورفع المعنويات. طلب أن يكون آمر مجموعة في قوة الصفحة الأولى ونظراً لوضعه الصحي، فقد رفض طلبه من قبل القيادة، إلا انه أصر وعزم على المشاركة رغم المحاولات التي أرادت أن تثنيه عن ذلك، وتم تعيينه آمراً لإحدى المجموعات الأمامية والتي قادها في معركة شديدة. نال خلالها وعلى أبواب المدينة وسام الشهادة وهو يسطر بدمه ودماء رفاقه من الثوار ملاحم الشهادة من اجل الحرية وقيم الوطنية الحقة."
"شكلت في معسكر المحاويل محاكم صورية من ضباط أمن ومسؤولين حزبيين وعناصر من جهاز الأمن الخاص والاستخبارات يعملون بإشراف طــه الجزراوي وقد تعاون معهم أفراد من بعض القرى والعشائر المتواجدة هناك لتأمين المعلومات والمشاركة في الملاحقة وإلقاء القبض على الكثير من العوائل والأفراد الذين يوجه إليهم الاتهام بالاشتراك في أعمال الانتفاضة في محافظة بابل والمحافظات المجاورة الذين تسللوا عبر القرى والأرياف والبساتين للاختفاء من اجل العثور على أماكن آمنة نسبياً.
وقد باشرت تلك المحاكم واللجان الأمنية مهماتها بتنفيذ حملة إعدامات واسعة ضد هؤلاء المواطنين، والذين كان البعض منهم يقضي نحبه أثناء التحقيق والبعض الآخر في الإعدام الفوري!
وقد تم تحديد أحد المبازل الاروائية الجافة ليكون ساحة إعدام للمئات من الشباب وعشرات العوائل من نساء وأطفال وشيوخ حيث يتم جمعهم في نسق واحد ويطلق عليهم الرصاص من الخلف وهم بمواجهة المبزل ومن ثم دحرجتهم إلى القاع الذي تحول إلى مقبرة جماعية لا تزال آثارها باقية حتى الآن متمثلة ببقايا الأحذية والملابس والعظام المهشمة.
وقد روى شاهد عيان تفاصيل حادثة مروعة جرت أمام عينيه إذ قال: أن عائلة كانت ضمن العوائل التي أجري معها التحقيق قد صدر حكم الإعدام ضدها من ضمنها امرأة (حلاوية) الأصل تحمل طفلها الذي لا يتجاوز السنة اقتيدت إلى ساحة الإعدام وهناك أطلق أحدهم النار عليها فسقطت وتدحرج طفلها الصغير على الأرض وهو يصرخ فما كان من مطلق النار ذاته إلا أن يوجه فوهة بندقيته نحو الطفل ويطلق النار عليه فيقتله في الحال إلى جانب أمه!!
وهنا أكد شاهد العيان الذي روى الحادثة وفي معرض السؤال عن حقيقة هذا القاتل والمنفذ لتلك الجريمة المروعة، هل هو من أفراد الحرس الجمهوري أو الحرس الخاص أو من عناصر الأمن والاستخبارات؟
فكان الجواب: كلا، انه أحد منتسبي الحزب الحاكم وهو من أهالي محافظة بابل!!".
كان الصالحي قد نشر كتابه "الزلزال"، والذي ذكر فيه وجود ساحة اعدام تحولت الى مقبرة جماعية في الحلة تضم مئات الجثث، قبل سقوط النظام بحوالي خمس سنوات، وبعد سقوط النظام عثر على هذه المقبرة الجماعية. أما من نفذ عملية الأعدام والذي أشار اليه من غير أن يذكرأسمه فكان محمد جواد العنيفص. ففي تحقيق لصحيفة الشرق الأوسط نشر بعد سقوط النظام في ٢٣ /٥/ ٢٠٠٣، عن أكتشاف المقبرة الجماعية، ورد" ان ارض المقبرة جزء من ارض تعود لأحد اعوان حزب البعث، هو محمد جواد عنيفص الذي شارك هو نفسه وابن عمه قيس فرحان العلواني وشخص ثالث يعرف باسم (سيد فهمي) بقتل الضحايا.
وبعد انتهاء عمليات التصفيات كافأ الرئيس العراقي السابق صدام حسين عنيفص باهدائه احدى سياراته الشخصية وأحد مسدساته الخاصة وجعل منه شيخا عشائريا على المنطقة.
وقد عمل عنيفص وعدد من المقربين منه ادلاء للقوات الحكومية العراقية للقضاء على الانتفاضة في محافظة بابل واعتقال وقتل الضحايا الذين لم يكونوا جميعا من المشاركين في الانتفاضة.
كان عنيفص وجماعته يجوبون شوارع مدينة الحلة ومدن اخرى بحافلات وينادون على الركاب لايصالهم الى مناطق سكنهم او وجهات يقصدونها حتى اذا امتلأت الحافلة بالركاب انطلقت الى معسكر المحاويل حيث جرى تجميع الآلاف من الناس الابرياء بمن فيهم الاطفال الرضع الذين كانوا على صدور امهاتهم. وفي المعسكر اعدم البعض فيما اعدم الآخرون في مكان المقبرة، وذلك بدعوى المشاركة في «الاعمال الغوغائية» او «صفحة الغدر والخيانة»، حسب ما كان يطلق على الانتفاضة".
وعن أعداد الذين اعدموا ذكر وفيق السامرائي 
في كتابه "حطام البوابة الشرقية" والذي نشر أيضاً قبل سقوط النظام "بعد استعادة مدينة الحلة باسبوعين أرسل طالع الدوري رسالة لاسلكية الى صدام يقول فيها أنه أعدم ١٧١٣ شخصاً من الحلة. ولا يدخل في هذا العدد الذين ارسلوا الى معتقلات الرضوانية أو الذين استشهدوا خلال المعارك."
أحد الناجين من حقول الاعدام كان عبد الرحيم الفتلاوي العائد من جبهات القتال وكان متوجهاً الى محل سكنه على متن حافلة الريم التي ضمته مع اكثر من ثلاثين راكبا بين عسكري ومدني وشيخ وامرأة وطفل صباح يوم ٣/٦ /١٩٩١.
قال 
عبد الرحيم "عند وصول الحافلة إلى تمثال حمورابي في منطقة الجمجمة المحاذية لاثار بابل التي تبعد عن مركز المدينة بضعة كيلو مترات اعترضتنا سيطرة مستحدثة للرفاق الحزبيين وصعد إلى الحافلة رجل دفع بسلاحه اولا وهو يرتدي ملابس الجيش الشعبي التي كانت زي افراد الحزب وبوجهه المكفهر الخالي من أي ود وبدون أي سلام قال وبشكل سريع (كلكم انزلوا) الحلة تخضع لمنع التجوال بالكامل فترجل الجميع وبضمنهم كنت انا المطمئن على اساس انني امتلك اجازة رسمية من وحدتي.
ترجلنا وكان الذعر قد اصاب النسوة والاطفال والخوف تسرب إلى النفوس حتى التي لديها القوة في البداية خاصة بعد ان تفوه احد الشباب موجها سؤاله بكلمة واحدة (ليش) وحال تلفظه بهذه الكلمة احاط به اربعة من افراد حماية النقطة واوسعوه ضربا وركلا ادموا وجهه فسقط مغشيا عليه عندها عرفنا ان الامر ليس مزحة اصابنا الذهول والصمت المشوب بالحذر والترقب. وما هي الا دقائق حتى توقفت امامنا سيارة عسكرية نوع ايفا اقتادونا جميعا اليها حتى الشاب الذي كان شبه مغمي عليه حملوه ورموه داخل السيارة التي عادت بنا باتجاه معسكر المحاويل.
قبل نزولنا في المعسكر قاموا بتعصيب اعيننا ووثقوا ايدينا إلى الخلف وادخلونا قاعة فارغة. البرد فيها لا يطاق واجلسونا في الركن ونتيجة للارهاق والسفر الطويل والاعياء الشديد الذي اصابني القيت نفسي في احدى زوايا القاعة ورحت في اغفاءة استمرت حتى الظهر استيقظت بعد ان ركلني احد (الرفاق) بقوة مستفسرا عن اسمي فتلعثمت فضربني في بطني بحذائه وضرب الاخر ايضا وكان اسلوب الضرب هو الوحيد حتى في تسجيل اسماء الموجودين واجراء التعداد عليهم بعد استيقاظي ونزول العصابة التي ربطت عيني لاحظت القاعة التي لم يكن فيها احد سوانا. في الصباح امتلأت القاعة وترك الجميع بدون اكل وشراب ومنعوا حتى من الذهاب إلى دورات المياه وكدسوهم في داخل القاعة نساء ورجالا واطفالا مما اضطر البعض منهم ان يتبول على نفسه وأصبح المكان لايطاق برائحته الكريهة.
ظلت هذه الحالة حتى الغروب بعدها جلبت مجموعة اطارات قديمة مستهلكة ووضعت على مقربة من القاعة واحرقت فدخل الضوء والرائحة الخانقة الينا كثرت استنتاجات الموقوفين عن فحوى حرق هذه الاطارات فمنهم من قال انها لغرض التدفئة فيما قال اخر هامسا هي للانارة وفسر احد المتشائمين ذلك انه لغرض التعذيب وكي اجسامنا وحرقها وبالفعل حدث ما توقع اذ تم استدعاء ستة من الاسماء التي كانت في القاعة وعند تشابه الأسماء اضطروا إلى الاستعانة بالاسم الثالث واخرجوهم وكانوا محسودين من قبلنا ظنا منا بانه سيفرج عنهم وكان اعتقادنا خاطئا ليس في محله اذ ان الذي حصل بعد دقائق لم يكن بحسبان احد منا ابدا حيث شاهد القريب من الشباك ما حصل لزملائه فصاح باعلى صوته (الله اكبر) لقد تم رميهم في النار واحرقوا. هنا دخل احد المسلحين إلى القاعة وضرب الرجل الذي كبر باخمص البندقية حتى فقد وعيه وتركه مضرجا بدمائه، وخرج عندها كل من في القاعة وبعد برهة جاءت سيارتان سبقت مجيئهما حركة غير طبيعية لعدد كبير من العسكر لا نعرف هوياتهم او مناصبهم وجيء بسيارتي باص نوع تاتا مكتوب على كل منهما باص خاص لنقل طلاب المدارس كانت الزجاجة الخلفية لاحداهما مهشمة ورافقتهما سيارتا لاندكروز بيضاوان دخل العسكر إلى القاعة واقتادوا بعض من في القاعة إلى هاتين السيارتين وذهبوا بهم إلى جهة مجهولة وانا لم اكن ضمنهم ثم عادتا بعد ساعة وحملت ثانية نفس العدد الاول تقريبا واثناء التحميل كان يرمى اثنان او ثلاثة من المجموعة في النار بطريقة عشوائية وهكذا حتى جاءت المرة الرابعة وكان العدد المتبقي في الركن الاخير من القاعة لا يتجاوز ٣٥ فردا تم اقتيادنا إلى السيارتين وكان حصة النار منا واحدا فقط اعرفه شخصيا كان يعمل في فرن للصمون في الحلة ولا ادري كيف اوقعه المصير المحتوم بايدي هؤلاء القتلة.
كان مكتوف الايدي ومعصوب العينين رموه في النار ووجهه إلى الاسفل وما ان استنشق الدخان الكثيف حتى انقطع صوته ورفس برجليه عدة مرات غاب بعدها بين النار والدخان.
سارت السيارة مسرعة بنا باتجاه مدينة الحلة وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل وحين وصلنا معمل طابوق المحاويل الجمهوري الواقع بين الحلة والمحاويل استدارت العجلة شمالا باتجاه المعمل وبمحاذاة النهر لمسافة لا تتجاوز مئات الامتار واجلسونا على الارض في الركن المحاذي للمعمل من الخارج بشكل خطوط وكان حظي الذي اوقعني في الصف الاخير وامامي يجلس رجل مصري الجنسية بدين جاء للاطمئنان على اخيه الذي يعمل في معامل النسيج في الحلة ولم يكن قد رأى الحلة من قبل الخط الاول المرأة والطفلان جلسا بمحاذاتها وتعلقا بها وخوفا من الظلام والمصير المجهول الذي ينتظرهما خاصة بعد ان وجهت علينا مصابيح السيارة وايقن الجميع في لحظات ان مصيرنا الموت قتلا مما دعا المرأة ان تطلب بصوت مسموع ممزوجا بحشرجة (يمه هدوني الخاطر ابني الذي فقد في الحرب) وكان الجواب سيلا من الكلمات النابية التي يخجل المرء من ذكرها عندها قامت واقفة واخذت بطرف عباءتها ووضعتها على راسها ثم لفت جسمها بما تبقى وهي تردد (هم موت وهم فضيحة) واستسلمت للامر المحتوم وكانت رحمها الله قد تجاوزت الاربعين من العمر.
وقف اربعة رفاق اثنان من كل جهة واحاطوا المجموعة وبدون اية مقدمة بدا اطلاق النار بشكل مباشر لتحصد ارواح الكثير من المجموعة مما اضطر البعض للنهوض بقامته كي يلوذ باي شيء محتميا وكان الرجل المصري البدين السباق في النهوض مما حدا بالمجموعة إلى رميه بشكل مركز ومباشر جعله يترنح ويسقط مباشرة وهو مضرج بدمه فوقي وهو يرفس تبعه اخر كان يرتدي الزي العسكري وسقط فوق المصري مما جعلنا نشكل هرما بشريا اصبحت انا قاعدته .
تمت هذه العملية خلال اقل من دقيقة وبايعاز مسموع من قبل أحد الرفاق هل تم كل شيء. وقبل ان يكمل سمعوا شخيرا قويا لاحد الذين تعرضوا للرمي ولكنه لم يفارق الحياة وظل متشبثا مما جعل احدهم يصرخ هذا حي وهنا ساورتني الضنون كثيرا لاعتقادي بانني المقصود في ذلك مما جعلني اتمنى لو كنت ميتا حيث قلت في نفسي اربعة من القتلة نفذوا جريمة قتل العشرات في ثوان فكيف والحال اذ بقيت وحيدا سينفذ الاربعة حقدهم ضدي غير ان المقصود كان صاحب الشخير وليس انا فاجهزوا عليه بصليات متقطعة وانهوه بسرعة وعادوا إلى مكانهم الذي جاءوا منه تاركين الجثث تتمرغ بدمائها دون حتى ان يلتفتوا او يدفنوا القتلى وتركوهم في العراء.
بعد ان تحركت عجلات القتلة نهضت وركضت دون وعي وبشكل سريع بالاتجاه المعاكس لمغادرة الجناة وبمحاذاة النهر دون ان ادرك أي شيء وبعد عشرات الامتار من الجري شاهدت بطرف عيني قطعاً بيضاً واخرى ملونة ظننت في البداية انها اكياس كيمياوي يستخدمها المزارعون في تلك المنطقة الريفية فارتميت بكل ما اوتيت من قوة عليها لاريح جسدي المتعب الا ان الذي حدث لم يكن يخطر ببالي اذ ان الاكياس التي تصورتها للسماد الكيمياوي ماهي الا جثث لعشرات الابرياء الذين اعدموا قبلنا بوقت قصير وهم على الاغلب الوجبات التي سبقتنا لان اجسادهم طرية مما اضطرني إلى ان اقوم بالسير على جثث ورؤوس هؤلاء الشهداء الذين تكدسوا في منطقة صغيرة لم استطع اجتيازها الا بفترة طويلة كانت مليئة بالرعب سرت بعدها وبدون علم مني بالاتجاه المحاذي للنهر الذي سقطت به نتيجة تعثري باحد الاحراش فتبللت ملابسي وكان الجو باردا غير انني لم اشعر بذلك للخوف الذي انتابني ساعتها كنت اشعر بانه حتى الضفادع تهددني بنقيقها الصادر من ماء النهر مع وسوسات وهواجس اثارت الرعب بداخلي اكثر مما اثارته قفزة حمامة طارت فجأة تاركة عشها خائفة مني ولم تعلم بانني كنت اكثر ذعرا وخوفا منها حتى وصلت إلى سكة القطار وما زال الشك يراودني هل انا حقا من الاحياء بعد الذي حدث؟ وهل ان هذه المشاهد الدامية جسدت وقائعها في داخلي غير ان سكة القطار بعد ان تحسستها كأضلعي منحتني بعض الطمأنينة وقررت اكمال المسير إلى المجهول على الرغم من مضايقة الحذاء العسكري الذي امتلاْ ماء واصبح يعيقني بصوته المزعج في سكون الليل المرعب والمخيف اكثر من قفزة قبرة طارت بشكل مفاجئ ارتعدت لها فرائصي وسقطت على وجهي مما تسبب في كسر احد اسناني الامامية وغطى الدم وجهي ورغم ذلك واصلت المسير حتى الصباح الباكر عندها دخلت منطقة الخسروية فآواني رجل اسمه اياد السلطاني كان كريما معي واطعمني واوصلني بسيارته الخاصة بالقرب من داري اذ كان الحي خاليا تماما من الناس الا من نباح الكلاب السائبة التي انتشرت في الطرقات كان الدم يملاْ جسمي وملابسي ودخلت البيت وحين نزعت ملابسي سقط شيء كالدم المخثر كان عالقا بها عرفت انه بقايا مخ انسان يعود للمواطن المصري الذي زار الحلة للمرة الاولى ولم يكن يدر في خلده بان نهايته ستكون فيها".
من جهة السلطة وعن قمع الانتفاضة 
في الحلة ورد في تقرير كتبه الرفيق عضو قيادة فرع طالع خليل ارحيم الدوري بتأريخ ١٩٩١/٨/٣١ "وضح فيه دوره في مكافحة زمر الشغب والتخريب في محافظة بابل". والتقرير محفوظ في الاضبارة الشخصية للفريق طالع الدوري في معهد هوفر.
"١. في يوم ٩١/٣/٥ عينت محافظ نيسان على أثر سقوطها بيد الغوغاء المجرمين. التحقت بنفس اليوم الى الكوت وصلت مقر فل١ والتقيت بلواء ركن رمزي محمود رأ فل ١ سألته عن الموقف مخبراً أياه بمسووليتي فاخبرني بأن طريق الكوت-عمارة مقطوع ومسيطر عليه من قبل المخربين وان الرفيق نائب مجلس قيادة الثورة موجود في المحافظة. التقيت بالرفيق النائب بحضور الرفاق كاظم نعمة سلمان محافظ واسط والرفاق عبد العزيز الدوري والجباري واخرين وبقينا ليلة ٥-٦ اذار ١٩٩١ في الكوت.
وفي صباح ٣/٦ تحرك الرفيق عزة ابراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة و فريق ركن ابراهيم اسماعيل محمد والرفاق حيث قطعاتنا على مداخل العمارة. فاخبرني الرفيق النائب بمنصب محافظ بابل.
٢. تحركت فوراً الى بابل صباح يوم ٩٩١/٣/٦ وعند وصولي المحاويل فوجئت بإنسحاب الرفيق عبد الحسن راهي فرعون عضو القيادة القطرية أمين سر مكتب تنظيم الفرات سابقاً والرفيق علي سعدون أمين سر قيادة الفرع والرفاق أعضاء قيادة الفرع الى المحاويل تاركين الحلة بيد المخربين. وقد التقيت فيهم في المحاويل عدا الرفيق عبدالحسن الذي كان ذاهباً الى بغداد. وبعد أيجازي من قبل الرفيق علي السعدون عدت الى بغداد للاخبار بالموقف وحال وصولي مقر القيادة بلغت بالتوجه الى فريق ركن صابر عبد العزيز حسين بناء على أمر من السيد الرئيس القائد حفظه الله. التقيت بالفريق الركن صابر واتصلت بالرفيق القائد حفظه الله واوجزته بالموقف.
ووجه سيادته باتخاذ الاجراءات اللازمة ومعالجة الموقف بالتنسيق مع فريق ركن صابر بما يتعلق بالقطعات المطلوبة.
٣. تحركت الى المحاويل يوم ٣/٦ بعد الظهر وكان معي فريق ركن ماهر عبد الرشيد حيث التحق. ولم تكن لدينا قطعات سوى ف ١ حماية منشأت قوته القتالية لا تزيد عن ٧٠ ضابطاً ومراتب وبقينا ليلة ٦-٧ اذار ١٩٩١ ننتظر وصول القطعات. قمت باستدعاء قائمقام المحاويل علي حسين الدليمي والرفيق ثجيل الصافي أمين سر قيادة الشعبة ووجهتم بضرورة نصب الخيم واستقبال العسكريين المسحوبين من الجبهة والاهتمام بامورهم الادارية واستلام اسلحتهم وتهيئة وسائل الراحة لهم. في صباح يوم ٩١/٣/٧ وبعد وصول ف ١ و ف ٨ حماية منشأت بموجود لا يزيد عن ٧٠ لكل فوج و ل ف ٥ الذي كان منسحباً من الحلة بموجود ٨٣ مقاتل ١٤ ضابط ٦٩ جندي ول ٧٠٢ بموجود ١٢٠ اتفقت مع فريق ركن ماهر عبد الرشيد أن أقود القطعات الى منطقة الأثار وان يبقى فريق ركن ماهر في موقع بابل في المحاويل للتشبت. وضعت الخطة وكانت تقضي باحتلال الجسور الخمسة كصفحة أولى وفتحت القطعات واوجزتها بالواجب واتصلت بفريق ركن ماهر وحضر واوجزته بالخطة وهاجمنا الجسور وتم مسك الجسور الخمسة من قبل قطعاتنا. بعد احتلال الجسور اتصل بنا عميد ركن صباح اسماعيل قائد مش ٤ مشيراً الى أنه متوجه الى الحلة منسحباً من النجف وانه في شارع ٦٠ في الحلة. واتفقنا بأن يكون دخوله وقطعات الفرقة من الجسر الشمالي ، جسر حمورابي.
ووصلت مش ٤ وتجحفلت قطعاتنا بامرتها وبدا قائد مش ٤ بقيادة القطعات وضرب المخربين في مواقع تمركزهم في الحلة وكان حاضراً الرفيق طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية والرفيق عبد الحسن راهي وفريق ركن ماهر عبد الرشيد.
في يوم ٩١/٣/١٠ قبل الظهر دخلنا الحلة بعد أن تم طرد المخربين منها من قبل مش ٤ والقطعات المتجحفلة معها واستلمت ‏مسؤوليتي محافظ بابل وتحركت الفرقة الى الكفل. وقمت بتوزيع القطعات واحكام السيطرة في مدينة الحلة والتفتيش والمداهمة ومطاردة المخربين والقاء القبض...ألخ.
كنا نتحسب من احتمال استئناف المخربين لعملية جديدة وفعلاً وردتنا معلومات من مصادرنا الأمنية تشير الى هذه المحاولة وكان هذا يوم ٩١/٣/١٢ . هاجم المخربون مدينة الحلة بالساعة السادسة صباح يوم ٩١/٣/١٤ من نفس المحاور التي توقعناها ( الطريق السياحي- محور ثانوي) وطريق الديوانية -حلة ( محور رئيسي).
وقد تزامن الهجوم بنزول أعداد كبيرة من المخربين في الأحياء الشعبية نادر والثورة. وقد قاموا بأسر حوالي ٥٠ من الشرطة وحضور قسم من الملالي الى الحلة من المحافظات الأخرى. وفي الساعة الثامنة من مساء نفس اليوم تم أحباط المحاولة المجرمة وقتل أعداد كبيرة من المخربين العملاء والقاء القبض على أعداد كبيرة منهم وفر الباقون.
ومن بين القتلى المقدم المتقاعد جعفر وتوت الذي كان يقود المحاولة وهو أحد أعضاء قيادة المخربين ولم يستطع المخربون سحب جثته ومن بين القتلى بحدود ٧٠ قتيل في مدخل الحلة قرب الجسر وفر الباقون في البساتين القريبة وبعض المناطق الشعبية في مدخل المدينة وقطعاتنا تطاردهم."
من الضباط الذين تم القاء القبض عليهم والذي ورد أسمه على أنه كان مساهماً في الانتفاضة العميد محمد حسن وتوت
‏الذي نفى نجله أنه كان مشاركاً فيها.
 ‏لكن التقارير التي رفعت من قبل الفريق طالع ارحيم  الدوري اتهمته بأنه كان من قادة الانتفاضة فقد ورد في برقية من أبو ثائر (الفريق طالع ارحيم الدوري) إلى أبو فراس (الفريق صابر عبد العزيز الدوري) ‏وأبو نادية (طه ياسين رمضان) ‏ "وردتنا معلومات من الأمن العامة بأن ديوان الرئاسة قد أعلمها بالمعلومات التالية قيام كل من محمد حسن وتوت وحسين شعلان واللواء ركن المتقاعد عبد الأمير عيسى بمهاجمة الحلة قبل عدة أيام بعد تطهيرها من قبل القوات المسلحة."
وكان نتيجة مثل هذه البرقيات أن يكون مصير العميد محمد حسن وتوت الأعدام كما ورد في
 برقية من أبو  ثائر " طالع الدوري"  الى أبو نادية " طه ياسين رمضان" وابو فراس " صابر الدوري"" رسالتنا ١٩ في  ١٩ /٣. المجرم عميد ركن متقاعد محمد حسن وتوت. أوقف من قبلنا يوم  ١١ /٣. وبعد التحقيق والادانة تم تنفيذ حكم الأعدام بحقه في يوم ١٨ /٣."

السبت، 19 أبريل 2025

الانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة..٨





ا
لانتفاضة الشعبانية...اذار ١٩٩١/ صفحة الغدر والخيانة 
قمع الانتفاضة في العمارة... ٨ 
 
 "المعركة الرئيسية اللي صارت يمكن...تشرف الجيش وتشرف الوطن هي معركة المستشفى وهمه كان عددهم أكثر من الف مقاتل داخلها . فصار صولة عليها وأبيدوا عن بكرة أبيهم ووقع قسم من عدهم أسرى.. ومن أكول قسم من عدهم أسرى كانوا يفيدون معلومات جداً مفيدة."
الفريق هشام صباح الفخري في تسجيل له مع الرئيس صدام عن معركة مستشفى العمارة.

قمع الانتفاضة في العمارة

عن قمع الانتفاضة في العمارة  كتب السيد محمود حمد في مقالة نشرها في موقع الحوار المتمدن "في الساعات الأخيرة من الانتفاضة..وبعد أن تفرق رجالها ونساؤها..كل يواجه مصيره بمفرده..جلست ثلة من الشباب عند جدار المسجد الصغير الذي إجْتُزَّت منارته المعدنية بقذيفة راصدة.. يتبادلون الحديث..إقترب السيد عبد الله من صديقه الحميم "كرار"متسائلا ببراءة طفولية:
إذا وقعنا بأيديهم ماذا سيفعلون بنا؟
رد عليه كرار بسلاطة لسانه المعهودة:
يُنسونك اسم جدك!."
"وصلت قذائف مدفعية الحرس الجمهوري البعيدة المدى إلى وسط المدينة، وسقطت إحداها في الساحة الترابية خلف مبنى الأسواق المركزية في الجانب الغربي للمدينة..ودب التفكك في جبهة القوى الشعبية المنتفضة، ولم يعد بوسع المظاهرات التي كانت تتجه كل يوم من مختلف أحياء المدينة إلى مركز المدينة..لتحتشد في السوق الكبير باتجاه سوق النجارين، حيث يتمركز الشيخ احمد العبادي..
ولأول مرة تردد على شفاه بعض المشاركين بالانتفاضة سؤال ميداني حيوي:
ما العمل؟
والذي جر إلى استفهام استنجادي قاطع لا يدركه إلا أولئك الذين على وشك الوقوع في فخ العدو: من المسؤول عن قيادة الانتفاضة وإنقاذ المشاركين فيها من الفناء؟
آنذاك تفاقم الاضطراب بين صفوف المنتفضين، مع تصاعد القصف المدفعي، وظهور طائرة عمودية للحرس الجمهوري لأول مرة في سماء المدينة..بدأ بعض الأشخاص يبادرون إلى طمأنة المترددين، وطفحت بعض وجوه المشككين إلى سطح التجمعات الشعبية "الذين استبدلوا اللباس الزيتوني بالعصابات السوداء على الجباه أيام الانتفاضة..وتغلغلوا في أحشائها ، وامسكوا بعنقها " 
ونفذ صوت من بعيد..مافتئ أن تردد بين الحشد المترقب:
السيد على الحدود..وراح يوصل بعد ساعات!
أشاع الخبر بعض الهدوء في صفوف مجموعة من المنتظرين عند مدخل السوق الكبير..لكن مجموعة تقف على امتداد سوق البزازين كانت تصغي لرجل أشيب يتحدث بصوت مبحوح ، وغير مكترث بما يجري في الجانب الآخر من الحشد:
المهم الآن هو إيقاف تقدم الحرس الجمهوري على جبهة "الطريق السريع" بالدبيسات..وقرب المعهد على طريق الكحلاء..
ومع تصاعد القصف المدفعي وتزايد طلعات الطائرات العمودية وهي تطلق قذائفها على أحياء المدينة تفكك الحشد وتحول إلى مجموعات صغيرة متناثرة..تبدد قسم منها في "الدرابين الضيقة" والقسم الآخر انتظم بفرق اتجهت إلى محيط المدينة الشمالي والجنوبي..وخلفهم ومعهم نسوة يحملن السلاح والعتاد..
على عنق جسر الماجدية كانت ثلة من النساء المؤتزرات بعبآتهن يحرسن مدخل الجسر المؤدي إلى وسط المدينة ومؤسساتها الحكومية الرئيسية..
كان الدعاة إلى انتظار "السيد" القادم ومعه آلاف المقاتلين لنجدة الانتفاضة ، يواصلون طمأنة الناس المتفرقين إلى ملاذات مجهولة ، لكنهم ..كانوا يستبدلون لهم المكان المحتمل لدخوله المدينة..كان آخر وعد تردد بين الناس:
السيد جاي عن طريق البصرة!
واستباحت دبابات الحرس الجمهوري احياء المدينة، ومشطت الشوارع بالرشاشات الثقيلة وقاذفات الار بي جي سفن، فيما كانت مكبرات الصوت التي تنطلق من الطائرات العمودية تحذر السكان من البقاء في المدينة، وتنذرهم بمغادرتها إلى العراء خارج المدينة فورا. وخلفت تلك القوات مجازر على الجسور ومفترقات الطرق، وطمرت عوائل تحت منازلها..
عندما خرجنا من المدينة في اليوم الثاني لاقتحام الحرس الجمهوري لها..
وبعد أن توقفت آخر جيوب المقاومة ، وعشعشت القوات الخاصة في الأحياء السكنية ..
كانت الجثث ملقاة في الشوارع التي قطعناها..في مقابل مقبرة الانجليز جثتان لرجل وامرأة..وعند "مندى" الصابئة على نهر الكحلاء أربعة جثث لفتيان في مقتبل العمر..ليس بعيدا عن المدفع النمساوي الذي سيطر عليه المنتفضون في اليوم الأول للانتفاضة..
وطفحت بعض الجثث المتفحمة في نهر دجلة قريبا من بستان الجدة..
في المنزل المقابل لجسر الماجدية دارت معركة عنيفة استخدمت فيها مدافع الدبابات..وتحول المنزل إلى ركام ..طمرت تحتها جثث المنتفضين..قال قائلهم :
إن تحت أنقاض المنزل جثث ثلاث فتيات قاومن تقدم القوات الخاصة عبر الجسر باتجاه محلة الماجدية.. حتى استدعاء الدبابات وتدمير المنزل على رؤوسهن..
في المسافة الممتد بين البانزينخانه بالدبيسات ومفرق الطريق السريع بين بغداد والبصرة..كانت هناك خمس أكداس من الجثث بعضها ألقيت عليها حفنات من التراب ، والأخرى مكشوفة تماما..ثلاثة منها كانت لعوائل فلاحية من الرجال والنساء والأطفال.. إلى جوار إحداها سيارة بيك اب محملة بالحشيش الأخضر..
وذكر أيضاً أن "الجثث داست عليها سرفات الدبابات في "أطراف الدبيسات" و"قرب المعهد الفني" و"على جسر الطريق السريع" و"في حي الحسين" و"عند مدخل الفيلق الرابع".
"في اليوم الذي بدأت فيه قوات الحرس الملثمة القادمة من المدن البعيدة، بدلالة "الرفاق" المحليين ..تدخل البيوت بيتا بيتا بحثا عن "الغوغاء" والسلاح..اختفى الـ"سيد عبد الله" و"كرار" وعشرات الفتيان الآخرين من أحياء "الإسكان" و"حي المعلمين" و"الثورة" و"الوحدة الميكانيكية" وغيرها..ولم يعرف عن مصيرهم شيئا حتى بعد انكشاف العديد من المقابر الجماعية.."إن مصير هؤلاء وأولئك مكنون في اعناق أولئك الإدلاء الذين ساقوهم إلى المجهول."
كانت قوات الجيش والحرس قد قامت بقصف مستشفى العمارة وعن ذلك كتب الدكتور طالب الجليلي في أوراق على رصيف الذاكرة "لا ادري لماذا اخترت الذهاب بسيارتي في ذلك اليوم .. تعودت ان اذهب الى المستشفى راجلا طيلة الايام الستة التي مضت ..سمعت نداء يأت من السماء !! للمرة الاولى منذ احتلال الكويت  تطل في سماء المدينة طائرة سمتية !! هل استطاع شباب الانتفاضة ان يطيروا؟! لقد احتلوا جناح طيران الفيلق الرابع في اليوم الثاني ولم يتطوع طيار لاستعمال طائرة .. اه لقد فهمت .. انه شوارتسكوف جاء يتجول مزهوا بنصره !! تذكرت .. لقد سمح للمفاوض العراقي المهزوم باستعمال الطائرات ( عديمة الأجنحة) !! قال لهم دونكم الرعاع الحالمين بأخذ كراسيكم ولنا معكم جولة اخرى بعد ان تنضج الكعكة جيدا وتتحمص .. !! عند ذاك سوف نذيقكم الخازوق بحرفية تليق بكم  وبنا في حفلة شواء بعد ان نمارس هوايتنا في صيد الثعالب ...!!
لم افهم ما كان ينطلق من مكبرة الصوت المحمولة في تلك الطائرة ، لكنني وقبيل اقترابي من المستشفى دوى انفجار مرعب ورأيت النار والغبار الابيض ينطلق من برج المستشفى !!  اعقبه منظر السمتية وهي تأخذ دورة  في سمائه وتتجه شمالا ! ركنت سيارتي في مرآب تحت بناية المستشفى واتجهت الى ردهة الطوارئ .. كان المنظر مرعبا ... شغلت كل اسرة الردهة وغطى الجرحى أرضيتها وكانت الفوضى والصراخ والعويل تعم المستشفى .. جرحى وموتى واجساد مقطعة وكانت رائحة الدم المخلوط برائحة الشواء والنفط تملأ فضاء صالة الطوارئ .. لفت نظري شاب في العشرين ممدد على الارض وكان مصابا باطلاقة في صدره ويلفظ انفاسه الاخيرة .. اقترب منه د. ابتسام وحاول ان يدخل أنبوبا في صدره لانقاذه. انطلق ينبوع الدم من الأنبوب .. شهق الشاب ثم خمد ..!! كانت بجانبه طفلة مبتورة ساقيها وكانت امعائها ملقاة بجانبها ورائحة النفط والطين تفوح من ملابسها!! حملتها الطبيبة المخدرة وانطلقت بها نحو صالة العمليات وهي تصرخ باسم ابنتها التي تركتها عند اهلها في البصرة ...!! كان عدد الجرحى يفوق كثيرا قدرتنا على الاستيعاب .. لقد نفذ الأوكسجين قبل يوم وانقطع الماء كليا عن المستشفى وتوقفت المولدات !! اصبحت صالة العمليات كانها مصلخ للحيوانات !! 
كانت الفوضى تعم أرجاء المستشفى ..في تلك الظهيرة جائني ابو محمد مرعوبا وهو يبحث عني .. فلاح عالجته من إصابة بليغة في ذراعه في القادسية الثانية!! 
ظل وفيا لي ولم ينقطع عني طيلة السنين السبعة الماضية .. دس في يدي ورقة ألقت أكواما منها طائرة سمتية 
قال وهو يرتجف : سوف يقصفون المدينة بالكيمياوي خلال ساعتين ويطلبون من اهل المدينة إخلائها فورا ..!! 
أردف لقد جئت من البستان إليك لكي اخذ عائلتك !! 
هات مفتاح سيارتك !! 
تردد قليلا ثم قال : تعال معي !! 
هززت رأسي معتذرا ...
ناولته المفتاح وراح يركض ".
كذلك ذكر عبد الخالق كيطان في "سلسلة شارع دجلة" أن الطائرات السمتية قد القت المنشورات على المدينة تهددهم بالقصف الكيمياوي.
 ويستمر الدكتور الجليلي بروايته بعد وصوله الى المستشفى "كانت قائمة انتظار العمليات قد جاوزت الخمسين جريحا ممن كانت جروحهم خطرة جدا كنا قد عملنا جدولا للمناوبة لكن معظم الاطباء كانوا متواجدين ، بل ان بعضهم قد جلبوا عوائلهم واحتموا في الغرف السفلية تحت الارضي تفاديا للقصف !!
غادر معظم جرحى الايام السابقة الردهات ولم تبقى سوى الحالات الخطرة ومرضى العناية المركزة .. اما المقاتلون فقد بقي منهم ابناء المدينة وكان السيد مناف قائدهم لا زال موجودا .. اختفى الذين جاءوا عبر الحدود !! 
عمد الموجودون منهم الى التوزع في الردهات العليا من المستشفى والبعض الاخر كمن خلف السياج الخارجي وأخذوا يرمون على القوات التي بدأت تقترب من الجسر اليوغسلافي المجاور للمستشفى وهو الذي يفصل وسط المدينة عن طريق بغداد !! 
هنا بدأت المعضلة التي سوف تواجهنا !! 
أخذ الجيش يقصف المستشفى بقذائف الهاون وال أر بي ج !! 
حاولنا ان نقنع المقاتلين بان يتركوا المستشفى لكنهم أبوا ذلك وتلك نقطة لم تحسب لهم !!
نقلنا كل الجرحى الراقدين في الطوابق العليا الى الطابق الارضي والطابق السفلي .. 
مر أمامي شاب يحمل قاذفة على كتفه وينطلق راكضا باتجاه سياج المستشفى .. 
اوقفته وانا أحذره: سوف تقتل ..
 الساحة مكشوفة والجنود قد وصلوا فوق الجسر .. 
قال لي : سيدنا هؤلاء البعثيون أمامي وسلاحي بيدي .. أليس هذا يوم الشهادة الذي انتظرته طويلا !!!؟؟ 
تركني مشدوها وراح راكضا باتجاه السياج وقبل ان يرمي قذيفته اوقعته صريعا اطلاقة مميتة في رأسه !! 
حين ازداد قصف المستشفى وبائت محاولاتنا باقناع المقاتلين بالفشل تجمعنا مع المرضى في الطابق السفلي وسط صراخ النساء والأطفال والرعب الذي أخذ يدب فينا مما تحمله الساعات القادمة ...
 اقتنع المقاتلون بلا جدوى المقاومة .. أصيب بعضهم واستشهد عدد اخر .. بقي عدد منهم لم يستطع مغادرة المستشفى التي أخذ الجنود يقتربون من مداخلها .. 
صعد شاب مهندس وهو يحمل شرشفا أبيضا وأخذ يلوح به من احد شبابيك الردهات العليا .. جائتنا رشقة بالرصاص من الواجهة الزجاجية للمستشفى فاصابت طاولة الاستعلامات .. اسرعنا نحو الطابق السفلي حيث تجمع الاطباء وعوائلهم والمنتسبين والمرضى وانتظرنا مصيرنا المجهول  ... 
سمعنا اصوات أحذيتهم الثقيلة وقرقعات معدنية .. 
اطل علينا جندي طويل القامة ذو وجه قاتم السمرة وعيناه يكاد ان يفجرهم الغضب ويحتضن مدفعا رشاشا أر بي كي ويتدلى على صدره وحول رقبته شريط معبأ بالرصاص .. كان يتبعه عدد من الجنود نظر ما ان توسط الدرج حتى صرخ بنا بصوت أجش وبلهجة بدوية : كول يعيش صدام !!! 
برز بين الجنود ضابط شاب برتبة ملازم اول قصير القامة اسمر الوجه توقف فوق البلاطة قبل الاخيرة .. جال بنظره بيننا من اليمين الى الشمال وبالعكس ..  
كنا جميعنا قد ارتدينا صدارينا البيضاء 
قال بهدوء وسخرية واحتقار: كلكم إيرانيون !! لا بل قوادون !!  وهبتم نسائكم للإيرانيين !! جبناء .. ماشاء الله .. ماجستير ودكتوراة ... كان يجب ان تقاتلونهم بالسرنجات !! لكنكم غير شرفاء!!! سوف اعدمكم جميعا ... 
صرخ صوت غاضب من خلفه ....لاااا .. ليس لكم حق !! 
كلهم ابطال وشرفاء .. أنا الرفيق خزعل غليم عضو شعبة وعضو المجلس الوطني .. كلهم ابطال .. كان قد تقدمهم وأخذ يشير لنا ببقية ذراعه المبتورة الملفوفة بالضماد .. كلهم ابطال خذني الى قائدكم ".
من هو المدير؟! قال الضابط.. أجاب الرفيق خزعل : يتفضل دكتور سالم يأت معنا لآمركم ...
أجاب د سالم : ليس فينا جبان وهذه مردودة ولنذهب للقائد ونرى ..
راح رجال الاستخبارات يجمعون الشباب ويشمون ايديهم وملابسهم بحثا عن رائحة البارود ..! قاموا بجمع الشباب من منتسبين وغرباء ..! تعملق الصغار من كتاب التقارير من منتسبي المستشفى وراحوا يهمسون لافراد الاستخبارات وهم يؤشرون على من لم يستطيع الافلات من شباب الانتفاضة .. في المقابل راح د. سالم ينفي انتماء المنتسبين من موظفيه اطباء ومضمدين للانتفاضة !
كيف وصل اسم د. فيصل لضابط الاستخبارات الذي اصر على معرفة مكانه ؟!. يبدو ان الجيش قد وصل جامع النجارين ! برز من استضافهم د. سالم 
، من الجنود،  وهم يرتدون دشاديشا مقلمة البسها لهم الشيخ احمد العبادي لدى استضافته لهم ! ولكن هذه المرة كشروا عن انيابهم وفاء لمن احتموا بهم بالامس وراحوا يمارسون مهنة التعذيب التي أدمنوها بحق كل من عرفوهم من شباب الانتفاضة ومنتسبي المستشفى رفسا وصفعا واستذلالاً ..!
طلب آمر القوة ان يفتش المستشفى فناولني المدير مفتاح الغرف العام ! طالبا مني مرافقتهم .. كان يعلم اني سوف اقودهم للغرف المغلقة أصلا ..! كتلك التي ينام فيها هو وزملاؤه وتلك التي تحتوي على الاجهزة الطبية مثلا ! وهكذا ...!
اعتذر الآمر من الاطباء والمدير معزيا ذلك لمقتل ضابط بالرصاص المنطلق من المستشفى ..
كان للرفيق خزعل غليم الدور الكبير بنفي تضامننا مع الانتفاضة وحمايتنا من التنكيل ! بل كان قد نفى انتماء الكثير ممن كانوا في المستشفى من شباب الانتفاضة لها رغم معرفته بهم جيدا وفاء لما قدموه له ! لكن ذلك لم يشفع لاخرين من خيرة الشباب المنتفض كالشهيد السيد مناف ورفاقه الذين لم يعثر على جثثهم بعد ان سحقت الانتفاضة .. اقتحم الجيش بقيادة عزة الدوري وهشام صباح الفخري من ثلاثة محاور .. واجه الشباب المنتفض الجيش بضراوة منقطعة النضير قبل واثناء اقتحام المدينة .. صبت المدفعية حممها ليوم وليلة وبصورة عشوائية على المدينة مدمرة البيوت ومن فيها .. تم اعدام عشرات الشباب ورميهم في نهر دجلة .. منع الاهل من رفع جثث من قتلوا في الشوارع لعشرة ايام تأكل فيهم الكلاب والقطط ..!! راح مدير عام الصحة الدكتور سالم الساعدي يحذر هشام الفخري من حدوث الطاعون بسبب تلك الجثث فتم جمعها في حاويات الازبال ودفنت بصورة جماعية خارج المدينة .. لن تغيب عن ذاكرتي لحد هذه اللحظة صورة جثة ذلك الشاب بسرواله الكاوبوي الازرق وهو ملقى على الرصيف قرب مركز شرطة الماجدية ( التسفيرات) وكانت مجموعة من القطط تنهش من وجهه وتتعارك فيما بينها حين مررت بقربها في اليوم الرابع من اقتحام الجيش للمدينة ...!!!".
أعطى عبد الخالق كيطان وصفاً مماثلاً  لوضع العمارة بعد استتاب الأمر للسلطة "كانت الطرق مغلقة ورأيت بعيني العديد من الجثث المتروكة في العراء ومنها جثة أحد مجانين المدينة وهي تغرق بالدم بعد أن نخرها رصاص القوات النظامية وربما اعتقدوه القائد العام للانتفاضة فمثلوا بجثته، جثة أخرى لم أتعرف عليها وكانت الكلاب تنهش فيها على مقربة من وجود مفرزة للجيش كانت تعتقل المارين تارة وتفتش هوياتهم وموجوداتهم تارة."
وعن مصير المنتفضين ورد في كتاب الزلزال للعميد نجيب الصالحي  "عندما كنا نتحدث نحن كضباط ركن عن فعاليات الفيلق (الرابع) عندما كان في العمارة خلال الانتفاضة، علمنا بأن هيئة تحقيقية قد شكلت في مقر الفيلق برئاسة عميد ركن كان مدير شعبة في مديرية الاستخبارات العسكرية، وبدأت الهيئة في التحقيق وأصدرت أحكام الإعدام التي شملت المئات من الشباب الذين تم القبض عليهم خلال عملية قمع الانتفاضة في العمارة وان جثثهم كانت تلقى على السواتر الترابية المحيطة بمقر الفيلق وكان الكثير منهم جنوداً عائدين من الكويت وجدوا في الانتفاضة ما يعبر عما يعتمل في دواخلهم فاشتركوا في التظاهرات والمسيرات والهتافات .. لكن عوائل هؤلاء المعدومين ظلت تنتظر عودتهم، وبعد أن فقدت الأمل في العودة، اعتبروا مفقودين في الكويت . 
كنت أتساءل كيف كانت تجرى المحاكمات ؟ ومن الذي يحيل المتهمين إلى المحكمة ؟
فكان الرد على تلك التساؤلات يأتي واضحاً، بأن المئات من الشباب كانوا يحملون بأرتال من السيارات من مركز المحافظة وهم مكبلون وتحت الحراسة المشددة ومعهم قوائم تضم أسمائهم (مؤشر على بعضها) بما يدل على أن قرار الحكم أُعد مسبقا وينفذ في مثل هؤلاء الإعدام فورا، أما الآخرون فانهم يخضعون للتعذيب والتحقيق وبعدها يقرر إعدامهم أو ترحيلهم إلى بغداد أو وضعهم في السجن المخصص لأمن الفيلق، وكان ضباط أمن الفيلق يعملون كأعضاء في هيئة التحقيق، وقد سمعت همساً كثيراً حول هذه الهيئة سيئة الصيت إذ كان الضباط يتحدثون بألم كبير عن مجمل الأحداث المأساوية. "
وذكر أيضاً أن "اللواء الركن "فوزي أحمد لطيف التكريتي"، قائد قوات عدنان، حرس جمهوري آنذاك تحدث أمام مجموعة من الضباط قائلا:- "لقد قدمنا للأسماك في الأهوار طعماً يكفيها لمدة سنة!، فقد رمينا لها جثث آلاف الغوغائيين والخونة".
وفي لقاء مع الأمين العام لإتحاد السجناء السياسيين في العراق فرع ميسان السيد جاسم محمد خلف ، بعد سقوط النظام، عن المقابر الجماعية في العمارة،
 قال : وجدنا ما يقارب من (٨-١٠) مقابر جماعية في الفيلق الرابع مقسمة الى مقابر كبير وصغيرة احتوت على (٨٠٠) شهيد تم اعدامهم على يد هشام صباح الفخري بعد الانتفاضة الشعبانية ،ولكن القوائم التي عثرنا عليها احتوت على (٩٠٩) اسم، وتعتبر هذه اكبر المقابر الجماعية في المحافظة، اما بقية المقابر فهي متفرقة ففي ناحية المشرح قرب اسالة الماء تقاطع (غزيله- مشرح) توجد مقبر ضمت (٧) رفاة منهم ثلاث اخوة ،وفي الجانب الايسر من نهر دجلة قرب اتحاد شباب العمارة وجدنا رفاة لشابين، وقرب معمل الورق ايضا وجدنا رفاة لشابين ، واخر مقبرة وجدناها ضمت (٨)رفاة . 
وذكرت جريدة الحياة ‏وجود ملف اطلعت عليه احتوى على ٢٨٥ إسماً اعتقل أصحابها أثناء انتفاضة عام ١٩٩١ ، وحول الملف من قائد الفيلق الرابع إلى ‏الحاكم العسكري الذي حول الملف إلى الفريق هشام صباح الفخري، فأصدر هذا الأخير حكماً جماعياً بإعدام جميع من وردت أسمائهم في الجدول، وإلى جانب اسم كل من هؤلاء تهمته التي تختصر بعبارة صغيرة، منها "حرق دوائر الدولة"، "هجوم على شعبة الحزب"، "نصب سيطرة (حاجز)"، "حمل سلاح وترديد أهازيج" و"مشاركة بأعمال الشغب".
من جهة السلطة، ورد في تقرير كتبه الفريق هشام صباح الفخري عن معارك تحرير ميسان "صدرت أوامر القائد العام للقوات المسلحة المهيب الركن صدام حسين ( حفظه الله) يوم ٥ اذار ١٩٩١ الى الفريق الركن هشام صباح الفخري وعن طريق الهاتف بمهمة تحرير مدينة العمارة وبقية مدن محافظة ميسان من أيدي الغوغاء واعطيت له صلاحية اختيار الضباط والمراتب الذين يحتاجهم لقيادة عمليات رتل العمارة)

 وبذلك تألفت هذه القيادة من:

أولاً. الفريق الركن هشام صباح الفخري...القائد

ثانياً. العميد الركن ماجد عبد الحميد عبد اللطيف  ضابط ركن

ثالثاً. عشرة مراتب من ا.س.ع.ع مع ثلاث عجلات

رابعاً. عدد من المتطوعين المنسوبين الى وحدات مختلفة ( بحدود ٥٠ شخصاً)

وعن القطعات التي شاركت في معارك ميسان ورد في نفس التقرير" تتألف القطعات العاملة بأمرة قيادة رتل العمارة من فق ٣٩ وفق مش ٤٠ و ق.ق المصطفى ح. ج ( كانت كل فرقة لا تتعدى لواء مشاة ومستويات واطئه) اضافة الى وضع فل ٤ وفل ٦  بأمرتها أيضاً بعد تحرير العمارة وقلعة صالح. أما الأسناد المدفعي المتيسر لهذه القطعات فكان متمثلاً ببطرية مدفعية ميدان واحدة فقط."

‏ وعن الاستحضارات والفعاليات ورد في التقرير
‏"أولا. بالساعة ١٨٠٠ يوم ٦ آذار ١٩٩١ عقد قائد رتل العمارة مؤتمراً في مفرق الطيب حضره قائد الفيلق الأول الفريق الركن إبراهيم إسماعيل وقادة الفرق (فرقة مشاة ٣٩ ، فرقة مشاة ٤٠، ‏قيادة قوات المصطفى حرس الجمهوري)   المنفتحة في منطقة العمارة التي أصبحت بأمرة قيادة رتل العمارة، جرى خلاله تحديد المهمة وشرح أبعادها والتركيز على أهمية دور قيادة رتل العمارة، جرى ‏خلاله تحديد المهمة وشرح أبعادها والتركيز على أهمية دور القادة  والامرين في المعركة ‏وأسلوب التنفيذ مع تفاصيل المهمات لكل رتل ، وقد تم التأكيد على ضرورة وجود القادة والأمرين في الأمام وبالضبط آمر الفصيل مع الحضيرة الأولى وآمر السرية مع الفصيل الأول وآمر الفوج مع السرية الأولى وآمر اللواء مع الفوج الأول ومقر القوة مع اللواء الأول، اما قائد الرتل فيكون مع السرية الأولى من الرتل الوسطي مع مجموعة الحماية والمتطوعين ا‏البالغ عددهم ٥٠ شخصاً ويرافق قائد الرتل ‫ قائد فيلق ١  مع حمايته فقط.

ثانياً. تم إعادة المتسربين واتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التسرب وإشاعة روح الانضباط بين القطعات.

ثالثاً . تم طلب تعزيز إضافي من موارد ق. ع  ق م. من الدبابات والناقلات مع إسناد سمتي لاستخدامها خلال عملية التعرض، وقد حصلت الموافقة على الطلب.
رابعاً تم إيجاز نائب القائد العام للقوات المسلحة بتفاصيل المهمة وتوزيع الواجبات بحضور قائد الفيلق الأول.
خامساً بالساعة ٠٤٤٥ يوم  ٧ آذار تحرك مقر قيادة رتل العمارة من مدينة الكوت باتجاه ضواحي مدينة العمارة وباشرت القطعات بالحركة لتنفيذ واجباتهم طبقا للمهمة المحددة.
 ب. الغوغاء.
تركزت استحضار الغوغاء في تحصين المباني والدور والدوائر الحكومية التي استولوا عليها وتخزين العتاد والمؤن الإدارية فيها، إضافة إلى تمسكهم بالأهداف الحيوية كالجسور وبخاصة الجسر اليوغسلافي في مدخل مدينة العمارة ومستشفى صدام المسيطر على هذا الجسر وموقع العمارة والمستشفى العسكري وغيرها من الاهداف المهمة التي تؤمن لهم الصمود في المدن وصد تعرضنا." 
‏ وعن ‏تصميم  المعركة
" أن التصميم الأساسي لمعركة تحرير مدينة العمارة والمدن الأخرى التابعة لمحافظة ميسان كان يتلخص في النقاط التالية
ا. تثبيت القطعات الأمامية التي كانت تقاتل الغوغاء في منطقة العمارة قبل تنفيذ خطة تحريرها في خطة صمود يمتد بين نقطة سيطرة الطيب بعمق خمسة كيلومتر باتجاه طريق الطيب -الشارع العام.
ب. تطويق مدينة العمارة وقطع الامدادات والتعزيزات التي كانت تأتي عن طريق المشرح.
ج. الوصول إلى مقر فيلق ٤  في الميمونة والامتداد باتجاه قلعة صالح لفتح طريق البصرة وإدارة التماس مع قطعات الحرس الجمهوري التي كانت تتقدم من هذا المحور." 

أولا. اشتملت خطة تعرض قطعات رتل العمارة لتحرير مدينة العمارة وبقية مدن محافظة ميسان وتطهيرها من الغوغاء على قيام ثلاثة أرتال بتنفيذ المهمة وكما يلي:

١. يندفع الرتل  الأيمن المؤلف من فرقة مشاة ٣٩ بالساعة  ٧٠٠ ، ٧ آذار ١٩٩١ باتجاه السدة الشرقية  لنهر دجلة لإستعادة الجسر اليوغوسلافي من سيطرة الغوغاء ثم يندفع إلى مقر الفيلق ٤ في الميمونة ويطهره.

٢. يندفع الرتل الوسطي المؤلف من قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري بالساعة (س) اعلاه على الطريق العام (العمارة- البصرة) نحو موقع العمارة لتحريره من الغوغاء ثم يندفع لتطهير مركز المدينة.

٣. يندفع الرتل الأيسر المؤلف من فرقة مشاة ٤٠ بالساعة (س) أعلاه لإحاطة المدينة من الشرق، متجهاً نحو سيطرة الكحلاء ثم يومن الارتباط مع قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري.

ثانياً.  تم تحديد ساعة (س)  بالساعة ٧٠٠  يوم ٧ آذار للاعتبارات التالية:

١. اعطاء ‏فترة كافية لقطعاتنا لاستكمال مستلزمات تنفيذ المهمة.

٢. تسهيل عملية السيطرة على الأرتال في ضوء النهار وردع أي محاولة للتسرب أو التراجع من قبل قطعاتنا.
"سير المعركة

‏تحرك مقر قيادة رتل العمارة مع الرتل الوسطي متقدماً صوب معمل (البلاستيك) الذي جابهت فيه قطعاتنا مقاومة شديدة، وبعد تدمير قوة الغوغاء الموجودة فيه وتطهيره وأثناء حركة المقر على الطريق العام لغرض إكمال تنفيذ بقية المهمة سقطت عدة قذاف  هاون على المقر واستشهد على اثرها مرافق قائد فيلق ١ (النقيب ماجد) الذي كان يرافق قائد الرتل مع اصابة ٨ جنود من قوة الحماية بجراح شديدة.

٢. بالساعة ١٦٠٠ يوم ٧ آذار  ١٩٩١ وبعد قتال عنيف من منزل إلى منزل ومن شارع إلى آخر ‫ تم الوصول إلى الجسر اليوغسلافي الكائن على مدخل مدينة العمارة حيث تمت السيطرة عليه بعد معركة عنيفة جرى خلالها قصف مستشفى صدام بالصواريخ وفي نقاط منتخبة للحيلولة دون تعرضها للدمار وإجبار الغوغاء المتحصنين فيه على الانسحاب منها وحرمان قوة الجسر من إسنادهم. وفي هذه الأثناء حضر السيد نائب القائد العام للقوات المسلحة الى مقر قيادة الرتل المنفتح قرب الجسر اليوغسلافي  وأعرب عن ابتهاجه للسرعة التي تحقق فيها نجاح الاندفاع الأولي، وطلب الإسراع في إنجاز بقية الواجب وزف بشرى تحرير العمارة خلال يوم ٨ آذار حتما، وذلك بسبب الظروف التي يمر بها البلد من جهة ،و لأهمية موقع مدينة العمارة ولخصوصيتها بالنسبة للوضع الراهن في المنطقة الجنوبية بشكل عام، وترابطها مع الحدود الإيرانية بصورة خاصة.

٣. بالساعة ١٨٠٠ يوم ٧ آذار ٩٩١ وبعد استكمال تطهير الجسر اليوغسلافي، أندفعت الارتال لتنفيذ واجباتها كما يلي:

ا. اندفع الرتل الأيمن فق مشاة ٣٩ نحو مستشفى صدام لتطهيره، ثم واصل التقدم نحو فيلق ٤ أربعة الذي وصله بالساعة ٢١٠٠.

ب. اندفع الرتل الوسطي قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري نحو موقع العمارة والجسر الموصل إلى مقر المحافظة، واكمل واجبه بالساعة ٢١٠٠.

ج. قام الرتل الأيسر فرقة مشاه ٤٠ بحركة الإحاطة الواسعة طبقاً للخطة المرسومة ووصل  إلى المستشفى العسكري وفرض سيطرته عليه بالساعة ٢١٠٠.

د. كان مقر الرتل خلال ذلك يتنقل مع مقر قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري وباتجاه مركز المدينة.
٤. شهد يوم ٨ آذار ١٩٩١ اندفاعاً وحماساً عالين من قبل الجميع لإنجاز تطهير مقر المحافظة ورفع العلم العراقي عليه وإكمال تنفيذ بقية المهمة واندفعت الارتال ‏بالساعة ٧٠٠ ‏لتطهير المقاومات والجيوب وتحرير أهدافها كما يلي
ا. بالساعة ٨٠٠ وصل مقر قيادة الرتل الى شرقي مدينة العمارة أمام جسر المشرح للاشراف مع مقر فق مش ٤٠ على معركة تطهير القسم الشرقي للمدينة وادامة التماس مع قوات الحرس الجمهوري المندفعة صوب العمارة من الجنوب حيث تحقق التماس بالساعة ١٥٠٠.

ب. بالساعة ١٣٠٠ توجه مقر قيادة الرتل نحو الجسر الصغير المؤدي الى مبنى المحافظة وبعد استطلاع الموقف تم اصدار الأوامر الى قائد فق مش ٣٩ بعد إستدعائه لاسلكياً وطلب منه تهيئة لواء مشاة أو فوج في الأقل حيث كانت القوة القتالية للقطاعات الموجودة في المنطقة ضعيفة من حيث الأسلحة والاليات والاشخاص وبالساعة ١٦٠٠ وبعد أن تمت تهيئة فوج ولخطورة الموقف ووجوب تنفيذ أوامر القيادة ، تولى قائد الرتل قيادة الصولة بنفسه رغم قلة عناصر القتال لديه والتي كانت تتكون من قوة الحماية وقائد فل١ ول، أظهر وعم ر مجد وثلاثة ضباط من م.. ا.س.س. ع.ع. وفي صولة عزومة  الى مسافة ١٨٠٠ م تم اقتحام الجسر وصوت قائد الرتل يجلجل عالياً  ( طاب الموت وغنى) والمرور قفالاً في طريق طويل مكتظ بالغوغاء الى أن تم وبالساعة ١٧٠٠ تحرير مبنى المحافظة وابلاغ البشرى الى القيادة.

كما شارك في الصولة اضافة الى المقاتلين أعلاه عدد من الرفاق الحزبيين ومدير شرطة العمارة السابق. وكانت الصولة من القوة والعزم بحيث أجبرت الغوغاء على ترك اسلحتهم وتجهيزاتهم وهم يفرون عبر الشوارع والازقة الفرعية تاركين الكثير

 من جرحاهم وجثث قتلاهم ، فيما كان جنودنا وضباطنا يندفعون بشكل عفوي ورائع وهم ينشدون ويهزجون مبتهجين للنصر."

 "تم يوم ٩ آذار ١٩٩١ تطهير مدينة العمارة باكملها بعد قتال متواصل ليلاً ونهاراً ومن شارع الى شارع. وبالساعة ١٢٠٠ التقى قائد رتل العمارة بالسيد نائب القائد العام للقوات المسلحة في مسكن محافظ العمارة حيث تم خلالها ايجاز قائد رتل العمارة بخصوص واجبات اليوم التالي التي تتضمن تطبيق خطة آمن العمارة كأسبقية أولى ثم تطهير ( كميت، علي الشرقي، علي الغربي، المشرح) كأسبقية ثانية ولغرض تنفيذ ذلك قام قائد رتل العمارة بما يلي، بعد انتقال مقره الى مقر فل ٤ في الميمونة ا. تحرير ق.ق المصطفى لتنفيذ الواجب أعلاه.

ب. توجيه العناصر المكلفة بالتنفيذ حول الأسلوب الملائم لانجاز الواجب وضرورة المحافظة على تماسك ووحدة تراب الوطن وشرف العائلة، وعدم الرأفة بالغوغاء الخونة الذين لا يحملون اية قيم للرجولة ، وأن ما ارتكبوه من الأعمال القذرة والمشينة لهو خير دليل على انحطاط مستواهم عدم صمودهم أمام صولة الحق التي سيشنها ابطال رتل العمارة."
٢٦. بالساعة ٨٠٠ يوم ١٠ آذار ١٩٩١ باشرت قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري واجبها في تطهير مدينة المشرح التي دارت فيها معركة استمرت طيلة النهار، فر الغوغاء على اثرها صوب الحدود مستقلين الزوارق والعجلات، بعد تكبيدهم  خسائر كبيرة وأسر أعداد منهم أفادوا بأنهم ينتسبون إلى فيلق ٦ بدر ومالك مالك الأشتر. واستمرت عملية المطاردة حتى خط الحدود في منطقة الشيب. وفي غضون ذلك فتشت القطاعات مدينة المشرح والمناطق المحيطة بها وتركت قوة سرية في مركز المدينة لتأمينها.
٢٩. ‏بالساعة ٨٠٠ يوم ١١ آذار ١٩٩١ تحرك مقر قيادة رتل العمارة نحو مفرق (الشيب -الحلفآية) وحيث كلف قيادة قوات المصطفى بتطهير المنطقة. وأثناء تنفيذ هذه العملية تم الإصطدام بثلاث مقاومات جرى خلالها أسر وقتل ١٥٠ شخصاً  من  الغوغاء. وفي هذا اليوم أنيطت مسؤولية قيادة قوات حرس جمهوري المتمثلة في المنطقة محصورة (القرنة -جسر القائد) بالفيلق السادس.
٣٠. بالساعة ١٠٠٠ يوم ‫ ١٢ اذار تمت مهاجمة قضاء الميمونة، وأنجز تطهيرها بعد معركة انتهت بالساعة ١١٣٠ ، لم يصمد خلالها الغوغاء أمام اندفاع قطعاتنا التي ارتفعت معنوياتها بعد تحرير مدينة العمارة وجود مقر رتل العمارة خلال كل عملية تطهير على الرغم من رداءة الأحوال الجوية وقلة المواد الإدارية.
٣٢. بالساعة ١٣٠٠ يوم ١٣ آذار ١٩٩١  وصل خبر من قائد قيادة قوات المصطفى حرس جمهوري بسقوط مدينة المشرح بيد الغوغاء المعززين بالمتسللين من إيران أثر انسحاب السرية المكلفة بحمايتها. وتم تحريك أحد الوية قيادة قوات المصطفى إلى المشرح مع دبابتين، حيث دارت معركة قاسية مع الغوغاء تكبدوا خلالها خسائر فادحة، ومع ذلك لم تتمكن قطعاتنا من تحرير المدينة، مما اضطرت معه إلى اتخاذ موضع دفاعي  وفي ليلة ١٣-١٤ آذار ٩١, واستمرت قطعاتنا بقصف تواجد الغوغاء الذين كانت قوتهم تقدر بحدود ٤٠٠-٥٠٠ شخصاً بالمدفعية والهاونات. بالساعة ١٩٠٠ من اليوم نفسه عقد مؤتمر مع الأمرين تم توجيههم خلاله الى كيفية الدفاع ليلاً ومن ثم شرح تفاصيل خط الهجوم لليوم  التالي، حيث كانت الخطة تقضي بتقسيم القوة المهاجمة إلى ثلاثة آرتال وكما يلي
ا . يتقدم الرتل الأيمن بمحاذاة النهر.
ب. يتقدم الرتل الوسطي على الطريق العام مندفعاً صوب مركز المدينة.
ج. يندفع الرتل الأيسر باتجاه شمال شرقي المدينة والسيطرة على جسر غزيل.
٣٣. بالساعة ٨٠٠ يوم ١٤ آذار  ١٩٩١ اندفعت الأرتال الثلاثة لتحرير مدينة المشرح بعد ليلة تبودلت فيها إطلاق النار بين الطرفين، وبالساعة ١٣٠٠ دخلت المدينة بعد معركة ضارية تكبد خلالها الغوغاء خسائر كبيرة. وفي مدخل المدينة تناثرت ١٠ جثث  لقتلى معممين يرتدون الملابس السوداء وقد ثبت من هوياتهم بأنهم من الفرقة  ٤ بدر ولواء مالك الاشتر.‏ وقد تأكد أيضا من استنطاق الأهالي  والأسرى بأن  عدد أفراد قوة الغوغاء الذين قاتلوا قطعاتنا كان يزيد على ٥٠٠ فرد.
٣٤. بالساعة ١٠٠٠ يوم ١٦ آذار ٩١ باشرت قطعات المصطفى بإشراف قائد رتل العمارة بتطهير القسم الجنوبي من طريق (العمارة -المشرح) وكان يرافق قائد الرتل قائد الفيلق الرابع.
"
وفي تسجيل للرئيس مع الفريق هشام صباح الفخري عن معركة المستشفى ‏وقال الأخير "المعركة الرئيسية اللي صارت يمكن...تشرف الجيش وتشرف الوطن هي معركة المستشفى وهمه كان عددهم أكثر من الف مقاتل داخلها . فصار صولة عليها وأبيدوا عن بكرة أبيهم ووقع قسم من عدهم أسرى.. ومن أكول قسم من عدهم أسرى كانوا يفيدون معلومات جداً مفيدة."
‏من المؤسف، بل من المؤلم، أن يصف الفريق هشام صباح  الفخري، معركة مستشفى صدام في العمارة ، والتي أدت ،حسب ادعائه، الى ابادة ١٠٠٠ من أبناء جلدته بأنها مشرفة للجيش.
 وعن حصيلة هجوم الجيش ورد في تقرير الفريق هشام "بلغت خسائر الغوغاء في معركة تحرير مدينة العمارة لوحدها بحدود ٢٠٠٠ قتيل فيما تجاوز عدد أسراهم ومن
ألقي القبض عليهم أكثر من ٥٠٠٠ شخص. أما عدد المفقودين خارج المعركة فقد بلغ بحدود ١٠٠٠ شخص. كما بلغ عدد قتلى واسرى الغوغاء خلال معارك تحرير بقية مدن وريف محافظة ميسان وبعض اقضية الكوت والناصرية بحدود ٣٠٠٠ شخص". 
وصف الفخري أعداد المنتفضين ثم كيفية تعامله معهم بقوله "كانوا في البداية لا يتجاوزون ٢٠ -٤٠ شخصاً ثم اصبحوا بالآلاف ولولا يشفون القسوة غير الأعتيادية ما جان يردعون. واعداد كبيرة أخرى منهم لم يتم تصفيتهم ولا محاكمتهم وأرسلناهم الى بغداد للاستفادة منهم عدهم خوش حجي ومعلومات".

‏كانت قوات أخرى للحرس الجمهوري تزحف من البصرة باتجاه جنوب محافظة ميسان كما ورد في وثيقة عن فعاليات الحرس الجمهوري في مكافحة أعمال الشغب " بالساعة ١٠٣٠ يوم ٥ ‏/٣ /١٩٩١ تحرك قائد قوات الحرس الجمهوري وقيادة قوات المدينة المنورة باتجاه قلعة صالح (قاطع فيلق ٦) ‏ سالكة طريق جسر الكرمة الميداني الدير- منطقة طلحة ولسوء الأحوال الجوية وعدم تمكن القطعات من العبور من الجسر الميداني في منطقة طلحة توقفت القطعات فيها حيث تمكن قائد قوات الحرس الجمهوري وقسم من هيئة الركن وقائد قوات توكلنا على الله والذي كان بأمرته ل مغ/ ١٠ حرس جمهوري وقائد قيادة المدينة المنورة والمتبقي من قيادته حيث تمكنت هذه القيادة من إعادة النظام إلى المنطقة العزير ومقر فيلق ٦ في قلعة صالح وبنفس الليلة ونتيجة تواجد قطعات قيادة قوات الحرس الجمهوري ومقر قيادة قوات الحرس الجمهوري تعرض قسم من المخربين على قطعات قيادة قوات الحرس الجمهوري وتمكنت القيادة من تدمير القوة المعادية وباشرت في صباح اليوم التالي بعد تحسن أحوال الجوية وتعديل الطريق من قبل أمرية الهندسة العسكرية بالعبور من منطقة طلحة والوصول إلى منطقة  قلعة صالح.

تاسعا بالساعة ٩٠٠ من يوم  ٣/٧ /١٩٩١ باشرت كلا من قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري وقيادة قوات توكلنا على الله  حرس جمهوري بواجب مكافحة أعمال الشغب في قاطع فيلق ٦ قلعة صالح وكما يلي

١. قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري تطهير الطريق العام -قلعة صالح- جسر حطين الكحلاء- ميسان  حيث تم بالساعة ١٠٠٠ يوم  ٨/ ٣/ ١٩٩١ الوصول إلى مفرق الكحلاء- ميسان وبالساعة ١٥٠٠ يوم ٨/ ٣ تم تأمين الاتصال مع لمش  ٤٤٢ المتقدم من الشمال لتطهير مدينة ميسان.

٢. قيادة قوات توكلنا على الله حرس جمهوري قامت بتطهير منطقة قلعة وقد تم ذلك بالساعة ١٠٠٠ يوم ١٩٩١/٣/٧ .

عاشراً . بالساعة ١٧٠٠ تم زيارة ‏قطعات قيادة المدينة المنورة من قبل قائد قوات الحرس الجمهوري وقائد فيلق ٦ وقائد قوات المدينة المنورة وتعرض الرتل إلى نار من قبل المخربين أصيب فيها قائد المدينة وضابط ركن من القيادة والرفيق خالد أحمد سلطان
أحد عشر. يوم ١٩٩١/٣/٩ تم تطبيق مدينة المجر من قبل قطعات قيادة قوات المدينة المنورة حرس جمهوري وتم تطهيرها مع قطعات فيلق ٦.
أثنى عشر بالساعة ١١١٠ يوم ١٩٩١/٣/٩ باشرت قيادة قوات توكلنا على الله حرس جمهوري زائد اللواء المدرع  العاشر بتطويق مدينة الكحلاء من الجناح الأيسر وتم فك أسر ٢٤ ضابط من أيدي المخربين وبالساعة ٩٠٠  يوم ١٩٩١/٣/١٠ تم تطهيرها بالكامل واندفع لواء مشاة ١٤  من الجناح الشمالي بأمرة قيادة قوات المدينة المنورة وتم الإلتقاء مع السيد نائب القائد العام السيد عزت إبراهيم في منطقة الكحلاء.
ثلاث عشر. ١٨٠٠ يوم ١٩٩١/٣/١٠ صدر توجيه بنقل مقر قيادتنا وقيادة قوات المدينة المنورة  حرس جمهوري وقيادة قوات توكلنا على الله حرس جمهوري إلى محافظة القادسية وتم ذهاب السيد القائد  وعودته عند عودته حصلت الموافقة على الغاء هذا التوجيه وتجري الحركة إلى الصويرة.
أربعة عشر. بالساعة ٩٠٠ يوم ١٩٩١/٣/١١ باشرت قيادة قوات توكلنا على الله و ل مغ/ ١٠ حرس جمهوري بتطهير مدينة المشرح وطمع الألتقاء ب ل مش/٣٣ حرس جمهوري وقيادة قوات المصطفى حرس جمهوري اكتمل  والتي كان تعمل بأمرة الرتل الشمالي وتم أسر عدد كبير من المخربين وعناصر الشغب وبعض العناصر القيادية والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة ‏و ألأعتدة.